رواية خداع العشق عبر روايات الخلاصة بقلم نور رمضان
رواية خداع العشق الفصل الثاني 2
التليفون رنّ في وقت مكنتش مستعدة تسمع فيه صوت حد. ولما شافت اسم عيسى على الشاشة، قلبها وقع في مكانه. اترددت لحظة، وبعدين ردت.
صوته جه بارد، متغيّر، كأنه بيتكلم مع غريبة:
ـ "رحمة… أنا عايز الدهب بتاعي. بكرة هبعت أخويا ياخده."
حست بكهربا صعقت قلبها. وقفت ساكتة ثواني، وبعدين ردت وهي بتحاول تمنع رعشة صوتها:
ـ "دهبك…؟ بعد اللي كان بينا كله، جاي دلوقتي تفكر في الدهب؟"
رد بجفاء:
ـ "رحمة… خلينا واضحين. خلاص مفيش بينا حاجة. رجّعي الدهب."
الكلمة كسرت كل بقايا القوة اللي كانت متمسكة بيها. دموعها نزلت على خدها من غير ما تحس. قالت بصوت مبحوح:
ـ "تمام يا عيسى… خد دهبك، خد كل حاجة… ربنا يسهلك "
قفل الخط من غير كلمة زيادة. وهي وقفت في نص أوضتها، التليفون واقع من إيدها، بتحس إن الدنيا كلها بتقفل في وشها.
خرجت من البيت في نفس الليلة، مش قادرة تتنفس. نزلت تتمشى في الشارع تحت المطر، يمكن المية تمسح شوية من الوجع اللي جواها. بس المطر غرقها أكتر، وبرودته دخلت عضمها.
لما رجعت العمارة، كحت كحة جامدة، صدرها تقيل ووشها شاحب. طلعت السلم ببطء لحد ما وصلت لدورها، وهناك شافت كريم واقف قدام شقته.
كان لابس بدلة سودا، واضح إنه راجع من مناسبة. عينه وقعت عليها، شاف بلّ هدومها وصوت الكحة اللي مش عايزة تقف.
قال بسرعة:
ـ "رحمة… إنتِ كويسة؟"
هي رفعت عينيها بعناد، مخبية دموعها:
ـ "آه… كويسة."
حاولت تدخل شقتها، لكن فجأة رجليها خانتها، استندت على الحيطة والكحة رجعت بقوة.
كريم وصل عندها بخطوة سريعة، مسك دراعها وقال:
ـ "استني… إنتِ مش كويسة."
رحمة بصعوبة حاولت تبعده:
ـ "سيبني يا كريم… أنا بخير."
رد عليها بعينين مليانين قلق وصوت هادي لكنه ثابت:
ـ "أنا دكتور… وده شغلي وإنتِ دلوقتي مش كويسة خالص."
الدموع غلبتها، نزلت فجأة وهي تقول:
ـ "أنا تعبت… مش ناقصة حد يفتكرني عيانة تاني. تعبت من الكلمة دي."
بص لها بثبات وقال:
ـ "أنا مش بدور على عيب فيكي، ولا بشفق عليكي. أنا بس مش قادر أشوفك تعبانه وأسكت."
الكلام دخل قلبها غصب عنها. لحظة ضعف حقيقي، أول مرة من بعد عيسى تحس إن في حد شايفها بجد.
فتح باب شقته وقال:
ـ "ادخلي خمس دقايق… أشوف ضغطك وأطمن. مش أكتر."
وقفت متجمدة. عقلها بيقولها"لأ"، قلبها بيدق بسرعة، وكأنها بين نارين. بصوت مكسور همست:
ـ "أنا مش عايزة مساعدة."
ابتسم ابتسامة صغيرة فيها صدق وقال:
ـ "يمكن. بس أوقات ربنا بيبعت لينا ناس مش بالصدفة. يمكن أكون مجرد جار… ويمكن أكون أكتر من كده مع الوقت. القرار عندك."
سكتت، دموعها بتنزل من غير إرادة. في الآخر دخلت بخطوات بطيئة.
شقة بسيطة ودافية، عكس البرود اللي جواها. وقفت عند الباب مترددة.
هو راح يجيب كوباية ميّة، رجع بيها وقال:
ـ "اشربي الأول… وبعدها قرري تمشي ولا تفضلي."
مدت إيدها مرتبكة، أخدت الكوباية. حسّت إنها لأول مرة من فترة طويلة، في حد بيقدّم لها حاجة مش علشان ياخد… لكن علشان يدي.
رحمة كانت قاعدة على الكنبة في أوضة الضيوف عند كريم، عينيها بتزوغ من كل تفصيلة حواليها، مش مستريحة من فكرة إنها موجودة في بيت غريب. إيدها مشغولة في طرف الطرحة كأنها بتهرب من المواجهة.
كريم جاب لها كباية ميه، وحطها قدامها على الترابيزة الصغيرة، وقعد قصادها لكن على مسافة محسوبة. فضل ساكت شوية وبعدين قال بنبرة هادية:
ـ "رحمة… ممكن أسألك سؤال؟"
رفعت عينها بسرعة، في نظرة حذر:
ـ "خير يا دكتور؟"
هو اتردد لحظة وبعدين نطق:
ـ "الموضوع اللي بينك وبين عيسى… هل له علاقة بالخلفة؟"
رحمة اتجمدت مكانها. قلبها وقع من مكانه. قامت واقفة فجأة وقالت بعصبية:
ـ "إنت مالك؟! أنا جيت هنا ليه أصلاً؟! مش كفاية اللي أنا فيه؟!"
كريم وقف برضه، بس رفع إيده كأنه بيطمنها:
ـ "اهدي… أنا ما قصدتش أضايقك. أنا دكتور، يعني فاهم إن الموضوع حساس، بس شايف واحدة موجوعة ومش عايزة حد يقرب منها. ساعات الكلمة في وقتها يعني !."
دموع رحمة غلبتها ونزلت، قعدت تاني وهي ماسكة وشها بإيديها وقالت بصوت مكسور:
ـ "هو سابني علشان قال إني مش هقدر أخلف… وأنا صدقته. خلاني أصدق إني ناقصة."
كريم قرب بخطوة صغيرة، صوته هادي لكن واثق:
ـ "اللي يسيبك عشان كده هو اللي ناقص. وبعدين، إنتي عملتي تحاليل قبل كده؟"
رحمة هزت راسها بالإجابة وهي مش قادرة تبص له.
ـ "طب إيه رأيك نعمل تحاليل جديد ..؟ من غير ما تفكري كتير. مش عشان عيسى… عشان نفسك إنتِ. يمكن تلاقي الإجابة مختلفة عن اللي قيلك."
رحمة مسحت دموعها بارتباك، قالت بخفوت:
ـ "أنا… مش عايزة أعرف. بس خلاص… هعملها. عشان أخلص من السؤال اللي بيقتلني كل يوم ده ."
كريم اكتفى بهزة راس جدية، ما زودش كلمة. وهي فضلت قاعدة في صمت، قلبها مليان خوف، والجو كله متوتر كأنه مستني حاجة هتتفجر قريب.
(تاني يوم في معامل التحاليل ..
كريم بصدمه وذهول
يعني ايي؟
يتبع...