اسكريبت بعد العتمة كامل عبر روايات الخلاصة بقلم ٱيات عاطف
اسكريبت بعد العتمة الفصل الثاني 2 والأخير
فضّل ساكت بعد ما قال اسمه، عينه لسه معلّقة بيا،
وكأنه مستني مني حاجة.
أنا اتنهدت وقلت وأنا ببص للبحر:
_عارف يا آسر السؤال اللي بيدور في دماغي دلوقتي.
ليه واقفة هنا؟ ليه إحنا الاتنين جينا لنفس المكان؟
سكت شوية، بعدين كملت بصوت مهزوز:
_أنا طول عمري بحس إني مش كفاية.
من وأنا طفلة كنت دايمًا اللي يتقال ليا
"ليه مش زي فُلانه؟"،
"ليه مش أحسن؟"،
لحد ما بقيت مقتنعة إن العيب فيا أنا.
بصيت له بسرعة، لقيته مركز معايا، مش بيقاطع.
كملت:
_جربت أبقى البنت الكويسة اللي بتسمع كلامهم،
وجربت أبقى المتمردة اللي محدش يقدر يتحكم فيها…
وفي الحالتين محدش شافني بجد.
كأني عايشة دور مش بتاعي.
مسحت دمعة نزلت غصب عني:
_أكتر حاجة بتوجعني إن حتى وأنا مع نفسي،
أنا مش عارفة أحبها.
ببص في المراية مش بلاقي غير نسخة غريبة عني،
وبسأل: هي دي جميلة اللي المفروض أعيش بيها العمر كله؟
آسر حرك راسه كأنه فاهمني وقال بهدوء:
-واللي حواليكي، محدش حاول يقف جنبك؟
ضحكت بسخرية وأنا ببص للأرض:
_اللي حواليّا شايفيني بخير.
محدش بيتخيل إن البنت اللي بتضحك وسطهم بترجع أوضتها وتنهار.
محدش بيسأل، ومحدش عايز يسمع الإجابة حتى لو سألو.
أنا بقت حياتي عبارة عن تمثيل مستمر…
ولما التعب غلبني، قلت يمكن البحر يخلّصني.
رفعت عيني للبحر، وصوتي بقى أهدى:
_أنا جيت هنا النهارده مش عشان أتفرج عليه.
أنا جيت أودّع.
سكت، والهوى بينا تقيل،
ولقيت آسر لأول مرة عينه بتترعش،
وصوته واطي وهو بيقول:
-تعرفي إن كل كلمة قلتيها أنا عشتها قبل كده؟
هو قال الجملة دي وفضل ساكت،
بس عينه قالت حاجات كتير أنا حاساها.
قربت منه شوية وقلت بصوت هادي:
_طب إنت إيه اللي جابك هنا؟
أخد نفس طويل كأنه بيتجمع قبل ما يتكلم،
وبعدين قال:
-أنا من يوم ما بابا توفى وأنا اتغيرت.
كان هو الضهر اللي مستند عليه.
أول ما وقع حسيت الدنيا كلها وقعت فوق دماغي.
لقيت نفسي مسؤول عن كل حاجه عن أمي،
و أختي و كل حاجه.
أنا فضلت ساكتة أستناه يكمّل،
ولقيته بيضحك ضحكة باهتة وقال:
-عارفة إيه أصعب حاجة؟
إن الناس كلها بتتوقع منك تبقى قوي.
عارفين إنك فقدت أهم حد في حياتك،
بس بيقولوا "شد حيلك، إنت الراجل دلوقتي".
وماحدش فهم إن الكلمة دي كانت خنجر.
أنا لا كنت جاهز أبقى راجل البيت،
ولا حتى كنت عايز أبقى موجود.
صوته اتكسر وهو بيقول:
-ماما بعد وفاته اتغيّرت، بقت قاسية من كتر الوجع.
كنت محتاج حضنها، بس هي كانت محتاجة حد يحضنها أكتر.
وأصحابي في الأول كانوا حواليا،
بس بعد فترة بقوا يتضايقوا من حزني،
واحد ورا التاني انسحب.
بص للبحر كأنه بيحكي له هو مش ليا:
-كنت فاكر إني هلاقي حب يعوضني.
حبيت بجد ادّيت كل اللي عندي.
بس في الآخر اتقال لي
"أنا مش قادرة أكمل معاك".
الخذلان ده قتلني أكتر من بعد موت أبويا.
لأني ساعتها تأكدت إن مفيش حد بيفضل.
الكل بيمشي واللي بيقولك هيبقى جنبك،
بيبقى أول واحد يسيبك.
أنا قلبي اتقبض من كلامه.
حسيت إن اللي قدامي مش غريب…
ده نسخة تانية مني، بس في شكل ولد.
عيونه بتقول وجع، نفس الوجع اللي باين في عيني.
كمل كلامه وهو بيشوح بإيده:
-أنا عشت سنين بضحك وسط الناس،
وبالليل أبص للسقف وأسأل ربنا:
"هو أنا ليه لسه هنا؟"
ولما التعب كتر عليا لقيت نفسي جاي عند البحر.
نفس السؤال اللي إنتي سألتِيه لنفسك،
أنا كمان سألته:
"هو أنا قادر أكمل ولا خلاص؟"
سكت لحظة طويلة، والبحر كان صوته عالي كأنه بيشاركنا.
بعدين بصلي وقال:
-أنا مكنتش متخيل إني هلاقي حد فاهمني للدرجة دي.
إنتي أول واحدة يا جميلة، عينيها قالت نفس اللي عيني بتقوله.
أنا ساعتها حسيت حاجة غريبة.
زي ما يكون في خط رفيع جدًا،
ربط بيني وبينه من غير ما ناخد بالنا.
أنا كنت جاية أسيب الدنيا وهو كمان.
لكن لقينا نفسنا قاعدين جنب بعض،
نرمي وجعنا للبحر ونمسك في كلمة أو نظرة،
يمكن هي السبب اللي يخلينا نستنى يوم كمان.
---
قعدنا شوية ساكتين، كل واحد فينا غرقان في وجعه.
بس أنا حسيت إني محتاجة أتكلم، يمكن لأول مرة من سنين.
بصيت لآسر، وصوتي كان بيترعش:
_عارف يا آسر في وجع بيقعد جواك،
حتى لو فاتت عليه سنين، ما بيروحش.
بيفضل زي شوكة مزروعة في قلبك،
كل ما تفتكرها… تلاقي قلبك بينزف تاني.
آسر كان مركز معايا، عينه فيها ترقّب.
قلت وأنا ببلع غصة في زوري:
_أنا كان في حد في حياتي حبيته بجد.
كنت فاكرة إنه هو الراحة،
هو الضهر اللي أقدر أستند عليه.
إداني إحساس إني أخيرًا لقيت اللي هيفضل معايا لآخر العمر.
أخدت نفس طويل وكملت:
_اتفقنا نتجوز وخلاص كل حاجة كانت بتتجهز.
كنت بحلم باليوم ده زي أي بنت،
البيت، الفستان، اللحظة اللي أبقى فيها معاه قدام ربنا والناس كلها.
بس قبل الفرح بأسبوع، حصل اللي عمري ما كنت أتخيله.
آسر رفع حواجبه، مستني يسمع باقي الحكاية.
أنا حسيت دموعي بتتجمع، بس كملت:
_في البيت اللي كان المفروض يبقى بيتنا…
اللي كنت داخلاه بحلم وأمان…
دخلته وقلبي اتكسر.
لقيته خاني.
خاني مش مع أي حد لأ.
خاني مع أقرب إنسانة ليا في الدنيا.
اللي كنت بحكيلها أسراري،
واللي عمري ما شكيت فيها.
صوتي اتكسر وأنا بقول:
_تقدر تتخيل؟
الشخص اللي بتحبه وكنت هتعيش معاه العمر كله…
والإنسانة اللي عمرك ما توقعت تطعنك…
الاتنين اتفقوا يكسروك في نفس اللحظة.
آسر فضل ساكت، ملامحه اتشدّت، وأنا كملت:
_من ساعتها وأنا مش عارفة أرجع زي الأول.
بقالي 3 سنين بحاول أنسى، بحاول أتخطى،
بحاول أقنع نفسي إن الزمن هيعلّم الجرح يهدى.
بس الحقيقة، الجرح لسه مفتوح زي يومه.
أنا فقدت الأمل يا آسر.
خلاص حسيت إني مهما حاولت مش هقدر أرجع أثق في حد،
ولا حتى في نفسي.
آسر بصلي نظرة عميقة، وقال بنبرة فيها وجع:
-الخيانة دي كفيلة تقتل أي روح.
يمكن اللي يوجع أكتر مش الفعل نفسه،
لكن الإحساس إنك كنت عايش كذبة،
وإن أقرب الناس ليكِ، اختارو يطعنوكٍ بدل ما يحموكي.
أنا دموعي نزلت غصب عني، مسحتها بسرعة وقلت:
_أنا بقيت بكره نفسي.
بكره إني صدقت، بكره إني سلّمت قلبي،
وبكره إني لحد دلوقتي مش عارفة أنسى.
آسر قرب مني شوية، صوته كان أهدى:
-بس إنتي لسه عايشة يا جميلة.
واللي عايش لسه عنده فرصة.
حتى لو مش شايفها دلوقتي،
يمكن يوم ييجي وتلاقي سبب يخليكي تكمل.
ضحكت ضحكة قصيرة وأنا ببص للبحر:
_أنا بقالي 3 سنين بدوّر على السبب ده وما لقيتوش.
آسر مسك نفس طويل وقال:
-يمكن السبب لسه ما جاش.
يمكن إحنا الاتنين جينا هنا النهاردة…
عشان نكون السبب لبعض.
بصيت له باستغراب، وهو رجع يبص للبحر.
في اللحظة دي حسيت إن في كلام كتير لسه مستخبي جواه،
بس الأكيد إني أول مرة من زمان أتكلم بالشكل ده،
وأول مرة ألاقي حد يسمعني من غير ما يلومني أو يهرب.
---
"آسر"
الدنيا قلبت مطر فجأة.
مطر تقيل، والبرد بيدخل في العضم.
جرينا من غير ما نفكر، خطواتها جنبي، نفسها متقطع.
من غير ما أحس، شلت الجاكيت من عليا ومديته فوق راسها:
-استني، خدي ده.
كنت متوقع تفضل متضايقة أو تسكت كالعادة،
لكن اللي ماكنتش متوقعه… إنها ضحكت.
ضحكة حقيقية… كسرت الهوا والدنيا كلها.
ضحكة خلتني أحس كأني أول مرة أسمع صوت حياة من سنين.
بصتلها مش فاهم:
-بتضحكي على إيه؟
رفعت عينيها وقالت ببساطة:
_عشان بحب المطر، المطر بيرجعني طفلة صغيرة.
ساعتها أنا اتلخبط.
فضلت أبص فيها وكأني بشوفها لأول مرة.
النمش الخفيف، العيون العسلية الواسعة،
الخصلات المبلولة اللازقة في خدها.
وفي اللحظة دي قلبي اتحرك.
إيدي راحت لوحدها، مسكت إيدها.
خفت تضيع مني لو سبتها.
طلعت الكلمة من قلبي قبل لساني:
-جميلة أنا مش عايز دي تبقى النهاية.
بصتلي باستغراب، صوتها متلخبط:
_نهاية إيه، قصدك إيه يا آسر؟
قربت منها خطوة.
المطر كان بينزل تقيل حوالينا،
بس أنا كنت سامع دقات قلبي أوضح من صوت المطر.
قولت وأنا عيني غرقانة فيها:
-قصدي أنا عايز نكون السبب لبعض.
إنتِ قولتيلي إن الواحد محتاج سبب يعيش عشانه.
وأنا لقيت السبب ده لقيته فيكِ.
شفت عنيها وهي بتترعش.
صوتها اختفى، بس دموعها كانت بتلمع مع المطر.
مسكت إيدها أقوى وكملت:
-أنا عايز أعيش عشانك،
وكل اللي بتمناه إنك في يوم تبصيلي
وتقوليلي إنك عايزة تعيشي عشاني برضه.
ساعتها حسيت الدنيا وقفت.
المطر بقى أهدى، والهوا كأنه استناني أسمع ردها.
هي فضلت ساكتة،
عنيها مش قادرة تسيبني، ووشها بيتبدل بين خوف وراحة.
وبعدين… هزت راسها ببطء.
وقالت بصوت مبحوح:
_موافقة…
موافقة إنك تبقى السبب اللي أحاول عشانه.
أنا في اللحظة دي حسيت إني أخيرًا لقيت روحي.
كل حاجة حوالينا اختفت.
مابقاش في شتا، ولا برد…
كان في بس أنا وجميلة، وإيدينا اللي في ايد ببعض.
---
"تحت المطر، أدركتُ أن الأرواح قد تلتقي
في اللحظة التي تظن فيها أن كل شيء انتهى…
أدركتُ أن الضحكة قد تكون ولادة جديدة،
وأن اليد التي تُمسِك بك قد تُعيدك من حافة الهاوية.
فما الحياة إلا سبب نبحث عنه،
وحين وجدته في عينيها…
أيقنت أنني لم أعد غريبًا عن الدنيا."
---
النهاية"💌
#اسكريبت_بعد_العتمه
#بقلمي_آيات_عاطف