رواية النهاية التي لم أختارها (كاملة جميع الفصول) عبر روايات الخلاصة بقلم ٱيات عاطف
رواية النهاية التي لم أختارها الفصل السادس 6
كنت واقفه عماله راحه جايه
في الممر زي المجنونه،
دموعي عماله تنزل من عيوني،
ومش عارفه أوقفها..
مش هعرف اهدي طول ما هو
في الأوضة جوا، مش عارفه
هو حالته ايه؟.
شويه و الممرضه خرجت
ف جريت عليها وانا بسألها
بدموع:
_مُراد كويس صح؟
ردت عليا وهي بتحاول تهديني:
-ليلي اهدي مُراد كويس.،
هو بس تعب شويه.،
ما تقلقيش شويه و هيفوق
و هيبقي تمام.
كملت وهي بتبصلي بحزم:
-دلوقتى انتِ لازم تروحي علي
اوضتك ترتاحي يا ليلي.
جيت اعترض قاطعتني:
-من غير ما تقاطعيني يا ليلي
انتِ لازم تطلعي اوضتك دلوقتى
عشان ترتاحي.
انتِ كان عندك جلسه النهارده
و لازم تريحي جسمك و إلا هينهار..
كملت كلامها بحزن:
-مش هيبقي انتِ و مُراد يا ليلي!
بصتلها بحزن و استسلمت
و طلعت معاها اوضتي..
ادتني العلاج و قالتلي ان أول
ما مُراد يفوق هتبلغني..
بصتلها بهدوء و سكت لأني بجد
مكنتش قادره اتكلم او اقول اي حاجه..
---
بعد ما الممرضه خرجت من عندي..
سبت نفسي لأفكاري..
قعدت افكر في مُراد..
مش عارفه بجد هو بقى ايه بالنسبالي
عشان اخاف عليه أوي كده..!
أول ما شوفته واقع علي الأرض ما بيتحركش،
حسيت كأن كل الأكسجين اللي في الجو خلص..
حسيت فجأه ان العالم بتاعي بينهار..
ليه انا حسيت كل ده مع اننا ما نعرفش بعض
غير من اسبوعين!
بس بجد في الأسبوعين دول اكتشفت ان مُراد
كان مالي الفراغ و الوحده اللي أنا فيهم..
في وجوده عمري ما حسيت إني لوحدي..
يكفي بس انى لما كنت ببصله في عينه.،
كنت بحس بأحساس غريب، كأن عينه بتحكي
كل حاجه هو مش عارف يقولهالي..
لما شوفته النهارده وهو ما بيتحركش،
حسيت إن الأمان اللي
كنت بحسه في وجوده اختفي..
اكتشفت ان حياتي مالهاش
معني من غير مُراد.
أو بمعني أصح حياتي ما بقاش
ليها معني غير لما مُراد بقي موجود فيها..
---
قاطع تفكيري صوت خبط علي الباب
فأذنت بالدخول.
دخلت الممرضه و قالتلي ان مُراد فاق..
و طلب انه يشوفني..
لقيت نفسي ببتسم لا إرادي..
و خرجت اجري من الأوضه عشان اشوفه..
هموت و اطمن قلبي عليه..
دخلت عليه كان راقد علي السرير وشه باهت
و بابن عليه كأن كان في حرب خرج منها بصعوبه..
برغم كل اللي فيه ده اول ما لمحني ابتسم..
ميعرفش ابتسامته دي طمنت قلبي قد ايه..
قربت منه و مسكت إيده و انا ببصله في عينه
كأن عيني هي اللي هتوصله كل حاجه انا حاسه
بيها من غير ما اتكلم..
بصتله في عينه و اتكلمت بوجع:
_خوفت اخسرك..،
خوفت ما اعرفش اشوفك تاني..
بصلي في عيني و مد إيده مسح الدموع
اللي هربت من عيني و قالي بدفئ:
-و أنا مقدرش اسيبك و امشي يا ليلي..
انا محتاجلك، يمكن أكتر ما انتِ
محتاجالي كمان..
رديت عليه وانا ببتسم بوجع:
_الظاهر ان احنا الاتنين محتاجين بعض.
أنا ما ادركتش ده غير النهاردة..
عرفت فعلًا انك مهم عندي اوي،
ومش هعرف اكمل الرحله دي من غيرك.
شد علي إيدي أكتر:
-و أنا مش هسيبك تكملي الرحله دي لوحدك،
اه انتِ بدأتيها لوحدك، بس هننهيها سوا.
بصتله و انا ببتسم براحه
لأول مره من بدايه اليوم..
قاطع لحظاتنا دخول خالد
ف سحبت ايدي من ايد مُراد
و مسحت دموعي..
سأله بهدوء:
-عامل ايه يا مُراد دلوقتي؟
رد عليه مُراد بهدوء:
-الحمدلله يا دكتور انا أحسن دلوقتى..
رد عليه بحزم:
-مُراد احنا الحمدلله المرادي لحقناك،
و الوضع ما كانش خطير اوي.
ف اتمني يا مُراد تخلي بالك بعد كده
و تاخد علاجك بأنتظام.
مُراد بهدوء:
-حاضر يا دكتور..
بصله بهدوء بعد كده وجه نظره ليا
و قالي بهدوء:
-و انتِ كمان يا ليلي ياريت تطلعي اوضتك
عشان ترتاحي شويه لأن انتِ تعبتي النهارده.
بصتله بهدوء و اكتفيت اني هزيت راسي
لأني بجد مش عايزه اتكلم معاه..
استأذن وخرج لما لقاني سكت..
ف لقيت مُراد بيمسك إيدي تاني
و بيقولي بهدوء:
-بعد كده ما تسحبيش ايدك من إيدي ابدًا
ما تحرمنيش من الدفئ اللي بحسه
وانا ماسكها..
بصتله و ابتسمت وانا مش عارفه ارد عليه
و قلبي فضل يدق بسرعه من كميه المشاعر
اللي حسيت بيها..
يا تري انا حبيتك ولا ايه يا مُراد؟!
---
تاني يوم
صحيت من النوم وأنا حاسة إني تقيله جدًا،
جسمي كأنه متكتف مش قادر يقوم…
بس دماغي مكانتش فاضيه،
أول ما فتحت عيني لقيت نفسي بفكر في مُراد.
افتكرت يوم ما لقيته واقع قدامي…
قلبي كان هيقف من الرعب،
فضلت أنده عليه وأعيط وهو ما بيردش.
ولما أخيرًا فتح عينيه وقال الكلمة دي…
الكلمة اللي لسه بتدوي جوا وداني:
"ما تسيبينيش يا ليلي…
ما تسحبيش إيدك من إيدي."
من ساعتها وأنا مش عارفة أنام نومه هادية…
كل ما أقفل عيني ألاقي صوته قدامي،
كأنه بيطلب مني أكون جنبه،
كأنه محتاجني زي ما أنا محتاجاه.
أنا كنت طول عمري شايفة نفسي وحيدة…
بس اللحظة دي غيّرت كل حاجة.
قعدت أبص في السقف وأبتسم ابتسامة
صغيرة رغم إني مرعوبة من اللي جاي.
أول مرة من زمان أحس
إني مش لوحدي خالص…
في حد تاني بيكمل معايا نفس الطريق.
وفجأة سمعت خبطة خفيفة على الباب.
دخلت الممرضة بابتسامة كالعاده، وقالتلي:
– صباح الخير يا ليلي،
قومي حضري نفسك عندك جلسه دلوقتي.
بصتلها باندهاش وقلت:
_ جلسه؟!
مش المفروض إحنا جلستين بس في الأسبوع؟
النهارده مش الدور بتاعي.
قعدت تكتب في ورق معاها وقالت بهدوء:
– الدكتور قرر يكثّف الجلسات الفترة دي…
بيقول إن ده هيكون أفضل لحالتك.
ساعتها حسيت قلبي وقع في الأرض.
أنا لسه جسمي ما فاقش من اللي فات…
الكيماوي بيكسرني كل مرة،
بيسيبني منهكة ومجرد فكرة إني
همر بيه تاني دلوقتي
كانت كفيلة تخلي إيدي تتلج.
اتنهدت وأنا بحاول أثبّت صوتي المرتعش:
_ ماشي، حاضر.
الممرضة ابتسمت بخفة:
– معاكِ نص ساعة وهنكون مستنيينك.
وسابتني وخرجت.
فضلت قاعدة على طرف السرير،
دماغي فاضية غير من صورة الحقنة،
وريحة المعقمات اللي بقيت عارفها كويس،
والألم اللي بيجي بعدها.
عيني غرقت في الفراغ وقلبي بيخبط
كأني رايحة حرب مش جلسه علاج.
وبين كل الخوف ده…
صورة مُراد رجعتلي تاني.
ابتسمت وأنا بفتكر عينيه المليانة رجاء،
صوته المكسور وهو بيترجاني ما أسيبوش.
ووقتها حسيت إن وجوده بيهون عليّ
حتى أصعب لحظة.
يمكن الكلمة اللي قالها تبقى
السبب إني أتحمل جلسة النهارده.
قمت ببطء، مشيت لحد المرايا.
شعري المتساقط كان مغطّي وشي،
عدلته بإيدي…
أخدت نفس عميق كإني بقول لنفسي:
"قومي يا ليلي… لسه فيكِ روح."
---
دخلت القاعة وأنا حاسة إن رجليّ مش شايلاني.
يمكن عشان الخوف اللي بيشدني
كل مرة قبل الجلسة،
أو يمكن عشان عيني وقعت عليه…
على خالد.
من بعد آخر موقف بينا،
وأنا مش قادرة أبص له زي الأول.
تجاهله جرحني.
تظاهرت إني مش شايفاه،
قعدت علي الكرسي،
وحاولت أركز على أنفاسي
هو كان واخد باله إني متجنّباه،
لكن ما علّقش.
حسيت عينيه بتراقبني بتردد،
زي اللي عايز يتكلم بس خايف أصدّه.
سمعت صوته وهو بيقول بهدوء:
– ليلي إنتِ أقوى مما بتتصوري.
الجلسة دي مش سهلة،
بس أنا واثق إنك هتعديها زي ما عديتي قبل كده.
الكلمات هدتني، بس خوفي كان أكبر.
اتنهدت، حاولت أصدّق نفسي،
حاولت أقنع روحي إني هقدر أكمّل.
الجلسة خلصت وأنا مرهقة،
كل حاجة جوايا كانت متكسّرة.
كنت ناوية أخرج من غير ما أبص ورايا،
لكن لقيته واقف عند الباب مستنيني.
وقف قصادي وقال بصوت هادي،
فيه كسرة ما عرفش يخبيها:
– ليلي آسف.
يمكن كنت قاسي معاكي المرة اللي فاتت،
بس ما كنتش أقصد أوجعك.
أنا بخاف عليكي يمكن أكتر من اللازم.
وقتها قلبي اتقبض.
بصيت له شوية،
وبعدين قلت له بنبرة مليانة رجاء:
_ خالد أنا بجد بعتبرك مش بس دكتوري.
إنت الصاحب الوحيد اللي لقيته هنا.
عشان خاطري ما تخلّنيش أحس إني هخسرك.
ابتسم ابتسامة غريبة، ابتسامة وجع، وقال:
– مش هتخسريني يا ليلي…
وجودي معاكي مش مجرد جلسات،
وجودي معاكي مسؤولية اخترتها،
وهكمّلها لآخر الطريق.
ساعتها حسّيت إن في حاجة جوايا بتهدى.
يمكن لسه الطريق طويل وصعب،
بس معرفتي إني مش لوحدي…
خلتني أتنفس للمرة الأولى من غير ما أحس إني بغرق.
---
من بعد الجلسة أنا ماكنتش قادرة أرجع أوضتي،
حسيت إن الحيطان هتخنقني.
نزلت الجنينة،
نفس المكان اللي قعدت فيه قبل كده مع مُراد…
تحت الشجرة اللي أوراقها بتتساقط ببطء،
وكأنها بتحاول تواسيني بسكوتها.
قعدت على الأرض،
ضميت ركبي لصدري،
وبصيت قدامي بشرود.
الجو كان ساكت، بس جوايا كان دوشة،
خوف وقلق ووجع مش عارفة أرتبه.
ماحسّتش بيه غير وهو بيقعد جنبي…
من غير كلام، مد إيده وأمسك إيدي.
اللحظة دي، حسيت كأنه بيقول
"أنا هنا، ما تخافيش."
اتنهدت، وبصيتله من غير ما أتكلم،
عيني يمكن كانت بتحكي أكتر من لساني.
سكت شوية، وبعدين سألني السؤال
اللي دايمًا بيسأله بعد كل جلسة:
-حسيتِ بإيه؟
غمضت عيني، وحاولت أجمع نفسي.
قلتله بصوت مكسور:
_حسيت إني ضعيفة…
وإن كل مرة بترعبني أكتر من اللي قبلها.
بس المرة دي كان في حاجة مختلفة خالد.
بصلي باستغراب، كأني فجأته بالاسم.
كملت كلامي:
_خالد مش مجرد دكتور،
بجد حسيت إنه واقف جنبي كصاحب.
هو اللي حاول يطمني،
واللي فضل يرفعني وأنا كنت عايزة
أهرب من كل حاجة.
ساعات بحس إنه الوحيد اللي
شايفني مش كـ حالة شايفني أنا، ليلي.
مراد فضل ساكت، عينه ما بتفارقش عيني.
وبعدين سألني بهدوء:
-وأنا؟
أنا بتعتبريني إيه يا ليلي؟
اتلخبطت، قلبي دق بسرعة.
حسيت إني مش عارفة أرد،
بس طلعت مني الكلمة بسرعة:
_إيه السؤال الغريب ده؟…
أكيد صحابي برضه!
مش إحنا صحاب ولا إيه؟
هو ضحك ضحكة صغيرة،
بس عينه ماكنتش بتهزر. قرب مني وقال:
-لا شكلنا مش هنفضل مجرد صحاب يا ليلي…
شكلنا هنبقى أكتر من كده.
الكلمة دي ضربتني في قلبي.
فضلت أبصله، مش عارفة أرد ولا أهرب،
وكل حاجة جوايا اتلخبطت.
أنا فعلاً مش فاهمة هو يقصد إيه؟
وليه حسيت بدفا غريب وأنا ماسكة إيده؟
قبل ما أقدر أفتح بوقي وأقول أي حاجة،
لقبت صوت مألوف بينادي عليا:
-ليلي!
التفت بسرعة…
كان سليم واقف بعيد، ووشه مليان قلق.
اللحظة اتقطعت فجأة، زي فيلم توقف في نصه.
بصيت لمُراد، وهو لسه ماسك إيدي،
بس عقلي خلاص اتشتت بينه وبين سليم.
---
يتبع..