حواديت تميم ووتين عبر روايات الخلاصة بقلم نادية الرشيدي
حواديت تميم ووتين الفصل الثالث 3
_ مش فاهماك بصراحة.
_ ما هي دي المشكلة، إنك مش فاهماني!
كان كأنه بيلمح لحاجة، لكن مهتمتش، وجهة نظره غريبة، طب ما كل الناس بتنزل البحر! فين المشكلة..؟
لكن في النهاية احترمته، فهو بشكل أو بآخر.. زوجي.
قلت باقتراح _ بما إننا مش هننزل البحر فممكن نتمشى، نستكشف المكان أفضل..؟
_ اللي تحبيه، الرحلة كلها علشانك.
ابتسامة بلهاء اترسمت على وشي كالعادة، لكن كان في غصة جوايا، واحدة بتتمنى لو كان ده يوسف، لو كنت معاه بس..!
والتانية بتلومني إني بفكر في واحد وأنا على ذمة واحد تاني..!
بعدت عني التفكير وإحساس قلبي بالخيانة ليوسف، من مجرد تعامل مع غيره بس، لكن في المقابل كنت عارفة، إنه مينفعش!
إني كده هكون بشكل أو بآخر خائنة بردو، بس لشخص هو فعلًا زوجي!
وأنا مش بكره قد الخيانة.
يمكن بحاول أتقبل الواقع، بحاول أعيش ومخليش الأمل يقتلني من جديد، لأني بقيت عارفة، إن مش دايمًا هيحصل زي ما أنا عايزة، حاسة إن يوسف بشكل ما بقى بعيد، بعيد أوي عن إني أكون معاه.
إحنا متخلقناش لبعض زي ما كنا معتقدين.
كل واحد القدر جمع قصته مع حد تاني، مش عارفة ليه..؟
بس الأكيد إن عمرنا ما هنحب غير بعض، وإن كان بينا بلاد العالم، على الأقل أعيش بقلب بيحب من بعيد، أفضل من قلب ميت.
_ ها، مقولتيش عايزة نعمل إيه؟
قلت وأنا بحاول أوقف تفكيري:
_ نتمشى.
_ طيب تعالي.
في لحظة غريبة لقيته مسك إيدي، ضم كف إيده لإيدي، في حركة المفروض إنها عفوية، أو عادية بين أي اتنين، لكني مكنتش متقبلة ده!
كنت خايفة، مش عايزاه يلمسني، مش عايزة أي حاجة تاخد مكان يوسف.
لكن محاولتش أبعد إيدي، سكنت بهدوء غصب عني، رغم الرفض اللي جوايا.
قلت بانبهار: _ المكان تحفة!
بص لي بطرف عينه بابتسامة وسكت، مهتمتش ووقفت بسرعة وأنا بدي له تليفوني وبقول:
_ ممكن تصورني؟
ابتسم بعينيه وهو بيقول: _ ممكن.
كنت ببتسم مع كل وضعية باخدها وكل مكان بقف فيه، كان من ضمن أحلامي إني أجي هنا، وإن كانت اتحققت بشكل مختلف.. بس اتحققت.
كان بيبص لي بنظرة معتادة، ابتسامة مش واضحة في ملامحه، لكن بارزة بكل وضوح في عيونه!
شخص غريب... حاسة إني لأول مرة أقابل حد بيبتسم من عيونه فعليًا..!
خد آخر صورة وأنا ببص له، مكنتش مبتسمة زي بقيت الصور!
قرب مني وعطاني الفون وهو فاتحه على آخر صورة وقال بمراوغة:
_ مشوفتش أحلى من الصورة دي.
اتأملتها بتوتر، كان باين بوضوح إني مش باصة للكاميرا، باصة لمكان تاني بشغف!
كنت باصة له بحلل ضحكته، لكن والله مكنش ده قصدي!
ده مستحيل أصلًا!
قلت في محاولة لتبرير:
_ على فكرة أنا سرحت بس.
يبدو إني من غير قصد زدت الطين بله، قال:
_ ما هي علشان كده حلوة!
قلت بحدة: _ تميم، امشي.
ضحك جامد وقال، وهو بيمسك إيدي تاني:
_ استني بس تعالي.
_ إيه؟
فتح فونه وهو بيقرب مني أكثر من المتوقع، حط إيده على كتفي وخد صورة!
كنت مصدومة، ببص له برعشة، وجسمي متشنج..
قال: _ اضحكي يا نكدية.
ابتسمت بتوتر في حين هو خد واحدة كمان وبعد وهو بيتأملها.
_ حلوة صح؟
قالها وهو بيقرب الفون مني أشوفها، هزيت راسي بصمت وتوتر.
قربه خلاني أخاف!
خلاني أحس بقسوة.
عُمري ما كنت قاسية على حد... بس تميم، شخص حنين عليّ، متفهم مشاعري، وأنا....؟ كان هو أكثر حد قسيت عليه! ببعده عني، بتعامل بجفاء غصب عني!
_ بتحبي طعم إيه؟
كنا واقفين قدام محل مشهور للآيس كريم، وهو بيسألني عايزة إيه؟
من غير وعي كنت هقوله فراولة وفانيليا لكن افتكرت إن ده طعمي المفضل أنا ويوسف!
بسرعة غيرت رأيي وقلت:
_ شوكولاتة وأوريو.
هز راسه بهدوء ودخل يجيب، في حين أنا سحبني عقلي للتفكير من جديد!
ليه ما طلبتش المفضل ليّ..؟ ولا علشان كان مقترن بيوسف..؟
كان في جزء جوايا عايز يمسح كل أثر من الماضي ويعيش في الحاضر! في الواقع، وإن كان مؤذي.
وفي جزء تاني لأ! رافض، بيلومني، إزاي هان عليّ العمر ده كله..؟ إزاي بفكر أنساه... وهو حبيبي...؟
بس! مينفعش..
قعدت أردد الكلمة الأخيرة من غير إدراك وأنا بقنع نفسي بالصح! بأني مينفعش أعيش على أمل جديد، هيحصل ولا مش هيحصل!
_ هو إيه اللي مينفعش؟
بصيت بخضة لتميم وقلت بتوتر:
_ كنت بفكر إزاي أقنعك أنزل البحر.
كنت بكذب، بس مستحيل كنت أعبر له عن جزء من اللي جوايا.
_ هنزلك والله براحتك لحد ما تزهقي، بس معلش هنا مش هينفع.
ابتسمت وسكت، مد إيده بالآيس كريم، فخدته بهدوء وأنا خايفة آكله..
نفسي أبطل أخاف من أي تجربة جديد، شوكولاتة وأوريو عادي! فين المشكلة...؟
بس معرفش، ده شيء بيكرهني في نفسي حقيقي.
بص لي وقال: _ طعمه حلو متقلقيش.
_ على ضمانتك؟
هز راسه وهو بيضحك، بدأت آكل بهدوء، لكن بعدين ابتسمت بانبهار!
إزاي ده مكنش طعمي المفضل...؟
_ عجبك؟
_ بعد النهاردة وثقت فيك خلاص.
_ من آيس كريم!
هزيت راسي وأنا بكمل أكل، في حين هو قال:
_ ده كان فين ده من زمان!
_ خلي بالك!
قلت بتهديد وأنا برفع صباعي في وشه.
قال بترقب:
_ إيه؟
_ كل ما هنخرج، ليا آيس كريم بنفس الطعم!
ضحك: _ كل النظرات الحادة دي علشان كده!
هزيت راسي بتأكيد وأنا باكل بحب! أنا بجد وقعت في الغرام! الطعمين مع بعض تحفة! هو بجد إزاي كنت متمسكة بالفراولة والفانيليا كده! الإنسان كان غبي.
_ أنا عيوني ليكِ.
قالها بعد وقت طويل كان بيبص لي فيه، ما لاحظتش!
كنت كالعادة سرحانة، بحلل شيء بتركيز، لكن جملته شتتتني، وفوقتني، حسيت برعشة جديدة، أكيد مش حب، ولا حتى إعجاب، بس خوف.. خوف من حاجة مجهولة، تخليني مع الوقت أخون وعدي..
فضلنا ماشيين لفترة طويلة وإحنا بنتكلم بلا هدف، لحد ما وقفني فجأة بحماس وقال:
_ أنا عندي فكرة!
_ إيه؟
_ بتحبي الغروب...؟
قلت بسرعة: _ جدًا.
_ طيب تعالي.
مسكني من إيدي كعادة غريبة منه لما يتحمس، وقف تاكسي وركبنا، الأول لقيته وقف قدام مطعم، جاب أكل، وبعدين رجع ومشينا لمكان مجهول، معرفهوش!
_ إحنا فين؟
قولتها بخوف وأنا ببص للمكان اللي وقفنا عنده، مكان كبير عالي، عامل زي جبال المقطم، فيه بيوت وفيه ناس ساكنين فيه، بس من بعيد تقدر تشوف بصعوبة إن في حياة تانية تحت!
هو حرفيًا كان خيالي، بس يخوف!
قال بهدوء وهو بيشد من ضغط إيده على إيدي:
_ متخافيش، تعالي.
مشينا خطوات بسيطة لحد ما لقينا مكان مناسب نقعد فيه، قعدنا على الأرض جنب بعض، وأنا مش فاهمة! ليه بردو جينا هنا..!
لفتت نظري السما..! اللي دايمًا كنت واقعة في غرامها، بس دلوقتي وقعت أكثر!
مفيش حاجة واحدة تحجبني عنها، هي كلها قدامي بشكل مباشر!
_ عجبتك؟
بصيت له باستفهام فشاور على السما، قلت بإدراك:
_ آه، تحفة، دايمًا بتأسرني.
_ استني شوية وهتنبهري.
_ إزاي؟
_ هنشوف الغروب سوا.
_ بجد...؟
حلم جديد من أحلامي بيتحقق!
أقعد في مكان فاضي وأراقب الشمس والسما وتغير ألوانهم!
بدأ يفتح الأكل ويعمل ساندوتشات ويديني، كانت كفتة وسجق، أنا بحبهم، بس الجو والمكان خلوني أحس إني حبيتهم أكتر حقيقي!
_ ليه كل ده؟
قلتها بتساؤل وأنا شايفة كمية الساندوتشات اللي لفها.
_ مفيش، دلع، هتخلصي أكلك كله.
هزيت راسي برفض بسرعة وأنا بُقي مليان أكل أصلًا.
ضحك وقال: _ ابلعي بس لحسن تموتي مني.
بلعت بصعوبة وأنا بحاول أكتم ضحكتي.
_ تميم، خلاص مش قادرة والله.
بص لي بحدة وهو بيقدم لي آخر ساندوتش.
_ متبصليش كده!
منع ضحكته وهو بيحاول يثبت على نفس نظرته.
_ عينك بتضحك، متحاولش.
ضحك وهو بيقول: _ طيب، امسكي بقى.
خدته باستسلام وبدأت آكل، في حين هو قال وهو بيبص للسما:
_ الغروب لسه باقي عليه ساعة.
_ مش مشكلة، الجو تحفة! أنا مستعدة أقعد هنا اليوم كله عادي.
ابتسم، في حين أنا قلت بسرعة:
_ إيه رأيك نلعب أي حاجة؟
_ زي؟
_ مش عارفة.
_ إيه رأيك في تحديات...؟
قلت برفض: _ نقوم من مكانا وكده؟ لأ، أنا بطني بتنهار خلاص.
_ لأ، أسئلة.
_ صراحة يعني؟
_ يعني شوية، هتسأليني سؤال أو العكس، ولو ما تجاوبش عليه، يبقى في عقاب، ومش شرط يتنفذ دلوقتي.
قلت بحماس: _ حلو ده، أبدأ.
_ إيه أكثر قرار ندمتي عليه..؟
اتخضيت لوهلة من السؤال، أنا فعلًا معرفش!
_ مش فاكرة.
قال بتذكير: _ في عقاب.
كنت بفكر، بس مش عارفة!
_ لأ، بجد معرفش.
_ يعني أفكر في عقاب؟
هزيت راسي باستسلام وترقب.
_ لما نروح الشاليه تعمليلنا شاي بالنعناع.
_ بس كده! ده أنت لقطة.
قال بغرور مصطنع: _ مش عارف أعمل إيه في حنيتي دي بس.
ضحكت، في حين هو كان بيبص لي وهو بيضحك برضو، المرة دي كانت عنيه وملامحه كلها بتضحك!
_ نكمل؟
قلت بإحراج وأنا ببعد عيني بعد ما تقابلت عيونا بشكل عفوي.
هز راسه وقال: _ دورك.
فكرت لثواني قبل ما أقول:
_ إيه أكثر حاجة نفسك تعملها؟
_ عاوزة الحقيقة ولا أكذب؟
قلت بتحذير: _ يا الحقيقة، يا عقاب.
_ عقاب.
قالها بهدوء وهو بيبص لبعيد، ما فهمتش التغير في ملامحه، ولا حتى الابتسامة اللي اتمسحت من عينه، هل السؤال صعب؟ مش حابب يجاوب عليه ليه، سر قومي..؟
فكرت في عقاب، لكن ما لقيتش!
_ تجيب لي آيس كريم كل ما نخرج.
_ ما ده متفقين عليه.
_ يبقى تجيبني هنا مرة كمان، أشوف الشروق قبل ما نسافر.
_ حاضر، عيوني ليكِ.
قالها بعفوية وسكت، في حين قلبي خاف من جديد..
دقايق، والشمس بدأت تغرب، لون السما بدأ يتغير، والسما بدأت تنزل لتحت بهدوء، كأنها بتودعنا.
كنا بنتأمل كل شيء في صمت وانبهار، كنت حاسة بنشوة داخلية، فرحة رهيبة! مش من مجرد مشهد الغروب، لكن من كل أحداث اليوم!
طلعت فوني بسرعة وبدأت أصور.
_ عيشي اللحظة بدل ما تصوريها.
_ ذكرى بس، مش أكتر.
هز راسه بابتسامة وسكت، في حين أنا بتردد غيرت الكاميرا للسيلفي، وأنا عايزة آخذ ذكرى لينا سوا..!
_ هاتي.
قالها بهدوء وهو بيبص لي، بعد ما لاحظ إني عايزة نتصور.
خد الفون وبدأ يصور، في حين أنا ابتسمت بقوة، عكس صورة بداية اليوم المتوترة.
بصيت للصورة بهدوء وابتسامة، وأنا من غير قصد بشوفه، كان مبتسم، وعيونه كالعادة بتضحك، بس فيها لمعة.. لمعة دايمًا غريبة عليّ، مش مفهومة.
روحنا بعد يوم طويل، من تصوير، وأكل، وحتى الآيس كريم، اللي جابه في نص اليوم، ونهاية اليوم!
كنت حاسة بسعادة غريبة وأنا بغيّر، اليوم كان تحفة!
جربت حاجات جديدة! ودي مش عادتي، الطيارة، الآيس كريم.. وحتى الغروب، والجبل!
لكن رغم كل ده، كان في جزئين جوايا بيحاربوا بعض، واحد حزين، مكسور، مفتقد حبيبه، شايف ابتسامتي خيانة، والتاني بيلومني، وهو بيفكرني إني تفكيري ده خيانة بحد ذاتها.
عدى أسبوعين وإحنا هنا، كل يوم بنخرج، أوقات نتمشى، وأوقات نقعد على البحر من غير ما أنزل، بشكل ما بقى التعامل بينا أبسط، أهدى، يمكن خدنا أول خطوة علشان نكون صحاب.
بقينا أقرب، لكن كان دايمًا في جزء جوايا مستني النهاية، مستني تنتهي علاقتنا بعد شهور وإحنا صحاب، وأرجع تاني لحبيبي، لكن كنت خايفة من أملي، خايفة يقت..لني زي كل مرة.
_ هنسيب النهاردة الفندق ونروح الشاليه.
_ بجد؟
_ آه، جهزي الشنط بقى.
رفعت صباعي في وشه بتحذير:
_ هنزل البحر!
مسك صباعي وهو بيبعده وبيقول وهو بيضحك:
_ ده كان اتفاق، وأنا مش بخلف باتفاقاتي.
رغم بساطة الجملة، لكني اطمنت!
معنى كده إنه هيطلقني! إنه قد كلمته.. إنه فعلًا في أمل كبير أرجع ليوسف!
اختياري لست شهور كان موفق! كده هيكون يوسف شبه جهز.. ونقدر نتخطب!
_ بتفكري في إيه؟
قلت بسرعة: _ مفيش، هروح أنا أجهز الشنط.
_ محتاجة مساعدة؟
_ لأ، هخلص على طول.
هز راسه بصمت، في حين أنا مشيت من قدامه، كنت متوترة وفرحانة!
مجرد التخيل إني هبقى مع يوسف مرة تانية خلاني عايزة أطير!
بدأت أجهز وعلى وشي ابتسامة أمل.. وأنا بتخيّل، بتخيّل وبس، بعيش في حياة، ملهاش بالواقع صلة!
لكن المرة دي..؟
لأ، الأمل كبير!
كُل قصة حب لازم يكون فيها صعوبات ومواجهات علشان تكمل، وإحنا مستعدين نحارب!
_ المكان تحفة!
قُلت بانبهار وأنا ببص على كل حاجة حوليّا، البيت وتصميمه، وحتى البحر وانعكاس الشمس عليه، كل حاجة كانت خاطفة!
_ عجبك؟
_ جدًا.
ابتسم وسكت، لكن بعد ثواني قال:
_ لو عايزة تغيري وتنزلي البحر، براحتك، هنا مفيش حد غيرنا.
هزيت راسي بحماس وأنا بدخل جوا الشاليه، لكن وقفني صوته وهو بيقول:
_ قبل ما تنزلي، تنفذي عقابك معلش.
_ عقاب إيه؟
_ الشاي بالنعناع، نسيتي؟
_ أنت لسه فاكر بجد؟
_ آه، أنا مش بنسى، أنتِ اللي نسيتي.
ضحكت وأنا بقول:
_ حاضر.
_ ها، اتفضل، أي أوامر تانية؟
قولتها وأنا بميل أحط الصينية قدامه وهو قاعد قصاد البحر.
بصلي بامتنان وهز راسه بشكر.
_ هتنزلي البحر؟
_ قلت أتأمله النهاردة، ونغوص في موجه بكرة.
ابتسم باستغراب: _ ليه التغير المفاجئ ده؟
_ تعبانة بس، وفي شنط وحاجات محتاجة تتظبط.
هز راسه بهدوء وسكت.
رفعت كوباية الشاي بتاعتي اللي على الصينية وقلت:
_ أنت إزاي طول الوقت هادي كده؟
_ هو أنا كده، هادي؟
حركت راسي بتأكيد وأنا بشرب، في حين هو بص للبحر وقال:
_ أنا هادي مع كل الناس، إلا أنتِ على فكرة.
بصت له بتعجب وسكت، هو أهدى من كده في الواقع..؟
_ ممكن نلعب كوتشينة؟ أي حاجة؟
_ حلو ده، استني.
قام بسرعة وثواني ولقيته جاي بكورة.
_ لأ، أنسى، مش بعرف ألعب.
شدني من إيدي بحماس وقال:
_ تعالي، هعلمك.
_ بتحط ترابيزة ليه؟
_ هنلعب طايرة.
_ مش بعرف ألعبها برضو والله.
_ هش، قلتلك هعلمك.
وقف ورا الترابيزة، وأنا من الجهة التانية، كان بيقولي تعليمات أنا مش فاهماها، لحد ما استسلم وقال:
_ خلاص، ارميلي وخلاص من غير قوانين.
_ يا راجل! على أساس أنا بعرف أرميها يعني؟
جه ناحيتي ومسك كف إيدي وهو بيوريني أستلم وباصي إزاي، بعدت بتوتر:
_ خلينا نلعب حاجة تانية، مش هعرف بجد.
_ يبقى نتعلم، عادي.
_ طيب، روح مكانك وأنا هبهرك.
بدأت أفتكر هو قالي إيه، لكن نسيت!
معرفتش برضو، كل مرة كانت الكورة بتقع قبل الخط بتاعي، قبل الترابيزة، وهو ياخد نقط!
قلت بغيظ: _ والله، منا لاعبة.
قرب وهو بيضحك: _ خلاص، شوفي عايزة إيه.
اتنهدت وأنا ببص ناحية البحر وبقول: _ مليش غيره، حبيبي.
_ خلاص، روحي بسرعة قبل ما الليل يا ليل.
_ وإيه المشكلة؟
همس في ودني كأنه بيقول سر حربي:
_ البحر بيعض بليل، مينفعش تنزلي.
بصتله برفع حاجب: _ يا راجل!
بتأكيد: _ آه، زي ما بقولك كده.
قلت بغيظ: _ تحكماتك أوفر.
اختفت الابتسامة من على وشه وهو بيقول:
_ مش تحكمات، ده خوف.
خوف؟
اتهزيت من الكلمة، لكن هزيت راسي بلامبالاة وقمت علشان أغير.
_ البحر تحفة! فاتك نص عمرك.
_ كفاية إنه ما فاتكيش.
كنت بكلمه بحماس وأنا في نص البحر بالفعل! وهو نايم على الرملة قُصادي.
كنت بتحرك بحماس وشغف!
يمكن أنا مش بعرف أعوم، بس مكنش عندي خوف من البحر، عادي!
رغم إني مصيفتش من زمان، من ساعة ما ماما توفت، لكن عمر حبي للبحر ما قل.
سرحت في تفكيري، وبدأت أدخل جوا شوية في سبيل إن الميّة تبقى مغطياني بشكل أكبر، كنت بدخل جوا وأنا ضهري لتميم، هو نايم على الرملة، وأنا في عالم موازي تقريبًا.
ثواني وبدأت أبص حواليّا، تميم بقى بعيد عني!
يمكن مش كتير، بس أنا مش بعرف أعوم!
بخوف بدأت أحاول أرجع للشط تاني، لكن الميّة كانت بتعوق حركتي، وبتخليها أصعب.
_ تمييييم!
صوت بهلع وخوف، وأنا الموج بدأ يبقى أقوى، دموعي نزلت، وأنا مش عارفة أتحرك، بدأت الميّة تنزلني، وهنا أدركت إنها النهاية!
جسمي بيعمل حركات لا إرادية تحت الميّة، بيحارب علشان يعيش، عيني بتتقفل وتفتح بخوف، ونفسي! نفسي بيتقطع بالبطيء!
كنت بكل الطرق بحاول أستغيث! أنده لتميم، لكن كنت حاسة إني بعيدة!
إنه خلاص... مش هيلحقني، صوتي ضعيف.. مش هيوصل.
يتبع...