📁

رواية أعلنت الحرب على قلبي الفصل الرابع والعشرون 24 بقلم إسماعيل موسى

رواية أعلنت الحرب على قلبي عبر روايات الخلاصة بقلم إسماعيل موسى

رواية أعلنت الحرب على قلبي الفصل الرابع والعشرون 24 بقلم إسماعيل موسى

رواية أعلنت الحرب على قلبي الفصل الرابع والعشرون 24

خرج حشمت مندور من فتحة النفق وهو يجرّ جسده المثقل بالجراح والعرق، لكن وجهه ظل ثابتًا، لا ينطق إلا بالصلابة. وقف للحظة يتأمل الشارع الضيق المزدحم الذي انفتح أمامه، كان مليئًا بالباعة الجائلين، الأطفال، والنساء المحمّلين بأكياس الخضار، والسيارات القديمة التي تتزاحم في الطرقات.

كل شيء يبدو عاديًا… إلا أنه بالنسبة لحشمت كان قناعًا يخفي ما لا يراه غيره.


شدّ ياقة قميصه المتسخ، مرّر يده على وجهه ليزيح آثار الدم والتراب، ثم بدأ يسير وسط الناس بخطوات طبيعية كأنما هو واحد منهم.

 عينه تلتقط التفاصيل: رجل يصرخ على بضاعته، طفل يركض بين الأرجل، شاب يتشاجر مع صاحب عربة فول. هذا الصخب الشعبي كان أفضل غطاء له؛ وسطه يذوب كالظل، لا أحد يعرف من يكون، ولا أحد يهتم.


كل خطوة كان يختبر بها مدى قدرته على الاختلاط دون أن يثير الانتباه. وعندما شعر أن الأنظار حوله صارت عابرة لا تلتفت، ابتسم ابتسامة صغيرة في داخله: "الشارع دا أأمن من ألف نفق."


اقترب من مقهى شعبي عند الزاوية، حيث دخان الشيشة يعلو كثيفًا وأصوات الطاولة والدومينو تختلط بالضحكات. جلس على كرسي حديد قديم، أزاح الطاولة نحوه، طلب فنجان قهوة سوداء بصوت خافت،النادل لم يسأله شيئًا، كأنه يعرف أن هذا النوع من الزبائن لا يحب الأسئلة.


أشعل سيجارة أخرى، جلس يراقب الحركة من حوله: وجوه عابرة، حكايات صغيرة على الطاولات المجاورة، ضحكات باهتة، ورجل يقرأ جريدة قديمة. لكن داخل حشمت، لم يكن هناك إلا صخب أكبر، حرب من الأفكار والذكريات التي لا تهدأ.


ارتكز بمرفقه على الطاولة، وأسند رأسه قليلًا، وكأنما يحاول أن يندمج في الجو العادي. لكن عينه لم تفقد حذرها أبدًا… كان يرقب الداخلين والخارجين، كأنما ينتظر شيئًا أو ربما يهرب من كل شيء.


مدّ حشمت مندور يده إلى فنجان القهوة، رفعه ببطء ورشفة مُرّة تسللت إلى حلقه، وكأنها تذكّره أنه ما زال على قيد الحياة رغم كل ما جرى. تنهد، ثم استقام في جلسته، ألقى نظرة سريعة على النادل الشاب الذي كان ينقل أكواب الشاي بين الطاولات، وعندما اقترب، قرر أن يختبر قدرته على الذوبان أكثر في المكان.


بصوت خافت، متثاقل. 

ـ "خُوي… في دُكّان ببيع دخان قُريب من هون؟"


رفع النادل عينيه نحوه، نظر للحظة في ملامحه الغريبة عن المكان، ثم هز رأسه:

ـ "آه، في دكان أبو العبد… بتطلع من هون عالزاوية عاليمين، بتلاقيه فاتح."


أومأ حشمت برأسه 

ـ "يعطيك العافية يا زلمة."


ابتسم النادل ابتسامة صغيرة، لم يستغرب، ولم يسأل، ثم ابتعد ليكمل عمله. حشمت ظل يراقبه وهو يتحرك بين الطاولات، ثم أطرق برأسه نحو السيجارة بين أصابعه، كأنه يطمئن نفسه أنه نجح في اجتياز اختبار صغير: 


ومع ذلك، داخله لم يهدأ. كان يعرف أن اللسان يفضح أكثر مما يخفي، وأن أي كلمة زائدة قد تضعه في فم الموت. لكنه ظل يتمسك بالصورة التي صنعها: رجل عادي، غريب لكنه يعرف كيف يتكلم مثل أهل المكان، يطلب دخانًا، ويشرب قهوة، وينتظر لا شيء.


لم يكن حشمت مندور يدرى أن لعبته الصغيرة انكشفت من اللحظة الأولى. لم يلحظ كيف انحنى النادل قليلًا وهو يجمع الفناجين من طاولات أخرى، وكيف مرّر بنظره نحو زاوية المقهى حيث يجلس رجل يقرأ جريدة ببرود. لم يرَ الإشارة الخاطفة التي انتقلت بينهما، كأنها خيط كهرباء غير مرئي.


فى غزة، نصف الشعب عيون. كل غريب يُرصَد، كل لهجة تُوزن، كل حركة تُسجّل فى الذاكرة قبل أن تمر دقيقة. مستحيل أن تخفى هويتك بين ناس اعتادوا أن حياتهم كلها اختبار يقظة.


حشمت ظن أن ارتباكه مجرد تفصيلة عابرة، وأن شدّته فى اختيار الكلمات ستنقذه. لكنه لم يفهم أن العيون لا تراقب فقط ما يُقال، بل كيف يُقال. النظرة المرتابة التى أطلقها نحو الباب حين دخل رجلان ملثمان، النبضة السريعة التى التقطها أحد الجالسين من حركة يده وهو يشعل السيجارة… كل ذلك كان كافيًا ليضع دائرة حمراء حوله.


هو يجلس ويدخن، يظن نفسه عابر سبيل. لكن الحقيقة أن جلسته على الكرسى لم تعد ملكه. صار ملفًا حيًا يُتداول بين العيون دون أن يشعر.


رفع رجل مسن رأسه التى وخضها الشيب ،كان فى السبعين من عمره وله قسمات محموده

سمعت عن إلى حصل من أسبوع؟ كان الرجل يتحدث مع صديقه، الكمين اياه ؟

كل البلد عرفت عنه ايه الجديد؟

همس المسن بيقولو ان فيه واحد هجم على المساخيط لوحده وقام فيهم ضرب نار ثم اخفض صوته للحد الأدنى

سمعت انه مش من المقاومه وان المقاومه نفسها اتفاجأت بيه!!

قال صديقه بلا مبلاه ،بلادنا ولاده، وكل ما يقتلو واحد هيطلع بدل منه الف 

قال المسن بحده ،يا جدع أفهم، الراجل دا غريب عن البلد

انا سمعت من شخص تبعنا ان المو_ساد بيدو عليه

وهما ولاد الكل_ب بيسيبو حد فى حاله ؟ رد صديقه بحده

كل واحد فينا ليه عندهم ملف، تلاقيهم بيراقبونا واحنا قاعدين على كده!

لكن الرجل المسن كان فهمه أعمق وعندما لمح رجال المقاومه يدخلون المقهى صمت وأغلق فمه.

نفخ حشمت مندور دخان سيجارته ،انتابه شعور حاد بالسعاده انه هو نفس الشخص الذى يتحدثون عنه لكنهم لا يعرفونه ،شعور مريح ان لا يعرفه اى شخص

وهو مستغرق فى افكاره احاط به رجلين ،تعالى معانا

اجى معاكم فين ؟ دفع حشمت مندور يد أحدهم بقوه

بقلك تعالى معانا من غير شوشره وإلا هقتلك هنا فى مكانك

بحث حشمت مندور عن المساعده، لكن أصحاب المكان يعرفون ان لا أحد يتدخل فى عمل المقاومه والفصائل

وانهم عندما يقبضون على شخص لابد انه جاسوس لدى الأعداء..

طيب اقتلني، رد حشمت مندور بحده

احاطت بحشمت مندور يد قويه، لم يشك لحظه انها يد مصارع عملاق كادت ان تخنق انفاسه ،إلى زيك ملوش حق فى الكلام ولكم حشمت مندور فى وجهه لكمه جعلته يترنح

امشى من سكات، اندهش حشمت مندور ،هو سيد شنكل بعت رجاله وراه لحد غزة ؟

جر حشمت مندور بالقوه والقى به داخل سياره مغلقه لا تحمل لوحات اخترقت الشوارع بسرعه دون أن يعترض طريقها احد.

انتو مين؟

انتو مين؟

قلتلك ملكش حق فى الكلام وأخرج الرجل مسدس زرعه فى صدر حشمت مندور

شعر حشمت مندور بالحسره لأنه لم يحضر بندقيته معه

كانت أحمق فكره ان يتركها داخل الانفاق

اقتيد حشمت مندور لبناء قديم محصن ثم جر داخل اروقة المبنى شديد الحراسه قبل أن يلقى به داخل غرفه صغيره قذره.


                     ندى


عند خروجها من الجامعه تبعتها سياره سوداء إلى موقف الأقاليم وقبل ان تركب سياره ميكروباص تقلها نحو البلده

خرجت شاهنده من العربه ونادت على ندى

ندى ؟

استدارت ندى، كان أمر مثير للدهشه ان ترى شاهنده فى هذا المكان

انا عايزه اتكلم معاكى شويه ممكن ؟

داخل السياره لم تتحدث شاهنده حتى وصلت نادى اجتماعى اوقفت السياره وطلبت من ندى ان ترافقها

عندما جلست بلا مقدمات صوبت عينيها على ندى

انا فاهمه إلى انتى بتعمليه كويس يا ندى انتى عايزه تسرقى ابنى الدكتور جاسم

اسرق مين حضرتك ؟ همست ندى بقلق، انا مسرقتش حد

امال ازاى دكتور جاسم طلب ايدك من جدك؟

تقدرى تسأليه بنفسك ،دكتور جاسم ابنك

ابتسمت شاهنده بسخريه ،انا بفهم فى شغل البنات دا كويس يا ندى، اوعى تتخيلى انى عبيطه ،ومش هسمح ان حتت بنت هلفوته زيك، لا حسب ولا نسب ولا حتى دكتوره ذى ابنى تسرقو منى.

لو سمحتى انا مسرقتش حد ،ابنك هو الى طلب ايدى نت جدى مش انا الى روحت اترميت تحت رجليه

طبعا وانتى لقيتها فرصه بعد ما خلتيه يفسخ خطوبته من لارا بنت رجل الأعمال رفعت الشماخ.

كنت بسمع عن خطافة الرجاله لكن اول مره اشوفها

انا مش خطافة حد ،ابنك هو الى اختارنى

اختارك ليه ؟ مسألتيش نفسك ؟ نسيتى الألعاب إلى انتى عملتيها، قلعك نقابك يا متدينه يا صاحبة الأخلاق المزيفه عشان ابنى يشوفك ؟

اسكتى من فضلك صرخت ندى لأول مره، انا مسمحلكيش تيهينينى اكتر من كده، انا بنت ناس ومتربيه وابنك هو الى جه بيتنا مش انا وتلعثمت ندى، داهمتها دموعها الساخنه فصمتت رغم عنها

انتى ولا حاجه يا ندى ومش من مقام ابنى ولا عمرك هتكونى من مقام ابنى، دا انتى محصلتيش الخدامه إلى شغاله عندنا  !

انا انسانه جامعيه مش بهيمه حضرتك صرخت ندى بغضب

الشغاله إلى عندنا خريجة جامعه كمان ردت شاهنده بسخريه

فكرك الدراسه ممكن تعمل انسان؟ تبقى غلطانه

دايما فيه ولاد ناس وولاد الجناينى يا ندى وانتى عارفه مقامك كويس

نهضت ندى، كانت اكتفت من كل شيء أرادت الهرب إلى اى مكان بعيد عن هذا الوجه الكريه

القت بنفسها داخل اول سياره اقلتها نحو بيتها ودموعها لم تتوقف ،داخل غرفتها عندما وصلت سمحت لنفسها ان تنهار.

يتبع...

رواية أعلنت الحرب على قلبي الفصل الخامس والعشرون 25 من هنا

رواية أعلنت الحرب على قلبي كاملة من هنا

روايات الخلاصة ✨🪶♥️
روايات الخلاصة ✨🪶♥️
تعليقات