رواية الحب في الوقت المناسب بقلم زينب محروس
رواية الحب في الوقت المناسب الفصل الثالث عشر 13
كان داخل مقر شغله و هو على أتم الاستعداد للخناق مع هاني، اللي اول ما شافه قال بحماس:
_ كويس إنك جيت، مروة هنا و عايزة تشوفك.
رد عليه إيهاب بارتباك:
_ لاء مروة ايه، ادخل أنت أنا محرج بصراحة.
ضحك هاني واتكلم بتشفى مزيف:
_ ادخل بس ادخل، دا أنت هتنبهر.
هو فعلاً كان لازم ينبهر، لأنه لما دخل مكنتش مروة لوحدها، بل كانت مع خطيبها، الاتنين وقفوا لحظة دخول إيهاب بخطوات ثابتة و هيبته اللي بتسبقه، مد ايده يسلم على مروة فانتبه لدبلة الخطوبة اللي في أيدها، فسحب ايده بسرعة و تخطاها، و رغم ملامح الجمود اللي على وشه، إلا إنه أبتسم بسخرية و همس لنفسه بصوت مش مسموع:
_ سرعة رهيبة في التخطي!
مفاجأة ارتباطها شتّتت انتباهه عن وجود الشاب اللي معاها، لكنه قبل ما يقعد في مكانه المخصص، شاور لهم يقعدوا، فعرفته مروة على خطيبها باختصار رسمي، و بدأت كلامها بحزم شديد:
_ أنا جيت لحضرتك النهاردة احترامًا للمعرفة السابقة اللي كانت بينا يا حضرت الظابط.
حط إيهاب كفوفه المتشابكة على المكتب و استفسر عن المشكلة لما سألها بخشونة:
_ خير ، ايه اللي حصل؟
فتحت تليفونها و سابته على مستوى نظره، و اتكلمت بتوضيح:
_ دي صفحة سما بنت عمك اللي بقت بلوجر بعد الطلاق، اتكلم معاها و عرفها إن لا أنا و لا بابا ضعاف و لو متمسحش كلامها السلبي عن مطعمنا و طلعت اعتذرت أنا هرفع عليها قضية و هاخد حقي بالقانون.
انتهت المقابلة بموافقة إيهاب إنه يتكلم مع سما و يقنعها بالموضوع، و كالعادة دخل هاني مباشرة بعد مغادرة مروة و خطيبها، عشان يرضي فضوله عن سبب تواجدها، و بالفعل إيهاب مخباش عليه الحوار، لكنه شرد لثواني، فسأله هاني باهتمام:
_ مالك ؟ زعلان إنها اتخطبت؟
حرك إيهاب دماغه بنفي و اتكلم بتوضيح:
_ بالعكس دا أنا فرحت، مش هنكر اني اتصدمت لما شوفت الدبلة اللي في إيدها، بس مكنتش صدمة زعل، و إنما أنا كنت متخيل إنها ممكن تكون عايشة فترة حزن و زعل بسببي، لكن الحمدلله مروة تخطت الموضوع، و محصلش اللي أنا كنت خايف منه.
سأله هاني بفضول:
_ كنت خايف من ايه؟
_ كنت خايف تكون اتعلقت بيا و أكون ظلمتها، أنت متعرفش أنا قد ايه كنت بعاني من تأنيب الضمير و إحساس بالذنب، بس الحمدلله أنا النهاردة ارتحت.
بعد انتهاء دوامه في الشغل، توجه لزيارة سما اللي مازالت ساكنة في شقتهم، و بالفعل اتكلم معاها بخصوص سلوكها السيء و تشويه سمعة المطعم العائد ملكيته لعيلة مروة، فكان الرد منها إنها بتقول الحقيقة مش اكتر، و نتيجة لأسلوبها المستفز معاه قرر إنه مش هيقدم أي مساعدة لو اتقبض عليها بالقضية اللي هترفعها مروة، و سابلها معلومة بقراره.
★★★★★★
بمجرد ما ركن دراجته النارية، و خلع الخوذة، تفاجأ بالتعرض لضربة شديدة بفعل الكورة اللي اصطدمت ب وشه، قبل ما تقع على الأرض مرورًا بكسر نضارته الشمسية المستقرة على الريس.
أخد الكورة و استوي على قدمه، و كان هيكتفي بتنهيدة ضيق يعبر بها عن غضبه لاعتقاده إن الأطفال مش قاصدين، لكن ظهور رنا قدامه و هي بتقول باعتذار:
_ أنا آسفة جدًا، كانت شوطة شديدة مني، أنت كويس؟
كدا بقى واضح إنها السبب في الضربة اللي أخدها، فقال بغيظ واضح:
_ ما تحترمي سنك يا شاحطة، بتلعبي كورة مع الولاد!
ضحكت رنا على أسلوبه و قالت بتوضيح:
_ لاء أبدًا مش بلعب، أنا بس الكورة جت في طريقي، فقولت اعمل خير و أشوطها للولاد.
أشار إيهاب على مكان الضربة و سخر منها:
_ اهو الخير بتاعك ساب أثر، هيكرهني في الأعمال الخيرية.
قبل ما رنا ترد عليه، اتحرك من قدامها و حدف الكورة للأولاد و بعدين أخد النضارة المكسورة ورجع حطها في إيدها و قال بتهكم خفيف:
_ مكافأة أعمال الخير.
التفت معاه بنظرها و قالت بمشاكسة:
_ لو كنت أعرف إن دي المكافأة مكنتش قدمت المساعدة!!
اكتفى إيهاب بحركة عدم الاهتمام من ايده، و كمل طريقه للعمارة.
★★★★★
رنا اشترت نضارة جديدة لإيهاب بدل اللي اتكسرت بسببها، لكنها كانت محتارة تروح توديها و لا تستني للصبح، فكانت بتتحرك في صالة شقتهم بحيرة، لحد ما جدها سألها لو في حاجة شاغلة بالها، فحكت له اللي حصل، فبصلها بتركيز و قال بشك:
_ كتر كلامك عن إيهاب من لما رجعتي من السفر مش مطمني يا رنا!
اتوترت و بان ارتباكها لما سألته:
_ ليه بتقول كدا يا جدي، ما عادي مش جارنا!
_ عندنا في العمارة سكان كتير غير إيهاب و عيلته، بس أنتي مش بتتكلمي غير عنه، يبقى الموضوع يقلق.
كانت عارفة إن شك جدها في محله، و بالتالي مكنش عندها رد ينفي كلامه، لكنها راحت قعدت و قالت بهدوء:
_ متقلقش ياجدي، كدا كدا كلها شهر و هرجع ألمانيا تاني، أنا بس حبيت اعوضه عن النضارة المكسورة، و لو كلامي عنه بيضايق حضرتك يا جدي، انا مش هجيب سيرته تاني.
استعان جدها بالعكاز اللي في ايده، و قرب منها وقال:
_ مش موضوع ضيق يا حبيبتي، بالعكس هو شاب كويس و محترم و أنا بحبه، بس أنا خايف عليكي تكوني عايزة حاجة هي مش عايزاكي.
ابتسمت بحب وقالت:
_ متقلقش يا جدي، أنا فاهمة الوضع كويس.
★★★★★★
مكنش ينفع يهددها إنه هيقبض عليها بنفسه و تسكت له، مهما كانت القرابة بينهم و مهمًا كان هو على حق، هتفضل هي سما عبدالجواد المغرورة اللي لازم يمشي كلامها على الكل، و عشان كدا أقنعها غرورها و عجرفتها إنها تنتقم من إيهاب عشان كل مرة بيتخلي عنها و يهينها برفضه ليها، حتى لو كان الانتقام دا على حساب طفلها و صحتها هي شخصيًا.
كانت الساعة عدت واحدة بالليل لما اتصلت بيه، و زيفت تعبها وطلبت منه يروح لها فورًا و يجيب معاه الحبوب اللي هتبعت له اسمها من الصيدلية اللي جنب العمارة الخاصة بشقتها.
و بالفعل إيهاب نفذ كلامها بسبب قلقه عليها وعلى الجنين اللي في بداية الشهر التامن، و لما كان في طريقه لشقتها، رن فونه اكتر من مرة برقم غريب، و أخيرًا رد على الرقم إنها ممكن تكون حاجة تخص سما، لكنها كانت رنا اللي بتطلب تقابله ضروري، لكنه مهتمش و زعق لها و فصل المكالمة قبل ما تقول اللي عندها.
و لما وصل إيهاب عند سما، كانت بالفعل بتمثل دور المريضة بإتقان مبهر، لكنها رفضت وجوده معاها لمدة أكتر من عشر دقايق، و بالرغم من إلحاحه الشديد إنهم يروحوا للدكتورة، إلا إنها رفضت و قالت إن العلاج دا من وصف الدكتورة و هي هترتاح و هتبقى كويسة، و نوعًا ما هو اقتنع بكلامها و سابها و مشي.
لما رجع البيت شيء جواه طلب منه يتصل ب رنا لكنه تغاضي عن الموضوع، و اتجه مباشرة للنوم، عشان يتفاجأ بوالدته الساعة ستة الصبح، بتطلب منه يصحى يقابل هاني اللي مستنيه برا.
رفع إيهاب الغطا و قعد مكانه و بصلها بحواجب معقودة، و خرج صوته النعسان بنبرة استغراب:
_ ايه اللي جايب هاني دلوقت يا ماما؟؟
رفعت شهيرة كتافها دليل لعدم المعرفة، لكن الإجابة كانت عند هاني اللي مصبرش لما إيهاب يخرج، و اتكلم بجدية:
_ أنا مش هنا عشان أنا صاحبك يا إيهاب.
سخر إيهاب بنبرة خفة:
_ امال جاي قبل شروق الشمس ليه؟ جايب اللبن!!
رد هاني بجمود:
_ جاي أقبض عليك.
مأخدش كلامه على محمل الجد، و شد الغطا عشان يكمل نومه بعد ما قال:
_ اطفى النور وراكي يا ماما، عايز أنام.
شهيرة كانت واقفة تنقل نظرها بين الاتنين و مش عارفة تنفذ كلام إيهاب و تبقى قليلة الذوق، و لا تصدق كلام هاني اللي فعلاً مش هيزورهم بدري كدا إلا لو كلامه صح، و ساعتها تبقى مصيبة!!!
وضح هاني كلامه بجمود:
_ أنت متهم بالتعدي على سما عبدالجواد بالضرب، و قتل الجنين اللي في بطنها إجباري عنها.
يتبع...
