سيناريو يكفيني قلب عبر روايات الخلاصة بقلم ملك عبد الله أحمد
سيناريو يكفيني قلب الفصل الثاني 2
_ أنا وصلت
الغريب إن البيت مليان ناس.
ناس كانت قريبة… وفجأة بقوا أغراب.
ناس يتقال عليهم: مش حبايب… ولا أهل.
_تعالي يا حبيبتي شوفي مين هنا.
اتقدمت بخطوات بسيطة.
أحاول أستوعب داخليًا… ليه؟!
أنا لا بخير… ولا قلبي.
بتوه نفسي في الدنيا، وبقيت بظهر عكس ما فيّا.
_السلام عليكم.
_تعالي حبيبتي، وحشتني جينا نشوفك.
وكمان فرحنا بلبسك للحجاب، ربنا يثبتك يا رب.
_إزيك يا زليخة وحشتيني. فرحت جدًا أول ما سمعت الخبر.
لسه تايهة.
بعد على صوابعي… كم سنة عدّت من غير ما أشوفهم؟
كم سنة مرّت من غيرهم؟
كنت لوحدي في عز ليلي.
إزاي ببساطة… بيقولوا وحشتينا؟
أنا عارفة إنها كلمة وبس.
بس حتى إنها تتقال… مش حقهم.
قعدت بصمت.
مستنية اللي هيحصل.
مروادني الشك، لكن فضلت ساكتة.
يمكن قلبي يكذب عليّا… لمرة واحدة بس.
لمرة… ما يتوجعش.
لمحت بطرف عيني ريان نازل على السلم.
اتضايقت منه.
أسلوبه… شخصيته.
لكن اتصنعت اللامبالاة.
ولا كأني اتغرمت بحاجة.
حتى لو هو الصح، لازم الأسلوب يكون هين… لطيف… حنين.
يا رب… لو حد عاملني بحنية مرة.
لمرة… أتعامل بشكل حنين.
بعد عشر دقايق… فشلت.
فشلت إني أتصنع البرود.
ضحكت
بدأت أضحك بشكل هستيري.
لكن الضحك كان بينحر في قلبي.
كلهم اتصدموا.
ما اهتمتش.
كملت ضحك.
قمت بهدوء.
بعد ما اتقنت هما جايين ليه.
_لمرة بس… كنت كدبت قلبي.
لمرة.
يعني بجد إنتو بتتعاملو على إني منطق؟
طب يعني أنتو مع الكل كده؟
مش أنا لوحدي؟
بجد حاولو تنصفوا نفسكم ليّ.
_زليخة، اهدي في إيه؟
_أنتِ بتقولي إيه يا بنتي؟
_حبيبتي، دول أهلك مينفعش تعلي صوتك عليهم.
كلام.
بس كلام.
وتطلع إنتَ الغلط.
وأنتَ الشخص السئ.
المذنب الوحيد.
الظالم… مش المظلوم.
_اهدى إنتو مين؟ إنتو أهلي؟!
إزاي ده؟
هما فين؟
عرفوني.
أنا مصدومة.
إنتو… إنتو إيه؟
حرام عليكم.
إنتو دمرتوني.
كسرتوني.
إمتى آخر مرة شفتوني فيها؟ إمتى؟
جاين النهارده على أساس إيه؟
بتضحكوا عليّا وتقولوا وحشتنا؟
قال يعني إنتو مش جاين عشانه_صوبت إيدي اتجاه كان ملازم الصمت والقعدة مجرد نظرات متوجهة ليّ_
_ليه ها؟ ليه؟!
بس والله… افهم.
أنا ذنبي إيه؟
أنا بنتكم، إنتو أهلي.
أمي وأبويا.
أنتم حقي أنا.
ليه ترموني أعيش لوحدي وأنتم موجودين؟
ذنبي إيه؟
تتطلقوا… وترموني… وتعيشوا حياتكم؟
أنا ذنبي إيه؟
يعني ولا مرة حسيتوا بالذنب تجاهي؟
عشاني؟
ولا مرة.
إزاي جالكم قلب… تربّوا أطفال تانية مش منكم وترموني أنا؟
جالك قلب يا أمي تربي بنت واحد تاني…
وتعاملّيها بكل حنية وحب…
وبنتك اللي من بطنك مرمية.
نفسها تعيش شعور الحنية والدفا من أهلها.
وأنتَ… إزاي هان عليك ترميني؟
تعيش مع عيلة تانية.
تربي أولاد غيري.
تعاملهم كإنهم بنتك.
وأنا بدوّر عليك في الشوارع.
في كل بيت أعدي عليه.
إنتو بس فهموني تفكيركم.
يعني لما بتيجوا تناموا…
مفيش لحظة واحدة تقول ظلمنا بنتنا؟
لحظة بس… تتفكروني
تتطمنوا عليّا؟
حتى دلوقتي…
مفيش نظرة ندم في عيونكم.
نظرة واحدة بس.
تقولي سامحي يا زليخة نصيبك كده.
يعني بجد أنا وحشة للدرجة دي؟
مفيش فيّا أي حاجة تخليكم تحزنوا عليّا؟
طب افرضوا موت.
ربنا ابتلاني بمرض.
مش هتشفقوا؟
مش هتحسوا بالندم؟
إنتو عارفين كم مرة تعبت فيها؟
كم مرة اتهنت من الناس؟
كم مرة بكيت وانهرت لوحدي؟
كم مرة؟
إنتو قسيتوا إزاي؟
القسوة كانت صعبة.
وصلت إني مش هسامحكم في حياتي.
أنتو ما تستاهلوش.
_زليخة اهدي بلاش الكلام ده روحي ارتاحي وبعدين نتكلم.
_أنا هادية جدًا.
وبعدين هو كلامي ده نافع معاهم؟
هما ما عندهمش قلب.
متقلقِيش.
أنا فعلاً هطلع.
بس لو هما هيفضلوا موجودين…
أنا همشي.
مش هعيش ولا هبقى في نفس البيت اللي هما فيه.
لإما محدش يلومني على اللي هيحصل.
_هيمشوا هما بس كانوا جايين لحاجة وهيمشوا.
اطلعي إنتِ ارتاحي.
_هنمشي فعلاً.
بس إحنا مكناش قاصدين نضايقك.
الموضوع مش زي ما أنتِ فاهمة.
أنا حياتي اتغيرت، وكذلك أبوكي بعد ما بعدنا.
كل واحد أسس حياة تانية.
وكان الأفضل ليكِ تكوني عند جدتك.
تتونسوا سوا.
ومتـحسيش بالغربة.
_أيوة، والدتك عندها حق.
إحنا شفنا الأصلح ليكِ، صدقيني.
ابتسمت بسخرية ومرارة.
_الأصلح… وما أحسش بالغربة؟
إنتو أكبر عقاب ليّا في حياتي.
تعرفوا…
لا أنا عارفة أحبكم… ولا أكرهكم.
أه والله.
مفيش شعور جوايا ليكم.
بس كل اللي أعرفه…
إني مش مسامحاكم.
هقف قدامكم يوم القيامة…
واقتنص منكم حقي.
إنتو الظالمين.
الله لا يسامحكم دنيا وآخرة.
هربت من البيت.
مقدرتش أتنفس براحة.
هما لسه موجودين.
مقدرتش.
أنا مهلكة بشكل آدمي.
ليه محدش فيهم حضني؟
حاسسني إني مهمة في حياتي؟
ياريت لو كان حد فيهم بيحبني.
والله كنت هقبل.
لو حتى واحد…
أحس بنفس الأحاسيس اللي بشوفها في عيون غيري.
ياريت لو كنت البنت المحببة لأهلها.
”جئتم بعد فراقٍ طويلٍ تطلبون مني الصفح.
فهل تظنون أنني سأغفر بهذه السهولة؟
هل تنتظرون ردّي؟
لا… وألف لا.
قلبي مُتعب منكم.
بلغ حزني حدَّ دموع الليل.
أمشي بين الطرقات أبحث عن دفء البيت.
فلا أجد سوى صدى الغياب.
افتقدت الحضن الذي كان يحميني.
والكلمة التي كانت تملأ قلبي طمأنينة.
قسوتُم عليَّ يا أحبّ الناس.
أسرتم قلبي بحبّكم منذ زمن… وما زلتم.
لكن الجرح عميق… وصعب مداواته.”
_ليه الهروب؟!
عرف مين.
استغربت إنه جه ورايا.
بس ما اهتمتش.
فضلت أبصّ على الزهور اللي حواليّا.
_أنا أكبر منك سنًا وعقلاً.
ولازم تحترميني.
_متعلمتش الاحترام عشان احترمك.
قالها بهزار يفك الجو.
لكن بعد جملتي… انصدم.
رجع بجسمه لورا.
يحاول يرتب الكلام.
_مين قال إنك كده؟
عيب تقولي على نفسك كده.
وأي حد يفكر يقول عليكِ… اضربيه.
أو بسيطه… تعالي عرفيني.
وأنا أضمنلك أمحيه من هنا.
_بس عندهم حق.
أنا ملقتش حد يعلمني الصح والغلط.
محدش عاقبني على الذنب اللي برتكبه.
أنا عملت ذنوب كتير.
محدش كان موجود يقولي كفاية… حرام عليكِ.
_جدتك كانت موجودة.
وأعتقد مقصرتش معاكِ.
_بس أنا كنت عايزة أهلي.
مش هنكر محاولاتها معايا.
بس أنا كنت عايزاهم.
كنت عايزة أحس إني طفلة…
بتتمتع بطفولتها مع أهلها.
مش طفلة كملت عشر سنين وبعدها الكل اتخلى عنها.
أمها.
أبوها.
حتى أنتَ.
مش فاكرة أوي الذكريات بينا.
بس فيه لحظات لسه بتأثر فيا.
فاكرة إنك كنت معايا وأنا بعيط كل يوم.
مستنية حد فيهم ييجي.
كنت بقف قدام الباب وأنادي عليهم.
وأنتَ كنت بتواسيني.
قضيت معايا كم سنة… وبعدها مشيت.
عودتني عليك… وبعدها اختفيت.
عملت زيهم.
هما كمان عودوني عليهم… وبعدها اختفوا.
كنت مظلومة في حكايتي.
ظلموني.
وأنت كمان بقيت طرف ظالم في الحكاية.
بس يعني… نسيتك.
متقلقش.
مع الوقت… كل حاجة اتلاشت.
بس هما… لاء.
لسه فاكرة لما سبوني في وسط البيت وأنا ببكي.
وكل واحد راح من طريق.
عارف وقتها كنت بقول
يمكن أنا الوحشة.
يمكن العيب فيّا أنا.
بدأت أغير نفسي عشان يشفوني حلوة… وياخدوني.
قربت من ربنا.
لبست الحجاب وأنا عندي حداشر سنة.
بدأت أحفظ القرآن… ختمته.
عشان بس يشفوني بنت كويسة وحلوة.
عدت السنين وأنا بحاول أتظاهر بشكل غير اللي أنا عايزاه.
لا أسلوب.
ولا شخصية.
ولا حياة.
بس قلت عادي يا زليخة.
المهم إنهم يحبوكي… ويتقبلوكي.
كملي.
واتصنعي.
واتظاهري.
لغاية ما لقيت إنه… لاء.
لاء بالفعل.
مهما عملتي…
أنتِ مش متشافه أصلًا.
مهما حاولتي… مفيش حد مهتم.
محاولاتي كلها… محدش شايفها.
لقيتني لسه وحيدة.
لسه بخبط في طرق مش ليه.
لقيتني… إني الجاني مش المجني.
أه والله.
واللي غير حياتي كليًا…
لما عرفت إن والدي عمل حفلة كبيرة لبنت زوجته.
عشان لبست الحجاب.
وقد إيه كان فخور بيها.
وكلام من هذا القبيل.
وقتها اكتشفت…
إني مهما حاولت…
هفضل وحشة في نظرهم.
هفضل الذنب الوحيد ليهم… عشان جابوني.
وخليت علاقتهم تفضل كم سنة.
أصلهم كانوا هيتطلقوا من زمان.
بس أول ما عرف إن أمي حامل…
قرر يكمل.
بس النتيجة… أهي.
رموني أول ما بدأت أتعوّد على وجودهم.
عارف… لسه بقول ماما وبابا.
رغم اللي حصل.
أصل مش لاقيه مسميات غيرهم.
بالله يعني… مكنتش أستاهل أقول كده؟
مستاهلش يحاولوا عشاني؟
أنا حاولت كتير.
أرهقت نفسي كتير.
في سبيل بس إنهم يحبوني.
أنا قليلة تفتكر؟
أكيد… أه.
أنا المذنبة.
الظالمة.
الجانية.
الشريرة… في كل روايات اللي حواليّا.
_رغيت كتير… بس معلش استحمل بقى.
من وقت كبير وأنا نفسي أبوح اللي جوايا.
حظك إنك تكون الشخص ده.
شكرًا إنك استحملتني.
ومحاولتش توقفني.
_بس أنتِ تستاهلي كل الحلو يا زليخة.
هما مش مقدرين الجوهرة اللي كانت في إيدهم.
لا أنتِ الجاني… ولا الظالم… ولا الشريرة في الرواية.
لو فيه حد ظالم يبقى أنا.
أنا اللي سبتك تحاربي كل ده لوحدك.
متوقعتش إنك تكوني فاهمة يعني إيه هجرة في سنك.
فكرت هتتأقلمي وتتناسي.
أنا آسف ألف مرة.
وعارف إنه مش هيفيد في حاجة.
لإن الجرح عمره ما هيتلم بكلمة واحدة.
_عندك حق.
حتى الكلمة مش حق مكتسب ليّ.
مبقاش ليها فايدة.
سمعتها كإني بسمع كلمة
أنتِ وحيدة يا زليخة.
وهتفضلي دايمًا وحيدة.
حتى لو مكنتيش الظالمة…
ولا الشخص السئ…
هتفضلي وحيدة.
مهما كثرت قلوب العالم.
كان الله في عون كلّ مَن يسلك الطريق وحده.
يتألم وحده.
يسقط وينهض وحده.
يتخطى وحده.
ويبكي آخر الليل وحده.
معيّة الله ترافق كلّ من لا رفيق له.
يا رب.
_بس أنتِ مش وحيدة.
دوري كويس… هتلاقي نفسك.
وهتلاقي مين حواليكِ.
كمان يكفي قلب واحد… يستاهلك.
يتبع...
نَـهْــر 'ر
