رواية ليلى وزياد عبر روايات الخلاصة بقلم رحمة طارق
رواية ليلى وزياد الفصل الثاني 2
طلعت "أم زياد" بسرعة وقالت وهي فرحانة:
"ليلى! تعالي.. دا زياد ابني.. رجع النهاردة
دخلت وانا متوترة.. لقيت شاب طويل، لابس قميص بسيط بس جميل اوي وابتسامة كبيرة مرسومة على وشه. أول ما شافني رفع حاجبه باستغراب:
"إيه؟ ومين دي يا أمي؟"
ابتسمت "أم زياد" وقالت:
دي ليلى.. قابلتها بالصدفه في القطر واتعرفنا علي بعض ولما نزلنا عرضت عليها تيجي تقعد معايا لاني لوحدي ومن وقتها وهي عايشة معايا و زي بنتي بالظبط
حسيت بارتباك شديد، قلبي بيدق جامد و اتكلمت بخجل:
أنا آسفة إني بتقل عليكم بس ولله انا خلاص هشوف مكان تاني أعيش فيه واسفه علي ازعاجي
اتكلمت أم زياد وهي بتقرب مني:
متقوليش كدا يابنتي بيتك ومطرحك
ضحك زياد وقال:
واضح إن امي حبيتك اوي يا آنسة ليلى.. أمي مش بتأمن لحد كدا بالساهل
ابتسمت بخجل،حسيت قد إيه هما عيلة جميله اوي وافتكرت أمي الله يرحمها محستش بدموعي وهي بتنزل من عيني ومن قسوة الدنيا معايا وفراق أمي اللي لسه مسببلي وجع رهيب كأنه امبارح
بصلي زياد وأنا بحاول اداري دموعي وقال:
مالك يا آنسة ليلي!
لا لا ابدا مفيش حاجه انا بس افتكرت أمي الله يرحمها
هي والدتك متوفية
هزيت رأسي بأنه اه
قربت مني أم زياد وهي بتاخدني في حضنها وبتطبطب عليا:
يابنتي انا موجوده هنا مكان امك الله يرحمه انا فاهمه طبعا محدش يقدر يعوض مكان الام بس أعتبريني انا زي امك تمام
ابتسمت وحسيت لأول مره بدفء العيلة الحقيقة
قعدنا على السفرة وأم زياد جابت الأكل وهي فرحانة إن ابنها راجع.
قعد على السفرة يأكل وقال:
تسلم ايدك ياأمي ياقمر وباس ايدها
تمتمت أم زياد وضحكت وقالت بس مش انا اللي عامله الأكل دي ليلى
زياد بصلها بصدمه وهو بيقول:
"إنتي اللي عاملة الأكل دا؟"
ليلى اتوترت وقالت:
أه.. يعني حاولت أساعد خالتي شوية.
أخد لقمة وبص لها مبتسم:
واضح ان طباخه ماهره حقيقي تسلم ايدك
ضحكت أم زياد وغمزتلي وهي بتقول:
علي فكرة ياليلي زياد دا مغلبني مش اي اكل يعجبه ومش أي حاجة يقول عليها جميلة
ابتسمت بخجل شديد وقولت:
انتي الكل في الكل ياست الكل يقمر انتي.
قعدوا يضحكوا ، لأول مرة من زمان أحس بدفء عيلة حقيقي.
بعدها بيوم، كان زياد خارج يتمشى، لقى ليلى قاعدة قدام البحر لوحدها. قرب منها وقال:
إنتي دايما بتحبي تقعدي هنا؟
ليلى قالت وهي مركزة في الموج:
البحر بيريحني.. الوحيد اللي بيسمعني والوحيد اللي مش بخاف وأنا بكلمه
وقف جنبها ساكت شوية، وبعدين قال:
أنا كمان كنت بحس كدا وأنا في الغربة.. إن البحر الوحيد اللي بيسمعني.
بصوا لبعض لحظة.. وصمتهم ملى المكان من حولهم
اتكلم زياد بحرس:
هو انا ممكن أسألك سؤال؟
اتفضل!
هو انا أمي قالتلي انك هربتي من أهلك بس أنا مفهمتش ليه هربتي منهم؟
عينها غرقت دموع، لفت وشها للبحر وقالت بصوت مكسور:
أهلي كانوا عاوزين يجوزوني لابن عمي بالعافية.. وأنا مش طايقاه.. قولتلهم مليون مرة إني مش موافقة. بس محدش كان بيسمعني.. حتى بابا.. كان بيضربني عشان اوافق.
زياد سكت شوية، عيناه مليانة غضب وحزن في نفس الوقت:
غطيت وشها بإيدي وقولت:
مكنش قدامي غير إني أهرب.. أنا جبانة يمكن.. بس كنت هموت لو فضلت هناك.
زياد قرب منها بهدوء،وقال بصوت هادئ:
إنتي مش جبانة يا ليلى.. إنتي شجاعة. يمكن دي أصعب خطوة خدتها في حياتك.
رفعت عيني ابصله، وأنا حاسه حاجة غريبة جوايا.
وأم زياد واقفة من بعيد بتتفرج عليهم وهي بتبتسم.. قلبها بيقول:
يمكن الليالي الجاية مخبية ليهم قدر جميل.
في يوم وانا واقفة في المحل، كان فيه زبون شكله مش مظبوط، فضل يضايقيني بكلام حاولت ابعد عنه اتعامل بأدب.
الراجل قرب مني وقال بصوت واطي:
ايه يا قمر.. سيبك من الشغل دا وتعالي معايا.
اتجمدت مكاني وخفت، بس قبل ما ارد عليه ظهر زياد من ورايا.
مسك الراجل من إيده وقال بحدة:
إنت بتكلم مين كدا؟
الراجل اتفاجئ وقال بتحدي:
"أنا بكلمها هي إنت مالك؟"
زياد شده بقوة وقال:
مالي؟ اداله بوكس فوشه وقاله:
لو شوفتك هنا تاني هخليك تندم.
الراجل اتلخبط وخرج بسرعة وهو بيتذمر.
وقفت متوترة، قلبي بيدق بسرعة، وقولت بخجل:
إنت إيه اللي جابك؟
ابتسم زياد وهو بيحاول يخفف التوتر:
ماعرفش.. قلبي قالي إنك محتجاني.
بصت له ودموعي قربت تنزل من غير ما اخد بالي.
قال بهدوء:
طول ما أنا هنا.. محدش هيقدر يضايقك.
وفي اللحظة دي حسيت بحاجة غريبة.. لأول مرة من يوم ما هربت، احس إن في حد واقف يحميني، مش يستغل ضعفي.
في نفس يوم بالليل، خرجت اتمشى عالبحر بعد ما خلصت شغل. البحر كان هادي، والهوا بيلعب في شعري. قعدت على السور وبصيت في الموج زي العادة.
فجأة سمعت صوت ورايا:
واضح إن البحر صاحبك المفضل.
التفت لقيت زياد واقف، ماسك إزازة مياه، وقعد جنبي. ابتسمت بخجل وقولت:
آه.. هو الوحيد اللي بيخليني أتكلم من غير ما أخاف يلومني.
زياد بص لها وقال:
وإنتي ليه متعودة تخافي من اللوم؟
سكتت شوية وبصيت في الموج:
عشان عمري ما لقيت حد يسمعني بجد.. كلهم كانوا عايزين يتحكموا فيا، حتى بابا.. كنت بحس إني مش بني آدمه ليها رأي.
زياد تنهد وقال:
انا عاوزك متخافيش ياليلي طول مانا جمبك
بصيتله وابتسمت أول مره احس إن بقي ليا سند حد مخافش من الحياه وهو جنبي
ضحك زياد وهو بيبص لي:
يمكن ربنا جمعنا عشان نكون أمان لبعض.. مش البحر بس.
سكتوا لحظة، عينيهم اتقابلوا، والوقت كأنه وقف. ليلي قلبها كان بيخبط بسرعة، أول مرة تحس بالحب.
رجعت البيت بعدها وهي مش عارفة تنام.. كل ما تقفل عينيها، تشوف ضحكته ونظرته.
كانت مبسوطة الأيام دي.. بين شغلها في المحل، وحنيّة "أم زياد"، وكلام زياد اللي بدأ يدخل قلبها غصب عنها.
لكن الفرحة عمرها ما بتكمل.
في يوم وهي واقفة في المحل بترتب الهدوم، دخلت واحدة ست من قريتها.. كانت جارتهم القديمة. أول ما شافتها، فتحت عينها وقالت باستغراب:
ليلى؟ إنتي؟!
اتجمدت مكاني، حسيت الدم وقف في عروقي. حاولت ارد بهدوء:
"إزيك يا خالتي.."
الست بصتلي بحدة وقالت:
إنتي مش كنتي هتتجوزي قريب؟ إيه اللي جابك هنا؟
اتلخبطت ورديت بسرعة:
بشتغل.. أنا سايبة البيت.
الست بصتلها وابتسمت ابتسامه خبيثه وقالت:
طب خلاص.. سلام.
مشيت، بس نظرتها قالت كل حاجة. ليلى عرفت إن الكلام دا هيوصل لعيلتها أسرع من النار.
رجعت البيت مرعوبة، أول ما شافها زياد سألها:
مالك؟ وشك أصفر كدا ليه؟
حكت له بسرعة اللي حصل. زياد اخد نفس وقال:
يبقى لازم نكون جاهزين.. أكيد الكلام دا هيوصل لعيلتك. بس متخافيش.. طول ما أنا هنا مش هسيب حد يقربلك:
بصتله بدموع:
أنا مش عاوزة أسببلك مشاكل يا زياد.
مسك إيدي لأول مرة وقال بهدوء:
المشاكل دي لو معاكي.. تبقى مش مشاكل.انا مستعد احارب اهلك والعالم كله عشانك.
من بعد ما الست شافتها في المحل، ليلى بقت عايشة في قلق. كل يوم وهي راجعة من الشغل تبص وراها تخاف تلاقي حد متابعها.
وفي ليلة وهي قاعدة في أوضتها، موبايلها القديم اللي سايباه في الشنطة رن فجأة. اتجمدت وهي شايفة الرقم.....
يتبع...