رواية بين هم ووهم عبر روايات الخلاصة بقلم ٱية شاكر
رواية بين هم ووهم الفصل الأول 1
- إنت دكتور نفسي متنكر! وبابا باعتك تتابعني؟
- وهو باباكِ حاول يوديكِ لدكتور نفسي قبل كده!
- لأ بس دائمًا يقولي إني محتاجه.
ضحك وسكت لحظة وبعدين قال بابتسامة بسيطه:
- لا اطمني أنا خريج كلية تربية إنجليزي.
بصيت حوليا، وقلت بارتباك:
- طيب امشي بقا عشان وقفتنا كده متصحش.
- إنتِ اللي وقفتيني فجأه في نص الشارع.
- عشان إنت طول الوقت بتبص عليا ومركز معايا.
وبعد نظره سريعة لملامحه، قلت:
- وكمان ملامحك مألوفه أوي، هو إحنا قرايب؟
هز رأسه بالنفي، ولما بصيتله جت عيني في عينه فاتنفضت وارتبكت، قلت بصوت مهزوز:
- آآ... أنا ماشيه.
رجعت لأصحابي اللي طلبوا مني التحدي ده لأني بتكسف أكلم رجاله! في البدايه رفضت فقالوا عني جـ ـبانه وضعيفه! فقررت أنفذ التحدي عشان أثبتلهم إني أقدر أعمل أي حاجه.
والتلاته كانوا واقفين متابعيني من بعيد، وطبعًا دا مكنش أي شاب دا مستر «أحمد» سكرتير مدرس الانجليزي. كان بيبصلي ومركز معايا لكن عمرنا ما اتكلمنا إلا في تفاصيل الدرس. وكنت بلبس أحسن لبس وأنا رايحه درس الإنجليزي عشانه.
أول ما وصلت لأصحابي قالت واحده فيهم:
- أهلًا بالبطله.
- منكم لله، ياريتني ما سمعت كلامكم أكيد زمانه افتكرني مجنـ.ـونه!
قالت ريهام:
- وهو المطلوب إثباته.
وردت «ضحى» الأقرب ليا من بينهم:
- متزعليش كده كده دا أخر يوم لينا في الدرس، وخلاص مش هنشوفه تاني.
من غير كلمه مشيت وسيبتهم كالعاده ماشيه لوحدي والدموع متعلقه على رموشي، دايمًا مقموصه وزعلانه من الدنيا كلها، مع إني مش بظهر لحد بالعكس ابتسامتي دايمًا منوره على وشي، لكن فيه جوايا مـ ـعارك وصـ ـراعات محدش شايفها.
دايمًا حاسه إن أصحابي بيكرهوني وبيرتبولي حاجه، وممكن تكون واحده فيهم صورتني وأنا واقفه مع أحمد وهتبعت لبابا!
ما هي دي أكبر مشكله في حياتي إني سيئة الظن في الناس، فتلاقوني ببعد فجأه بدون مقدمات.
حتى البقال اللي قصاد البيت حاسه إنه بيكرهني وبيحسدني وبيتكلم عني مع مراته عني عشان كده مبقتش أشتري من عندهم.
🍃🍃صلوا على خير الأنام🍃🍃
وبعدما رجعت البيت قررت أحكي لصديقة إلكترونيه أكبر مني بـ ١٠ سنين اتعرفت عليها من فترة، فردت:
- اللي عملتيه ده غلط يا إيناس.
- ما أنا كان لازم أعمل كده أصحابي قالوا عني جـ ـبانه، مش كفاية كل واحده فيهم ليها حبيب إلا أنا لسه بشرب حليب.
- أصحابك دول مش شبهك وإنتِ محتاجه تدوري على ناس شبهك.
- هما دول اللي أعرفهم من صغري ومش بحب أتعرف على ناس جديده، أنا أصلًا سيئة الظن جدًا وشايفه كل الناس وحشه.
- اللي بتقوليه ده مش مشكلتك لوحدك، أنا كمان زيك بسيء الظن في الناس وبالنسبالي العلاقات مرهقة فبحاول أخلي كل علاقاتي سطحيه، بخاف أقرب من حد فأتوجع.
🍃🍃استغفروا🍃🍃
مرت ٣ سنين بسرعة البرق، مش عارفه امته بقيت طالبه جامعية، كبرت وسحبتني أمواج الحياة لنص البحر وأنا لسه مبعرفش أعوم.
يا صغيره على الهم يا أنا!
سمعت جدي بيتكلم مع حد بره البيت فقمت أبص من الشباك، قال:
- لأ ومتفكرش إنك عشان جبتلنا ورد وصالحتنا على بعض هوافق يا مسعود.
- مسعود مين يا حاج أنا أحمد!
بصيت من الشباك فشوفت جدي واقف جنب جدتي وماسكين ورد في أيديهم، وقصادهم «أحمد» اللي استغربت إنه عايز يأجر في العماره بتاعتنا، يا محاسن الصدف! دي أكيد قصة حب جيالي لحد باب البيت. ياالله على المتعه!
ساب جدي «أحمد» واقف حيران ودخل البيت، فقال أحمد بصوت عالي:
- يا حاج، طيب نتفاهم... طيب هاتوا حساب الورد طيب.
نفخ «أحمد» بضيق، ورفع رأسه لفوق فاستخبيت ورا الستاره.
سمعته بيكلم واحد صاحبه:
- ايوه يا عم، هو الراجل ده بيعاني من مرصٰ معين؟ دا بهدلني يا عم بقالي ساعه بحاول أقنعه يوافق يأجرلي الشقه... خلاص هستنى الأستاذ مسعود أمري لله.
وأول ما حط الموبايل في جيبه، ناداه جدي من البلكونه:
- يا مـــســــعـــــــــــود، اطلع واقف تحت ليه.
نفخ «أحمد» وهو بيقول:
- هو يوم باين من أوله.
دخل «أحمد» البيت ووقفت ورا العمود، أسمع الحوار بينه وبين جدي، قال أحمد:
- أولًا أنا مش مسعود أنا اسمي أحمد و...
قاطعه جدي:
- وجاي من طرف حسنين وعاوز تأجر شقه هنا في البيت.
رد «أحمد» باستغراب:
- بالظبط كده، الله ينور عليك يا حاج، طيب ما هو حضرتك شغال أهوه، أومال ليه سايبني بقالي ساعه بحاول أفهمك، وخلتني روحت اشتريت ورد.
تجاهل جدي كل كلامه وقعد على الكرسي حط رجل على رجل وقال:
- ها يا أحمد قولي شايف نفسك فين بعد خمس سنين؟
- شايف نفسي هنا في الشقه اللي في الدور التالت إن شاء الله.
- وأنا موافق، بس إنت بقا يا أحمد عايز تأجر هنا ليه؟
- جايلي شغل في مدرسة خاصة قريبه من هنا، ما أنا مدرس لغة إنجليزية.
وفي اللحظة دي وصل والدي ورتب مع أحمد كل حاجه.
ولما مشي أحمد عاتب بابا جدي بلطف:
- ليه كده يا بابا ضايقت الراجل؟
- لازم يتعب عشان يحس بقيمة الشقه اللي هيسكن فيها.
- دا كده هيطفش مش هيحس بقيمة الشقه.
قالها بابا وبص لجدتي المبتسمه وقال:
- وإنتِ سكتاله يا أمي؟
استنشقت جدتي الوردة اللي في ايديها وقالت:
- طاعة الزوج واجبه، ولا آجي على أخر أيامي وأخيب بقا.
ضحك جدي ومصمص بشفايفه وهو بيقول بفخر:
- ونِعم الزوجة! أنا اللي ممشيها.
وكمل بضيق وسخرية:
- مش زيك مراتك هي اللي ممشياك، تقولك يمين تروح يمين، شمال تروح شمال.
ضحكت، ولما بصلي بابا سكت.
جدي وجدتي دايمًا بينهم وبين أمي مشاكل، وأنا دايما في صفهم وأمي مسمياني «بنت ستها».
دخلت أوضتي وقفلت على نفسي، نفسيتي كانت تعباىٰه ومرهقة فرجعت أفتح الأكونت الوهـ..ـمي باسم «الدكتوره هاجر» عملته من سنتين، كنت بكلم شباب عليه، بستمتع لما أتكلم مع شاب وأضايقه لفتره وبعدين أعمله بلوك أو بعملي بلوك وانتهى الحوار!
بحثت عن اسم «أحمد» لكن موصلتهوش، فظهر قدامي أكونت شاب شكله وسيم، اسمه «إسلام» فدخلت أكلمه...
- عامل اي؟ ممكن نتعرف؟
رد بسرعه:
- مين؟
- أنا الدكتوره هاجر.
- هاجر بنت خالتي؟
- لأ واحده تانيه بس معجبه بيك.
- على ايه؟
- شاب وسيم، عجبتني صورته الشخصية؟
بعتلي:
- ربنا يهديكِ.
فضحكت وكتبت:
- يارب ويهديك يا إسلام.
وقفلت الأكونت وأنا بضحك.
وروحت أبعت رساله لـ سحر:
- تفتكري بقا يا سحر دي إشاره إن أحمد يسكن هنا!
- بقولك إيه خليكي سيئة الظن في الحته دي بالذات، إوعي تسيبي قلبك يا بت.
- متقلقيش عليا.
وآه لو تعرف إني سايبه قلبي من زمان أصلًا.
🍃**سبحان الله وبحمده**🍃
مر شهر وأنا متابعه أحمد وهو خارج من البيت وداخل للبيت، أد إيه شاب جنتل، صحيح أكبر مني بـ ١٥ سنه بس معجبه بيه من زمان أوي واتجددت المشاعر لما رجعت شوفته.
حكيت لأصحابي عنه وإني عايشه قصة حب فريدة من نوعها، كان عندي احساس إنها هتنتهي بالجواز ان شاء الله.
كنت بستخبى منه لسه ميعرفش إني ساكنه هنا.
بسمع صوته وصوت ضحكته كل ليلة وهو بيتكلم في الموبايل في البلكونه.
وكنت كل ما أحاول أظهرله نفسي برجع في كلامي.
وفي يوم شوفته بيقابل بنت زي القمر وواخدها معاه على شقته، أكيد أخته، لازم نحسن الظن طبعًا!
وقررت أتعرف عليها، فتربصت لحد ما نزل أحمد وطلعتلها بطبق فيه كيك.
استقبلتني بترحيب، عرفتها بنفسي وعرفتني بنفسها وإنها اسمها «رحاب» بتدرس في كلية التجاره في أخر سنه، قلت بابتسامة:
- إنتِ اعتبرني أختك يا رحاب، أي حاجه تحتاجيها، نادي وقولي يا إيناس.
- تسلمي يا إيناس كلك ذوق.
اتكلمت معاها فتره، كانت بنت مؤدبة ومحترمة وجميلة، وعروسه حلوه لأخويا الكبير زياد هو كمان مخلص تجاره من ٣ سنين.
أرسلت لنفسي إضافة من صفحتها على الفيسبوك، ونزلت بسرعه عشان أخد جوله في صفحتها وأوصل لأكونت أحمد.
وهنا كانت المفاجأة اللي خلتني أضحك وأعيط في نفس الوقت.
********
- طلع متجوز يا سحر، طلعت مراته.
- وإنتِ مالك زعلانه ليه؟
- عشمت قلبي بقصة حب واتخذلت، شوفتِ أحسنت الظن في غير موضعه.
- تستاهلي عشان حذرتك.
- شمتاىٰه فيا طبعًا.
- للأسف.
رميت الموبايل بزهق لما شوفت ايموشن الضحك اللي بعتاه سحر.
مكنتش عارفه هقول لأصحابي إيه!
كنت عايزه أتحٰانق بسرعه قبل ما أكتئب، فتحت الأكونت الو*.همي
لقيت «إسلام» فاتح فبعتله رسالة:
- كلكوا زي بعض.
رد بسرعه:
- إنتِ تاني؟ يا بنتي هعملك بلوك!
- ومعملتش ليه؟ فرحت إني معجبه بيك؟
- إنتِ عايزه اي؟
- عايزه أقولك إن كلكوا صنف واحد، عايزه أتحٰانق وأعلي صوتي وأقولك إني بكرهك.
- طيب ماشي، حاجه تاني؟
سكت شويه وأنا بقرض شفايفي، وبعدين بعتله:
- ممكن نتعرف؟
- إنتِ طلعتيلي منين؟ أنا مش فاضيلك؟
- إنت متجوز؟
- لأ ومش هتجوز.
- الله! سايكو ومعقد بموت في النوع الصعب ده.
كنت مبسوطه وأنا بكلمه وبعد كام رسالة فيها شد وجذب بينا، اتعرفت عليه، اسمه إسلام شاب في أواخر العشرينات، كاتب ومترجم ودكتور علاج طبيعي.
مكونتش واثقه فيه طبعًا، عرفته بشخصية هاجر الدكتوره النفسيه الناجحه اللي بتتكلم ٨ لغات.
أسبوع كامل بنتكلم، بيحكيلي عن يومه، وبحكيله عن يومي بطريقة فيها شد وجذب لطيف.
وفي يوم صحيت من النوم الظهر لقيته باعتلي لينك ومعاه رسالة:
- دا مقال كتبته ممكن تشوفيه.
- أكيد.
ابتسمت ودخلت اللينك ضغطت على حاجات كتير معناها إني موافقه بس مش عارفه على إيه! فتحت اللينك أكتر من مره لكن ملقتش المقال، فبعتله رساله:
- اللينك اللي بعته شكله مش شغال ولا إي؟
- لأ شغال وزي الفل، كل الحكاية إن كان عندي فضول أتأكد إنتِ الدكتوره هاجر ولا حد من أصحابي.
بصيت للشاشة وقلبي بيدق بسرعه وكأنه حس بنذير الحٰطر، كتبت وأنا ايدي بتترعش:
- اللينك كان هـ..ـاكر!!
- بالظبط كده.
شهقت ورميت الموبايل بعيد عني وأعصابي كلها بتترعش.
يتبع
