رواية قلوب بتتلاقي عبر روايات الخلاصة بقلم بسمة سعيد
رواية قلوب بتتلاقي الفصل الثالث 3
تاني يوم كنت في الكافيه طول اليوم. دماغي تيهة وصداع من التفكير فيه، مفرقش تفكيري طول الليل.
كنت بجهز أوردرات وسمعت صوته قريب مني بيقول:
– قفلتي التليفون قبل ما أتكلم ليه؟
اتجمدت مكاني، معرفتش أرد أو أقول إيه.
لفيت له ولقيته واقف بهيئته الغريبة، طوله، ملامحه المريحة… وعينيه، عينيه الهادية الجواها كلام كتير يتوه.
رديت عليه وقلت:
– معرفتش هتكلم أقول إيه.
رد عليا وهو مركز وبيبص جوا عيني:
– أي حاجة، أنا كنت هفهمك وهسمعك.
ضربات قلبي ابتدت تعلى، ونظراته في عيني بقت أعمق.
– عمر، أنا محتاجة أفهم… إنت عرفتني إزاي وفين؟
– تعالي نقعد ونتكلم.
فعلاً إحنا محتاجين نقعد ونتكلم، عاوزة أعرف هو مين وعرفني إزاي.
رحنا قعدنا على الترابيزة اللي متعود يقعد عليها وبدأ كلامه:
– أنا اسمي عمر جوهر، صاحب معرض العربيات اللي على أول الشارع. شفتك أول مرة في افتتاح الكافيه.
شديتيني… بنت معتمدة على نفسها، وهدية ملامحك مريحة. بس عينيكي كان فيها حاجة غريبة.
عرفت اسمك، دخلت على الفيس بوك بتاعك، وعرفت عنك شوية حاجات… بس لسه معرفش ليه في حزن جوه عينيكي.
حاولت أجي الكافيه كتير على قد ما أقدر. حاولت ألفت انتباهك كتير. كل يوم كنت بتفرج عليكي بالليل وانتي بتقري الورق اللي في الكورنر. حاولت أكتب حاجة توصلك، ولحظت إنها وصلتلك.
سكت شوية وبص لعيني وكمل:
– ملك، صدقيني أنا مش مهتم أعرف الحزن اللي جواكي سببه إيه… بس أنا نفسي أعلجه.
عيني دمعت، معرفتش من كلامه ولا من إيه. بس حسيت إن الدنيا فيها أمل إننا نرجع أحسن من الأول.
مكنتش عارفة أرد أقول إيه.
– بص يا عمر، أنا مش عارفة ممكن أقول إيه. بس أنا واحدة اتخذلت من حد كان أقرب إنسان ليا… ومش مستعدة أجازف تاني.
أخد نفس، وملامحه بقت أهدى، وقال بصوت خفيف:
– ملك، أنا فاهمك، وعارف إن الموضوع صعب. بس أنا عاوزك تعرفي إني ممكن أعمل أي حاجة علشان أشوفك فرحانة. إنتي متعرفيش أنا عانيت قد إيه لحد ما أخدتي بالك مني.
كنت كل ما أسمع كلمة منه، قلبي يدق أكتر. معرفتش أرد، كنت بس ببص في عيونه.
كمل وقال:
– طب إيه، مش هنشرب قهوة بلبن؟
قعدنا سوا نرغي كتير. كان باين إنه بقى حافظ الفيس بوك بتاعي، عارف أنا بحب إيه وبكره إيه.
الوقت عدى بينا، والزباين مشيت، مبقاش في غيرنا.
وفجأة فوقنا على صوت المطر برا.
بصيت للمكان، كان فاضي. بصيت له وضحكت وقلت:
– يدوب بقى أروح.
ابتسم وقال:
– طب إيه رأيك أقفلك الكافيه معايا؟
قفلنا الكافيه سوا، وكان في لحظة غريبة مليانة هدوء وأمان.
بعدها عرض عليا وقال:
– أوصلك؟ الجو برد ومطر، ومش صح تروحي لوحدك.
ترددت لحظة، وبعدين وافقت.
طول الطريق كان ساكت… بس عينيه ما كانتش سايبة وشي. كل شوية يبصلي بنظرة مريحة تخلي قلبي يدق أكتر.
وصلنا قدام البيت. وقف وقال بابتسامة هادية:
– الحمد لله وصلتي بالسلامة.
ابتسمت بخجل وقلت:
– تسلم يا عمر.
نزلت من العربية، قلبي خفيف بطريقة ما حسيتهاش من زمان.
دخلت أوضتي، قلعت هدومي وقعدت على السرير.
فضلت أعيد في دماغي كل كلمة اتقالت بينا، كل نظرة، كل ابتسامة.
وأنا سارحة، موبايلي رن بإشعار رسالة.
فتحت… لقيت رسالة منه:
"أنا كنت مبسوط إني كنت معاكي النهارده. تصبحي على خير يا ملاك."
مسكت الموبايل وبصيت في الرسالة كذا مرة.
قلبي كان بيدق بسرعة، وإيدي بتترعش وأنا مش عارفة أرد ولا لأ.
ضحكة صغيرة طلعت مني من غير ما أحس… أول مرة من فترة طويلة أضحك بالراحة دي.
فضلت أفكر: "أرد عليه؟ ولا أسكت عشان ما أديش لنفسي أمل؟"
بس الكلام اللي كتبه كان بسيط وصادق… حسيت إني مش قادرة أتجاهله.
كتبت:
"وأنا كمان كنت مبسوطة… تصبح على خير يا عمر."
قعدت أبص ع الشاشة بعد ما بعت الرسالة، قلبي متلخبط ما بين خوف وفرحة.
غمضت عيني، وأنا أول مرة من وقت طويل أحس إني ممكن أنام وقلبي مرتاح.
تاني يوم جالي الكافيه… كان معاه بوكيه ورد.
أول ما شفته قلبي دق بسرعة رهيبة، ابتسملي وقال:
– صباح الخير يا ملوكة.
مد إيده بالورد وقال:
– ده عشان أفتتح يومك بحاجة تفرّحك.
اتسمرت لحظة وأنا ماسكة الورود، مش عارفة أرد. وبعدين ابتسمت غصب عني:
– شكراً يا عمر.
قعد قدامي وقال بخفة دم:
– طب إيه رأيك أعزمك على الفطار المرة دي؟
ضحكت وقلت:
– تمام، ماشي.
خرجنا سوا من الكافيه ورحنا نفطر في مطعم قريب. الجو كان بسيط وهادي، بس وجوده جنبي خلاني أحس إني مش لوحدي.
بعد الفطار قال:
– تعالي نتمشى شوية.
أخدني على الكورنيش. الهوا كان بيلعب في شعري، وصوت الموج عامل لحن مريح.
وقفنا جنب البحر، وهو بصلي وقال بصدق:
– أنا مش متعود أحكي عن نفسي لحد… بس معاكي الموضوع مختلف.
سكت لحظة وكمل:
– أنا يمكن أبان قوي، عندي شغل وفلوس… بس الحقيقة إن جوايا فراغ كبير. يمكن عشان كده أول ما شوفتك حسيت إني لقيت حاجة ناقصة في حياتي.
كنت ساكتة ومش عارفة أرد، بس جوايا في حاجة بتتلين.
ابتسمت بخجل وقلت:
– مش سهل الواحد يلاقي حد يفتحله قلبه كده.
قرب مني وقال بصوت هادي:
– بس أنا لقيتك… ومستعد أفتحلك قلبي طول العمر.
سكت، وعينه بتدقق في ملامحي. رفع إيده ورجعلي شعري ورا ودني وقال:
– إنتي جميلة أوي يا ملاك.
بسرعة لفيت وشي ناحية البحر، اتجمدت من كلامه.
جاله تليفون، وكان لازم يرجع الشغل.
– أنا آسف جداً يا ملاك، لازم أرجع المعرض.
– عادي، مفيش مشكلة.
ركبنا العربية، وطول الطريق كان مشغل أنغام.
هو دارسني كويس، عارف إني بحبها.
وجه كوبليه حلو جداً بيقول:
"هو إنت مين علشان في ثانية تشيل حاجات
وتهد رصّة ذكريات
وتلخص العمر في يومين
ليه تبقى مين؟
علشان تزورني تقوم تبات جوا في سواد العين
وأخبيك بالسنين."
طول الكوبليه وهو منزلش عينه من عليّ.
وصلنا الكافيه. نزلت وأنا ماسكة بوكيه الورد، دخلت الكافيه وأنا فرحانة ومبسوطة.
بس باين كده إن الدنيا مش متفقة معايا على فرح.
لقيته قدامي واقف، بيبتسملي، بيقرب مني، وعينه في عيني وقال:
– إزيك يا ملك، وحشتيني.
أنا اتجمدت. الصوت اللي حواليّ اختفى.
أنا بحلم ولا بتوهم؟ ولا إيه؟
عيني بدأت تدمع، قلت:
– سيف!
يتابع!!!