رواية لهيب العشق الفصل الخامس عشر 15 بقلم سيليا البحيري
رواية لهيب العشق الفصل الخامس عشر 15
#لهيب_العشق
#سيليا_البحيري
فصل 15
– شقة كريم – الليل، الجو هادي، بس جوّه قلبه عاصفة.
كريم قاعد على الكنبة، بعد ما خطط لحياته الجديدة ، لابس بنطلون رياضي وتيشيرت، ماسك فنجان قهوة في إيده، بيفكر في كلام أبوه "خالد" آخر مرة، وكف إيده اللي لسه بيوجعه.
كريم (بصوت داخلي):
"أنا عملت إيه؟ ليه بيكرهوني كده؟ حتى أمي… من وأنا صغير وهي بتبصلي كأني عار…"
رن جرس الباب. بيقوم يفتحه بتثاقل.
ناهد واقفة قدامه، شيك كالعادة، بس عينيها كلها احتقار.
كريم (بتنهيدة):
إنتي؟ في إيه؟
ناهد (بتهكم):
إيه؟ مش هتدخلني؟ ولا بعد ما اتطردت بقيت باشا؟
كريم (فاتح الباب من غير نفس):
ادخلي… بس لو هتبتدي سِخريتك المعتادة، الباب وراكي.
ناهد (داخلة وباصّة حواليها بتقرف):
أهو مكان يليق بيك… شقة صغيرة كئيبة، زيك بالضبط.
كريم (بيحاول يهدّى نفسه):
عايزة إيه، ناهد؟ أبويا طردني… إنتي جايه تعيدي نفس المشهد؟
ناهد (بابتسامة باردة):
جيت أشوف آخر نتايج تهديداتك… كنت هتروح لمحمود فعلاً؟
ولا كنت سكران كالعادة؟
كريم (بيشد نفس طويل):
أنا كنت غلطان… كتير.
بس دلوقتي، بحاول أبدأ من جديد.
كفاية وجع، كفاية خزي.
بس أنا مش قادر أفهم…
إنتي ليه عمرك ما حبّيتيني؟
أنا ابنك… ليه دايمًا بتكرهيني؟
ليه بتتمني تشوفيني واقع؟
ناهد (بضحكة ساخرة):
ابني؟!
أنا عمري ما حسيت بيك كابني.
إنت من أول يوم دخلت حياتي كنت عبء.
كنت دايمًا المختلف… اللي وجوده مش مفهوم.
وأنا ست ما بتطيقش الحاجات اللي مش مفهومة.
كريم (مقهور):
أنا طول عمري فاكر إن فيّ حاجة غلط…
بس يمكن الغلط مش فيّ.
يمكن الغلط في قلوبكم اللي عمرها ما عرفت تحب…
مش بس أنا، حتى بعضكم لبعض، كلكم كارهين بعض.
ناهد (بلهجة لاذعة):
لو فاكر إنك هتحسسني بالذنب، يبقى غبي زي ما كنت دايمًا.
أنا مش جاية أبرر، أنا جاية أقولك: لو قررت تفتح بقك بأي كلمة…
سعاد مش هتسكتلك.
وصدقني، هي مش هتسامحك.
كريم (بعين فيها دموع حابسة نفسها):
وأنا؟
أنا هافضل أعيش طول عمري أسأل نفسي: ليه؟
ليه أمي بتكرهني؟
ليه أبوي شايفني نقطة ضعف؟
ليه جدتي ما تعرفش غير كلمة "سلطة"؟
ناهد (ساخرة):
لأنك ببساطة مش منهم.
أقصد… مش زيهم.
كريم (بدهشة):
يعني إيه؟
أنا مش فاهم…
ناهد (بتدارك بسرعة، بشيء من الذعر):
ولا حاجة… قصدي إنك ضعيف… مش زيهم في القوة والسيطرة.
كريم (ساكت لحظة، عينه بتراقبها):
أحيانًا بحس إني غريب وسطكم…
بس للأسف، ده كل اللي عرفته.
ناهد بتلف وشها، بتحاول تبين عدم اهتمام:
عيش بسلام… لو قدرت.
بس متنساش… إحنا اللي ربيناك.
كريم (بصوت خافت):
آه… ربيتوني على الإهمال، وعلى الجراح اللي مش بتخف.
ناهد بتخرج، وكريم بيقفل الباب وراها بهدوء…
بيرجع يقعد، وبيمسك صورة قديمة له وهو طفل في حضن سعاد، وناهد واقفة وراهم ملامحها ناشفة.
كريم (بهمس):
أنا مش فاهمك يا "ماما"…
بس يوم ما أفهم، يمكن ألاقي نفسي أخيرًا
**********************
– فيلا خالد – غرفة المعيشة – ليلاً
الغرفة مزينة بذوق راقٍ، لكن الجو مشحون، والهواء ثقيل من كتر الخبث اللي فيه. سعاد قاعدة على الكرسي الكبير، لافّة شال ثقيل حوالين كتفها، وكوب شاي بيدها، وناهد بتتمشى قدامها ذهابًا وإيابًا بقلق وغضب مكتوم.
ناهد (وهي تفرك إيديها بعصبية):
أنا حاسة إنه بدأ يتغير يا ماما سعاد... عينه بقت تهرب مني، وبيسكت كتير، ساعات بلاقيه بيبكي في أوضته زي الجبان
سعاد (برشفة شاي باردة):
ضعُف... الخوف بيهده، والندم بياكل قلبه. بس الندم ما يمسحش الدم اللي في رقبتنا.
ناهد (بتهمس بحدة):
لو خاف... هينطق. لو نطق… كل حاجة راحت.
أنا مش هسمح له يا ماما سعاد… مش بعد السنين دي كلها، مش بعد اللي عملناه
سعاد (بابتسامة شيطانية خافتة):
يبقى نخلص عليه… من غير فضايح، من غير صياح ، من غير شوشرة
ناهد (بلهفة):
بس إزاي؟ هو مش هينفع يموت كده فجأة… الناس هتشك!
سعاد (بهدوء):
هيموت مريض… قلبه تعبان، ومخه مليان وساوس…
هنخليه ينهار، واحدة واحدة.
الأدوية اللي بياخدها، نبدلها… نضيف لها حاجات صغيرة، بس فعّالة.
ناهد (بغمزة خبيثة):
واللي معاه في الشغل؟ لو حسوا؟
ده بدأ يقول للسكرتيرة بتاعته إنه عايز يكتب وصيته…
اسمه دخل في قضايا زمان، وبيتهيألي بدأ يخاف يرجعوا يفتحوا الملفات القديمة.
سعاد (بنظرة ثاقبة):
أسيبه يكتب وصيته… بس لازم أكون أنا الوريثة الشرعية.
أنا اللي شقيت عليه، أنا اللي ربيته بعد موت أبوه، مش هسيب لحد ياخد حاجة.
ناهد (بحذر):
يعني نخلّيه يكتب وصية جديدة؟
لو وافق، هيبقى ممتاز. ولو رفض…؟
سعاد (ببرود جليدي):
يبقى يموت قبل ما يرفض.
لحظة صمت مرعب بين الاثنين، صوت ساعة الحائط يدق بصوت ثقيل
ناهد (بصوت منخفض):
وإنتي فاكرة إن اللي حصل من 25 سنة ممكن يختفي لو مات؟
لو رجعت شيرين، أو حد عرف الحقيقة… كل حاجة هتولع.
سعاد (وهي تضيق عينيها):
شيرين مش هترجع… ولو رجعت، مش هتقدر تقول كلمة.
أنا اللي خيطت فمها بخيوط العجز، وشلت منها حتى القدرة على الصراخ.
ناهد (تبتسم لأول مرة، بنبرة انتصار):
وتارا… دي طلعت زي أمها زمان، بس بدم نار.
هي دلوقتي بتحسبها على عيلتها، و احنا اللي زرعنا فيها الكره…
بس عمرها ما هتعرف الحقيقة.
سعاد (بغمضة طويلة):
بس مازن… الدكتور ، دا قلبي بيقولي إنه حاس بحاجة.
العيون دي شافت أكتر مما المفروض تشوف.
أنا دايمًا بخاف من العيون الهادية.
ناهد (باحتقار):
سيبيني له… أنا أعرف أكمّم صوته زي ما كمّمتي فم اخته من قبل
سعاد (وهي تقف وتضع يدها على كتف ناهد):
اسمعيني كويس… إحنا بدأنا القصة بدم، ولازم نختمها بدم.
خالد لازم يموت… وشيرين تبقى مجرد ذكرى في غرفة مغلقة،
وتارا؟ نوجه غضبها، نخليها سلاح في إيدينا… مش ضدنا.
ناهد (بعيون تلمع شر):
وأدهم؟ إبن شيرين؟ ده خايف، وطيب زيادة… سهل نلعب عليه.
سعاد (بصوت مشوّه بالغدر):
كلهم عرايس…
وإحنا اللي بنحرّك الخيوط
فجأة ناهد (تجلس قبالة سعاد وتهمس بقلق):
خالد ضعف، بدأ يحس بالذنب... وده أسوأ وقت يخونه فيه قلبه. لو اتكلم كريم... كل البلاوي هتتفجر، وأنا مش ناوية أضيع كل اللي بنيّاه سنين.
سعاد (بخبث):
يبقى لازم نخرسه قبل ما يفتح بقه... الولد ده، مش لازم يخرج من تحت السيطرة... أو من الدنيا دي.
ناهد (نظرة مريبة):
تفكري فـ...؟
سعاد (تبتسم ابتسامة باردة):
كل حاجة واردة... بس خليني أجهزها على طريقتي. هو فاكر نفسه ذكي؟ أنا اللي علمته المكر... هنلعب لعبته، بس إحنا اللي هنفوز.
ناهد (بهمس):
وهو اللي هيكون أول ضحية
ناهد (تخفض صوتها وهي تقترب أكثر من سعاد):
بس مش كريم بس اللي عامل لنا مشكلة... في مصيبة تانية يا سعاد.
سعاد (تقطب حاجبيها):
مصيبة إيه تاني؟ مش ناقصين!
ناهد (بنبرة متوترة):ماريا... الممرضة اللي كنتي بتدفعي لها عشان تبدل أدوية شيرين... اختفت.
سعاد (تتجهم وتهمس بعصبية):عارفة... مش بترد على مكالماتي ولا رسائلي... حسيتها لما طارت من قدامهم كانت ناوية تهرب بعيد.
ناهد (بحذر):مش بس كده... سمعت إن البنت، تارا... بنت شيرين، شكت في ماريا... وكادت تقتلها بنفسها.
(تصمت لحظة)
تارا دي مش سهلة زي ما فكرتي.
سعاد (بغضب مكتوم):بنت ال....! واضح إنها مش وارثة حاجة عن امها شيرين الهبلة العبيطة... بس مهما حصل، ماريا مش هتفتح بؤها. عارفة كويس إن حياتها نفسها هتروح لو نطقت.
ناهد (بقلق):وإنتي ضامنة ده؟ لو وقعت ماريا في إيد حد... أو لو فكرت تحتمي عند محمود أو ولاده؟
سعاد (بقسوة):ماريا أجبن من كده... بتخاف على نفسها أكتر من أي حد...
(تتوقف لحظة، ثم تهمس)بس احتياطًا... أنا بعثت ناس يدوروا عليها... لو لقيناها قبل ما حد غيرنا يلاقيها، كل شيء هينتهي قبل ما يبدأ.
ناهد (تومئ وهي تعصر يديها بقلق):ربنا يستر... مش ناقصنا لا تارا ولا كريم! بقينا محاصرين من كل اتجاه.
سعاد (بصوت شيطاني منخفض):كلهم هيسكتوا... بالقوة أو بالخوف... واللي مش هيسكت، هنسكته للأبد!
[تتبادلان نظرات شريرة، بينما تخيم على الغرفة أجواء خانقة ومليئة بالخيانة والمخططات السوداء.]
سعاد وناهد لا تزالان جالستين في الصالون، تتبادلان الحديث بخبث عن كريم وماريا وتارا. فجأة، يرن هاتف سعاد
سعاد (تنظر للهاتف بتجهم):رقم مجهول؟
(تجيب بتوتر خفيف)ألو؟
الصوت المجهول (هادئ في البداية، لكن نبرته مرعبة):
مساء الظلام يا سعاد هانم... أو أقول لك: عجوزة الجحيم.
سعاد (تشد الهاتف بقوة ووجهها يتجمد):مين؟ مين حضرتك؟
الصوت (يضحك ضحكة طويلة مستفزة، منخفضة، كأنها تأتي من قاع جهنم):نسيتي؟ دايمًا تنسي ضحاياكي يا سعاد... بس أنا... ما نسيتك.
(يصمت لحظة)
نسيتي شيرين؟ بنت أخوك؟ اللي كان الكل يحبها؟
(بصوت خافت كأنما يهمس في أذنها)
نسيتي يوم خليتي اخوكي محمود يطردها في عز التلج؟ نسيتي لما دفعتِ للدكتور يبدّل الحقائق؟ لما خطفتِها، وحطيت فيها جنين غصب عنها؟
سعاد (ترتعش يدها):إنت... إنت بتخرف! مين إنت؟!
الصوت (بضحكة أخطر):أنا اللي شايفك دلوقتي... أنتي وناهد قاعدة قدامي، في الصالون، جنب الأباجورة اللي لونها ذهبي مائل للنحاس...
(ببرود مميت)ركزي معايا يا سعاد... كاميرات... في كل زاوية من فيلتك.
[ناهد تتجمد في مكانها، تنظر حولها برعب.]
ناهد (بهمس):في كاميرات؟! انتي جبتي كاميرات؟
سعاد (تهمس وهي تلهث):لا... ما جبتش! مين دا؟!
الصوت:عارفة إني شايفك وانتي بتخططي مع ناهد تقتلوا خالد؟ وتخلصوا من كريم؟
(بصوت ساخر مرعب)ما أروعك... قتلتِ سليم، وحرّضتي على تارا، وحولتي شيرين لتمثال مشلول...
بس خليني أقولك حاجة...
كل شيء هيرجعلك، أضعاف.
سعاد (تصرخ في الهاتف):إنت مين؟! عايز إيه؟!
الصوت (بهمس يشبه الزحف):عايز أشوفك... بتتحرقي
(ثم ضحكة مجنونة تعلو... ثم صمت، وينقطع الاتصال.)
[تسقط سعاد الهاتف من يدها، تتراجع للخلف وهي ترتعش.]
ناهد (بصوت مرتجف):مين دا؟ مين يعرف كل دا؟! دا لو قال حاجة من اللي سمعه... إحنا هنتدفن أحياء!
سعاد (بصوت مبحوح):دا شيطان... شيطان رجع ينتقم مني!
(تنظر نحو الباب والستائر والحوائط بجنون)
لازم نلاقي الكاميرات! لازم نلاقيه قبل ما يلاقي هو طريقة ينهي كل حاجة
*********************
في فيلا الشرقاوي، قاعة الجلوس. الجميع مجتمعون في توتر واضح. شيرين اختفت، والقلق ينهشهم. تارا جالسة على طرف الأريكة، نظراتها شاردة، يداها مشدودتان، وعيناها كأنها لا ترى أحدًا
صفاء (الجدة، بصوت مرتعش):مش قادرة أصدق... شيرين، اللي حتى ما بتقدر تمشي، تختفي كده فجأة؟!
(تتلفت نحو زين)
ما قلتليش يا زين، إزاي دا ممكن يحصل؟!
زين (واقف، واضع يديه في جيوبه، بجدية):من الناحية الطبية؟ مستحيل تتحرك لوحدها. حالتها مش بتسمح.
(ينظر نحو إياد):لازم يكون في حد ساعدها. وإلا في شي أكبر من اللي باين.
إياد الشرقاوي (بحدة):وإنتو لسه بتفكروا؟ في شي واضح!
(يشير بثقة نحو ثريا)
البنت (يقصد تارا) كانت هتقتلها! ليه؟ لأنها الوحيدة اللي عندها دافع.
(ينظر إلى ثريا):طول عمركي بتكرهي شيرين. وكنتِ دايمًا بتتمنينها تختفي.
ثريا (بغضب وانكسار):أنا؟! أنا ما عملتش حاجة!
(تنظر للجميع):
أنا مظلومة... أنتو مش عارفين كل حاجة... مش عارفين إني...
(تتوقف فجأة عن الكلام، تبتلع غصتها وتنظر للأرض.)
ياسر (هادئًا ولكن حازم):يا جماعة، بلاش نرمي اتهامات بدون أدلة. في شي غامض فعلاً، بس لازم نفكر بعقل.
تميم (ينظر نحو تارا بقلق):
بس تارا... ساكتة ليه؟ إنتِ أكتر حد كان قريب من امك طنط شيرين
(يقترب منها، يركع أمامها):بصيلي يا تارا، لو عندك أي فكرة... أي خيط... قولي.
تارا (بصوت خافت جدًا):يمكن... يمكن ماما ما اختفتش...
(ينظر إليها الجميع بدهشة)
يمكن... هي اللي اختارت تختفي...
صفاء (بصدمة):تختفي؟! ليه؟! دي مشلولة يا تارا!
أدهم (واقف خلف أخته واضعًا يده على كتفها):تارا تقصد... إن في شي خلّى أمي تهرب... أو... في شي خلاها تلاقي طريقة!
إياد العطار (بقلق حقيقي):تارا، إنتي مخبية حاجة؟
(يقترب منها، بنبرة حنونة):إنتِ بتخوفيني... بتفكريني بشخص تاني...
تارا (تنظر له لأول مرة، بعينين لامعتين خاليتين من الحقد و الكره):في حاجات كتير إنت ما تعرفهاش يا إياد...
(تخفض عينيها من جديد): حاجات لو عرفتَها... يمكن ما تبصليش تاني زي دلوقتي.
زين (بقلق متزايد):لازم نبلغ السلطات أكتر... نخليهم يوسعوا دائرة البحث...
تارا (تهمس لنفسها، بصوت بالكاد يُسمع):اللعبة بدأت... واللي خطف ماما... فاهمني أكتر منكم كلكم...
فجأة تارا ترفع رأسها ببطء، نظرتها متبدلة، صارمة، مظلمة… كما لو أن وحشاً استيقظ في أعماقها
تارا (بصوت بارد، عميق، وعيونها تلمع بشر):عرفت…
(الكل يلتفت نحوها بسرعة)
أدهم (متوترًا):تارا؟ عرفتِ إيه؟!
تارا (تنظر إلى الفراغ، وكأنها ترى طيفًا من الماضي):اللي خطف ماما... مش بعيد يكون هو…
(تلتفت ببطء نحو الجميع)طارق.
زين (بحيرة):طارق مين؟!
تارا (تنهض واقفة، يداها ترتجف من الغضب):طارق، اللي ظهر بعد موت بابا الله يرحمه...
اللي حاول يتقرب من ماما، المشلولة!
(تنظر بحدة نحو تميم وياسر)عشان يسرق فلوسها… فلوس بابا.
الجدة صفاء (بدهشة تامة):إنتي بتقولي إيه؟!!
شيرين لسه حزينة على سليم ، ومريضة… وده كان عايز يتجوزها؟!
تارا (بحدة):مش بس كده… كان مستعد يعمل أي حاجة!
سارة بنته كانت بتيجي عندنا، تحاول تتقرب مني زي الأفعى، بس أنا كنت فاهماهم من أول لحظة.
عادل (بغضب مكتوم):ليه ما قولتوش؟!
ليه خبّيتوا كل ده عنّا؟!
أدهم (بتنهيدة ثقيلة):لأن ماما طلبت مننا ما نحكيش… كانت خايفة من الفضيحة، ومن إنه يضركم.
ثريا (بابتسامة ساخرة):بس شوفي المصيبة، هو اختفى، وهي اختفت…
(تنظر إلى إياد الشرقاوي):ولسه بتقولوا إني أنا اللي ورا الموضوع؟!
تميم (يتجاهل ثريا):طيب، في حد شافه آخر فترة؟ عايش فين دلوقتي؟ عنده علاقات هنا في مصر؟
تارا (تبدأ تمشي في الغرفة، كأنها تخطط لحرب):لا… حسب آخر الأخبار هو رجع مصر من فترة قصيرة ، بس لو هو فعلاً ورا اختفاء ماما… فأنا اللي هلاقيه…
(تبتسم ابتسامة جانبية باردة)
وأخليه يندم إنه اتولد.
إياد العطار (مصدوم من التحول المفاجئ في شخصيتها):تارا... إنتِ مش بخير…
(بهمس):في شي فيكي مخيف…
تارا (تلتفت إليه، نظرتها نار):لو كنت بتحبني يا إياد… خليك جانبي.
بس ما تحاول توقفني.
زين الشرقاوي (بصوت حاسم):إحنا لازم نبلغ الشرطة، نحط اسم طارق على قائمة المراقبة فورًا…
(ينظر نحو ياسر وتميم)أنتوا ضباط، تبدأوا التحرك فورًا.
ياسر (يشد أكمامه بجدية):اعتبروا الموضوع صار رسمي.
تميم (ينظر نحو أدهم):وإحنا نبدأ نحقق مع أي حد كان له صلة بطارق أو بنته سارة.
أدهم (ينظر إلى تارا بقلق):بس انتي… لازم تهدي يا تارا
تارا (بصوت ميت):أنا ضيعت ماما مرة… المرة دي، لو ما رجعتش… هضيعهم كلهم
*******************
بعد فترة قصيرة تارا وصلت فيلا طارق زي العاصفة، فرملت العربية بعنف قدام البوابة ونزلت منها وهي بتنهج من الغضب. ماستنتتش حد يفتح لها، زقّت الباب بقوة ودخلت كأنها نار مولعة و معاها ادهم و ياسر
جوه، كان طارق قاعد بهدوء في صالة كبيرة، ماسك كوباية في إيده، وسارة واقفة عند السلم، بتتفرج على دخول تارا وهي بتضحك بسخرية
طارق (ببرود): "ياهلا… زيارة على غفلة!"
تارا (وهي بتصرخ ومولعة غضب): "إنت اللي عملت كده، صح؟ إنت اللي خطفت أمي، يا ابن الـ...!"
طارق بصّ لها من غير اهتمام، حط كوباية المشروب على الترابيزة وقام من مكانه براحة
طارق: "أوه… يعني الأميرة الصغيرة مش لاقية أمها؟ وماله؟ عايزاني أعملك إيه يعني؟"
الغضب اشتد في تارا، لقطت أول حاجة جنبها – فازة فخمة – ورمتها بكل قوتها في الحيطة، اتكسرت حتت. وبعدها بدأت تخرب في كل حاجة حواليها: الترابيزات، التحف، أي حاجة تقع في إيديها
سارة (بتضحك بسخرية): "واو… المنظر ده محتاج كاميرا! واضح إن انهيار الأعصاب وراثة في عيلتكم!"
تارا وقفت لحظة، وبعدها لفت على سارة بنظرة كلها نار. مشيت ناحيتها بخطوات تقيلة، وطلعت مسدس من شنطتها ووجهته عليها على طول
تارا (بصوت واطي بس مرعب): "عيدي اللي قولتيه… لو كنتي قدها!"
سارة اتسمرت لحظة، بس بسرعة رجعت لوقاحتها ورفعت حواجبها بتحدي
سارة: "هتضربيني بالنار؟ قدام أبويا؟ يلا، وريني!"
فجأة، تارا لفت بسرعة على طارق ووجهت المسدس على دماغه، عنيها بتولّع، وإيديها ثابتة، والغضب مغيّبها عن الدنيا
تارا (بصوت عالي): "أمي فين؟ اتكلم قبل ما أفرّغ الرصاص فيك إنت وبنتك الكلبة دي!"
طارق رفع إيديه باستفزاز، بس عينيه فيها لمعة خطر
طارق: "هتقتليني؟ ههههه… عندك نفس وحشية أبوكي، بس لسه متعرفيش تلعبى اللعبة صح، يا عيلة!"
تارا شدت صباعها على الزناد أكتر، بس فجأة سمعوا صوت صريخ من وراها
أدهم (وهو بيزعق ومسك دراعها بقوة): "تارا، سبّي السلاح حالًا!"
دخل أدهم وياسر بسرعة، أدهم اندفع على تارا ومسك دراعها، وياسر وقف ما بينهم وبين سارة
أدهم (بصوت عالي): "مش هتقتلِي حد! سبّي المسدس دلوقتي!"
تارا بتحاول تفلت، بس كانت غرقانة في الغضب، ودموعها نازلة على وشها بحرقة
تارا (بتصرخ): "هو السبب! هو اللي بوّظ كل حاجة! دمّر أمي، دمّر حياتنا، ولو مش هو اللي خطفها، فأكيد يعرف مين اللي عملها!"
ياسر بيحاول يهديها، وأدهم بياخد المسدس منها بالراحة رغم عنادها، وبعدها حضنها بقوة
أدهم (بهدوء وهو ماسكها): "هنلاقيها… بس مش كده. مش بالطريقة دي، تارا!"
تارا انهارت بالبكاء، وكانت ماسكة في قميص أخوها كأنها بتتشبث بيه علشان ماتغرقش في سكة الغضب والضياع
أما طارق، فكان واقف بيتفرج على المشهد كله وهو بيبتسم ابتسامة غامضة، وسارة كانت عاقدة دراعها ومبسوطة كأنها بتتفرج على فيلم
طارق (بهمس): "دلوقتي… اللعبة بدأت بجد."
بعد ما هديت تارا شوية في حضن أدهم، رفعت راسها وبصّت ناحية سارة، واللي كانت واقفة لازقة في الحيطة، مكتفة إيديها، وبالها واسع كأنها بتتفرج على مسرحية كوميدية. الضحكة الشريرة على وشها كانت كفاية تشعل النار جوا تارا من تاني
وفجأة، تارا خلعت من حضن أدهم، وقبل ما حد يلحق يوقفها، هجمت على سارة زي اللبوة، مسكتها من رقبتها بكل عنف، وزقتها في الحيطة بكل قوة
تارا (بعصبية وجنون): "بتضحكي؟! بتتشفي فيا؟! إنتي مين أصلاً عشان تتفرجي على عذابي وتتبسّطي؟!"
سارة بدأت تلهث، بتحاول تفك إيد تارا عن رقبتها، بس مفيش فايدة، ماكانش عندها القوة. ضحكتها اتحولت لرعب حقيقي، وحسّت لأول مرة إن تارا ممكن تقتلها بجد
سارة (بصوت مبحوح): "إ-إبعدي... عني!"
حاولت تضرب تارا، بس التانية كانت مولعة، عنيها بتولع نار، وكل جواها بيصرخ انتقام. شافت في سارة صورة كل اللي كسرها
تارا (بحقد): "إنتي وأبوك خرّبتوا حياة أمي… خرّبتوا حياتنا! ودلوقتي... هخلّيكي تحسي بالخوف اللي زرعتوه في قلوبنا طول عمرنا!"
سارة بتتلوى ومش قادرة تتنفس، وشها بيزرق، ودموعها بتنزل من الخوف… عقلها بيصرخ: "هاموت… تارا هتقتلني!"
بس فجأة، تدخلت إيدين قوية
أدهم (بصوت حازم): "تارا! كفاية بقى!"
بيحاول يشدها، بس تارا كانت بتقاوم بجنون، مش راضية تفك قبضتها
ياسر (بقلق): "هتقتلّيها! فوقي يا تارا!"
بس اللي خلص الموقف كان طارق نفسه، دخل بسرعة ناحية بنته، وزقّ تارا بعيد عنها بعنف، كانت هتقع لولا أدهم مسكها
طارق (بغضب): "لو لمستِ بنتي تاني، هتشوفي وش تاني لطارق، الوش اللي الكل بيخاف منه!"
سارة بتسعل جامد، بتحاول تاخد نفسها وهي ماسكة على رقبتها، وببص لتارا بخوف حقيقي، عرفت إنها كانت فعلاً هتموت
سارة (بصوت مرتعش): "مجنونة… دي مجنونة!"
لكن تارا كانت خلاص خرجت بره سيطرتها، عنيها كلها كره ووعيد، بتبص لطارق
تارا (بهمس مرعب): "آخر تحذير يا طارق… لو ليك يد في اللي حصل لأمي، حياتك هتبقى جحيم! اللي حصل دلوقتي كان مجرد بداية!"
طارق بيقرب منها، مبتسم ابتسامة باردة، عنيه فيها خبث
طارق (بهدوء يستفز): "إنتي فاكرة نفسك بتلعبي مع الكبار؟ المشكلة إنك لسه مش فاهمة قوانين اللعبة!"
تارا هاجت عليه، بس أدهم مسكها من دراعها وشدّها
أدهم (بحزم): "خلاص! مفيش لازمة نضيع وقتنا هنا… نرجع ندور على ماما، بدل ما نضيع وقتنا في مكان وسخ زي ده!"
بص لياسر، اللي وافق بهزة راس، ومسك دراع تارا التانية، وخرّجها مع أدهم من الفيلا
سارة واقفة مكانها، بتحاول تلم نفسها، عنيها بتراقبهم وهم ماشيين بخوف، وبعدين بصّت لطارق اللي لسه واقف مبتسم
سارة (بصوت مبحوح): "بابا… البنت دي كانت هتقتلني!"
طارق بص لها ببرود، وحط إيده على كتفها
طارق: "وهو ده بالظبط اللي كنت عايزك تشوفيه، يا حبيبتي… علشان تعرفي إن تارا مش خصم عادي… دي وحش… ولازم نعرف نصطاد الوحوش إزاي!"
جسم سارة بيرتعش، بس هزت راسها بالموافقة… دلوقتي فهمت إن الحرب بدأت بجد
*☆يتبــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع☆☆*
رواية لهيب العشق الفصل السادس عشر 16 من هنا
الرواية كاملة من هنا (رواية لهيب العشق)