اسكريبت عبر روايات الخلاصة بقلم الست نور
اسكريبت الفصل الثالث 3 بقلم الست نور
- اهدى وأنا هشرحلك يا بابا.
- هتشرحيلي أي ولا أي؟
- هشرحلك كل حاجة.
- وهتحكيلي أي ولا أي! عن دخولك الحجز وجبتيلنا الكلام من اللي يسوى وميسواش وإحنا اللي عيلتنا عمرها ما دخلت أقسام ولا باتت ليلة واحدة حتى في الحجز ولا هتحكيلي عن السوابق اللي كنتِ معاهم وبتجري وراهم تطلعيهم، ولسة مخبية عني أي تاني يا هانم؟
بابا كان بيزعق بصوت عالي أنا بكره أسمعه وجسمي بيتشنج خصوصًا لما الزعيق ده بيتوجه ليا وبيبقى كله تعنيف ومع ضغط اليوم والتعب مقدرتش أستحمل ووقعت من طولي وأنا الدنيا بتلف بيا وبفتكر كل كلام وكل قصة وكل حادث وصويت وزعيق وناس بتجري من الصدمة وناس بتحضن بعض من الفرحة آخرهم غمامة سودا غطت على عيوني.
- نووور!
- نور مالها يا أيمن؟ بنتي جرالها أييي!
- معرفش كنت لسة بكلمها وفجأة ...
- بتكلمها ولا بتطلع غضبك وعصبيتك عليها كالعادة! أنت أي عايز تموت بنتي خالص؟ معندكش ذرة رحمة ولا رأفة ببنتك! افهم يا أخي دي بنتك من لحمك ودمك مش واحدة من مساجينك.
- أنا ... أنا هتصل بالدكتور ييجي بسرعة ومش هسمح يجرالها حاجة.
- مفيش داعي يا بابا أنا جيت وهاخد بالي من نور.
- بسرعة يا عبد الله دي قاطعة النفس خالص.
عبد الله أخو نور الكبير جه من برا وأول ما سمع الصريخ جري ناحية الصوت وبص على نور المرمية قدامهم واتصدم وميل لمستواها وحط إيد تحت رجليها وبإيديه التانية رفع راسها وميل لودنها وهمس:
- ارحمي أمي العيانة وبطلي تمثيل مش قادر أشيل.
نور فتحت نص عين ورجعت كملت تمثيل وهمستله:
- شيل يا طويل العمر شيل.
عبد الله كتم ضحكته ورجع مثّل الخضة على أخته وشالها من على الأرض طلعها أوضتها ونيمها على السرير:
- مالها يابني طمننا مبقاش فينا أعصاب تستحمل.
- هنعرف دلوقتي يا بابا بس حد يجيبلي الشنطة من أوضتي والسماعة وجهاز الضغط هقيس مؤشراتها الحيوية.
- هروح أنا.
بالفعل بابا مشي بسرعة يجيب الشنطة وبعدها لقيت ماما مش راضية تسيب نور فقولتلها تروح تجيبلها ميه بسرعة علشان نفوقها وبالفعل مشيت بسرعة للمطبخ.
- قومي بقى خلاص خرجوا، ده أنت ممثلة بارعة.
نور قامت وفردت دراعاتها بـ راحة وسعادة وهي بتتكلم:
- اووف ده أنا كنت تعبت وهنام من كتر مانا بمثّل الإغماء.
- مش هتبطلي تخضيهم عليكِ!
- لما بابا يبطل يتعصب عليا ويفتش ورايا.
- افهمي بقى هو ده شغله وده طبعه وطبيعي يطمن علينا.
- اشمعنا أنا؟ مانت أهو وميرا أختنا بتدرس برا ومعاها عبد الرحمن أخونا الكبير في شغله وشركته ومش بيجوا غير في أجازات ومع ذلك مش بيراقب تحركاتكم زي ماهو بيراقبني ويفتش ورايا.
- اسمها بيلم وراكِ علشان بيخاف عليكِ.
- ده بدليل إنه سابني في الحجز مرضيش حتى يخليني في مكتب الظابط أبات هناك ولا رضي يستخدم معارفه سيادة اللواء ويخرجني!
- تبقي غبية لو فاكرة إنك اللي طلعك منها المحامي، هو أنتِ مش عارفة بابا ولا أي؟
- بصراحة عارفاه وعارفة إنه خرجني بس برضو تعصيبه عليا في الرايحة والجاية وهو شايفني غير مسئولة وطفلة في تصرفاتي ده مش بحبه ولا هتقبله.
- طب مانتِ بتصرفاتك كده فعلًا.
- أنا مش مسئولة يا عبد الله؟
- أهاا
- أنا طفلة؟
- أهااا وكلمة تاني شايفة البلكونة دي هرميكِ منها وأريحك ونرتاح.
- للدرجادي تعباكم في حياتكم؟
- أيوة يلا قولي همشي وأسيبلكم البيت.
- لأ اتفلقوا عادي أنا مرتاحة.
لسة كان هيشدني من قفايا بس سمع خطوات بابا وماما اللي اتقابلوا عند الباب ودخلوا سوا وأنقذوني من عبد الله واللي كان هيعمله فيا وأنا رجعت مثلّت إني مغمى عليا وفاقدة الوعي:
- امسك يابني الشنطة.
- ودي الميه وجبتلها عصير وأكل.
- كل ده يا ماما!
- أكيد مأكلتش من وقت ما كانت في الحجز.
مابا مسح على وشه بضيق وهو بينفخ ويفش:
- استغفر الله العظيم يارب محدش يجيب سيرة الحجز قدامي علشان كل ما أفتكر إن عيل من عيالي دخل الزنزانة اللي مبيدخلهاش غير مجرمين بيركبني مية عفريت.
- خلاص خلاص اهدى يا أيمن المهم نتطمن على بنتنا.
- هااا يا زفت أنت قولنا مالها، أومال دكتور إزاي أنت؟
- وأنا هعرف بنظرة عين يا بابا! أديني بشوفها.
- أهم حاجة تفوق ونتطمن عليها.
عملت نفسي بفحصها وكنت بحاول أفوقها بالميه على وشها براحة وهي علشان ممثلة بارعة عملت نفسها بتفوق وبتفتح عينها واحدة واحدة وبتمثل التعب والضعف لدرجة كنت قربت أصدقها وهي أثارت عاطفة ماما وشفقة بابا عليها:
- حقك عليا يا حبيبتي، طمنيني عنك عاملة أي دلوقتي؟
- تعبـ..انة يا بابا ودايـ..خة.
- ما تتصرف يا حمار أنت بتقولك دايخة.
- يعني هي اللي تدوخ وأنا اللي أتهزق يا بابا!
- أنت مش دكتور! اتصرف اعمل أي حاجة.
- بس كده عنيا! هديها حقنة.
قولت جملتي بـ لؤم ونور قامت اتفزعت وبعدها تداركت نفسها ورجعت مثلت دور التعب:
- لأ يا بابا حقنة لأ قوله ميدنيش حقن.
- مانت عارف إنها بتخاف من الإبر يا حيو..ان شوفلها حاجة تاني هو الطب بتاعك ده حقن وبس.
عبد الله اتعصب وهو بيتحلف لنور:
- لا حول ولا قوة إلا بالله ماشي يا نور كله هيطلع عليكِ، شربيها يا ماما العصير وهي هتبقى أحسن.
- شايف يا بابا ابنك بيتحلفلي إزاي!
- طب يبقى يقرب منك وأنا أعلقه هنا.
مسكت العصير وطلعتله لسانه وبابا بيحضنني ويبوس راسي:
- اوعي تخضيني عليكِ تاني ده أنا أروح فيها.
- بعد الشر عليك يارب أنا وأنت لأ يا بابا.
- بعد الشر عليكِ يا حبيبتي ده أنا عايش علشانكم.
- ربنا يباركلنا فيك ياحبيبي.
- بس عارفة لو رجعتي عملتي حركة زي دي تاني وقربتي من الحجز و ....
- أهاا دماغييي حاسة إن جالي صداع في مناخيري.
- صداع في مناخيرك؟ البنت من الوقعة اتهبلت ولا أي؟
- أصل لما بتعب يا بابا معدتي بتقلب ومناخيري بتصدع وعيني بتلف ودماغي بيجيلها وجع في عرق النسا وكده يعني.
- هو فيه عرق نسا في الدماغ ياد يا عبد الله!
- يعني بعد ست سنين دراسة طب وخمس سنين مزاولة مهنة تقولّي ياد يا عبد الله يا بابا؟
- بابا قصده افصل يا عن حرف الـ "د" فتبقى يا د. عبد الله وطبعًا حرف الدال اختصار لدكتور.
- أها أقنعتيني، خلاص خد راحتك يا بابا ياد ياد مقبولة منك يحبيبي.
- شايف أختك ذكية ودماغها دماغ محنكة إزاي! خسارتك في الرسومات كنت أخدتك في المخابر..ات.
- يابابا بقى! اسمها ديزاينات وفاشون يا بابا يعني الذوق العصري وآخر صيحات الموضة.
- ما علينا خلي بالك من صحتك وأنا هقوم أشوف عمك حسام اللي سيبناه تحت ونسيناه تلاقيه قلقان.
- أهاا صح عمو حسام أنا هنزله.
- اقعدي مكانك متتحركيش أنتِ لسة تعبانة.
- بس ...
- أنا قولت أي!
- طلباتك أوامر يا سيادة اللواء.
بصلي وأخد عبد الله ونزل وماما قعدت جنبي أكلتني واتطمنت عليا ونزلت وأنا قومت بسرعة دخلت الحمام أخدت دش وخرجت لقيت بشمهندس معتز بيرن علشان يقولّي اسم اسم الكامبين فبفتح بـ لهفة علشان أسمع وصلوا لـ أي:
"اسم الكامبين ^هُــنّ^ بتشمل كل ست مصرية ومُعيلة لأسرتها"
رددت الاسم بشجن وفخر وحسيته هيبقى واوو وهيضرب ويتصدر الصحف والمواقع، نسيت إني مردتش على معتز فتداركت نفسي وأديته الضن:
- عاااش يا بشمهندس اعتمدوا.
- شكرًا جدًا يا فندم، في خلال يومين هنجهز لحضرتك برزنتيشن الكامبين اللي هنطلقها بس هنحتاج نعمل deal مع مؤسسات خاصة بالمرأة دولية منها ومحلية.
- شوفوا اللي تحتاجوه ومعاكم فريق الـ PR وهيعملوا ديل مع أي مؤسسة تحتاجوها واللي تعطلوا فيه هجيبه أنا بس خلوني حل أخير.
- تمام يا فندم.
قفلت معاه ورنيت على المُحامي اعتذرتله بعد ما تأكدت إنه مشي وعربيته مش موجودة قدام البيت:
- بعتذرلك جدًا والله من تصرف بابا يا عمو حسام وإني حطيتك في موقف زي ده معاه.
- بتعتذري على أي يا بنتي؟ أبوكي ده عشرة عمري ومتعود منه على كده متخافيش، المهم أنتِ كويسة؟
- أنا الحمدلله أحسن، بس الست يا عمو مش هقدر أتخلى عنها.
- عايز أعرف أي سبب اهتمامك بالستات دول يا بنتي؟
- لما اللي معاه يساعد اللي مش معاه هنعمل توازن يا عمو وهنمنع مشاكل كتير، وكذلك أي حد في أيده يساعد حتى لو بكلمة في وقت حزن وشدة أو إننا نشيل بعض في الأزمات دي كلها دوافع للعيش ونكمل علشانها.
- معادلة جميلة ياريت كل الناس تفكر زيك يا بنتي، عارفة لما بشوفهم منزلين أي أخبار عنك أو إن فيه لجان بتبقى متخصصة إنها تقوّم الناس عليكِ بستغرب إزاي بنت زيك ممكن يبقى ليها أعداء لدرجة يكرهوا الناس فيها!
- مش كل اللي الناس تكرهه وتهاجمه وحش ومش كل اللي الناس تحبه هو كويس يا عمو الناس هي اللي بترفع الكويس والوحش ولسة زي ما هم كلمة توديهم وكلمة تجيبهم من غير ما يقفوا ويفكروا الحق مع مين ومين يستحق يطلعوه المسرح ويحذروا الناس منه.
- أهم حاجة متاخديش أي خطوة غير لما ترجعيلي مش عايزين نخر..ق القانون وإحنا أصحابه.
- أكيد يا عمو وشكرًا ليك بجد.
- صحيح أنتِ تعرفي إن أبوكي اللي خرجك من الحجز؟
- والله!
- أبوكي بيحبك يا بنتي بس مبيعرفش يعبر بيخاف حبه يفسدكم فاسمعيها كلمة من عمك لو بتعزيني زي ما بتقولي اوعي جريك لمساعدة غيرك ينسيكِ أهلك، لو اتحطيتي بين نارين فيهم أهلك وحد تاني يبقى أهلك في المقام الأول.
كلام عمو حسام كان بيرن في عقلي خلصنا كلام وقفلت معاه وأنا بفكر في تصرفاتي زمان قبل الحجز وعرفت إن بابا ليه حق في كل اللي عمله وبيعمله وهيعمله في المستقبل لو فضلت بنفس العقلية وطيشاني ده! مكنتش بعمل اعتبار لـ وضع ومنصب بابا الحساس ولا شغل أخواتي ودراسة أختي وماما ووضعها وسط صحابها ومعارفها في شغلها أو في النادي.
- ألو أيوة يا نور.
- أي يا ماري!
- هتيجي الحفلة؟
- حفلة أي؟
- الحفلة اللي منظماها الشركة الأجنبية يا بنتي لكل البلوجر والمؤثرين واتبعتلنا دعوات برايڤت للحضور.
- وأنا مدعوّة؟
- إذا كان أنتِ أول المدعوين.
- هي أمتى؟
- بكرة بالليل.
- أمم هشوف وأرد عليكِ.
- لازم تيجي يا نور ... الحفلة فرصة تردي اعتبارك لكل اللي شمت فيكِ الفترة اللي فاتت وكانوا عايزين يبعدوكي عن طريقهم.
- هفكر وأقولك.
- أوكي باي.
- باي.
عملت التليفون سايلنت واترميت على سريري وأنا حاسة ملكت الدنيا بما عليها وأنا بفرد دراعاتي على سريري وكأني مدوقتش النوم من زمان، أخدت دبدوبي ستيتش في حضني ونمت وأنا بلغي أي أفكار تيجي في دماغها وفكرت في أكتر حاجة بحبها فظهرلي مشهد وأنا بطلع المسرح بستلم جايزة أكتر انفلونسر مؤثرة في الوطن العربي وده كان تخيل بحلم بيه من زمان فنمت وأنا بشكّل الحلم على مزاجي وأنا واثقة إني في يوم هحققه.
- جايزة أكتر شخص مؤثر في الوطن العربي تروح لـ ...
- ليا أكيد!
- للأسف مش نصيبك المرة دي كمان يا نور.
قومت بفزع من الحلم وأنا في كل مرة أنام لازم يتختم بنفس النهاية وإن بعد ما بوصل لحلمي بيتسحب البساط من تحت رجلي وبتروح الجايزة لغيري، بس مين دي اللي هتنافسني في المستقبل وتاخد مني الجايزة اللي عايشة طول عمري بحلم بيها! طلعني من تفكيري رنة تليفوني وبفتح كان محمود مدير أعمالي:
- عرفتلك جوز الست موجود في أنهي مستشفى.
- خمس دقايق هفوّق وأرجعلك تكون بعتلي اللوكيشن وتفاصيل واسم الراجل.
- هتقفلي وتلاقيهم على تليفونك.
- باي.
قومت أخدت دش وفوقت ودخلت الدريسنج روم طلعت بليزر أبيض وتوب أسود وبنطلون أبيض وشوز هاي هيلز سوداء وبيلت أبيض، خلصت لبس وكملت بـ ساعة جولد وسلسلة بـ حرفي وخاتم سيمبل في السبابة وربطت شعري ديل حصان وكملت ولبست نضارة عريضة ووقفت في نص الدريسنج روم قدام المراية واتصورت سيلفي ورفعتها استوري على أكونتاتي وأخدت شنطتي وحاجتي ونزلت كانوا كلهم قاعدين يفطروا.
- صباح الخير.
- صباح النور يا حبيبتي أي الجمال ده رايحة فين بدري كده؟
- عيونك الجميلة يا ماما، عندي شغل في الشركة.
- طب وصحتك أنتِ لسة إمبارح...
- أنتِ عارفة إني مقدرش أطوّل في السرير يا ماما بيتعبني أكتر.
- سلامتك من التعب ياحبيبتي اقعدي افطري.
قعدت في وش بابا اللي كان بياكل بهدوء وهو بيبصلي من تحت لتحت وعبد الله وهو بيهمسلي:
- بقى فيه واحدة تعبانة تنزل تاني يوم الصبح متشيكة وقمر كده! طب احبكيها شوية عن كده.
- شياكتي عنواني حتى في عز تعبي يا دكتور.
- أممم واضح طبعًا.
- بس أي رأيك؟
- قمر.
- حبيبي.
- طالعالي.
ابتسامتي ملحقتش تكمل بصتله:
- أي يواد الغتاتة دي!
- خفوا كلام عالأكل!
بابا خبط عالترابيزة بحزم فسكتنا تلقائي ومطولتش وهربت من صمتهم ده بس بابا وقفني بصوته:
- نور!
- نعم يا بابا.
- تعالي.
قربت منه ووقفت جنبه فقام وقف بعد ما كان خلص أكل وبصلي وقالي:
- خلي بالك من نفسك.
- حاضر يا بابا.
كنت لسة همشي بس حسيت نبرة بابا الصادقة والمتغيرة معايا غريبة على مسمعي فـ حسيته إنه بيحاول يغير من طريقته علشاني خصوصًا بعد ما شافني واقعة قدامه إمبارح، فـ مهانش عليا قلقه وأنا عارفة ومتأكدة إنه مهما يعمل فكله علشان بيحبنا وبيخاف علينا، فقربت منه وحضنته بحب، حضن فاجأه هو شخصيًا.
- بحبك يا سيادة اللواء.
- يا مجنونة براحة.
- بحبك يا بابا اللاااه!
ضحك وباس راسي وطبطب عليا:
- وأنتِ أول فرحتي من البنات حبيبتي وبنتي.
- ربنا يباركلنا فيك يحبيبي يارب.
خرجت برا كنت رايحة أركب عربيتي بس عبد الله كان خرج ورايا ونادى عليا:
- تعالي أوصلك.
- طريقي غير طريقك يا دكتور.
- مش رايحة المستشفى يلا بينا.
مسك مفتاحه وهو بيلعب بيه بإيده وسط صوابعه وبيصفر وحاطط إيديه التانية في جيبه بلامبالاة وسابني وسط صدمتي واستغرابي:
- مستشفى! مستشفى أي!
- تجبري الراجل يتنازل.
- متهزرش بقى عرفت إزاي؟
- هو فكرك حاجة بتمشي معاكِ أو مع ماما أو ميرا وإحنا مبنعرفش بيها؟ بابا ليه عيون في كل حتة وأنا أخوكي الكبير وواجبي آخد بالي منك وحتى عبد الرحمن أخونا اللي تفتكريه بعيد ومش عارف حاجة متابع أول بأول أخبارنا كلنا هنا ومش بيعرف مننا بيعرف من عيون ليه هنا.
- أنا وقعت في عيلة مخابرا..ت ولا أي؟
- تؤ دي القوامة اللي موجودة في أي راجل مسئول وفي حياته ست سواء أم بقى أو أخت.
- يعني بابا عارف بمشواري؟
- مش بالظبط بس أكيد هيتوقع علشان كده بقولك تعالي معايا علشان ميشكش ويعرف تحركك.
- طب وأنت بتساعدني ليه؟ مش هتوقفني زي بابا؟
- لأن الست دي طلعت مظلومة فعلًا زيها زي اللي ساعدتيهم وإحنا سيبناكي تكملي علشان هم معاهم الحق.
- تقصد أي بـ سيبناكي؟
- بابا وأنا.
- هو بابا ...
- موافق وعارف بس اعتراضه إنه مكنش عايز الخطوة دي تيجي منك وتتصدري في وش المشاكل والمجرمين هو شايف إن البلد فيها قانون يرجع الحقوق فمش عايزك تتدخلي وتأذي نفسك وتقعي في مخاطر.
- بس فيه حقوق لازم نمد أيدينا ونستردها، القانون لوحده مش كفاية.
- علشان كده بساعدك دلوقتي.
- يلا بينا.
- اربطي حزامك.
- مستعدة؟
- إلا مستعدة.
ابتسملي بغموض وإحنا بنضرب كفنا بـ كف بعض بحماس وعجلات العربية بتحتك بالأرض بقوة وهي بتعلن عن وجهتها وإن اللي جاي لا فيه راحة ولا براحة واللي قلبه ضعيف ملوش مكان بيننا إحنا عيلة رؤوف آل مهران.
- وصلنا.
- شكرًا يا دكتور تعبناك معانا.
- متشكرنيش دلوقتي أنا جاي معاكِ.
- نعم!
- عندك اعتراض؟
- أيوة ده موضوعي ومش عايزة حد منكم يتدخل.
نزل من عربيته بعد ما ركنها على جنب وأخد المفاتيح والتليفون وبصلي وهو ماشي وقالي:
- تعالي ورايا.
- نعم!
- اسمه أي؟
- سعيد أبو ركبة بس تعالى هنا أنت جاي معايا ليه؟ مش وراك شغل؟
دخل على الريسبشن سأل السكرتيرة عن رقم أوضته وطلب الأسانسير ودخل وشاورلي أدخل وهو متجاهل اعتراضي وكلامي وكأني بكلم نفسي.
- هو ده؟
- أعتقد أها شبه الصورة اللي بعتهالي محمود.
دخلنا على الراجل كان نايم فـ عبد الله سحب كرسي وقعد قدامه وأنا واقفة جنبه متنحة من تصرفاته:
- بقولك يا رجولة.
- أنت مين؟
- محامي مراتك.
- نعم! هي مراتي جابت فلوس محامي منين؟
- مش بس كده دي كلفت فريق محامين يمسكوا قضيتها أنا والآنسة وجينا نقولك كلمتين علشان مصلحتك.
- فريق محامين! وقدرت على فلوسهم منين ومش أي محامين يعني أنتوا من لبسكم باين عليكم بشاوات وأكيد مش بتترافعوا عن الفقرا اللي زينا.
- الله ينور عليك لماح وتفهمها وهي طايرة علشان كده جاي أنصحك.
- تنصحني! اؤمر يا بيه.
- مراتك رافعة عليك قضية طلاق للضرر وقضية عنف ضدها وإنك حاولت تقتلها علشان كده هي دافعت عن نفسها، ومش بس كده لما عملت كشف طبي لقيوا فيه آثار كدمات قديمة على جسمها فـ ده ءأكد كلامها بخصوص أنها بتتعرض للعنف وكمان قضية تالتة ...
- أي كل ده يا بيه؟ حيلك حيلك هو لسة فيه تالت؟
- أها وبصراحة كده أنا وزميلتي ناويين نلبسك في الكلابوش أو ...
- خلينا في أو يا بيه الله لا يسيئك.
- أو نجيبلك حكم مخفف عشرين خمسة وعشرين سنة كده.
- لما ده المخفف عندكم يا بيه أومال المشدد ده أي؟
- لأ المشدد بيتحول لفضيلة المفتي فـ أنت واختيارك بقى.
- انجدني منها يا بيه الله لا يسيئك أنا مش حمل قواضي وفلوس محامين ومش حمل سجن.
- اتنازل.
- نعم!
- اتنازل، هتتنازل بالذوق ولا ....
- هتنازل يا بيه بس أضمن منين إن مراتي مش هتأذيني بكل القواضي دي؟
- رجوعها لبيتها وسط بناتها تمنه خروجك من كل القواضي دي متقلقش.
- طب والطلاق يا بيه! أنا مش عايز أطلق.
- والله ده يرجع لمراتك، حلوها سوا.
- هي قالتلك هتتطلق؟
- أيوة.
- بس هي كانت باقية على العيشة.
- وأنت كنت ضامنها علشان كده هي حبت توريك إنها قادرة تستغني في أي وقت.
- عندك حق يا بيه الغلط غلطي أنا اللي اتبطرت ومحمدتوش.
- روح اتنازل وقولهم أنك هتغير أقوالك وحاول ترجع مراتك وبناتك ولم الموضوع علشان مستقبل بناتك اللي كنت هتدمره بأيديك.
أنا كنت واقفة مذهولة من نبرة عبد الله الواثقة القوية وكلامه اللي خارج نطاق الفورمال والمستوى اللي بيتكلم بيه معانا وفي شغله وحياته عمومًا وهو نازل لمستوى الراجل وبيهدده مرة وبينصحه في مرة تاني لحد ما أقنعه يتنازل بالفعل وبدون حتى ما يضطر يستخدم القوة ولا الفلوس زي ما كنت هعمل وصحيح إني بالنسبة لأخواتي تلميذة ولسة بتعلم وهتعلم كتير.
- نور يلا واقفة ليه؟
كنا وصلنا الدور الأرضي في المستشفى ولسة هنخرج من نفس الباب اللي دخلنا منه عبد الله بيلف ومستغرب أنا واقفة ليه بس أنا كنت حاسة بفخر رهيب في الوقت ده وإن عندي أخ زيه فقربت منه وأنا بحضنه وبشكره:
- أنا محظوظة بوجودك والله.
- وأنا هفضل طول عمري في ضهرك، أنتِ تشاوري بس.
- عبد الله!
كنا بنتكلم وقطع كلامنا دكتورة بتدخل وهي بتوجه كلامها لـ عبد الله:
- عبد الله مش كده؟
- ياسمين؟
- يبقى عبد الله.
ضحكت وهي بتردد اسمه وهو ابتسم وسلموا على بعض وفهمت إنهم كانوا زمايل ودفعة واحدة في الكلية:
- فينك دلوقتي؟
- هنا أهو بشتغل في المستشفى هنا، أنت اللي فينك؟
- أنا بشتغل في مستشفى تاني مستشفى استثماري.
- ربنا يوفقك يارب طب ابقى زورنا ولا خلاص نسيت صحابك!
- وأنا أقدر! بس أنتِ شغالة ليه في مستشفى حكومي؟
- نصيب.
- أمم ربنا يكرمك بإذن الله بالأحسن.
- آمين يارب.
- صحيح أعرفك ب أختي.
- هي نور تبقى أختك؟
- أنتِ تعرفيني؟
- إلا أعرفك متابعاكِ ومتابعة أخبارك من زمان على السوشيال بس أول مرة أعرف أن عبد الله أخوكي.
- لأني مش بنزل تفاصيل عن حياتي الشخصية وخصوصًا أهلي أكيد تاخدي بالك لو متابعاني بقى.
ضحكت ياسمين وهي بتقول:
- عندك حق فعلًا عمري ما شوفتك منزلة حاجة لأهلك.
- عمومًا اتشرفت بمعرفتك يا ياسمين وإنك كنتي زميلة أخويا في الكلية.
- أنا أكتر حقيقي وطلعتي في الحقيقة أحلى من السوشيال ماشاء الله.
- حبيبتي والله تسلميلي يارب.
عبد الله كان واقف مبتسم وبيبصلها وده عكس طبيعة عبد الله اللي مفيش بنت تلفته فـ بصيتلها:
- هاتي رقمك بقى علشان نبقى نتواصل ونبقى أصحاب لو معندكيش مشكلة؟
- لأ طبعًا شرف ليا، اكتبي عندك.
- رنيتلك سجليه بقى.
- اتفقنا.
ودعناها ومشينا وبعدها مسكت تليفوني وبعت حاجة وبصيت لـ عبد الله وإحنا بنركب العربية:
- علشان ميبقاش ليك عليا جمايل بعتلك رقمها.
- رقم مين؟
- رقم ياسمين اللي اتكسفت تاخده.
ضحك بكل صوته وهو بيبصلي:
- مجنونة أقسم بالله.
- عد الجمايل بقى.
- عنيا حاضر
اتشاركنا الضحك وطلعت تليفوني أخدت لينا صورة سوا قبل ما نتحرك بالعربية ونقف قدام شركتي وأنا نزلت وقبل ما أدخل بصيتله:
- بقولك.
- قولي.
- تروح معايا حفلة بالليل؟
- موعدكيش.
- خلاص اتفقنا هستناك.
- أوكي هعدي عليكِ بس جهزيلي البدلة.
- أنت عارف بدلتك جاهزة من غير حاجة!
- فاشون ديزاينر قد الدنيا.
- عندك شك!
- وأنا أقدر!
دخلت الشغل وبدأت أشوف شغلي وبعدها وصلني مسج من عمو حسام واتساب وصورة الراجل وهو مع مراته وبناته وهم متصالحين وبيضحكوا مع إني استغربت إزاي الست بتسامح بالسهولة دي، بس افتكرت إن الست البسيطة بتعيش! بمعنى بتحاول تنسى علشان تعيش ليها ولعيالها وتمشي دنيتها حتى لو ده كان غير منطقي في وجهة نظري ونظر غيري.
قطع تفكيري رنة تليفوني من ماري صاحبتي، مردتش عليها خمنت أنها هتأكد عليا علشان الحفلة وكملت شغلي بس لقيت ماما بترن وبعدها بابا فـ القلق دخل قلبي علشان أبص ألاقي واحدة صاحبتي تاني بترن فبفتح تزامنًا مع دخول السكرتيرة وهي بتفتح باب مكتبي بخضة وبتقول:
- الحقي يا نور افتحي سوشيال.
- أي فيه أي؟
- فضيحة يا نور! فضيحة.
- ......
#يُتبع
#الست_نور