رواية لهيب العشق الفصل السادس عشر 16 بقلم سيليا البحيري
رواية لهيب العشق الفصل السادس عشر 16
#سيليا_البحيري
#لهيب_العشق
فصل 16
- قدّام فيلا طارق - بالليل
الجوّ برد، والهوى مشحون توتر. تارا بتخرج بسرعه من باب الفيلا، ووراها أدهم وياسر، التلاتة ملامحهم باينه عليها التعب، عينيهم مولعه بالغضب، بس جواهم... فاضيين. لا دليل، ولا خيط، ولا شيرين.
تارا (وهي ماشية بسرعه وبتزعق):
مفيش! ولا حتى علامة... ولا حتى نظرة حقيرة تأكد شكوكي! طارق نِدِل آه، بس هو مش اللي خطفها!
أدهم (بيحاول يلحقها):
تارا، اهدي شويه... إحنا كده بنهدر طاقتنا على الفاضي، بنجري في كل الاتجاهات!
ياسر (بيمسك إيديهم وبيوقفهم):
استنوا... نهدى كده ونرتب أفكارنا، نفكر في اللي شفناه جوا... يمكن في تفصيلة صغيرة فاتتنا.
تارا (بتبص له والدموع مالية عنيها):
مفيش يا ياسر... مفيش حاجة! شيرين اختفت ومش لاقيين لها أي أثر! ولو مش ثريا... ولا طارق... أمال مين؟!
أدهم (بصوت واطي وحزين):
يمكن... يمكن هي خرجت لوحدها؟ يمكن حصل لها حاجة برا... حادث ولا حاجة؟!
تارا (بحدة):
مستحيل! أمي ما بتقدرش تتحرك! ولو اتحركت، كان لازم نلاقي أثر، كاميرات، شهود... أي حاجة!
ياسر (بيبصلهم بجدية):
في احتمال إن اللي خطفها يكون حد قريب... قريب قوي... لدرجة إننا نثق فيه ومش نشك فيه خالص...
أدهم (بقلق):
تقصد... من عيلة الشرقاوي؟ لا لا، صعب قوي...
تارا (بتضيق عينيها وبترجع خطوة ورا):
ليه لأ؟ لو أمي اختفت من بيتنا، يبقى اللي أخدها كان عارف البيت كويس... وعارف إحنا بنعمل إيه... وإمتى بنخرج وإمتى بننام...
ياسر (بيبص في الأفق):
لازم نرجع الفيلا... ونقلبها حجر حجر. وماتخافيش يا تارا، هنلاقيها.
أدهم (بيحط إيده على كتف تارا):
وإنتِ لازم تهدي... عشان لو أعصابك راحت، هنفقد تركيزنا... وأمي ما تستاهلش نضيّعها مرتين.
تارا (بتتنهد وبترفع عينيها للسماء):
لو المرة دي ما لقيتش أمي... هولّع في الكل. كلهُم.
ياسر (بصوت حاسم):
لأ يا تارا... مش كده نجيب حقنا. لازم نلاقيها... ونكشف مين خطفها... ونخلي الدنيا كلها تعرف الحقيقة.
أدهم:
يلا نرجع. نبدأ من الأول.
التلاتة بيركبوا العربية وبيمشوا في سكوت... والليل بيغطي عليهم، بداية جديدة لطريق كله غموض وحقيقة مستخبية
**********************
الساعة قربت تبقى 12 بليل، والدنيا ضلمة إلا من نور العربية. إياد سايق على مهله، باصص قدّامه بس شكله مش مركز خالص، ملامحه باينة عليها الصدمة والتوهان.
إياد (بيكلم نفسه بصوت واطي وهو مركز في السواقة):
"أنا مش مصدق... دي تارا؟ تارا اللي طول عمرها بتضحك كده برقة وبتتكلم بهداوة؟"
(يهز راسه ببطء وكأنه بيحاول يمحي الصورة من دماغه)
"كانت هتموّت الست... كانت عنيفة جدًا... وأنا واقف مش عارف أعمل إيه... حاسس إني شوفت حد تاني خالص!"
بياخد نفس عميق، ويمرر إيده في شعره وهو متلخبط، وبعدين يرجع يمسك الدركسيون.
إياد (بصوت مهزوز شوية):
"بس يمكن كانت تحت ضغط... أمّها اختفت، طبيعي تنهار بالشكل ده، صح؟"
(يسكت لحظة ووشه فيه ألف سؤال)
"بس اللي حصل... ده ماكانش انهيار، ده كان غِل... كان مرعب."
(يطق بأصبعه على الدركسيون)
"أنا... أنا كنت فاكر إني عارفها... فاكر إني أقرب واحد ليها... بس شكلي ماعرفش عنها حاجة أصلاً!"
يبص على الموبايل اللي مرمي جنبه، والصورة بتاعة تارا وهي بتضحك باينه. يتنهّد تنهيدة تقيلة ويرجع يبص للطريق.
إياد (بصوت خافت وكأنه بيكلمها):
"أنا مش هحاسبك النهارده يا تارا... يمكن بكرا تفهميني، يمكن أنا كمان أفهم اللي حصل... بس اللي شُفته النهارده... مش هيطلع من دماغي."
العربية مكملة طريقها في الضلمة، والنور بتاعها بيشق السكة، وإياد لسه تايه بين صورة تارا الهادية... وصورتها وهي غاضبة زي الوحوش
*********************
فيلا الشرقاوي – الصالة الكبيرة – ليلاً
العائلة كلها متجمعة في الصالة، التوتر واضح في الوجوه. الجد عادل يجلس متكئًا على عصاه، الجدة صفاء تمسك مسبحتها وتتمتم بدعاء خافت، زين واقف ويديه خلف ظهره، منار جالسة ووجهها قلق، إياد يتحرك جيئة وذهابًا وثريا جالسة صامتة لأول مرة، عيناها منتفختان من البكاء.
فجأة، يُفتح الباب، يدخل ياسر أولاً، متجهماً، يتبعه أدهم صامتًا، ثم تارا، وجهها غاضب ومليء بالخيبة.
صفاء (بلهفة):
رجعتوا؟!! طمنوني يا ولادي، في جديد؟! لقيتوها؟!
عادل (ينهض بصعوبة):
اتكلموا... متقولوش إنكم رجعتوا من غير ما توصلوا لحاجة.
أدهم (بصوت مبحوح):
للأسف يا جدي... مفيش أي أثر... فتّشنا الفيلا من فوق لتحت، حتى العربيات... مفيش ولا دليل.
زين (بقلق):
بس ليه راحوا هناك أصلاً؟! ليه طارق الألفي؟!
ياسر (بحزم):
لأننا شاكّين فيه... هو طول عمره حقود على عمي سليم الله يرحمه، وكان ناوي يتجوز طنط شيرين عشان يستولي على كل حاجة.
تارا (بغضب مكبوت):
وكان بيضحك! بيتمنّى موت بابا... وسارة بنته... كانت بتستفزني!
(تصمت لحظة، ثم تنهض وتصرخ)
كنت هقتله بإيدي لو ما وقفنيش أدهم وياسر!
صفاء (تضع يدها على قلبها):
يا ساتر! تارا... يا بنتي لا، ما توصلوش لكده!
إياد (يوقف تارا ويقرب منها):
إهدي يا تارا... إحنا فاهمين قلقك، بس انتي لازم تسيبي الموضوع للشرطة.
(ينظر لأدهم وياسر)
صح؟ انتو بلغتوا حد من المباحث؟
ياسر:
طبعًا، بس اللي خطف طنط شيرين مش أي مجرم عادي... ده راصد كل حاجة بدقة. لا كاميرات، لا شهود، لا بصمات.
منار (تضع يدها على فمها):
يا ربي... يعني اختفت كده؟! من غير ولا أي دليل؟!
أدهم (يحاول يتمالك نفسه):
ما اختفتش... أنا حاسس إنها لسه عايشة... ومش هرتاح غير لما أرجعها.
ثريا (بصوت خافت لأول مرة):
يعني... يعني أنا مش السبب؟
الكل ينظر إليها... صمت ثقيل يسود المكان
صفاء (بلطف ولكن بحزم):
مش وقت اللوم دلوقتي يا ثريا... بس اللي اتقال النهارده... محتاج يتراجع.
زين:
محدش يقدر يتهم حد من العيلة من غير دليل... واللي حصل النهارده لازم يعلّمنا إننا ما نستعجلش الحكم.
تارا (تنظر لثريا بغضب ثم تغض بصرها):
أنا آسفة لو اتسرعت... بس كنت منهارة.
ثريا (تدمع عيناها):
أنا... مش زعلانه منك، يا تارا... بس قلبي وجعني لما اتقال إن ليّا يد في اختفاء شيرين...
(تتوقف، ثم تنهض)
أنا همشي أوضتي، كفاية وجع النهارده.
تميم (يتدخل):
ماما... خليكي هنا، كلنا موجوعين، بس لازم نفضل مع بعض.
عادل (بصوت عميق):
البيت ده اتربى على المحبة، على لمّة العيلة... وهنفضل سوا لحد ما نرجّع شيرين.
أدهم (ينظر إلى تارا):
لازم نكون عقلانيين... اللي خطف ماما مش سهل... بس مش أذكى منّا.
ياسر (بنبرة متحدية):
ولو آخر يوم في عمري، هرجعها
**********************
داخل فيلا العطار – بعد منتصف الليل
الباب اتفتح بهدوء، وإياد دخل الفيلا وهو باين عليه الإرهاق... الخطوات تقيلة وصوته بيتنفس بتعب. الجو هادي، كل الأنوار مطفية ما عدا نور خافت في الرسيبشن.
إياد عدى على أوض العيلة، من غير ما يصحي حد، وراح على أوضته مباشرة. دخل وقف الباب وراه وسند ضهره عليه، زفر تنهيدة طويلة، وبص حواليه في الضلمة.
إياد (يتمتم لنفسه):
"في حاجة غلط... تارا مش عادية... مش بس غموض، دي عاملة حاجات مش مفهومة، ودايمًا بتتهرب."
راح ناحية المكتب الصغير اللي في أوضته، سحب موبايله واتصل على كمال، المساعد الخاص بالعائلة.
كمال (بصوت ناعس من النوم):
"ألو... باشا؟ خير؟"
إياد (بحزم وتوتر):
"كمال، آسف صحيتك بس عايزك تجمعلي كل حاجة تقدر توصلها عن واحدة اسمها تارا... شغالة معانا في الشركة من شهر ونص، عارضة أزياء... مفيش غير اسمها الأول بس."
كمال (بدأ يركز):
"تمام يا باشا، في أوصاف أو حاجة تساعدني؟"
إياد:
"شعرها أشقر طويل، عيونها زرقا، ستايلها أنيق وهادي، بس... في نظرات مش مريحة، بتحسسني إنها مش جاية عشوائي. افتح ملفها في الموارد البشرية، وابدأ من هناك."
كمال:
"أوامرك... هبدأ من دلوقتي."
إياد:
"ولما توصل لأي حاجة، حتى لو كانت تافهة... بلغني فورًا."
أنهى المكالمة ورمى الموبايل على المكتب. لف الكرسي وجلس عليه، فتح اللابتوب وكتب في محرك البحث: “Tara”.
دخل على إنستغرامها... الحساب مفتوح، لكن فاضي تقريبًا.
بدأ يتصفح الصور... كلها موديلينج، ما فيهاش أي حاجة شخصية. وقف عند آخر بوست، مؤرخ بأغسطس 2019.
كانت صورة جمعت بينها وبين شاب أطول منها، ملامحه قوية لكنه مبتسم بلطف، وواقف جنبها.
إياد (بهمس):
"ده مين؟... أول مره أشوفه معاها... أخوها؟ حبيبها؟... ليه ما اتكلمتش عنه أبدًا؟"
يبص على الكابتشن... مجرد رموز قلوب وكلمة “العيلة”. مفيش تاج، مفيش تعليق يوضح.
إياد:
"حتى في البوست ده... مفيش اسم، مفيش أي حاجة توصّلني لحاجة..."
يرجع الصورة تاني، يركّز في ملامح الشاب، بس مافيش حاجة بتفيده... ولا حتى اسمه.
إياد (بنبرة قلق):
"مش طبيعي... حد بيخفي كل تفاصيله كده؟! أكيد وراها سر كبير... وأنا هعرفه، مهما كلفني."
في فيلا العطار – صباح اليوم التالي
إياد قاعد في الجنينة الخلفية، في هدوء غريب يحيط بيه، بيشرب قهوته وموبايله في إيده، بينتظر أي جديد من كمال. ملامحه متوترة، مش قادر يركّز، وكل تفكيره في تارا... وصورة إنستغرامها... وكلام كمال اللي لسه ما وصّلوش بشيء.
صوت خطوات واثقة بيقترب... زين ظهر فجأة، أنيق كالعادة، بنظرته المغرورة اللي فيها لمحة سخرية، وابتسامة خفيفة مالهاش تفسير.
زين (بهدوء وهو يقعد على الكرسي المقابل):
"صباح الخير، ابن العم."
إياد (بتوتر خفيف):
"صباح النور، ما اتوقعتش أنك تصحى بدري."
زين (بضحكة صغيرة):
"لما تبقى الدنيا مشوّقة بالشكل ده... مستحيل تنام بعمق."
إياد بيبص له بنظرة مريبة، مش فاهم قصده، لكن ساكت.
زين (ينظر له بثبات):
"شفتك امبارح... في الشركة. وشفت اللي كان بينك وبين... العصفورة الغامضة."
إياد فجأة يشد في جلسته، نبرة صوته فيها دفاع تلقائي:
إياد:
"مافيش حاجة بيني وبينها."
زين (بابتسامة هادئة):
"وأنا ما قلتش إن في حاجة... لكن نظرتك قالت كتير. تحبها؟"
إياد يسكت لحظة، ما يعرف يرد، بس عينيه تفضحه.
زين (يميل ناحيته):
"أسمعني كويس، تارا مش زي ما انت فاكر... هي مش بريئة، ومش طيبة... شفتها في أمريكا قبل كده، كنت معيدها في الجامعة، وصدقني... ما شفتش طالبة بنظراتها العدوانية دي في حياتي."
إياد (يُتمتم بانزعاج):
"يعني إيه؟"
زين (بنبرة غامضة وباردة):
"يعني إنها مش بتلعب عشوائي... ووجودها هنا مش صدفة... أنا متأكد إنها بتدور على حاجة. يمكن انت عاجبها... ويمكن مجرد ورقة من أوراق لعبها."
إياد يحاول يخفي قلقه، لكنه بيقول بحذر:
إياد:
"إنت مش فاهمها... ممكن تكون مكسورة... بس مش مؤذية."
زين (ببرود ذكي):
"الناس اللي جوّاهم كسر... ساعات هما أكتر ناس بيوجعوا. إنت لسه طيب يا إياد... وأنا؟ اتعودت أقرأ اللي ورا السطور."
يقف زين ببطء، يربّت على كتف إياد، ونبرة صوته أخف لكن ما زالت غامضة:
زين:
"بس نصيحة منّي... ما تقعش في الفخ، لأنك هتتأذي أكتر من اللي تتخيله."
ويسيب إياد قاعد، شارده، قلبه وعقله في صراع... والقلق في عينيه بيزيد
*☆يتبــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع☆☆*
رواية لهيب العشق الفصل السابع عشر 17 من هنا
الرواية كاملة من هنا (رواية لهيب العشق)