رواية الدور عليك عبر روايات الخلاصة بقلم ٱية شاكر
رواية الدور عليك الفصل الثالث 3
- يا ستي اتجوزي وابقي تعالي اقعدي معانا زي ما إنتِ عايزه.
- لأ.
قُلتها بانفعال، وفي اللحظة دي رن جرس الباب، ولأني كنت أقرب واحده ليه فتحت بسرعه عشان أهرب منهم… واتصدمت من اللي واقف قدامي.
بصيت ناحية أهلي بارتباك ورجعت بصيتله وأنا مبرقه عيني ونفسي يكون بيتهيألي، همست شفايفي باسمه:
- رياض!!
ألقى رياض السلام، فقرب بابا من الباب ومعاه دقات قلبي بقت أعلى، ألف سيناريو جه في بالي، أخرهم إن رياض الفتـ.ـان جاي يفتـ.ـن عليا!
في اللحظة دي كرهت الرجاله كلهم حتى عريس النهارده برده فتـ.ـان وعملي مشكـ.ـله.
وجه رياض كلامه لبابا بهدوء:
- كنت عايز حضرتك في موضوع يا عمي؟ تسمحلي أتكلم معاك دقيقتين.
- اتفضل.
وسعنا الطريق وأخده والدي لأوضة الجلوس، وأنا متسمره مكاني من الصدمة.
مسكتني دنيا من دراعي:
- تعالي يا ريحانه نتكلم وأقنعك بـ أيوب، دا شاب مفيش منه.
- أيوه طبعًا واضح إنه مفيش منه والدليل أهوه… راح فتن عليا، مع إنه قالي متقلقيش هرفضك ويا دار ما دخلك عريس.
كنت منفعله، ومرتبكه ومشاعر كتير أوي ماسكه في قلبي. وأصلًا مش وقت أيوب ده… معرفش اللي اسمه رياض جاي عايز ايه وبتكلم مع بابا في ايه دلوقتي!
قعدت دنيا تمدح في أيوب وأخلاقه…
وأمي وروضه طبعًا مقتنعين بيه تمامًا زي ما بيقتنعوا بكل عريس كان بيتقدملي.
ما أنا جالي فرص كتير أوي وكانوا لُقطه وأنا بغبـ.ـائي طفشتهم كلهم وبأسلوب لا يليق.
كنت قاعده معاهم لكن عيني على باب أوضة الجلوس، مستنيه ومترقبة وبتمنى يخترق سمعي بابها وأعرف إيه اللي بيتقال وراه.
اتنفضت واقفه لما الباب اتفتح، وخرج رياض ووراه والدي ووصله لحد الباب وقفله وراه ووقف يبص للباب، فبلعت ريقي بارتباك وقلبي دق أسرع، لما ناداني والدي فروحتله بقدم خطوه وأخر خطوة، وعيني مفارقتش ملامحه بحاول أتفرس رد فعله.
ولما وقفت قدامه سألني بهدوء:
- تعرفيه منين؟
حمحمت ومع ذلك خرج صوتي متحشرج:
- دا زميلي في الكلية.
- يعني إيه زميلك؟ تعرفيه منين برده؟!
- هو قال لحضرتك إني أعرفه؟
قلتها بصوت بيرتعش، ورجعت خطوتين لورا لما قرب مني والدي… وشكله كده متعصب وهيضـ.ـربني.
مد ايده ناحيتي فرفعت ذراعي قدام وشي، لكنه مسك ذراعي برفق وقال بنظرة مكر أنا فهمتها:
- لو بتحبيه أنا موافق.
بررت بخوف:
- والله ما بحبه… أنا مش عارفه هو قالك ايه، دا عيل واطي وبتاع بنات آآ… أنا أصلًا مش بطيقه.
حاوط كتفي بذراعه وقرب مني همس جنب ودني بهدوء لكن مخيف:
- هتقعدي مع العريس اللي بنت عمك جيباه تاني يا ريحانه.
- حاضر.
- وتحترمي نفسك وتعقلي عشان متعصبش عليكِ يا ريحانه.
- حاضر.
- براڤو عليكِ، اعمليلي بقا قهوه.
قالها وطبطب على ظهري جامد فاترج جسمي كله.
ولما مشي خطوتين، قلت بصوت عالي:
- طيب والله دا ظـ.ـلم.
رجعلي تاني فهزيت راسي بالنفي، ودخلت أوضتي بسرعه.
قعدت على سريري، ومسكت موبايلي وبعت رساله لأخت رياض كنت بلمس الشاشة وأنا متغاظه ومتعصبه:
- أخوكي اتجنن ولا إيه؟! إيه اللي جابه عندنا البيت، وقال لبابا اي! عرفيه إنه لو أخر واحد في الدنيا أنا مش هتجوزه، وأصلًا أنا متقدملي عريس محترم وهوافق.
ورميت الموبايل بعيد وأنا بنفخ بضيق…
كنت مستغربه نفسي أوي، المفروض أعيط، حاسه بخنقه رهيبه ومش قادره أفرغ غمامة الحزن اللي جوايا.
فتحت شنطتي أكل المقرمشات اللي اشتريتها وأنا جايه، ومع إني مش بحبها إلا إني عايزه أطلع غيظي فيها. وهي دي طريقتي عشان أعـ.ـاقب نفسي.
رن موبايلي برسالة من أخت رياض:
- ممكن تردي عليا هرن عليكِ.
ورن موبايلي فرديت عشان أنهي كل حاجه، أنا فجأه مبقتش طايقه رياض ده.
حاولت أخته تبرر كتير… ما هي في الأول وفي الأخر أخته ومش هتطلعه غلطان، أو على الأقل هتحاول تساعده.
- رياض بيحبك بجد يا ريحانه وهو قالي إنه هيدخل البيت من الباب، هو فعلا كان بيحافظ عليكي من نفسه عشان بيحبك والدليل إنه مكنش بيكلمك وخلاني أنا اللي أكلمك عشان ربنا يبارك لكم في حياتكم… والبنت اللي قابلها دي هي اللي كلمته عشان يحل مشكلتها مع صاحبها… وهو عشان طيب معرفش يرفض. عشان خاطري إديله فرصه، هو كلم والدك ووعده إن في خلال كم شهر هيتقدملك.
كنت بسمع كلامها ومستغربة البساطه اللي بتتكلم بيها، ابتسمت بسخرية وقلت:
- هو إنتِ بتقولي إيه؟ إزاي بيحميني من نفسه وبيبعد عني وفي نفس الوقت رايح يصالح واحده على صاحبها اللي مرتبطه بيه! هو مش دا حـ.ـرام! فيه حاجه إسمها أن نُحل الحلال ونُحرم الحرام بقلوبنا وبأفعالنا… للأسف أنا اكتشفت إني ولا أعرفك ولا أعرفه، حاسه إني كنت مخدوعه! يمكن اتسرعت ورسمتلكم صورة مثالية.
- محدش مثالي كلنا بنغلط يا ريحانه و…
قاطعتها:
- اسمعيني… أنا فجأه مبقتش عايزاه، مينفعش يحافظ عليا من نفسه ويروح يكلم ويصاحب بنات تانيه… أثق فيه إزاي وهل دا ربنا هيباركله في حياته؟! وكل دا قبل الجواز أومال بعد الجواز هيعمل ايه؟!
- هيتغير، صدقيني بإيدك تغيريه، أرجوك يا ريحانه اديله فرصه والله بيحبك.
- معلش أنا هقفل… ولو سمحتِ الموضوع انتهى، السلام عليكم.
وقفلت الخط وأنا لسه مستغربة رد الفعل العجيب بتاعهم ده…
هو أنا ليه حسيت دماغهم تعبانه! إيه التناقض الغريب ده؟!
وقبل ما أطلق العنان لأفكاري وأقدح فيهم وفي غلطهم، فكرت في نفسي… طيب ما أنا كمان متناقضة.
اللي يشوفني من بره يقول بنت محترمه ومفيش منها لكن أنا… أنا وحشه أوي، والدليل رياض اللي معشمه نفسي بيه وكنت بكلمه من ورا أهلي تحت مُسمى الحب، ورغم تحذير آمنه ورغم درايتي إن دا باب من أبواب الشيطان وأنا بكل أسف تتبعت خطواته اللي ممكن توصلني لخطوة أصعب بكتير مما أتخيل… ومين فينا بيأمن على قلبه؟!
في الوقت ده خوفت من قلبي وعلى قلبي…
ازاي في كم ساعه اتغيرت مشاعري من حب لكره ومن تمنى القرب لتمني البعد والنسيان.
الإنسان ضعيف وسبب ضعفه الأول هو قلبه!
قعدت على طرف السرير أكل المقرمشات المشطشطة عشان تخليني أدمع، وأنا بقول في نفسي إني غلطت، وفرحانه إني أخدت صفعه تفوقني حتى لو اتأخرت ولكن أن تستيقظ متأخرًا خير من ألا تستيقظ أبدًا.
وفجأة انتبهت لما اتفتح باب أوضتي من غير استئذان، ودخلت روضة ووراها دنيا اللي قالت لروضة بعد ما رمتني بنظرة ماكرة:
- حد عاقل يرفض عريس اسمه أيوب يا روضة!
- كنت بتقولي صوته حلو في القرآن يا دنيا.
- ومعروف يا بنتي ابقي ابحثي كده عن القارئ أيوب على النت.
- وقولتيلي أنه بيعمل فيديوهات دروس ومواعظ يا دنيا!
- وبينصح الشباب ومحترم أوي يا روضه.
- وفيه واحده كده رفضته يا دنيا، نعمل فيها إيه؟
قربت دنيا قعدت جنبي على طرف السرير وأخدت مني كيس المقرمشات، وبدأت تاكل وكأني مش موجوده، وقعدت روضه جنبي من الناحيه التانيه، ياكلوا مع بعض شويه وبعدين بصولي الاتنين مستنيني أنطق، فقلت بعند:
- مش هوافق برده.
فنزلوا فيا ضـ.ـرب بلطف طبعًا، وانقلب بدغدغة وكنت بضحك بصوت عالي ويقول:
- خلاص والله هصلي استخاره… وأستشير استشاره.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
بعد تلت أيام
- جهز نفسك بقا يا عريس… عروسة النهارده مفيهاش غلطه.
- اسكت عشان كل مره بتقولي كده يا أنس.
- بص يا أيوب هو بجد ريحانه أنا مستخسرها ونفسي تكون من نصيبك، بس أنا رأيي عشان متضيعش وقت نشوف العروسه دي، لحد ما دنيا مراتي ترد علينا في موضوع ريحانه.
تنهدت بعمق وقلت:
- طيب… أنا هروح للعروسه دي بس عشان أريحكم مع إني مبدئيًا مش مقتنع ولا مرتاح.
- معلش تعالى على نفسك المره دي ويا سيدي بالنسبه للراحه، مش مقياس ويمكن هي دي نصيبك، فتوكل على الله.
ودا نفس الحوار بتاع كل مره مع أنس…
ومع إني مش متحمس للعروسه خالص قولت مش مشكلة أهي من جُملة العرايس اللي قعدت معاهم
بس والله ما أنا واخد جاتوه برده، كفايه إني مش مرتاح.
كنت قاعد على مكتبي في المحل بتاعي واللي غالبًا مش بسيبه، بصيت حوليا… كل جدار أنا اللي مختار لونه المريح…
أنا اللي بختار ألوان الشقق للناس وطبعًا دا فن وذوق عالي مش أي حد يتفوق فيه، لكن أنا قدرت أثبت نفسي فيه.
قلبت نظري في المكان شويه ولما عيني جت على الشارع لفت نظري مرور ريحانه من قصاد المحل…
مش عارف ليه من بعدما اتقدمتلها وأنا بشوفها كتير.
مره وهي خارجه من الكلية، ومره وهي بتشتري من محل ودلوقتي وهي بتمر من جنب المحل بتاعي.
بنت واضح من مشيتها الاحترام… وبصراحه عجباني، أول مره أتقدم لعروسه وتعلق في قلبي بالشكل ده.
لكن معتقدش إنها شافتني ولا واخده بالها مني أصلًا!
- ها يا أيوب مش هنقوم بقا عشان الميعاد بتاعنا.
قالها أنس بعد ما شرب أخر شويه من الشاي.
كنا قبل المغرب بنص ساعه…
قمت وقفت، وقلت بعد تنهيده:
- يلا بينا.
حاوط أنس كتفي بذراعه وقال:
- روق كده، حاسك متضايق.
أخدت المفتاح من على المكتب وقلت:
- سيبها على الله، خد المفتاح روح وشغلنا العربيه يا أنس، ومتتكلمش معايا طول الطريق دا من بعد إذن سيادتك يعني.
شاور على بوقه في إشاره منه إنه مش هيتكلم…
وفعلًا مر الطريق واحنا ساكتين، لكني كنت بفكر في حالتي… مش عارف ليه موضوع جوازي متعقد كدا أنا المتفوق الوحيد في إخواتي كنت الأول على الجمهورية في الثانوية العامه علمي رياضه.
وفي سنين الكلية كنت مثال للطالب المجتهد اللي بيرتب على الدفعه كل سنه، واللي صوته حلو وبيقرأ قرآن في الحفلات والمناسبات.
ومع ذلك إخواتي الاتنين الأكبر مني اتجوزوا أول عروستين اتقدمولهم والأخير الأصغر مني كان بيحب بنت زميلته واتجوزها.
أما أنا يعيني عليا مش لاقي واحده ترضى بيا أو… أرضى بيها.
- وصلنا.
انتبهت على صوت أنس، بصيت من شباك العربية على المكان… بيت لوحده عالي قدامه بوابه، في مكان معزول عن المساكن.
زفرت بضيق وقلت:
- أنا بجد مش مرتاح، يلا نمشي يا أنس، أنا مش داخل.
نزل أنس من العربية وهو بيقول:
- مينفعش إحنا واخدين ميعاد من الناس يا أيوب.
ومع إصرار أنس، نزلت من العربية وأنا مش طايق نفسي.
قربنا من البيت وبدأ أنس ينادي ومحدش بيرد…
- يلا يا أنس نمشي، بقولك مش مرتاح ومحدش بيرد!
- اصبر بس يا أيوب.
فتح أنس البوابه، ودخل وهو لسه بينادي ومجرد ما قرب من باب البيت ظهر صوت كلب ولحظات ولقيته جاي ناحيتي أنا، ومش عارف حصل إزاي في لمح البصر كان هجم عليا وعضـ.ـني في ذراعي ووقفت أصرخ.
وانتهى اليوم بإني روحت المستشفى أخدت مصل وقالولي إن ليا ٥ حقن.
ولما رجعت البيت وحكيت لأمي، سألتني:
- وقابلتوا العروسه ولا هتروحوا تاني ولا إيه؟
- محدش خرج خالص من البيت! معرفش مين اللي قال لأنس على العروسه دي… أنا تعبت وخلاص بجد مش رايح أقابل عرايس تاني، ولا عايز حد يجيب لي عرايس، ولا حد يجيب لي سيرة الجواز قدامي. أنا أصلًا مكنتش مرتاح للمشوار ده يا أمي، بس خير قدر الله وما شاء فعل.
وقمت دخلت أوضتي… وأمي بتدعيلي وأنا صعبان عليها.
كنت مخنوق جدًا.
رن موبايلي برقم أنس، مكنتش هرد لكن… حسيت إنه جايبلي خبر عن ريحانه، اللي قلبي بيتمنى توافق! فقررت أرد.
وفعلًا قال:
- أبشر يا عريس… هتقعد مع ريحانه في الوقت اللي تحدده.
وفي اللحظة دي مش عارف إمته بقيت ابتسامتي من الودن دي للودن دي.
يتبع
