رواية الحب في الوقت المناسب بقلم زينب محروس
رواية الحب في الوقت المناسب الفصل التاسع 9
لما مروة حبيبته اللي كذب عليها توصل في وجود مراته اللي كذب و قال إنها أخته، يبقى هو فعلاً خاين و كذاب و بيخدع الاتنين، مكنش عارف يتبسط علشان مروة سامحته و راحت تقابله، و لا يتوتر و يقلق و يحزن أكتر من الأول لأن مروة هتخاصمه و تزعل منه تاني قبل ما يتصالحوا؟!!!
كانت ملامح مروة بتوحي بالجمود، في حين إيهاب كان متوتر، و خرجت كلماته بصوت متقطع:
_ سما جاية تتكلم معايا، لسه جاية.....حالًا.
نقلت مروة نظرها بينهم و قالت بهدوء:
_ ايوه عارفة، شوفتها و هي داخلة، ينفع ادخل ؟؟
ابتسم بسعادة و لاعتقاده بأنها مفهمتش غلط، فقلبه ارتاح، و رحب بدخولها، فهي دخلت و قعدت قصاد سما اللي اتكلمت بتهكم:
_ مشوفتش بجاحة أكتر من كدا!
زجرها إيهاب بحدة، لكن مروة تغاضت عن ردة فعله، و بدأت كلامها بابتسامة مشرقة عكس انطفائها الداخلي:
_ معاكي حق في كل اللي تقوليه، بس أنا طالبة منك تسمعيني، ممكن؟؟
سما بصت ل إيهاب اللي بيتابع باستغراب، و سألتها بصرامة:
_ عايزة تقولي ايه؟؟
لما الإنسان يغلط في حد بدون قصده يبقى لازم يعترف بغلطه، و دا اللي شافته مروة في قصتها مع إيهاب، و عشان كدا قالت:
_ لازم تعرفي إن أنا و حضرة الظابط مفيش بينا أي حاجة، و لا اي علاقة، جوزك كان مجرد زبون في الكافيه مش اكتر، يعني معرفتنا سطحية جدًا، و صدقيني عمرها ما تتعمق عن كدا، انا لما شوفتك طالعة هنا لحقتك عشان اعتذر منك على الحزن اللي انتي عشتيه بسببي، صدقيني لو كنت أعرف أن معرفتي به تضايقك اوي كدا و تحسسك أني هخطف منك جوزك أنا مكنتش فتحت الكافيه بتاعي في الحي هنا أبدًا، بس صدقيني الموضوع كله كان مجرد تصادف مش اكتر......انا حاولت اشوف الموقف من وجهة نظرك، و اللي مقبلوش على نفسي عمري ما هقبله على ست غيري.....و عمري ما هقبل بخراب البيوت.
كان إيهاب واقف مكانه متخشب، بيحاول يستوعب الكلام اللي هي قالته، كأنها صعقت عقله فكان تقبل كلامها صعب عليه لأنه متوقعش تطلع طول الفترة دي حطاه في الركن المهمش!!!
تابعها بعيونه لحد ما خرجت من شقته، و بعدها انتبه ل سما اللي سألته بترقب:
_ مش عايز تقول حاجة يا إيهاب؟؟
غمض عيونه و هو بيضغط على جفونه بشدة، لكن البركان لما يحين وقت انفجاره محدش يقدر يمنعه، و دا فعلاً اللي حصل لما إيهاب صرخ بأعلى صوته:
_ امشي من هنا، امشي يا سما.
اول مرة تشوفه متعصب كدا، مستحيل يكون دا إيهاب اللي اتعودت عليه من طفولتها، بقى شخص تاني تمامًا!!! بلعت ريقها بخوف و حاولت تهديه، فقربت تمسك ايده، لكن قبل ما تتكلم نفض قبضتها بعيد، و اتكلم بهستريا:
_ قولتلك امشي، مش عايز حد، امشي يا سما....امشي.
كانت صرخته الأخيرة متبوعة بركلة ل طاولة الركنة، فكسر لوحها الإزاز، و نظرًا للحالة الغريبة فكان لازم «سما» تخاف و تنسحب، و اول ما خرجت من عنده اتصلت فورًا على شهيرة اللي وصلت مع جوزها.
كان الباب مفتوح و إيهاب قاعد على الكنبة الكبيرة، و محاوط وشه بإيده، زي الغرقان اللي بيعمي عيونه عن الموت علشان ميخافش.
رفع وشه لما شهيرة قعدت جنبه و حطت أيدها على كتفه، فهي لما شافته مهموم، سألته بقلق و لهفة:
_ مالك يا حبيبي؟ أنت كويس؟
سألها إيهاب بترقب:
_ عايزة تسمعي الرد الروتيني، و لا اللي انا فعلاً حاسس بيه؟؟
بصت لجوزها قبل ما ترد عليه و تقول باهتمام:
_ اللي أنت حاسس بيه يا إيهاب، مالك؟
اتنهد بتُقل و كأن التنفس بقى صعب عليه، اتحرك من مكانه و بدأ يتكلم و هو بيأرجح دراعاته:
_ مش عارف أنا حاسس بإيه، بس أنا تايه يا ماما، مش مبسوط!!!
تدخل والده باهتمام:
_ ايه اللي يبسطك يا إيهاب؟
رفع كتافه بجهل، و ضحك بتحسر ساخر:
_ مش عارف! شاب زي عنده ٣٢ سنة مش عارف يحدد هو عايز ايه! مش عارف أعيش مبسوط لحد دلوقت!!
رفع صوته بعصبية في جملته الأخيرة، ف شهيرة عيونها دمعت و هي متابعة قسمات وشه اللي بتأكد لها إنها السبب في حالته، بينما قال والده بمواساة:
_ أهدى يا حبيبي، مفيش حاجة تستاهل اللي عامله في نفسك ده.
خرجت الكلمات من لسان الضياع و الحزن:
_ لاء تستاهل يا بابا، لما أعيش عمري كله متقبل اللي بيتفرض عليّ من غير اعتراض و اجي اختار يطلع الاختيار مش من حقي، يبقى في حاجة تستاهل يا بابا!! تستاهل صدقني.
اتحركت شهيرة لعنده و اتكلمت بعد ما مسحت الدمعة اللي نزلت على خدها:
_ أنت عايز تطلق سما يا إيهاب؟ لو دا هيخليك مبسوط يا حبيبي مفيش عندنا مانع.
رد إيهاب بجمود:
_ أصلا طلقتها، من بكرا همشي في الورق القانوني..
بالرغم من صدمتهم باللي حصل لكن شهيرة أشارت بعيونها لزوجها عشان يسكت لأنه كان هيعترض و يتكلم عن حمل سما، لكنه تراجع عشان إيهاب كان هيحس بتوهان اكتر بسبب الجنين.
لكن المرة دي والد إيهاب قرر يخرج عن صمته، لما بادر بالكلام و قال بلوم:
_ انتي السبب في وضع إيهاب يا شهيرة، و بدل ما تصلحي غلطك بتغلطي اكتر.
دلت على نفسها بإيدها و قالت من بين دموعها:
_ انا عارفة إني ارتكبت ذنب في حق إيهاب، و اتبعت طريقة غلط في تربيته لما كنت بفرض رأي عليه في كل حاجة، بس متوقعتش أنه يوصل للوضع ده، و بعدين ما أنا وافقت على الطلاق.
كف عن السواقة، و سألها بنظرات معاتبة:
_ انتي لسه بتغلطي يا شهيرة، تعرفي تقوليلي منعتيني اعترض ليه على الطلاق و انتي عارفة إن مراته حامل؟؟
_ ببساطة جدًا علشان هو لو عرف موضوع الحمل عقله هيتشوش اكتر و هيحس نفسه مضغوط أكتر ولا انت ايه رأيك!
_ ايوه معاكي حق، بس الفكرة إن «سما» حامل في ابنه عشان كدا لازم يعرف و نسيبه يختار هو عايز ايه!
عم السكوت لثواني، قبل ما شهيرة تقول باستسلام:
_ شوف أنت عايز تعمل ايه و اعمله، لو انت شايف رأيك صح يبقى نكلم إيهاب و نقوله، لكن أنا مش هاخد قرار يخص إيهاب تاني لوحدي.
ملك زارت الكافيه مخصوص عشان تسألها عن آخر الأخبار و لما عرفت باللي هي عملته، لامتها و أنبتها لكن مروة كانت مقتنعة إنها عملت الصح، على الأقل لو انفصل دلوقت عن مراته تبقى هي بعيدة عن الصورة و ملهاش ذنب، لكن من جواها كانت مستعدة تمنحه فرصة تانية لو هو اختارها بعد اللي عملته و كلامها قدام مراته إنه مجرد زبون مش اكتر.
و بالفعل قرر إيهاب يتكلم معاها تاني، و بعد غياب أيام عن الكافيه رجع دخله تاني و كانت خطوته الأولى بمثابة رد الروح ل مروة اللي ابتسمت لما شافته، و هنا ملك همست لها:
_ أنا ههتم بالزباين، و انتي بلاش غباء.
قرب إيهاب و قعد على كرسي الكونتر، و قال بمشاكسة:
_ ممكن قهوتي يا كتكوته؟؟
ضغطت سنانها عشان متبتسمش، و اتحركت تعمل القهوة تحت مراقبة عيونه، حتى لما جت وقفت قصاده فضل يتأمل ملامحها و قاصد يوضح إنه مش هيتخلى عنها بسهولة.
في الوقت اللي كانت هي بتهتم بنفسها كويس، مكنش هو بينام، و للأمانة كل ما اشتد حزنه كان بيعيط، و دا كان باين على الهالات السودا تحت عيونه، و نضارة بشرته الشاحبة.
فسألته مروة بفضول يخفي قلقها:
_ أنت عندك شغل كتير اليومين دول و لا ايه؟ شكلك مش بتنام.
حط الفنجان من ايده و قال بحزن:
_ أنا فعلاً مش بنام، بس بسببك.
يتبع...
