رواية الزمان وما يأتي به عبر روايات الخلاصة بقلم هاجر نورالدين
رواية الزمان وما يأتي به الفصل الخامس 5
_ إنت مين يابني؟
كان سؤال ماما لـ ياسر اللي خرجني من صدمتي،
كنت خايفة ينطق يقول آي حاجة.
وبرضوا مينفعش أتدخل أو أبين إني عارفاه عشان هتشُك أكتر،
كنت ببرقلهُ وبشاورلهُ ميتكلمش ويمشي.
إبتسملي إبتسامة مستفزة وخبيثة ورجع بص لـ ماما وقال:
= أنا في مقام إبنك يا خالتي، ما إنتِ زي والدتي برضوا.
إتكلمت ماما بعدم فهم وقالت بتساؤل:
_ أيوا يعني إنت مين وعايز مننا إي؟
إبتسم وقال بهدوء:
= ما أنا بقولك أهو زي إبنك، وجوزك يبقى أبويا.
جريت بسرعة وقولت وأنا بحاول ألغوش على اللي قالهُ:
_ إنت مين وبعدين بتقول على ماما وبابا أبوك وأمك ليه مش فاهمة عايز إي؟
إتكلم بسخرية وقال بإستهزاء وإبتسامة مقرفة:
= الله!
إنتِ هتعملي مش عارفاني يا إنچي يا أختي الصغيرة ولا إي؟
بصتلي ماما وهي حيرانة وقالت بعدم فهم:
_ إي اللي بيحصل بالظبط يا إنچي مين دا ويعرفك منين؟
التوتر كان باين عليا وخصوصًا إيدي وشفايفي اللي بتترعش وعشان كدا مردتش عشان هيبان إني بكذب ولكن هو إتكلم وقال:
= يا خالتي بقول لحضرتك أنا إبن جوزك، إي اللي مش مفهوم؟
ماما بصتلهُ بصدمة وعدم إستيعاب وقالت بتساؤل:
_ يعني إي اللي بتقولهُ دا، أنا جوزي مش متجوز غيري.
ضحك بسخرية وقال:
= لأ متجوز وقبلك كمان، أنا مش فاهم بصراحة إنتوا زعلانين ليه يا جماعة ما أمي الأولى ومعندهاش مشكلة وبتحبكم، خايف عليكم من إي وإنتوا الدخلاء علينا مش عارف!
ماما إتكلمت بحِدة وشبه زعيق وقالت:
_ إي الهبل اللي إنت بتقولهُ دا، إمشي من هنا شكلك عيل صايع ومواركش شغلانة وجاي تقرف الناس بس.
إبتسامتهُ إختفت وقال بنبرة جامدة:
= لأ اللي بقولهُ مش هبل ولا أنا عيل صايع،
بصي من الآخر، جوزك متجوز واحدة تانية قبل ما يتجوزك بأقل من سنة، وكمان مخلفني منها أنا يوم فرحكم بالظبط، ومخلف أختي الصغيرة بعدي بـ 3 سنين، حبيتي تصدقي متصدقيش براحتك مش دا موضوعي بس برضوا هوريكي إثبات.
خلص كلامهُ وطلع موبايلهُ لڤيديو مصورهُ ليهم هما الأربعة في بيتهم وهما في قاعدة عائلية وبيهزروا فيه مع بعض.
كانت دموعي نزلت وقولت بعصبية وأنا بقفل الموبايل من إيدهُ:
_ إنت عايز إي، إنت شيطان؟
عرفناك إنها تعبانة ومش هتستحمل القرف بتاعكم دا، عايز مننا إي!
ماما كانت داخت وسندت على الباب بإيديها وبتاخد نفسها بصعوبة وهي بتقول:
= خليه يمشي يا إنچي، خليه يمشي.
سندتها وقولت بقلق وعياط:
_ ماما حبيبتي إمسكي نفسك دا كداب، دا الڤيديو دا مفبرك بابا بيحبك وإنتِ عارفة.
إتكلم ياسر بلا مبالاة للي بيحصل قدامهُ وقال بملل:
= تؤتؤتؤ، إسمعوا بس قبل المشهد الدرامي العائلي دا،
أنا جاي في حاجة واحدة وماشي، أبويا اللي هو أبوكي وجوزك كاتبلك العمارة بتاعتهُ بإسمك وقايل إن دي بعيد عن الورث يعني كمان ليكِ في باقي أملاكهُ اللي هما المحلين والشقتين، فـ يا حلوة عايزينك تتنازلي عن العمارة دي ليا وإلا مش هسيبك في حالك ولو وصل خبر لوالدي بالموضوع دا صدقيني لسة عندي ليكي مفاجآت أكبر.
كنت في حيرة وصدمة وغضب وحاجات كتير جدًا مش عارفة أحدد مشاعري بالظبط ولكن كان الغالب خوفي على أمي.
إتكلمت بغضب وقولت بإنفعال وزعيق:
_ إمشي غور من هنا ولو فكرت تاني يا ياسر تقرب مني صدقني إنت مشوفتش الوش التاني بتاعي ولا أقدر أعمل فيك إي، إنت شكلك إتخميت فيا وفكرتني صيدة سهلة تلعب بيها وتسرق منها، غور في داهية من هنا يلا.
قولت آخر جملة بزعيق لدرجة إن سمعنا صوت بيبان الجيران بتتفتح، وهن عشان خاف من الفضيحة بصلي بغضب وعدم رضا وقال بتهديد:
= والله ما هسيبك يا إنچي وعايزك تبقي توريني أخرك إي؟
خلص كلامهُ ونزل جري على السلم،
خدت ماما ودخلت الشقة وقفلت الباب.
قعدتها على الكنبة وهي كانت خلاص بتفقد الوعي،
جريت كلمت الدكتور بتاعتها طلبت منهُ ييجي وأنا بعيط وجبتلها كوباية مياه والعلاج بتاعها.
ماما في وسط ما هي بتاخد نفسها بصوت عالي وبصعوبة مسكت إيدي وقالت بتساؤل:
_ الكلام اللي الولد دا قالهُ صح يا إنچي، وإنتِ كنتِ عارفة ومخبية على أمك؟
بصيتلها وأنا بعيط وقولت:
= والله ما كنت أعرف يا أمي، والله حقك عليا فعلًا مكنتش أعرف، أنا زيي زيك إتفاجأت والله.
إتكلمت بصعوبة والدموع نازلة منها ببطء:
_ يعني الكلام صح، يعني جوزي متجوز من ورايا ومخلف وعايش حياتهُ مع عيلة تانية وأنا المغفلة كل السنين دي؟!
مسحت دموعها وأنا بعيط وقولت وأنا بطبطب عليها وبحاول أهديها عشان قلبها:
= يا ماما إستهدي بالله بس وخدي نفسك ومتفكريش لحد ما الدكتور ييجي وتفوقي بس وبعدين نتكلم.
غمضت عينيها بتعب وهي لسة بتحاول تاخد نفسها ولكن أغمى عليها وأنا مش عارفة أعمل إي غير إني بحاول أفوق فيها وبعيط ومنهارة.
بعد دقايق من الإغماء الدكتور جه ودخل كشف عليها بسرعة وقال بقلق:
_ لازم نطلب الإسعاف، والدتك محتاجة إنعاش ضروري.
طلب الإسعاف فعلًا وأنا لسة في محاولات بائسة في إني أفوقها.
بعد شوية وقت وصلت الإيعاف وروحت معاها بسرعة وكان معايا موبايلي طلبت بابا وأنا في الطريق لإني كنت نسيت الفلوس ونسيت كل حاجة وقولت بإنهيار:
_ تعالى بسرعة يا بابا على مستشفى *****، ماما فقدت الوعي بسببك وقلبها تعبان محتاج إنعاش والله أعلم إي تاني.
بابا إتصدم وقال بخضة وهو بيتحرك:
= إي اللي بتقوليه دا، أنا جاي حالًا إقفلي.
قفلت معاه وبعد ما وصلنا للمستشفى دخلت ماما أوضة العمليات وأنا فضلت واقفة برا الباب ببص من الإزاز عليها وهما بيحاولوا ينعشوا قلبها.
كنت بعيط وخايفة، خايفة من حاجة أنا مش هقدر عليها،
مش هقدر أسمعها ولا هقدر أستحملها.
خايفة الدنيا تقطم ضهري وأنا لسة في البداية،
خايفة الدنيا تسرقني مني وتقولي واجهي.
كنت على قد ما بقدر ببعد الأفكار دي عن بالي ولكن…،
غصب عني مكنتش قادرة وكنت بدعي وبس، بلهي نفسي عن التفكير بالدعاء.
وصل بابا في وقت سريع وقياسي،
وقف جنبي وبص على المنظر وماما جوا ونزلت دموعهُ منهُ.
مكنتش واخدة بالي إن في حد واقف جنبي غير لما إتكلم وقال بتساؤل وخوف عليها:
_ إي اللي حصل، إي اللي وصلها لـ كدا؟
غصب عني بصيتلهُ بغضب وبدأت ألوم فيه وقولت بإنفعال:
= اللي وصلها لـ كدا إنت،
عايز تعرف إي اللي وصلها لكدا؟
إبنك اللي إنت جايبهُ من مراتك التانية جالنا لحد البيت وحكالها كل حاجة ووراها ڤيديوهات عائلية لطيفة بينكم وكل دا عشان عايز الورث بتاعي، أنا أصلًا مبقتش عايزة حاجة منك ولا عايزة أشوفك.
بمجرد ما خلصت كلامي نزل قلم على وشي من بابا وهو بيعيط وقال بنبرة مهتزة:
_ إياكِ أسمعك بتقولي كدا تاني، أنا ماليش غيركم ومكنتش عايز الحال يوصل بيكم كدا، أنا كان غصب عني اللي عملتهُ وكنت بحاول على قد ما أقدر معرفهاش لإني بحبها وعايز أفضل محافظ عليها كل دا.
حضنني بعدها في وسط صدمتي وقال وهو بيطبطب عليا:
_ إوعي تكرهيني يا بنتي، إوعي تكرهيني أنا بحبك وطول عمري شغال وشقيان ومضحي بكل متاع الدنيا وفلوسها عشانكم إنتوا، خصوصًا إنتِ يا إنچي عندي حاجة تانية، إنتِ بالذات من الست اللي بحبها ومعشقتش غيرها ليكِ حب تاني في قلبي وعمري ما قصرت ولا هقصر في يوم معاكي طول ما أنا عايش، إوعي تكرهيني يا بنتي.
كنت بعيط ومش عارفة أعمل إي ولا حتى عارفة أحدد شعوري ناحيتهُ.
كانت أوا مرة أشوف بابا ضعيف وبيعيط بالشكل دا،
كانت أول مرة أحس إنهُ بيخاف من حاجة وهي إني أكرههُ.
مكنتش فاهمة السبب القوي اللي بيقول عنهُ ولكن مكنتش برضوا عارفة إذا كنت هقدر بعدين أسمع السبب دا منهُ ولا لأ.
متكلمتش، ومردتش، بس فضلت في حضنهُ اللي دايمًا كان بيحتويني وكان مصدر أمان ليا.
كان دايمًا للتشجيع والآمان والمصالحة وكل حاجة حلوة.
المرة دي حساه مختلف، حاسة إن جزء مني رافضهُ وجزء مش عايز يسيبهُ.
فضلنا كدا لحد ما واحد من التمريض خرج، بابا وقفهُ بسرعة وقال بتساؤل وقلق:
_ طمني يابني حالتها إي؟
إتكلم الممرض بسرعة وقال بإستعجال وروتين:
= بنعمل اللي نقدر عليه يا حج، إن شاء الله خير.
خلص جملتهُ ومِشي وإحنا فضلنا واقفين بقلق،
روحنا بعدها قعدنا على كراسي الإنتظار.
بعد حوالي ساعة وشوية خرج الدكتور ووقف قدامنا وقال وهو بيقلع الكمامة بتاعتهُ بإنهاك شديد وحبات العرق مالية جبينهُ:
_ إن شاء الله خير، هي بس إتعرضت لصدمة قلبها مقدرش يستحملها، وممكن تفوق على بكرا الصبح إن شاء الله بس مش عايزين صدمات ولا أخبار وحشة تسوء حالتها وخصوصًا لإن قلبها مش مستحمل بعد إذنكم.
غمضت عيوني اللي غمضت بدموع وأنا بتنهد براحة نوعًا ما وبعدين بابا راح معاه عشان يدفع المصاريف.
كنت قاعدة حزينة جدًا، إزاي الصدمات هتقف وإزاي مش هتحزن، دا الحزن كلهُ جاي لسة دي البداية.
إتنهدت ووكلت أمري لـ ربنا ولكن أنا في بالي بتوعد لـ ياسر وإني لازم أخلص منهُ بإني أحطلهُ حدود واضحة وصريحة وخطة مناسبة ليه.
مسكت موبايلي اللي مفتحتهوش من ساعة ما وصلت المستشفى من القلق وكان ياسين باعتلي ومكلمني كتير جدًا عشان مروحتش الشغل.
فتحت المكالمات وإتصلت بيه، رد عليا بسرعة وقال بقلق:
_ في إي يا إنچي قلقتيني عليكِ، مجيتيش ليه؟
إتكلمت بصوت ضعيف ومبحوح من العياط وقولت:
= ماما تعبانة وفي المستشفى يا ياسين.
إتكلم ياسين بخضة وقال:
_ إي دا حصل إمتى، هجيلك حالًا قوليلي آني مستشفى.
إتكلمت وقولت بهدوء:
= متتعبش نفسك هي إن شاء الله هتبقى كويسة.
إتكلم ياسين بعتاب وقال بقلق:
_ بلاش الكلمتين دول يا إنچي وقوليلي إسم المستشفى خلصي.
قولتلهُ فعلًا إسمها وبعدين قفلت معاه،
بعد شوية وقت قصير كان جاي بيجري لحد ما شافني قاعدة وبابا قاعد الناحية التانية قدامي.
وقف خد نفسهُ وبعدين راح سلم على بابا وقعد جنبهُ وهو بيواسيه لإن بابا كان شكلهُ منهار وتعبان جدًا.
بعد وقت طويل ياسين عرض عليه ينام في أوضة جنبها عشان يرتاح لحد الصبح وفضل وراه لحد ما أقنعهُ وبابا فعلًا كان تعب والضغط والسكر عليوا عليه.
بعدها ياسين قعد على الكرسي اللي جنبي وقال بمواساة:
_ حبيبتي إنتِ كويسة، كلتي طيب؟
إتكلمت بهدوء وبنفس الصوت المبحوح وقولت:
= كويسة الحمدلله، ماليش نفس.
إتكلم بإعتراض وقال وهو بيقوم:
_ لأ مفيش حاجة إسمها كدا، قومي يلا تعالي معايا نجيب حاجة نخفيفة ناكلها أنا كمان من الصبح مكالتش.
فضلت أعارضهُ ولكن تحت إصرارهُ الكتير وإني مش قادرة أتناقش ولا أناهد مع حد قومت معاه ونزلنا خرجنا برا المستشفى عشان نشوف هنجيب إي.
جبنا ساندوتشات من محل جنب المستشفى ووقف ياسين عند عربية مشروبات سخنة وطلب منهُ يعملي ينسون بالنعناع عشان زوري.
في وسط ما إحنا واقفين كان في مشهد بيحصل قدامنا بالظبط على الناحية التانية.
شاورت لـ ياسين وقولت بسرعة وصدمة:
_ مش دا ياسر؟
بص ياسين ناحيتهُ وقال بصدمة:
= أيوا، إي اللي هو بيعملهُ دا؟
طلعت الموبايل أصور بسرعة وكان المشهد كالآتي،
ياسر بيتخانق مع واحدة عشان تركب عربية بالعافية.
الغريب والعجيب إن الناس اللي جنبهم واقفة تتفرج وكأنهُ عادي دا يحصل!
فضل يشد فيها وهي تصرخ وترفض لحد ما دخلها العربية بالعافية واللي كان فيها إتنين شباب تاني.
محدش إتحرك غير ياسين اللي ملقتهوش جنبي ولكن لما وصل للطريق التاني قدامنا بعد العربيات كانت العربية إتحركت في نفس الثانية وملحقهومش.
رجعلي تاني وقال بصدمة وخضة:
_ دول خطفوا بنت، هو الواد دا متخلف؟
#يتبع