رواية بين الكذب والحقيقة عبر روايات الخلاصة بقلم ٱيات عاطف
رواية بين الكذب والحقيقة الفصل الثاني 2
كنت ماشية جنبه في المول،
إيدي في إيده كأني ماسكة الدنيا كلها.
أول مرة من زمان أحس إن عمر بيركّز معايا فعلًا…
بصوته اللي وحشني قال وهو
بيبص على فستان معروض في المحل:
-ده شكله حلو يا جميلة، تحبي نجربه؟
ضحكت من قلبي،
ابتسامة كنت مفتقداها من أيام، وقلتله:
_إنت من إمتى بتركز في تفاصيل لبسي كده؟
عمر! أنا مش مصدقة إنك واقف جنبي وبتقترح بنفسك.
بصلي وهو بيضحك بخفة،
الضحكة اللي بتكسر أي قسوة بينا:
-لما حسيت إني كنت على وشك أخسرك،
فهمت إنك تستاهلي كل تفصيلة صغيرة،
حتى لو فستان.
الكلمة دخلت قلبي زي نسمة دافية في عز البرد.
مشيت معاه وإحنا بنعدي على المحلات،
كل شوية يقف، يسألني: "تحبي ده ولا ده؟"
وأنا مبسوطة بالأسئلة أكتر من أي إجابة.
كنت حاسة إني أخيرًا رجعت ألاقي
عمر اللي بحبه، عمر اللي يهمه يشاركني في كل حاجة.
وقفنا قدام محل أدوات منزلية،
بصيت على أطقم الكاسات المعروض.
أنا بطبيعتي بتوه في الحاجات دي،
بس المرة دي عمر هو اللي أصر:
-إحنا محتاجين نختار حاجة حلوه.
تعالي، نختار مع بعض.
دخلنا المحل، وبصراحة هو
اللي بدأ يسأل البياع عن الجودة والأنواع،
وكل شوية يبصلي ويقول: "إنتِ رأيك إيه يا جميلة؟"
كنت حاسة إني مش لوحدي…
لأ، إحنا فعلًا بنبني بيتنا مع بعض.
وأنا واقفة جنبه، قلبي كان بيقول:
"يا رب يفضل كده، يا رب ما يتغيرش تاني."
بعد ما خلصنا،
وقفنا نشرب عصير من عربية في نص الشارع.
الجو كان بسيط جدًا،
بس وجوده جنبي خلّى أبسط حاجة تبقى كنز.
مسك الكوباية بتاعتي قبل ما تقع وقال بابتسامة:
-هتفضلي تسرحي كده وتسيبي حاجتك تقع؟
أنا هنا علشان ألحقك يا جميلة.
كلمته دي خلت عيني تلمع من غير ما أقصد.
ضحكت وأنا برد:
_طب ما تسبني أقع مرة وأشوف هتعمل إيه!
ضحك، وعيونه مليانة دفء:
-أنا عمري ما هسيبك تقعي.
رجعنا نكمل مشوارنا، وإيده لسه ماسكة إيدي.
كنت شايفة في عينيه إن في حاجة اتغيرت فعلاً…
كأنه فاق من غيبوبة،
كأنه أدرك إن وجودي مش مجرد عادة،
لأ أنا نصه التاني.
وأنا ماشية جنبه، حسيت إن قلبي أخيرًا مطمّن.
بس في نفس الوقت، كان جوايا سؤال صغير…
"هو التغيير ده هيطول؟ ولا دي لحظة وهتعدي؟"
---
رجعت البيت،
قلبي لسه دافي من وجود عمر جنبي النهارده.
أول ما دخلت أوضتي،
فضّلت أبص للحاجات اللي جبناها
سوا وكأني مش مصدقة إنها بقت معايا فعلًا.
كل قطعة كنت حاسة فيها روحنا،
كأنها شاهدة إننا اتفقنا نكمل مع بعض.
بعد شوية، سمعت صوت الجرس.
فتحت الباب لقيت دارين وعُلا واقفين بابتسامة،
قلبي فرح بيهم، خصوصًا إني
كنت متحمسة أوريهم كل اللي اخترناه.
دخلوا الأوضة وقعدوا على السرير،
وأنا فضلت أطلّع شنط وكراتين
زي طفلة فرحانة بلعبتها الجديدة.
طلعت طقم الكاسات اللي عمر اختاره،
وورّيته لهم بابتسامة كبيرة:
_بصوا مش تحفة؟
عمر هو اللي صمّم نجيبه.
دارين عينيها لمعت بالفرحة:
-حقيقي جميل يا جميلة…
بجد فرحانة ليكي من قلبي.
ضحكت وأنا حاسة إن
الكلام ده طبطب على روحي:
_عارفة يا دارين، النهارده كنت
حاسة إن عمر فعلاً جنبي. زي زمان وأكتر.
عُلا كانت قاعدة بتتفرج بس ملامحها مش واضحة قوي،
وبعد لحظة سألتني:
-هو إنتوا اتصالحتو بقى؟
بصيت لها بابتسامة صغيرة وأنا بهز راسي:
_أيوه اتصالحنا.
ردت بسرعة:
-طب كويس يارب ما تتخانقوش تاني بقي.
ابتسامة صغيرة خرجت مني،
بس جوايا الكلمة جرحتني سنة.
ليه كل ما تيجي سيرته لازم يجي
معاه الكلام عن الخناقات؟
اتصنعت الهدوء وقلت:
_إن شاء الله مش هنتخانق تاني.
دارين حاولت تغيّر الموضوع
وهي بتمسك طبق من اللي اشتريته:
-ده شكله تحفة برضه،
واضح إنكم اخترتوا حاجات بذوق.
بس عُلا رجعت سألتني:
-هو الفرح إمتى بقى؟
بصيت لهم بحماس كأني شايلة خبر كبير:
_عمر حجز القاعة خلاص والفرح كمان أسبوع.
دارين شهقت بفرحة:
-بجد مبروك يا حبيبتي.
أما عُلا، رفعت حواجبها وقالت باستغراب:
-بالسرعة دي؟
بصيت لها باستغراب وأنا بجمع الحاجات حواليّ:
_هو في إيه يا عُلا؟
إحنا كده كده مسيرنا هنتجوز.
وبعدين خلاص جهزنا كل حاجة، ليه نستنى أكتر؟
عُلا ضحكت بخفة وقالت:
-لا يا حبيبتي، ربنا يتمملك على خير يا جميلة.
أنا بس استغربت إنه قرب أوي كده مش أكتر.
حاولت أضحك معاها وأكمل فرحتي،
بس جوايا كان في إحساس
صغير إن كلامها مش برئ زي ما بيبان.
بصيت لدارين، لقيت عينيها مركزة في عُلا،
كأنها واخدة بالها من كل كلمة.
بس هي ما اتكلمتش، فضّلت ساكتة،
مبتسمة، كأنها مش عايزة تخرب الجو.
كملت أوريهم حاجات الشقة،
بس وأنا بضحك وأتكلم، كان في حتة جوايا بتتلخبط…
مش عارفة ليه حسيت إن فرحتي ناقصة،
وكأن كلام عُلا ساب ظل صغير جوايا…
ظل مش عارفة أفُضّه.
---
البنات مشيو وانا رجّعت الحاجات مكانها،
قعدت على السرير وبصيت في الموبايل.
افتكرت إني متفقه مع دارين نخرج شوية نغيّر جو.
رنيت على عمر،
وصوتي كان هادي وأنا بقول:
_ عمر أنا هخرج مع دارين شوية نقعد في الكافيه.
رد من غير تردد، صوته فيه حنية خفيفة:
-ماشي يا جميلة بس بالله ما تتأخريش.
ابتسمت وأنا بقول:
_حاضر، ما تقلقش.
قفلت الموبايل، وحسيت براحة…
مبسوطة إنه بقى يسمعني من غير خلاف،
وبقى حاضر حتى لو مش معايا.
لبست بسرعة، وخرجت
قابلت دارين في الكافيه القريب.
الكافيه كان هادي،الإضاءة الدافية خلت
المكان كأنه حضن كبير.
قعدنا على ترابيزة جنب الشباك،
والهواء بيعدي خفيف من بره.
دارين كانت قاعدة قدامي،
ووشها فيه لمحة شجن.
شربت رشفة من العصير وبصتلي فجأة وقالت:
-جميلة أنا آسر وحشني أوي.
بصيتلها بدهشة صغيرة:
_يا بنتي ده ما كملش 3 شهور مسافر.
وبعدين مش إنتِ كنتِ بتقولي إنك
عايزاه يسافر عشان يعرف يثبت نفسه؟
دارين تنهدت، عينها غرقت بحنين:
-آه كنت بقول كده…
بس مكنتش عارفة إنه هيوحشني للدرجة دي.
هو أخويا، وأنا من غيره حاسة
إن في حاجة ناقصة البيت فاضي من غيره.
ابتسمت بخفة وأنا بمسك إيدها:
_عادي يا حبيبتي الأخ مش بيتعوّض.
بس استحملي، الأيام هتعدي بسرعة، وهتلاقيه راجع.
وإحنا قاعدين، الباب اتفتح،
ودخل شاب طويل،
لبسه كاجوال بسيط بس شكله ملفت.
عين دارين وسعت، وقامت وقفت من غير تفكير،
جريت ناحيته وحضنته بقوة.
أنا كنت قاعدة بتفرج، قلبي دق من المفاجأة،
مش قادرة أصدق إن ده آسر احنا كنا لسه في سيرته.
صوتها اتكسر بالفرحة وهي بتقول:
-آسر إنت هنا إزاي؟
عرفت اني هنا منين؟
هو ضحك وهو بيرد عليها، صوته فيه دفء:
-ماما هي اللي قالتلي إنك مع
جميلة في الكافيه. قلت أعملكم مفاجأة.
أنا فضلت قاعدة مكاني، عيني رايحة جاية عليهم.
دارين لسه ماسكة إيده، مش مصدقة إن أخوها قدامها.
بعدين بص ناحيتي، وابتسامة صافية طلعت منه:
-إزيك يا جميلة؟
ابتسامته كانت صادقة جدًا.
ابتسمت بدوري وقلتله:
_حمد لله على سلامتك يا آسر. نورت.
ضحك بخفة وهو بيقعد معاها:
-الله يسلمك والله وحشتوني أوي.
دارين ما كانش عندها كلام،
كانت قاعدة تبصله كأنها مش عايزة
ترمش عشان ما يختفيش من قدامها.
وأنا كنت ببص عليهم والفرحة مالياني.
اللحظة دي خلتني أفكر قد إيه وجود
الأخ جنب البنت بيطمنها،
وبيخليها تحس إنها مهما
الدنيا لفت مش هتكون لوحدها.
---
كنت قاعدة مع آسر ودارين،
والجو كان هادي بشكل يخليني أرتاح.
آسر دايمًا بيحب يطمن عليّا،
يمكن علشان هو بالنسبة لي مش مجرد صاحب…
لأ، هو زي أخويا اللي عمري ما كان عندي،
واللي بفتقده وسط كل الزحمة اللي عايشاها.
قعد يسألني عن أخباري وعن عمر،
وقاللي بابتسامة صافية:
-فرحكم امتى يا جميلة؟
ابتسمت وأنا حاسة بقلبي
بيتخض من السؤال، ورديت بهدوء:
_قرب خلاص بعد أسبوع.
لقيته يضحك ابتسامة كلها صدق وقال:
مبروك يا جميلة… يا بخت عمر والله.
ضحكت وأنا محاوِلة أغيّر الموضوع،
لكن جوايا حسيت بحاجة مش مفهومة،
زي غصة صغيرة معرفتش أسميها.
وفجأة، الباب اتفتح ودخل عمر…
كان باين عليه متوتر جدًا. قرب مننا بسرعة،
ومسك إيدي بإحكام لدرجة وجعتني،
وقال بصوت مليان استعجال:
-يلا يا جميلة عشان نمشي.
بصيت له باستغراب وحاولت أهديه:
عمر، في إيه؟
إحنا لسه قاعدين…
لكن قبضته زادت على إيدي وكأنه مش سامعني،
صوته اتغير وبقى حاد أكتر:
-قولت يلا يا جميلة.
آسر قام من مكانه،
ودارين كمان بصوا له بقلق. آسر قاله:
-مالك يا عمر؟
إيه اللي حصل؟
دارين وهي بتحاول تخفف التوتر:
-هو في حاجة يا عمر شكلَك مش طبيعي؟
عمر رد بسرعة،
وصوته كان فيه حاجة بين العصبية والخوف:
-مفيش حاجة…
أنا بس عايز أتكلم مع جميلة لوحدنا.
كنت لسه واقفه مش عارفة أعمل إيه،
لحد ما علا دخلت علينا فجأة.
ابتسامتها كانت واسعة وكأنها مش
حاسة بالتوتر اللي مالي المكان. قالت وهي بتبص لينا:
-إيه يا جماعة مالكم واقفين كده كأن في مصيبة؟
وبعدين وجهت كلامها لعمر بابتسامة أكبر:
-ما تقعد يا عمر مفيش داعي لكل ده.
ساعتها قلبي كان بيدق جوا صدري،
مش عارفة ليه حاسّة إن في حاجه خطيرة،
في نفس الوقت عنيا شايفة التوتر اللي مغرق ملامح عمر…
ساعتها قلبي كان بيتنفض جوايا،
مش فاهمة إيه اللي بيحصل قدامي.
كلهم قاعدين بيبصوله مستغربين،
وأنا الوَحيدة اللي قادرة أشوف إن وِشّه متغير،
مش وشّ عمر اللي كان ماسك إيدي في المول وبيضحك.
آسر حاول يكسَر الصمت وقال بنبرة هادية:
-طب اقعد يا عمر، إحنا بس كنا بنتكلم.
دارين زوّدت:
-أيوه يا عمر، إيه اللي مزعلك كده؟
دي جميلة معانا مش لوحدها.
لكن هو ما ردش…
عينه كانت ثابتة عليّا أنا وبس،
زي ما لو مفيش حد في المكان غيري.
إيده لسه ماسكة إيدي بقوة، كأنها مربوطة بيه.
عُلا اتدخلت بابتسامة متصنعة وقالت:
-ما تعقدوهاش بقى إيه يعني!
عمر اتفضل اقعد واهدَى.
بصيت لها باستغراب، مش عارفة
ابتسامتها دي من قلبها ولا مجرد قناع.
وأنا كان جوايا صوت واحد بيردد:
"يا رب يكون اللي شفته النهارده
في المول مش لحظة وتعدي…
يا رب ما يرجعش عمر القديم."
ابتسمت ابتسامة باهتة وحاولت أهدّي الجو:
_عمر، خلينا نقعد شوية مع بعض،
مفيش داعي نزعل.
هو لسه ساكت، عينيه مليانة قلق وخوف،
وأنا حاسة إن اللحظة دي ممكن تكون بداية حاجة…
يا إما تكمل معانا للأبد،
يا إما تكسّر كل اللي لسه بدأ يتصلح.
ولقيتني جوايا بقول لنفسي:
"هو يا ترى عمر اتغير بجد؟
ولا دي كانت بس هدنة قبل العاصفة؟"
---
يتبع...
"الأحداث بدأت تولع اهو و هنكتشف
حاجات كتيره البارت الجاي،