رواية ما أفسدته الأنثى الأولى تعوضه الثانية عبر روايات الخلاصة بقلم دينا النجاشي
رواية ما أفسدته الأنثى الأولى تعوضه الثانية الفصل الخامس 5
الأم بإصرار: متقلقيش… أنا هقولك تعملي إيه، وهتنفّذي بالحرف الواحد.
كانت بسمة تصغي لكلمات والدتها والقلق يعصف بها فهمست بتوتر:
"أنا خايفة..."
الأم بجدية حادة:
"ماتخافيش... هتروحي والناس كلها نايمة. كل اللي عليك تاخدي جركن بنزين، ترشي حوالين الشجر اللي جنب البيت وفي البرندة، وبعدها تو"لعي النا"ر وتروحي. وكده كابوسك هيخلص."
نسمة بارتباك:
"يعني شايفة إن الموضوع ممكن ينجح؟"
الأم بإصرار:
"وليه ماينجحش؟ هتغطي وشك، وتتحركي في نص الليل وقت ما الكل نايم. دقيقتين وتكوني خلصت، ولا حد حس بيكي."
نسمة بعد صراع داخلي، حركة رأسها بموافقة:
"تمام..."
الأم:
"يلا نطلع أوضتك، وبعد كام ساعة هتخرجي من الباب الوراني عشان محدش يشوفك، وترجعي منه. وأنا هتولى إني أغطي غيابك لو أخوكي سأل."
أومأت نسمة بتفهم، وشجعت نفسها بغل:
"لازم آخد حقي منهم... وأنتقم منك يا إسلام... وأنتقم لقلبي اللي مال لواحد مغرور زي أخوك، شايف نفسه كتير عليا..."
مرّ الوقت، وارتدت عباءة سوداء تخفي ، ثم لفت وشاحًا على وجهها تخفي ملامحها وخرجت من الباب الخلفي كما أوصتها والدتها. كان جسدها يرتجف من شدة الخوف، لكن كلما تذكّرت ما فعلوه بها، كانت نار الانتقام تشتعل أكثر في صدرها، تدفعها للإصرار على ما ستقدم عليه.
تسللت بخطوات حذرة حتى وصلت إلى المنزل، وحدّقت فيه بكره دفين، تستعيد في ذهنها محاولاتها للتقرّب من معتصم وصده المستمر لها، الأمر الذي دفعها للزواج من أخيه رغم كراهيتها له، وخوفها الدائم من طباعه القاسية وتحكماته.
رمقت الجِركن في يدها بنظرة مفعمة بالشماتة، فتحت غطاءه وبدأت ترش البنزين في كل زاوية، وعيناها تتلألآن ببريق مريض من البشر.
وفجأة شهقت بصدمة، إذ أمسك أحدهم كتفها بقوة، فارتجف جسدها وبدأت تهتز بعنف محاولة الإفلات. زاد صراخها وحركاتها، لكن قبضته كانت أعتى منها؛ رفع يده وضربها على رأسها، فسقطت أرضًا فاقدة الوعي.
.....
في غرفة معتصم، كان لا يزال مستيقظًا، يفكر في حال أخيه، وفي الحزن الذي يحاول إسلام إخفاءه رغم ثقله. شعر معتصم أن بقاءه إلى جواره سيساعده، فقرر أن يطيل إجازته ليمنحه شيئًا من الدعم والطمأنينة. وبعد تفكير طويل غلبه النعاس ونام.
---
في صباح اليوم التالي
استيقظ إسلام ومعتصم معًا، وأدّيا صلاة الفجر بخشوع. وما إن انتهيا حتى استقبلهما الحاج محمد بابتسامته البشوشة :
"السلام عليكم يا رجالة."
رد الاثنان بصوت واحد:
"وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته."
اقترب الحاج محمد من معتصم واردف بامتنان:
"مشيت امبارح يا بشمهندس من غير ما أشكرك على تعبك."
ابتسم معتصم بتواضع:
"مفيش شكر بينا يا حج محمد، مقامك زي مقام والدي."
أشرق وجه محمد بحب، وردّ وهو يترحم:
"ربنا يرحمه... راح للي خلقه، وساب عمله الصالح في خلف صالح، والناس كلها تشهد بتربيتكم."
إسلام باحترام: تسلم يا راجل يا طيب.
معتصم بابتسامة: خد يا حج، أنا كنت قلت لآية إني هلخصلها المواد بتاعتها عشان تذاكر وتفيد زمايلها، لأني لاحظت إن المنهج تقيل عليهم.
محمد: تسلم إيدك يا بني.
معتصم باحترام: تسلم يا راجل يا طيب... هنستأذن إحنا، السلام عليكم.
الحج محمد بطيبة: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
غادروا المكان، فالتفت إسلام لمعتصم وبغمزة: إيه الحوار؟
معتصم بضحكة: لا، متفهمش أخوك غلط... دا عمل إنساني.
إسلام بمشاكسه: والعمل الإنساني دا.. أحواله إيه؟ كويس؟
معتصم بضحكة: جدًا.
ضحك إسلام أيضًا، ووصلوا إلى المنزل فرأوا والدتهم تحضر طلبات الطعام.
إسلام بحب: متتعبيش نفسك يا حبيبتي، أنا هخلي واحد من رجلتي يشوف الناقص ويظبطلك الدنيا.
والدته بحب: لا يا قلبي، أنا عاوزة أعمل كل حاجة بإيدي.
إسلام بهدوء: طيب، بدل ما تجيبي رغد تتعب في الطبخ، ما قلتيش ليه وأنا أجبلك حد يساعدك؟
والدته بحنية: يا حبيبي، ما أنا كنت بطبخ لوحدي، ورغد لما تكون فاضية بتيجي تساعدني. بس هي محلفاني إنها تقوم بالمهمة دي وتساعد لو بحاجة صغيرة لوجه الله.
إسلام بابتسامة: ماشي يا حبيبتي.
الأم بحب: نادي أخوك يلا عشان نفطر.
أومأ لها إسلام وراح ينادي على معتصم، الذي غادر مسرعًا ليكمل نومه.
وفي مكان آخر، كانت صرخاتها تمزق جدران الغرفة من شدة الألم مما فعله بها شقيقها.
شهاب بعينين تشتعلان غضبًا :
ـ بعد العمر ده كله تحطي راسنا في الوحل؟! مش كفاية اللي عملتيه، لسه كمان ناوية تخلصي على الناس؟! أنتي إيه بالظبط... شيطان؟ فكراني غافل ومش واخد بالي من كل حركة ليكي؟ أنا عارف ومتأكد إنك هتعملي أي حاجة عشان تطلعي نفسك بريئة.
بسمة بنهيار ورجفه:
ـ أنا غلط... سامحني يا شهاب، بالله عليك سامحني... أبوس إيدك.
لكن شهاب ازداد وجهه قسوة، اقترب منها وهمس ببرود قاتل:
ـ أنا مش هرحمك... هخليك تذوقي المر والذل طول عمرك. هتفضلي محبوسة لحد ما نخلص منك.
نظر إليها بنظرة كراهية عميقة، ثم استدار مغادرًا دون أن يلتفت.
ظلت بسمة تصرخ وتستغيث، تبحث عن أي يد تمتد لتنتشلها من عذابها، لكن جدران المكان كانت صماء لا تسمع سوى أوجاعها.
....
عند إسلام كان يعمل منهمكًا، ومعه معتصم الذي لم يتوقف عن مساعدته. وبعد ساعات طويلة جلس معتصم منهكًا على الكرسي، وهو يمسح عرقه واردف بتعب:
معتصم: "آه يا ني… اتكسرت خلاص."
ضحك إسلام وهو يربت على كتفه:
: "اصلّب طولك يالا… هتفضحنا ."
أجاب معتصم وهو يلوّح بيده باستسلام:
: "اتفضح.. اتفضح! المهم حد يعتقني… يا نهار أبيض! إنت كل يوم عايش على المجهود ده؟ لا دا إنت مكانك في الجنة والله."
إسلام بابتسامه :
: "مع الوقت جسمك بيتعود، وتلاقي الموضوع عادي بل فوق العادي كمان."
معتصم بتنهيده:
: "الحمد لله… وأنا اللي كنت فاكر نفسي بيتعب، طلعت بدلع ."
.....
في منزل رغد جهزت نفسها واستأذنت والدتها. واتجهت إلى بيت خالتها. كانت متوترة وظلت تدعو الله ان لا يكون هناك...... وبعد فترة وصلت وتنهدت بارتياح عندما تأكدت أنه في العمل. واستمرت في مساعدة خالتها، وكل تفكيرها يدور حول الوقت الذي قضته معه، وتبين أنه أفضل بكثير مما تخيلته، وهذا ما زاد حبها له. امتلأت عيناها بالدموع، فهي تأذّى قلبها بحبها له وهو لا يراها أو يشعر بها؟
سمعت صوت عمتها ينادي فمسحت دموعها بسرعة وهي تبتسم... نعم يا خالة
خالتها بحب... بنادي عليك بقالي شويه سرحانه في اي
رغد.. مفيش يا حبيبتي أنا بس مركزه في اللي بعمله ومسمعتش
خالتها بحب.... ماشي يا حبيبتي
رغد بفضول... احم خالتي هو إسلام طلق مراته ليه وليه قلتيلي مبينش
خالتها بتنهيده.... حاجه خاصه بينهم يا بنتي متكلمش عنها
تفاجأت رغد فـسبق أفكارها صوت خالتها التي تنهدت بجدية....
_متفكريش كتير بنت خالك صاغ سليم كل ما في الموضوع انها جت علي كرامة جوزها وزي ما أنتي عرفاها وعارفه طبعها تطاولت عليه بالكلام وفكرت أنه هيعدي الموضوع عادي وللأسف إسلام في حاجات مستحيل يسامح فيها
رغد بجديه... بس هو غلط يا خالتي حتي لو غلطت فيه كان يعدي عشان خاطر خاله وسيرة بنت خاله
خالتها بحزن... اللي حصل يبنتي.. وهي شكلها ساقة فيها وانتي عارفه طبع اسلام
رغد بعدم اقتناع.... اللي اعرفه إن إسلام السامري راجل عاقل وبيحسب كل كلمة قبل ما يقولها ورد فعله وطلاقه لـ مراته قرار مش عقلاني منه أبداً
إسلام من وراها....امممم يعني انتي شايفة اني اتسرعت؟
رغد بخضه... انـ انت هنا من امتا وازاي دخلت من غير ما تنادي
إسلام بلامبالاة.... انا لسا جاي دلوقتي حالا وناديت ومحدش سمعني فدخلت وسمعتك وانتي بتتكلمي عني وعن غلطي الفادح اللي ارتكبته.
رغد بإحراج.... انا آسفه لأني اتدخلت ودا كان مجرد رأي مش اكتر
إسلام بغموض...يعني انتي شايفه اني غلط في قراري وكان لازم احكم عقلي أكتر.
رغد بقهره حركت رأسها... بس بردو انت حر ودي حياتك
إسلام ببرود.. عادي وانتي بنت خالتي وباخد رايك واظن انك مش صغيره ووجهة نظرك تحترم
رفعت رغد عينيها وحاولت السيطرة على دموعها والألم التي شعرت به في قلبها من فكرة أنه سيعيدها مرة أخرى، فتنهدت بحزن عميق....انت مش محتاج حد يقولك الغلط من الصح انت ادرا مني بكتير واكيد قعدت مع نفسك بعد ما موجة الغضب عدت وفكرت
_أومأ إسلام برأسه بهدوء وهو يشاهد الحزن الذي ظهر على وجهها ومحاولتها حبس دموعها، فأراد أن يؤكد شكه أكثر وبجدية...تمام انتي عندك حق وأنا فعلا فكرت في الموضوع وبفكر
تساقطت دموع رغد بمجرد أن قال كلامه، وشعرت بأن روحها تنسحب منها، لكنها مسحتها بسرعة قبل أن يلاحظها، لكنه رآها وتأكد من شكوكه وفهم سبب كسوفها. والتهرب الدائم، ورأى الفرق الشاسع بين أخلاقها وكسوفها لدرجة الهروب حتى لا يلاحظ حبها، وبين بسمة التي كانت طريقتها جريئة ولم تعجبه. حتى ملابسها التي كانت سبباً في تركه لها، لكنه تراجع بسبب تعب خاله، وهي كانت تخشى أن يتركها، ويعلم والدها وأخواتها سبب تركه ، فتنهد بحزن لانه كان معتقدًا أنه يحبها ..... وأضاف بجدية... هشوف امي راحت فين وهنديلها تساعدك
حاولت رغد اخماد وجعها والحزن الظاهر عليها واردفت بنبره متماسكه .. سيبها براحتها انا قلتلها تسيب الطبخ عليا
اسلام ... بس كده كتير عليكي
رغد يتنهيده.... مش كتير انا بحب أطبخ زي ما قلتلك وهي زهقت تحاول معايا بس أنا اللي برفض
اسلام.. تمام براحتك وتركها وغادر فنزلت دموعها التي حاولت كبتها بقدر المستطاع وحاولت وظلت تلوم قلبها علي ما تشعر به من وجع ويزداد بكائها اكثر فأكثر.... يارب طلعه من قلبي أنا تعبت ومبقتش متحمله.
_في تلك اللحظة عاد إسلام لأخد مفاتيحه فقد نسيها وسمع ما قالته....
#يتبع
رواية ما أفسدته الأنثى الأولى تعوضه الثانية الفصل السادس 6 من هنا