رواية أسيرة أحلامي عبر روايات الخلاصة بقلم أسماء علي
رواية أسيرة أحلامي الفصل الثالث 3
'____________________'
_ إيه اللي بيحصل هنا؟
بصيت ناحية صاحب الصوت اللي كنت متأكد إنه هو، وبعد ما خطفت نظرة لعائشة المستغربة، نطقت بالكلمة دي:
_ بابا!
_ آه بابا يا سي غيث! أكيد مستغرب من وجودي هنا في الوقت ده؟ زيي أنا برضو!
قالها بابا بعصبية وهو باصصلي، بصيت له بهدوء وقلت:
_ لا مش مستغرب ولا حاجة يا بابا، بس مين اللي قال لحضرتك إني موجود هنا؟
مفيش غيري أنا وسليم و...
سليم!
قلت الكلمة الأخيرة كأن دماغي نورت فجأة. بصيت ناحية سليم بسرعة، لقيته بيزوّغ عينه في المكان عشان ميواجهنيش.
غمضت عيني بهدوء، وأخدت نفس عميق وخرجته بصعوبة، ولفيت وشي لبابا اللي كانت العصبية باينة على ملامحه، وقلت:
_ بابا، هفهمك كل حاجة بس مش هنا. خلينا نروح عشان عائشة تعبانة، وهحكيلك على رواق في البيت.
_ مين عائشة؟
_ مراتي.
قلت الكلمة وأنا بقرب منها وبمسك إيديها.
بصيتلي بابتسامة هادية، وتلقائيًا ابتسمت لها بابتسامة محبة.
_ واد يا غيث! مين دي؟ مش دي نفسها اللي في البيت، ولا أنا ضيف في الحلم بتاعك؟!
قولي بقى، عشان دماغي عملت Error!
قالها بابا وهو مصدوم من اللي شايفه بعد ما اتحرك من مكانه ووقف جنبي.
عائشة كانت مدّياه ضهرها، عشان كده مكنش شايفها، ولما شافها اتصدم.
ضحكت على شكله وهو بيبصلها، لأني عارف هو يقصد إيه.
بابا عارف إني كنت بحلم بعائشة، من صورة أنا كنت راسمها ليها من خيالي ومعلّقها في أوضتي.
كنت دايمًا بحكيله أحلامي. هو مش مجرد "أب" بالنسبة لي، ده صاحبي، وأخويا، وسندي، والكتف الحنين، والحضن الأمان.
بابا حنين جدًا، وهادي، بس بيبقى عصبي لما الموضوع يخصني أنا أو إخواتي. عنده حس فكاهي عالي جدًا.
وعشان كده أنا متأكد إن رد فعله هيكون في صالحي، لأنه عارف أنا بحبها قد إيه، حتى قبل ما تكون موجودة.
_ دي عائشة يا بابا... وأحب أطمنك إنك مش في حلم ولا حاجة، أنت على أرض الواقع.
اللي في البيت دي كانت صورة، أما اللي قدامك دلوقتي... دي الأصل.
_ أقسم بالله؟!
ضحكت بصوت عالي، وقلت له:
_ أقسم بالله يا حج.
_ ما شاء الله عليها... زي القمر. دي أحلى من الصورة بكتير.
قالها بابا وهو بيبصلها بهدوء وابتسامة صغيرة.
خدت نظرة لعائشة، كانت بتبص له باستغراب وعدم فهم، لكنها بادلته نفس الابتسامة الهادية.
بصّت لي وهي بتهز رأسها كأنها مش فاهمة حاجة من اللي بيحصل.
نزلت لمستواها وقلت لها:
_ عارف إنك مش فاهمة حاجة من الليلة دي كلها، بس استني نروح، وأنا هفهمك كل حاجة على هدوء.
عدلت من وقفتي وابتسمت لها بابتسامة فيها اطمئنان، هزّت رأسها بتفهم مع ابتسامتها الجميلة.
_ وإنتَ يا فتحي، ليلتك سودا معايا! تعمل كل ده من ورايا يا راجل يا عجوز إنت؟!
قالها بابا لفتحي المأذون بعصبية مصطنعة، رد عليه فتحي بلامبالاة، وقال:
_ يا خويا، ما أنا كنت هقولك! بس الواد ابنك قال لسليم ياخد مني التليفون، لأنه عارف إني هكلمك.
وسليم قاللي إنه هيقولك، وأهو أنت واقف قدامي دلوقتي...
وبعدين كمّل بضيق:
_ أنا كنت رايح أنام، وإبنك نزلني من فوق بحجة إنه هيجيلي البيت.
لو مرضيتش... اتنيلت ونزلت.
نفسي أعرف مين اللي مربّيه؟ مع إني واثق إنه مترباش أصلاً ولا شمّ ريحة التربية!
_ معلش بقى يا عمّو فتحي، أصل أبويا مكنش فاضي يربيني، فقولت أستغل نفسي وأربّيها بنفسي.
قلت له كده بإستفزاز. لقيت بابا بيقول:
_ بس يا غيث... عيب!
معلش يا فتحي، أنت عارف إنه بيعمل اللي في دماغه.
ولو على التربية... هربيه عشانك، مرضي يا صاحبي؟
_ بلا صاحبي بلا بتاع! خد ابنك يا محمد وروّح، وخليني أنا كمان أروّح...
الواحد مش ناقص نكد في البيت.
ومش عايز أعرفكم تاني، شوفوا مأذون غيري، أنتوا عيلة هم!
قال كلمته الأخيرة بعصبية مصطنعة، وهو بيبص لي وبص لوالدي.
سمعت صوت عائشة وهي بتضحك بصوت عالي، بصيت لها، لقيتها بتضحك من قلبها،
وبعدين حطّت إيديها على بُقها عشان تكتم ضحكتها لما خدت بالها إن الكل بيبصلها، وقالت:
_ باين عليكم مطفّحين عمّو فتحي معاكم، عشان جاب آخره بجد.
_ آه والله يا بنتي!
كل مرة بروح لهم، بكون هطلّق بسببهم، بس ربنا بيسترها.
ضحكت عائشة، وقالت:
_ ليه بس يا عمو؟
_ بيطلبوني في أوقات غريبة والله...
يعني عندك محمد أبو غيث، اتصل عليّا الفجر، عشان أروّحلُه وأكتب كتابه على أم غيث... الفجر!
_ فضحتني يا فتحي قدّام مرات ابني!
إنت ما بيتبلّش في بقّك فولة، يا جدع!
_ ده حصل فعلاً؟
قالتها عائشة لبابا بعدم تصديق، رد عليها بابا بابتسامة وهدوء، وقال:
_ أيوه حصل.
مكنش ينفع أستنى للصبح، والصراحة مكنتش عايز أستنى.
فاتصلت عليه الفجر... واتجوزتها.
والحمد لله، مكنش حد يعرف غيري وغيره، بس باين عليه كان مستني حد يدوس له على الزرار عشان يقول.
ضحكت عائشة ضحكتها الجميلة، وقالت:
_ ولا يهمك يا عمو، إنت كنت بتعمل حاجة حلال...
مايهمش بقى الوقت، ولا الموقف، ولا حتى الكلام.
_ طلع هو الصح بقى يا ست عائشة، وأنا الغلطان!
_ لا يا عمو فتحي، مطلعتش غلطان في حاجة، ده إنت طلعت جدع كمان، ووقفت جنب صاحبك.
ولو زعلان منهم، سامحهم عشاني...
ده لو ليا عندك خاطر يعني.
قالتها عائشة بمرح وهي بتبص لعمي فتحي.
أنا في اللحظة دي كنت مركز مع عائشة، إنها قدرت تاخد على الناس بسهولة، والكل حبها.
لاحظت إنها هادية، وبتعرف تسيطر على المواقف...
بس في نفس الوقت، أنا كنت هشيط من الغيرة.
أنا مش عايزها تتكلم مع حد غيري...
ولا حد يشوف ضحكتها غيري!
بس الصبر... وأنا أقسم بالله، ما هخلي مخلوق يقرب منها.
_ يعلم ربنا إنك دخلتي قلبي بكلامك المريح...
ووجودك اللي زي الفراشة على القلوب.
وعشان خاطر القمر ده، فأنا مرضي يا محمد.
_ ولا مش مرضي!
محدش له دعوة بـ عائشة.
قلت كلمتي وأنا بشد عائشة من إيدها علشان نمشي.
_ أنا ماشي يا بابا، هوصل عائشة البيت، وهستناك.
يلا سلام يا عمو فتحي.
_ شايف إبنك يا محمد؟
_ خلاص بقي يا فتحي.. متصدعناش!
_ مصدعكاش؟
طب قوم روح.
_ إنت بتطردي يا فتحي؟
_ آه!
_ جاك أوه.
_ يعيني مسكتوا في بعض لي؟
قلتها وأنا واقف علي الباب وعائشة جانبي بتضحك.
_ وبتقولي متصدعناش عشان المهزق ده؟،طب إشرب بقي!
_ تصدق فعلاً أنه مهزق وعايز يتربي!
وحالاً هنربيه عشان خاطر عيونك يا فتحي.
_ حبيب قلب فتحي يا محمد،
يسلم بوقك علي الكلمتين دول،
يلا بينا نربيه بقي عشان ضميري يرتاح وإشفي غِلي منه!
_ غيث!
بتعرف تجري؟ إجــري.
قلتها عائشة وهي موجه نظرها علي بابا وعمو فتحي، اللي کانوا جايين ناحيتنا..
_ طب يلا بسرعة يا عِيشة!
_ عِيشة؟! تاني يا غيث؟
إن شاء الله عِيشة لما تبقي تلهفك يا غيث،
وبعدين أنا مالي يا حبيبي، هما عايزينك إنت.
_ آه يا ندلة!
بس مالك إنك مراتي يغالية
وبابا عارف إنك حاجه مهمه عندي، وهينتقم مني... منك.
فكرت شويه..
ورمت نظرة علي بابا وفتحي
وإتحركت بقلة حيلة وهي بتقول:
_ منك لله إنت وأبوك.
ضحكت و...
'_________________'
#يتبع