رواية لهيب العشق الفصل الحادي عشر 11 بقلم سيليا البحيري
رواية لهيب العشق الفصل الحادي عشر 11
#سيليا_البحيري
#لهيب_العشق
فصل 11
بعد عدة أيام
مطعم فخم بيطلّ على المدينة – بالليل
المطعم منوّر بنور هادي، والمزيكا شغالة وراهم ناعمة كده ومُريحة. إياد لابس بدلة شيك قوي، وتارا لابسة فستان أسود قصير بيظهر جمالها وثقتها في نفسها. قاعدين على ترابيزة في رُكن هادي، قدامهم شمعة بتنور على خفيف، بتتهز مع أنفاسهم.
إياد: (بيبص لها بنظرة كلها إعجاب)
"كل مرة بشوفك فيها... بكتشف فيكي حاجة جديدة تخطفني."
تارا: (بتضحك بهدوء وبتبص لتحت بدلع محسوب)
"هو إنت فاكرني هسهّلها عليك وأكشف كل اللي عندي مرة واحدة؟"
إياد: (بيضحك برقة)
"أنا شايف إنك خبيرة في إنك تخلّي الراجل يستنى... ويتلهف."
تارا: (بتقرب منه شوية، ونبرتها دافية)
"علشان اللي بيستنى... بيحس بقيمة الحاجة، صح؟"
إياد: (بيبصلها بانبهار، ويمسك إيدها)
"ولو على عيونك، أستنى العمر كله... من غير زهق."
تارا: (تحط إيدها التانية على إيده، وتبص له في عينيه بنظرة ساحرة، شكلها صادق بس متقن)
"إياد... أنا مش فاهمة إنت عملت فيا إيه. وجودك جنبي بينسيني كل حاجة تانية."
إياد: (بيبصلها بحُب حقيقي)
"وده كل اللي بتمناه... إنك تنسي الدنيا كلها، وتشوفي أنا وبس."
تارا: (بهمس، وعينيها فيها دفء كداب بس ساحر)
"إنت دلوقتي بقت دنيتي... صدقني."
إياد: (عينيه بتنور بعشق واضح)
"كنت حاسس من أول لحظة إن في حاجة مختلفة بينا."
تارا: (بتضحك ضحكة خفيفة، وبعدين تهمس كأنها بتعترف بسر)
"ساعات... بخاف من كمية المشاعر اللي جوايا ناحيتك."
إياد: (يضغط على إيدها بلُطف)
"ماتخافيش... أنا موجود، ومش هسيبك."
(تارا تميل برأسها شوية، وعينيها مركّزة على وشه، وجواها نار مش باينة. هي بتمثل دور العاشقة ببراعة، وإياد شايفها ست بتحبه بجد.)
تارا: (بصوت مكسور كأنها موجوعة)
"لو تعرف قد إيه أنا محتاجة أحس بالأمان... برجل ميكسفنيش."
إياد: (بثقة)
"أنا هو الراجل ده يا تارا... ومش هخذلك أبداً."
تارا: (تغمض عينيها لحظة، وبعدين تبتسم ابتسامة فيها كلام كتير مش باين)
"وأنا معاك... حاسة إن أخيراً لقيت اللي بدوّر عليه."
(بتقرب أكتر، وتستند على إيده بلُطف. المزيكا تعلى شوية، والمشهد يخلص على ملامحهم اللي كلها حب. إياد بيبتسم كأنه لقى ست أحلامه، وتارا بتبتسم كأنها لعبت الورقة الصح بامتياز
*********************
بعد ساعة افترق كل منهما ، و عادت تارا لفيلا الشرقاوي ، فهم قرروا الاستقرار مع جدها و عائلة والدتها و ما إن همت تارا بالدخول حتى اوقفها صوت قائلا
تميم: كنتي فين يا هانم ؟
تارا ( بصدمة): تميم ؟؟؟ كككنت... شغالة في الشركة
تميم: شركة العطار مش كده؟؟؟ و عايزة تنتقمي منهم لأنهم دمروا حياة طنط شيرين و قتلوا عمي سليم ؟؟ ولا أنا غلطان
تارا ( بصدمة) : عرفت ازاي ؟؟
تميم: متنسيش يا تارا ، أنا ضابط مخابرات و حاجة زي كده أنا عارفها و من زمان و كنت ساكت ممكن تتعدلي لوحدك بس الظاهر أني كنت غلطان
تارا ( بغضب) : اه و المفروض أني دلوقتي لازم اتراجع عشان خاطر تميم بيه ميزعلش ؟؟ ليه مش عايزين تفهموا ، العيلة دي و الناس دول دمروا حياة ماما و قتلوا بابا و دمروا حياتنا و لازم يشربوا من نفس الكاسة
تميم ( بغموض): مش لازم تصدقي اي حاجة يا تارا ، ساعات الانسان ميعرفش الحقيقة غير بعد فوات الاوان
تارا: قصدك إيه يا تميم ؟؟
تميم ( بحنان): تارا ، أنتي بنت عمي و زي اختي و من واجبي اني انبهك ، ابعدي عن حوارا الإنتقام دا لأنه في النهاية محدش هيخسر غيرك
ليتركها و يذهب تحت نظرات تارا المستغربة
********************
في فيلا العطار ، نجد ادهم في حديقة الفيلا ، يدخن سيجارته و ينظر نحو السماء و يفكر في شقيقته الصغرى شيرين و كيف و اين هي الآن ، قطع افكاره دخول إياد و على وجهه ابتسامة سعيدة
اياد: مساء الخير يا عمي
ادهم ( بإبتسامة): مساء النور يا ابني ، كنت فين ؟
اياد: كنت معا الآنسة تارا ، كانت عايزة تشوفني عشان نتفق على الموديل الجديد
ادهم ( بمكر): متأكد أن ده هو السبب وبس
اياد ( بارتباك): قصدك إيه يا عمي
ادهم: اياد ، يا ابني أنا عارفك كويس ، و عارف أنك واقع
صمت إياد و ابتسم مما اكد كلام ادهم
أدهم (بنظرة فاحصة): إياد، أنا واخد بالي من نظرات الآنسة تارا... فيها حاجة مش مريحة. مش نظرات عادية يعني.
إياد (مستغرب): يعني إيه يا عمي؟ دي دايمًا بتعاملني كويس!
أدهم (بحذر): يا ابني، الدنيا مليانة تمثيل وخداع. أنا مش عايز أحبطك، بس شايف في عينيها حاجة... كأنها بتحقد. مش عارف ليه، بس الإحساس موجود.
إياد (ببراءة): يمكن تكون تعبانة ولا زعلانة من حاجة؟ أنت دايمًا بتشك في الناس يا عمي
أدهم (بيهز راسه): يا إياد، القلب ساعات بيخدع، بس العين الخبيرة بتشوف اللي ورا الضحكة. خلي بالك منها.
إياد (بيحاول يهون): ماشي يا عمي، هاخد كلامك في دماغي، بس ما تقلقش، أنا مش ساذج!
أدهم (بيتنهّد): يارب... بس تارا دي، عندي إحساس إنها مش مجرد عارضة أزياء وخلاص. (بيبص بعيد) لازم ناخد بالنا.
إياد (بفضول): هو انت شاكك فيها ليه بالظبط؟
أدهم (بصوت واطي): عشان اللي بيحقد، بيبان عليه... وده اللي شايفه في عنيها. بس الزمن هيوضح كل حاجة.
وفي اللحظة دي، إياد بيعيش صراع جوا نفسه بين مشاعره ناحية تارا وشكوك عمه، في الوقت اللي تارا فيه مكملة لعبتها، وهي مش عارفة إن أدهم بدأ يجمع الخيوط...
********************
في فيلا سعاد عاد كريم يدخل مترنّحًا وهو ثمل، أنفاسه ثقيلة، عيناه حمراء من التعب والقهر.
خالد (واقف عند الدرج، وجهه مشدود بالغضب):
أهلاً بالبيه اللي سايب الشغل كله على أبوه وجدته... راجع سكران زي العادة!
كريم (يضحك بسخرية وهو يترنّح):
آه راجع سكران، مش أحسن ما أكون نسخة منكم؟ سكران... بس مش قاتل... مش تاجر****... مش حاقد زيكم!
ناهد (من خلف خالد، بصوت حاد):
عيب يا كريم! دا أبوك اللي رباك وكبّرك!
كريم (ينظر لها بكره):
ربّاني؟ انتو ما ربيتونيش... انتو كسرتوني!
أنا من وانا طفل، والضرب والإهانة ... ما سمعتش كلمة حلوة من حد فيكم، دا حتى الجدة "سعاد"... ست الحقد والخراب، كانت دايمًا تتمنى موتي!
سعاد (تتقدّم بعكازها، نظراتها مليانة سخرية):
ومازلت بتمنّى! ما كنتش يوم حفيدي، ولا حتكون... انت نقطة ضعفنا!
كريم (ينفجر وهو يشير نحوها):
وانتِ نقطة سواد في حياة الكل! دمّرتي حياة طنط شيرين وهي بنت صغيرة... خليتي ابوها يطردها في عز الشتاء... بريئة كانت، بس انت ما بتحبي البراءة، بتحبي تلوّثي كل شي!
(يقترب منها رغم ثمله)
وما اكتفيتيش... سليم؟ فاكرة سليم؟ الراجل اللي حبها وسترها؟ قتلتيه يا ست الكل... وقتلتي بعدها قلب شيرين معاها... وهي دلوقتي مشلولة، ساكتة... بس أنا هتكلم بدلها!
خالد (يتقدّم غاضبًا):
اخرس، يا ولد! ولا كلمة كمان!
كريم (ينظر إليه بشراسة):
لا... حاتكلم! وهافضح كل حاجة... هاروح للشرطة وأقولهم إنك بتتاجر في المخدرات والسلاح...
وهاروح لجدي محمود وأقول له مين السبب في ضياع شيرين... مين السبب في كل المصايب... جدتي العزيزة سعاد!
ناهد (بصوت مهزوز):
انت مش طبيعي، دا الشرب خلى عقلك يطير...
كريم (بمرارة):
أنا طبيعي أكتر منكم كلكم... أنا الضحية الوحيدة اللي عايشة بين مجرمين... وأنا حأنهي المهزلة دي، حتى لو آخر حاجة أعملها!
خالد (ينهال عليه بصفعة قوية تطرحه أرضًا):
برااا! اطلع بره! ما عنديش ابن جبان وخاين زيك!
سعاد (تضحك بصوت منخفض وهي تهمس لناهد):
الولد بدأ يشم ريحة الحقيقة... لازم نسكته قبل ما يوصلها للكل.
كريم (ينهض بصعوبة، ينظر إليهم نظرة تحدٍ):
خلاص... انتهت اللعبة. أنا مش هسكت تاني.
شيرين، وتارا، وحتى أنا... كلكم جرحتونا، بس الدور جاي...
وكل الظلم اللي زرعتوه... هتحصدوه!
(يخرج مترنّحًا من الفيلا، باب يُغلق بقوة خلفه، تاركًا خلفه وجوه مذعورة لأول مرة)
(بعد أن خرج كريم من الفيلا وصفع الباب خلفه، لحظة صمت ثقيلة تسود المكان، سعاد تنظر إلى خالد وناهد بقلق... لكن فجأة يُفتح الباب من جديد بقوة ويدخل كريم وهو يترنّح لكنه عيونه مليانة شرارة تحدّي.)
كريم (بابتسامة باردة ساخرة):
على فكرة... نسيت أقولكم حاجة قبل ما أمشي...
خالد (بغضب مكتوم):
اطلع برا يا كريم، كفاية قلة أدب!
كريم (يرفع يده كأنه يُسكت خالد):
ششش... اسمعني، يمكن تكون آخر مرة تسمع فيها صوتي قبل ما حياتك تنقلب جحيم...
إيه رأيكم... لو تارا بنت شيرين... عرفت الحقيقة؟
(سعاد تشهق، وناهد تتراجع خطوة، وخالد يتجمّد)
كريم (بصوت متمهل لاذع):
لو عرفت إن القاتل الحقيقي لأبوها مش جدها محمود... بل حضرتك يا ست سعاد
(يضحك ضحكة مخيفة ثملة، ثم يحدق بسعاد):
تفتكري تارا هتعمل إيه؟ هتبوس إيدك؟ ولا هتخلي حياتك نار؟
ولا يمكن... تبدأ تنتقم منكم واحد واحد؟
تارا مش زي شيرين... دي نار، نار مش هترحمكم!
ناهد (بصوت يرتجف):
أنت بتهددنا ؟ مستحيل تعرف حاجة...
كريم (ينظر لها باحتقار):
ما هو الغباء وراثة... تارا موجودة، وشايفة، وبتراقب...
ولما تعرف الحقيقة، مش هتضرب الباب وتمشي زيي... دي هتخلّيكم تتمنوا الموت كل يوم.
خالد (يتقدّم نحوه بانفعال):
لو فتحت بقك قدامها بكلمة، هكون آخر يوم في حياتك!
كريم (بلا خوف، بنبرة هادئة):
يا ريت...
الموت أرحم من العيش معكم.
(ينظر إليهم نظرة طويلة مليانة ازدراء وضحكة صغيرة ساخرة تتسلل من فمه)
خليكم خايفين... خليكم مترقبين...
كل ثانية... كل باب يخبط... افتكروا يمكن تكون تارا جاية!
وأنا؟
هكون أول واحد يقولها الحقيقة... بكل تفصيلة... بكل دمعة سالت من أمها!
يدير ظهره ويخرج من الفيلا، يختفي خلف الظلام، وداخل الفيلا يبقى فقط صوت تنفّسهم المرتعب ووجه سعاد الذي فقد لأول مرة قناع السيطرة
*********************
في فيلا عائلة الشرقاوي – غرفة شيرين الهادئة – مساء رمادي ملبد بالحزن.
الستائر شبه مسدلة، الضوء خافت، نسمة خفيفة تعبث بطرف ستارة بيضاء، وفي ركن الغرفة…
تجلس شيرين على كرسيها المتحرك، ملامحها هادئة لكنها غارقة في حزن عميق، ودمعة تنزلق ببطء على خدها.
عيناها الزرقاوان مثل السماء قبيل العاصفة… مليئتان بالصمت والرجاء… وألم السنين.
(باب الغرفة يُفتح بهدوء، يدخل عادل، شعره أصبح أكثر بياضًا، ظهره محني قليلاً من تعب السنين، لكنه ما زال يحتفظ بهيبته الدافئة)
عادل (بصوت ناعم مليء بالشجن):
مساء الخير يا بنتي…
(لا رد… فقط عينا شيرين تلتفت نحوه ببطيء، وفيها لمعان الألم والعتاب الدفين)
عادل (يقترب منها ببطء ويجلس بجانبها على كرسي خشبي قرب النافذة):
لسه بتبكي؟
من يوم ما عرفتك وإنتِ دمعتك أقرب من أنفاسك…
أنا مش قادر… مش قادر أتخيل إزاي قلبك استحمل كل ده يا شيرين.
(ينظر إلى يديها المرتخيتين على حضنها، فيمسك بهما برقة كأنهما زجاج)
أنا عارف…
عارف اللي حصل… وعارف إن ابني سليم كان آخر نور دخل حياتك، وإني فقدته... وفقدتك معاه.
(يبكي بهدوء لأول مرة منذ زمن، يمسح دمعة بعيدة عن وجهها)
ما قدرتش أنقذك…
ولا قدرت أحمي سليم.
ولما وصلت للمشهد، كان فات الأوان… وكان قلبي انكسر مرتين… على ابني… وعليك.
(يشهق بهدوء ثم يهمس بصوت مهزوم):
بس أنا هنا يا شيرين…
أنا لسه هنا، وبحبك زي ما كنت بحبك دايمًا… زي بنتي… ويمكن أكتر.
(لحظة صمت، وشيرين تنظر إليه، عيناها تلمعان، وشفتاها ترتجفان قليلًا وكأنها تحاول الكلام لكن جسدها يخونها كعادته)
عادل (يربت على يدها):
أنا وعدتك زمان… لما سليم خدك من الشارع، لما دخلتي علينا بنت صغيرة، خايفة… مضروبة… وحيدة…
قلتلك يومها: "انسي العالم، إنتِ من النهاردة بنتي."
ولحد دلوقتي… الوعد ده لسه قائم، مهما حصل.
(يخفض صوته أكثر، نظراته مشبعة بالندم):
سامحيني…
سامحيني لأني ما كنتش قوي كفاية…
سامحيني لأني ما حميتِش سليم ولا عرفنا نحميك…
وسامحيني لأني شاكك إن اللي حصل فيكم... مش كان مجرد صدفة.
أنا حاسس إن في يد ورا اللي حصل… يد قذرة… شريرة… وأنا هلاقيها، وهحاسبها… حتى لو كانت من دمك.
(تغلق شيرين عينيها بقوة، دموعها تنهمر بصمت… أما عادل، فقبل جبينها بحنان، ثم نهض ببطء)
عادل (وهو ينظر لها قبل أن يخرج):
ارتاحي يا بنتي… دلوقتي مش لوحدك.
رجعتي لبيتك… ولقلبي…
وأنا هافضل جنبك… لحد ما نعرف الحقيقة، وتاخدي حقك… وحق سليم.
(يخرج من الغرفة، تاركًا خلفه صمتًا ثقيلاً… وشيرين تهمس بدمعها، بلا صوت، فقط بكاء القلب الذي لا يُسمع)
**********************
في فيلا عائلة العطار – غرفة إياد – ليل هادئ
الجو ساكن، نسمات الليل تدخل من الشباك المفتوح، وإياد يجلس على طرف سريره، بين يديه دفتر جلدي قديم وجدتْه يعلوه الغبار في غرفة قديمة مغلقة… غرفة عمة لم يعرفها يومًا، ولم تُذكر أمامه إلا كأنها لم تكن.
يفتح الصفحة الأولى، يُطالعها بعينين تلمعان بدهشة…
"شيرين محمود العطار – 14 سنة – دفتر أسراري"
إياد (يهمس بدهشة):
شيرين…
إنتِ كنتي فين كل حياتي؟ ليه عمري ما سمعت اسمك؟
(يبدأ في القراءة بصوت داخلي، كأن كلمات شيرين تنبعث من الورق وتحاكيه)
صوت شيرين (من المذكرات):
اليوم كان عيد ميلادي… أنا ومازن أتممنا 14 سنة. بابا جاب لي دبدوب كبير، ومازن جاب لي كتاب رسم… و مهاب جابلي علبة شوكولا كبيرة اوي و ابيه ادهم جابلي عروسة كبيرة ياه بحب اخواتي اوي، وبحب ألواني، نفسي يوم أرسم عيلتي كلها وأعلقهم على جدران أوضتي.
إياد (بابتسامة حزينة):
كان حلمك بسيط…
وكان قلبك مليان نور.
(ينتقل إلى صفحة أخرى، تنزل دمعة بصمت من عينه)
صوت شيرين:
أنا بحب بابا وماما… حتى لما يزعقوا… بحب لما مهاب يقولي “يا شوشو” بصوت عالي وهو بيرجع من الشغل… يمكن ييجي يوم أكتب عن كل الحاجات اللي بحبها، قبل ما أنسى.
إياد (بابتسامة مرتجفة):
يا شوشو…
إزاي محدش قالّي إن ليّا عمة كانت بتحب الحياة كده؟
(ينقلب إلى صفحة فيها رسم بسيط… شيرين ومازن في عيد ميلادهما… وتحتها تعليق طفولي):
"أنا ومازن… دايمًا سوا، حتى لو زعلنا، بنرجع نضحك تاني."
إياد (يهمس):
ومازن… سابك وقت ما كنتي محتاجة له أكتر من أي حد…
وأنا؟
أنا هشيل ذنبهم كلهم…
(ينهض، يقف أمام المرآة، يمسك الدفتر بقوة كأنه يحمل قلبها)
إياد (بصوت مبحوح):
لو كانوا نسوك…
أنا مش هنسى.
ولو دفنوا اسمك…
أنا هكتبه من جديد،
وهعرفك على العالم، مش كـ"فضيحة" زي ما ظنوك…
لكن كقلب كان يستحق كل الحب
*********************
مشفى النور الخاصة – الطابق الرابع – قسم جراحة الأعصاب
الجو هادئ، صوت خطوات الأطباء والممرضين يملأ المكان، وعبق المطهرات يملأ الأنوف رغم تأخر الوقت
مازن العطار، في أواخر الثلاثينات، ببزته البيضاء، واقف خلف الزجاج المطل على غرفة العمليات رقم 3، ويداه معقودتان خلف ظهره. عيناه، المتعبتان دوماً، تتابع الدكتور الشاب أدهم سليم الشرقاوي، وهو يشرح بابتسامة خجولة خطة الجراحة لأحد المرضى المسنين.
الممرضة:
دكتور مازن؟ تحب أدخل حضرتك؟
مازن (بدون أن ينظر لها، بصوت منخفض):
لأ… خليه يكمل.
(مازن يتأمل أدهم وهو يضحك برقة مع المريض ثم يربت على كتفه مطمئنًا، ملامحه طيبة ونظراته فيها حنان نادر في هذا المجال القاسي)
مازن (يهمس لنفسه):
الولد ده… في حاجة في ضحكته…
(يتنهّد)
نفس الطريقة اللي كانت شيرين تبتسم بيها…
لما كانت تضحك، الدنيا كلها كانت تضحك معاها…
(عيناه تتسعان للحظة، يتابع ملامح وجه أدهم أكثر… العينين، حركة اليد، الخجل اللطيف في صوته… يشبه شيرين لدرجة لا تُحتمل)
مازن (بهمس داخلي):
بس مش ممكن… مستحيل…
شيرين… راحت… واختفت من حياتنا من 25 سنة.
مفيش حاجة بتربطني بالولد ده…
(ولكن رغم منطقه، قلبه يرتجف، كأن الزمن عاد به إلى اليوم الذي وقف فيه أمام توأمته وهي تبكي، تُطرد، ولم يدافع عنها)
مازن (بصوت خافت يكاد لا يُسمع):
سامحيني يا شيرين…
ينظر نحو الغرفة، و يجد ادهم ينحني للمريض، ثم يدير وجهه فيقع بصره على مازن خلف الزجاج. يبتسم له أدهم، ابتسامة صادقة نقية لا تصطنع شيئاً.)
مازن (يهمس):
الابتسامة دي…
كأنها منها… كأنك أنت…
(ثم يهز رأسه ليطرد الفكرة، يدس يديه في جيب معطفه، ويدير ظهره ليرحل، لكن نظرته الأخيرة لأدهم لا تخلو من الارتباك العاطفي والحنين العميق)
*☆يتبــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع☆☆*
رواية لهيب العشق الفصل الثاني عشر 12 من هنا
الرواية كاملة من هنا (رواية لهيب العشق)