رواية النهاية التي لم أختارها (كاملة جميع الفصول) عبر روايات الخلاصة بقلم ٱيات عاطف
رواية النهاية التي لم أختارها الفصل الأول 1
_النهارده بجد اليوم كان تحفة..
-معلش يا ليلي، أنا مشغول دلوقتي..
هكلمك بعدين، باي..
اتنهدت بهدوء:
_باي..
---
_أنا مضايقة أوي بجد، محتاجة أتكلم معاك..
فاضي؟
-لا، مش فاضي يا ليلي معلش،
نبقى نتكلم بالليل..
شوفت المسدج، ورميت الموبايل بخنقة،
وما ردتش عليه..
أصل بجد، هفضل لأمتى كده؟
هفضل لأمتى بيعاملني كأني مش موجودة؟
يظهر وقت ما هو عايز، ويختفي وقت ما هو عايز..
أنا تعبت!
---
عدّى أسبوع..
ما جاليش منه ولا مسدج واحدة يطمن فيها عليّ.
للدرجادي أنا مش مهمة في حياته؟
شوية، وموبايلي رن..
جريت عليه أرد زي المغفلة، فكرته هو.
لكن للأسف، طلع رقم الدكتور بتاعي.
_ألو.. إزي حضرتك يا دكتور؟
-أنا تمام الحمدلله..
أنا بس نتيجة التحاليل طلعت،
كنت محتاجك تيجي العيادة يا ليلي،
محتاج أستفسر منك على حاجة.
رديت باستغراب:
_ماشي يا دكتور، أجي لحضرتك إمتى؟
-كمان ساعة لو تحبي.
_خلاص، ماشي يا دكتور..
مع السلامة.
قفلت مع الدكتور وأنا حاسة قلبي دقاته بتسرع..
يا ترى هو عايزني في إيه؟
آخر مرة كنت عنده، قالي إني كويسة،
بس أعمل التحاليل دي،
ولما نتيجتها تطلع هيكلمني..
أكيد خير..
مش هقلق نفسي.
---
فضلت قاعدة قدام الدكتور،
عيني عليه ومش عارفة أرد.
كررت كلامه بصوت واهن:
_لوكيميا؟!
_بس إزاي يا دكتور؟
أنا التعب اللي حسيت بيه عادي يعني،
مش لدرجة لوكيميا!
رد بأسف، وصوته فيه ثقل:
-أنا آسف يا ليلي..
بس دي الحقيقة.
ليلي، إنتِ عندك كانسر في الدم.
-بس أنا مش عايزك تقلقي،
إن شاء الله هتتعالجي وهتبقي أحسن..
إحنا بس محتاجين نعمل شوية أشعة وفحوصات،
نشوف الورم ده خبيث ولا حميد.
-إنتِ معايا يا ليلي؟
-ليلي؟
مكنتش سامعة حاجة..
صوت الدكتور بقى بعيد قوي،
كأنه بيكلمني من آخر الدنيا.
كل حاجة حواليّ بقت ضباب،
إيدي بردت، وقلبي بينبض بسرعة وجسمي بيتقل.
قمت، سيبته وخرجت من العيادة،
بمشي في الشوارع بلا هدف.
الناس ماشية رايحة جاية،
وأنا حاسة إني مش شايفة حد..
الهوا بيخبط في وشي،
بس مفيش إحساس غير الفراغ.
---
ما جاش في بالي غير سليم،
رنيت عليه وبدعي إنه يرد.
أول ما رد، اتكلمت بصوت مخنوق:
_سليم، أنا محتاجاك أوي..
أنا..
قاطعني:
-ليلي، أنا في ميتنج دلوقتي معلش..
هكلمك بعدين، باي.
قفل من غير ما يسمع ردّي..
ساعتها حسيت رجلي مش شايلاني،
فقعدت على الرصيف.
العربيات حواليّ بتمشي،
وأصوات الكلاكسات مش واصلة لوداني.
حاسة إن الدنيا بتلف بيا،
حتى الشخص الوحيد في حياتي..
متجاهلني ولا كأني موجودة.
أنا مش عارفة أكلم مين..
أنا لوحدي..
من غير صحاب، ولا أهل، ولا قرايب..
أنا.. لوحدي.
---
وصلت بيتي بخطوات تقيلة،
كل خطوة كانت بتحسّسني إني شايلة الدنيا على كتافي.
فتحت الباب، ورميت الشنطة على الكرسي،
وقعدت على السرير من غير حتى ما أفتح النور.
طلعت الموبايل من جيبي،
ولقيت إشعار بمسج جديدة.
قلبي دق غصب عني..
فتحته بسرعة.
كان منه:
"معلش يا حبيبتي والله غصب عني."
قريت الجملة أكتر من مرة،
بس مفيش أي إحساس جوايا،
وكأن الكلمة ماعدتش ليها نفس المعنى.
قفلته وحطيته جنبي من غير ما أرد.
قعدت أبص في السقف،
وأفكّر…
هو أنا هقدر أواجه ده لوحدي؟
هبدأ منين؟
وهخلص إمتى؟
والأهم…
هو في حد هيفضل جنبي للآخر؟
الليل كان ساكت،
بس جوايا عاصفة،
وأنا مش عارفة هتوديّني فين.
مديت إيدي تاني للموبايل،
وبصيت على الرسالة من جديد:
"معلش يا حبيبتي والله غصب عني."
فضلت أقرأها مرة ورا التانية،
بس كل مرة بحس إنها جملة فاضية،
زي بالونة مفرغة من الهوا.
اللي بجد محتاجاه منه مش اعتذار،
أنا محتاجة وجوده…
بس هو عمره ما كان موجود وقت ما كنت محتاجاه.
إيدي بدأت تتحرك لوحدها،
كتبت كلمة واحدة:
_أنا مش عايزة أكمل..
أنا تعبت.
وقبل ما أرجع في كلامي، ضغطت "إرسال".
رسالة قصيرة، لكنها كانت زي نقطة نهاية لجملة طويلة مليانة وجع.
---
بعد ثواني، الموبايل بدأ يرن…
اسمه على الشاشة بيزيد ضربات قلبي،
بس المرة دي مش من الشوق،
من الحزن و الغضب منه.
رديت أول مرة بصوت هادي،
لكنه متوتر في الطرف التاني:
-ليلي، ما تكبريش الموضوع…
إنتِ عارفة إني كنت مشغول.
سكت، وحسيت دموعي بتلف في عيني،
لكن قلبي بيقول "كفاية".
قفلت السكة من غير ما أرد.
بدأ يرن تاني، وتالت…،
ورابع…
صوته بقى في المسدجات:
-ليلي ردّي ،ما تبقيش عنيدة
ليلي بلاش تعملي كده.
بهدوء، دخلت على كل حاجة بتربطنا…
واتساب…
فيسبوك… إنستجرام…
حتى رقم الموبايل.
"بلوك" واحدة ورا التانية.
كل ما أضغط "بلوك" بحس إني بقفل باب ورايا.
ولما الشاشة بقت فاضية من اسمه،
حسيت فراغ أكبر من الأول.
---
سندت راسي على الحيطة،
وأنا بفكر…
دلوقتي أنا فعلاً بقيت لوحدي.
اللي كان حتى بالاسم "معايا" خلاص مش موجود.
لحظة صمت طويلة،
سمعت فيها صوت نفسي بيجاوب عليا:
"هو كده كده طول عمرك لوحدك، حتى وهو موجود."
الكلمة دي وقعت جوايا زي حجر…
لأنها الحقيقة اللي كنت بهرب منها طول الوقت.
الليل كان تقيل،
والشقة أهدى من أي وقت،
لكن جوا دماغي كان في دوشة…
دوشة أسئلة مالهاش رد، وخوف مالهوش آخر.
حسيت إني واقفة على حافة جديدة،
والمرة دي…
مفيش إيد هتمدّ لي عشان تمنعني من الوقوع.
---
يتبع..