رواية بين سطور العشق الفصل الأول 1بقلم سيليا البحيري
رواية بين سطور العشق الفصل الأول 1
#بين_سطور_العشق
#سيليا_البحيري
فصل 1
فيلا عيلة النجار – صالون واسع بيغرقه نور الصبح
في هدوء الصبح، الفيلا الفخمة في ضواحي القاهرة كانت رايقة، وصوت العصافير جاي من البلكونة، وريحة القهوة مالية المكان.
في الصالون، كانت حلا قاعدة على الأرض، ضهرها وراكن على الكنبة، وفي إيدها كشكول أسود شكله متهالك شوية. عنيها بتلمع من الحماس، وبتكتب كأنها عايشة جوّا القصة… وكأن العالم كله في دماغها، وهي بتحاول تطلعه على الورق.
دخل زياد الأول، لابس قميص أبيض مفتوح من فوق، وكاميرا متعلقة في رقبته.
زياد (بضحكة خفيفة):
صباح الفرفشة يا آنسة شكسبير! بتكتبي نهاية العالم؟ ولا قصة حب هتولّع الدنيا؟
حلا (بصّة له بحدة وضحكة صغيرة):
لا نهاية ولا ولعة… دي رواية جديدة، وهتبقى تريند إن شاء الله.
زياد (بيضحك):
يا بنتي خلّي ترينداتك في الجامعة الأول… لسه ما دخلتيش الكلية وعاوزة تبقي أحلام مستغانمي الجيل؟!
دخل ريان، حاطط سماعة واحدة في ودنه، وماسك مجّ القهوة.
ريان (بكسل):
أحلام مستغانمي؟ دي عاوزة تبقى جي كي رولينج النسخة المصري!
حلا (بثقة):
وماله يعني؟ عندي أفكار كتير، وعندي موهبة… ناقصني بس شوية دعم.
ريان (وهو بيقرب منها):
بصي، أنا أكتر واحد بيحبك في البيت ده، بس خليني أقولك الحقيقة… الكتابة مش مصدر دخل! روحي ادرسي هندسة برمجيات، اشتغلي، اعملي قرشين… وبعدين اكتبي زي ما تحبي.
حلا (بتنهيدة):
بس أنا مش عايزة أعيش علشان أشتغل… أنا عايزة أعيش علشان أكتب!
فجأة دخل مهاب، شايل شوية أوراق، لابس فورمال كالعادة، وهيبته سابقة خطوته.
مهاب (بصوته الهادي الواضح):
جالي إيميل من جامعة القاهرة… فيه قبول مبدئي لهندسة البرمجيات.
حلا (اتلفتت له بسرعة، عنيها اتسعت):
إنت قدمتلي من ورايا؟!
مهاب (ببروده المعتاد):
قدّمتلك، علشان لازم تبقي في مكان يضمن مستقبلك… مش تضيع وقتك في قصص مالهاش لازمة.
حلا (بحزن وزعل):
القصص دي مش تفاهة يا مهاب! دي حلمي… دي حياتي. أنا مش فاضية ولا كسلانة علشان تهين حلمي كده.
زياد (بيحاول يهدي الجو):
يا جماعة، حلا عندها شغف، بس برضو مهاب عنده وجهة نظر.
ريان (بابتسامة خفيفة):
أنا عندي حل… خدي سنة تكتبي، لو عملتي حاجة كبيرة، إحنا كلنا وراكي. لو لأ، تسمعي كلامنا.
حلا (بعناد):
مش هستنى سنة… أنا قررت خلاص. وهبدأ قريب جداً.
مهاب (بصوته القوي):
على جثتي يا حلا… مش هسيبك تدمّري مستقبلك بإيدك.
سكت الكل… والدنيا اتكتمت في الصالون.
وقلب حلا كان بيخبط في صدرها.
عارفة إن الطريق صعب… بس خلاص، مافيش رجوع
*********************
(حلا طلعت جري من قدّام إخواتها، وشها محمّر من الزعل، ودموعها كانت على طرف عنيها. طلعت السلم بسرعة، وقلبها بيصرخ من جوّه...)
(دخلت أوضتها وقفلت الباب بعنف، وبعدين رمت نفسها على السرير وهي مكسورة من الغضب والخذلان.)
(في الدور اللي تحت، ساد سكوت تقيل كده كام ثانية...)
ريان (بيبص للسلم، وبيتنهد):
– يمكن كنا جامدين عليها شوية...
مهاب (واقف، حط الملف على الترابيزة ووشه مكشّر):
– جامدين؟! يا ريان، أنا مش بتكلم عن حلم وهوا! أنا بتكلم عن مستقبل… دي أمانة أبويا وأمي، ومش هسيبها تضيّع نفسها كده.
زياد (قاعد على الكنبة وباصص لأخوه):
– هي مش بتضيّع نفسها، يا مهاب… دي بتحاول توصل لحلمها. بصراحة، أنا اتفاجئت من شغفها… الكتابة بالنسبالها مش تسلية.
مهاب (صوته فيه توتر، بس بيحاول يخبّيه ورا بروده المعتاد):
– وأنا أكتر واحد بيحبها فيكوا… حلا مش بس أختي، دي زي بنتي. اتربّت قدّامي، وأنا شايف اللي هي مش شايفاه… الدنيا برا مش سهلة، وممكن تجرحها جامد لو مشيت ورا الحلم ده من غير عقل.
ريان (بصوت هادي وفيه رجاء):
– بس يا مهاب… لما تحبسها وتكسر حلمها، كده انت مش بتحميها، انت بتوجّعها. كن ذكي… سيبها تجرّب، بس خليها تحس إنك سند ليها، مش عدوها.
مهاب (بيبص في الفراغ، كأن كلامهم لمس حاجة جواه):
– الكلام اللي بتقوله سهل وانت واقف تتفرّج… بس أنا اللي هشيل الشيلة لو حصلها حاجة. انت نسيت أنا وعدت ماما بإيه قبل ما يسافروا؟ قلتلها: "حلا أمانة في رقبتي." ومش هفرّط فيها، حتى لو كرهتني.
زياد (بهدوء):
– بس لو كرهتك النهاردة… يمكن ما تسامحكش بكرة.
(نظرات متبادلة بين الإخوة، والجو مشحون…)
(في الدور اللي فوق، حلا كانت قاعدة على سريرها، حاضنة كشكولها بكل قوتها، وهمست لنفسها):
– حتى لو الدنيا كلها ضدي… مش هسيب حلمي، مش هتنازل
****************
(أوضة حلا كانت ساكتة سكوت يخوّف، مفيش غير صوت نفسها المتقطّع وبكائها المكبوت.)
(قاعدة على الأرض جنب السرير، حاضنة مخدة صغيرة كإنها بتحاول تهرب من الدنيا كلها. الكشكول البنفسجي بتاعها – اللي مليان حكايات وشخصيات – مفتوح قدامها، وعلى أول صفحة عنوان كبير مكتوب بخط إيدها:
"لما يبقى الحلم ممنوع")
حلا (بصوت مبحوح وهي بتعيط):
– ليه؟ ليه دايمًا لازم أكون زي ما هما عاوزين؟
ليه مش من حقي أختار طريقي؟!
أنا مش لعبة في إيدهم… أنا عندي حلم، وحلمي مش هزار!
(تمد إيدها المرتعشة، تمسك القلم، وتكتب سطر بيتهز على الصفحة البيضا):
"ولو مافيش حد آمن بيا… أنا هكون أول واحدة تؤمن"
(بتقف فجأة، تمسح دموعها بج Sleeve البلوزة، وتاخد نفس عميق، تبص لنفسها في المراية.
وشها حلو بس باين عليه التعب، عنيها منفخة من العياط… بس فيها لمعة إصرار.)
حلا (بهمس متحدّي):
– أنا حلا أحمد النجار…
وحلمي مش هيتكسر، ومش هتنازل عنه.
ولو كل الدنيا وقفت في وشي…
هكمل طريقي.
(تروح لمكتبها، تفتح الدرج اللي تحت، وتطلع منه الملف اللي فيه ملخص الرواية اللي بتحبها، تحطه في ملف شيك، وتبص له كإنها شايفة فيه بكرة.)
حلا (بابتسامة صغيرة وهي لسه بتدمّع):
– وأول خطوة… هاروح له… حتى لو هاروح لوحدي.
(الأنوار تقل شوية شوية، والمشهد ينتهي على وش حلا… فيه حزن، بس كمان فيه أمل وقرار.)
********************
(في الدور الأرضي من الفيلا الفخمة، ريحة القهوة كانت مالية الجو، مع صوت زقزقة العصافير من الجنينة، وشمس الصبح داخلة من الشبابيك ومالية المكان بنور دافي.)
(فارس، والد أدهم، قاعد بيقرا الجرنال الورقي بهدوء، ونادية، مراته، كانت بترتّب آخر حاجة على ترابيزة الفطار.)
(أدهم قعد على الترابيزة، بشعره الأشقر العسلي اللي نازل على جبينه وملامح وشه الهادية، حواليه صمت معتاد، بيشرب قهوته السادة وبيبص في موبايله.)
نادية (بحنان):
– يا آدهم، مش ناوي تفطر؟ ولا ناوي تعيش على القهوة بس؟
أدهم (من غير ما يبص ليها):
– القهوة كفاية دلوقتي يا ماما… عندي شغل لازم أبدأه.
فارس (وهو بيبص في الجرنال):
– شغل جديد؟ مشروع ولا فيلم؟
أدهم (بيرد ببرود):
– لسه بدوّر على فكرة لفيلم جديد. الملل بقى متعب أكتر من الشغل نفسه.
نادية (بابتسامة):
– طب ما تعمل فيلم رومانسي بقى؟ من زمان ما شفناش حاجة فيها مشاعر كده.
أدهم (بنظرة باردة):
– الرومانسية من غير واقع ما تنفعش… والواقع دايمًا بيبوّظ كل حاجة.
(في اللحظة دي، نزل من على السلم أخوه الصغير مازن، وهو بيربط زرار قميصه وبيمضغ لقمة بسرعة.)
مازن (بحيوية):
– صباح الفل يا أحلى عيلة!
أنا طاير على الجامعة، ريان مستنيني من بدري، عندنا مشروع بنشتغل عليه من أسبوع!
نادية (بفضول):
– ريان؟ ده صاحبك اللي بتصوّر معاه؟
مازن:
– لا لا، ده صاحبي في الكلية. بيحلم يبقى بيزنس مان جامد، وعنده أخت دايمًا بيتكلم عنها… اسمها حلا.
(أدهم بيرفع حواجبه سنة صغيرة، من غير ما يعلّق، ويرجع يبص في موبايله.)
فارس (بابتسامة):
– طيب سلّم لي عليه، شكله شاب شاطر وطموح.
مازن:
– طموح جدًا، وأخته على ما يبدو… بتحلم تبقى كاتبة مشهورة!
نادية (بفضول):
– بنت وعاوزة تكتب؟ حلو ده… زمان البنات كانوا عايزين يبقوا دكاترة ومهندسات، دلوقتي بيطلعوا كُتّاب.
أدهم (بصوت غامض وهو بيقوم من على الترابيزة):
– في أحلام بتخلي الناس تتحرك… وفي أحلام بتضيع الوقت وبس.
نادية (بصّت له بحنان وهو بيبعد):
– عمرك ما كنت مؤمن بالأحلام يا آدهم… يمكن علشان لسه ما قابلتش الحلم اللي يغيّرك.
مازن (ساخر):
– ما تقلقيش يا ماما، هيقابله… ويمكن تلاقيه فجأة واقع في حب بطلة رواية!
يضحك ويخرج بسرعة، وفارس يهز راسه وهو بيبتسم
********************
في حرم جامعة القاهرة – كافيه الجامعة – بعد الضهر، الساعة واحدة
ريان قاعد على الترابيزة المعتادة جنب الإزاز اللي بيطل على الجنينة، بيلعب بكوباية العصير اللي قدامه من غير ما يشرب. وشه باين عليه الزهق والتفكير
مازن بيقرب، شايل كوباية قهوة، وبيقعد قصاده، وبيبصله بصمت شوية
مازن (بفضول):
– مالك يا عم ريان؟ وشك عامل كإنك خارج من فيلم رعب!
ريان (بتنهيدة تقيلة):
– مش فيلم رعب… دي رواية حزينة بطلها مهاب، وضحيتها حلا.
مازن (بيرشف من قهوته):
– أختك حلا؟ مالها؟
ريان (بيأس):
– بتحلم تدخل أدب، وتبقى كاتبة روايات… بس مهاب مصر يدخلها هندسة.
شايف إن الأدب مضيعة وقت، وإنها لازم تدخل مجال مضمون.
مازن (بحزن):
– بس مش إنت كنت دايمًا بتقول إنها موهوبة؟
ريان:
– هي فعلاً موهوبة، وموهبتها مش كلام فاضي...
أنا قريت اللي كتبته، والله يا مازن ساعات كانت بتخليني أعيط من كتر ما إحساسها صادق.
مازن (بيتنهّد):
– يعني المشكلة مش فيها، المشكلة في الخوف.
ريان:
– بالضبط… مهاب بيحبها أوي، وبيخاف عليها كإنها بنته مش أخته.
وأنا فاهم ده، بس الخوف لما بيزيد عن حده... بيخنق مش بيحمي.
مازن (بعد لحظة سكوت، بصوت هادي وحزين):
– من زمان والناس ما بتسألش البنات عايزين إيه…
الكل بياخد القرار بدلهم.
ريان (بيبصله بنظرة عميقة):
– عارف؟ أول مرة حلا اتكلمت عن حلمها، وقالت إنها عاوزة تبقى كاتبة مشهورة،
عنّيها كانت بتلمع كإنها شايفة عالم تاني.
مازن (بهدوء):
– يمكن هي فعلاً شايفة عالم تاني…
عالم هي تستحق تعيش فيه.
ريان:
– نفسي أقدر أساعدها… بس حتى أنا ساعات بحس إني تايه،
لا عارف أوقف جنبها، ولا قادر أشرح لمهاب.
مازن (بيحط إيده على كتفه):
– يمكن لسه في أمل…
ويمكن الحلم اللي هي بتحارب عشانه، يفرض نفسه في الآخر.
ريان (بيبتسم ابتسامة خفيفة كلها حزن):
– يمكن… بس يا رب ما يكونش فات الأوان.
يسكتوا هما الاتنين، وكل واحد فيهم غرقان في تفكيره…
ونسمة خفيفة تعدي من شباك الكافيه، كإنها بتهمس: لسه الحكاية ما بدأتش
*☆يتبــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع☆☆*
رواية بين سطور العشق الفصل الثاني 2
لقراءة باقي فصول الرواية اضغط هنا( رواية بين سطور العشق )
