رواية في حضن الغرباء عبر روايات الخلاصة بقلم أمل عبدالرازق
حميدة: لابسه كدا ورايحه على فين؟
مريم تحاول أن تبتسم بهدوء:
رايحه الكلية يا تيتا.
حميدة (ترفع حاجبها باستهجان):
دا أنتِ أبوكي مكملش شهرين ميت، تقومي تلبسي وتتشيكي وبكل برود رايحه الكلية؟
مريم (بصوت مكسور وهي تقترب منها):
يا تيتا... فين الشياكة في خمار اسود وعباية سودا؟
بابا الله يرحمه طلب مني أكمل دراستي، وأنجح، وارفع راسه.
والدكتور قالي لازم أحضر... الامتحانات كمان أسبوعين، وأنا محتاجة أفهم أعمل إيه.
هو نفسه التمسلي العذر وكلم الدكاترة بس مبقاش ينفع اغيب أكتر من كدا
حميدة (تضرب يدها بكفها غاضبة):
أنا من زمان رافضة فكرة دخولك الجامعة دي!
البت مالهاش غير بيت جوزها... تسهر على خدمته وتربي العيال.
مريم (بدموع مكتومة):
مش بابا اتكلم معاكي في الموضوع دا؟
وقتها اتقفل خلاص.
أنا دلوقتي في آخر سنة في كلية الألسن...
هيبقى عندي فرص شغل كتير.
أرجوكي يا تيتا... تفهميني وترحميني.
حميدة (تصيح بانفعال وهي تنهض من مكانها):
ارحمك؟!
أنا عملتلك إيه يا قليلة الحيا عشان تقوليلي "ارحميني"؟
عايزاني أسيبك تمشي على حل شعرك؟
والناس تاكل وشنا وتقول راحت وجت اللي لا ليها حاكم ولا رابط؟
أبوكِ دلعك دلع ماسخ... وأنا هعرف أصلح اللي هو بوظه!
(مريم تغمض عينيها بألم، تكتم دموعها، تتشبث بحقيبتها، وتهمّ بالخروج...)
(مريم تقترب من الباب بحقيبتها، تفتح الباب، لكنها تفاجأ بـ إبراهيم، ابن عمها، واقف قدامها، عابس الوجه، يسند كتفه على الباب ويمنعها من الخروج.)
إبراهيم (بتهكم):
على فين العزم؟
مبقاش في كليات تاني... خلينا نريحك.
مريم (تتنهد بغضب وتحاول تحافظ على هدوئها): ابعد عن السكة يا إبراهيم.
إبراهيم (يضحك بسخرية): بتحلمي!
من هنا ورايح، مفيش خروج ولا كليه ولا شغل ولا يحزنون...
فرحنا آخر الشهر!
(مريم تحدق فيه بصدمة، تشد الحقيبة أكتر على كتفها.)
مريم (بصوت قوي رغم ارتجافها):
اللي انت عايزه مستحيل يحصل.
ولا هتجوزك حتى لو كان آخر راجل في الدنيا.
بابا الله يرحمه، كان رافض لما انت اتقدمتلي، وقراره عندي أهم من الدنيا كلها دا غير رفضي ليك
(فجأة، حميدة تتدخل، تقف خلف إبراهيم، ملامحها قاسية وحاسمة.)
حميدة (بحسم شديد): الفرح آخر الشهر! وآخِر كلام عندنا يا مريم...
تحملي نفسك ع الجنة ولا ع النار... القرار مش بإيدك.
(مريم تحبس دموعها، تبتلع القهر، وبداخلها بركان من الرفض والغضب...)
(حميدة تمسك مريم من إيدها بعنف.)
حميدة (بحدة): على أوضتك يلا!
لحد ما تفوقي من اللي في دماغك ده.
(تسحبها وترميها جوه الأوضة، وتقفل الباب بالمفتاح.)
(مريم تضرب على الباب وتعيط بحرقة.)
مريم (بصوت مخنوق):
حرام عليكي يا تيتا... افتحيلي!
(حميدة تتجاهلها وتمشي ناحية الصالة.)
#يتبع
فصول رواية في حضن الغرباء بقلم أمل عبدالرازق
اضغط على الفصل الذي تريد قراءته:
- رواية في حضن الغرباء الفصل الأول
- رواية في حضن الغرباء الفصل الثاني
- رواية في حضن الغرباء الفصل الثالث
- رواية في حضن الغرباء الفصل الرابع
جاري كتابة باقي فصول الرواية.. عاود زيارتنا..