📁

رواية خذلان الماضي الفصل السابع 7 بقلم آلاء محمد حجازي

رواية خذلان الماضي الفصل السابع 7 بقلم آلاء محمد حجازي

رواية خذلان الماضي الفصل السابع 7 

 خطيبتك، ست الحسن والدلال المحترمة… كانت على علاقة بشاب لمدة سنتين، ولو  عاوز تتأكد تعالى علي العنوان ده............. 


وقف على الفور، ماسك التليفون بإيديه، عيونه بتبرق بالغضب، وعضه على شفته من التوتر… مش قادر يصدق اللي قراه


أويس قعد يبص في الرسالة دقايق… مليون فكرة بتخبط في دماغه، بس ملامحه ثابتة، متماسكة، مش باين عليه العاصفة اللي جواه.


أخد نفس طويل…

ومسك تليفونه واتصل بأبو نسرين.


– السلام عليكم يا عمي، عامل إيه؟

– وعليكم السلام يا ابني… بخير والله، إنت عامل إيه؟

– الحمد لله… كنت بس بطلب إذنك آخد نسرين نخرج شوية النهارده؟

– ليه يا ابني؟ حصل حاجة؟

– لا، لا… بس حبيت نقعد ونتكلم شوية.

– تمام يا أويس… اتفضل يا حبيبي، خُدها.


قفل… ووقف، لبس سريع، وراح لنسرين.

هي فتحت الباب باستغراب بسيط:


– أويس؟ خير؟

– اجهزي…علشان نخرج شوية أنا كلمت عمي. 


بعد نص ساعة كانت نسرين راكبة جنبه في العربية…

هي ما تعرفش ليه ناداها، ولا ليه صوته كان هادي قوي… الهدوء اللي يخوّف.

وصلوا البحر…

الهوا خفيف، والموج ناعم، والشمس آخرها بتنسحب من السماء.

قعدوا…

دقايق طويلة من السكون.


وفجأة نسرين قالت بصوت مكسور:

أويس… لو حد… أي حد، عمل ذنب… وعايز يتوب… ربنا يقبله؟


لفّ وشه عليها…

وهو بيحاول يفهم العمق اللي ورا السؤال، 

وبعدين قال بصوت هادي… دافئ… ثابت:

 بصي يا نسرين…

ربنا سبحانه وتعالى اسمه الغفّار… اسم من أسمائه أصلاً ‘التواب’. يعني هو اللي بيفتح باب التوبة قبل ما انتي حتى تفكري ترجعي له.


ولو الناس هي اللي بتغفر… كنا كلنا ضايعين.

إحنا بنغلط، وقلبنا بيضعف، والشيطان بيزيّن…

بس ربنا؟ ربنا عمره ما قفل بابه


لو ربنا ما بيقبلش التايب… كان زمان البشر خلصوا.


هي بصت له، مستنية يكمل.

وهو فعلاً كمل… وكأنه اعتبر السؤال ده أعمق حاجة اتقالت بينهما من يوم ما اتخطبوا:

ربنا ما خلقش التوبـة علشان الناس المثالية…

خلقها علشاننا إحنا… اللي بنغلط كل يوم.


وقف لحظة، وبعدين قال:

التوبة مش للخايف… التوبة للشجاع.

اللي يعترف بغلطه… ده إنسان قوي، مش ضعيف.

اللي بيهرب هو اللي ضعيف.


هي نزلت راسها…

وهو كمل:

الذنب ما بيكسّرش حد… اللي بيكسّر هو إن الواحد يفضل جوّاه، يفضل يجلد نفسه، يفضل فاكر إن ربنا زعلان منه…

مع إن ربنا بيحب اللي يرجع.


نسرين دمعتين نزلوا من غير ما تاخد بالها.

وأويس شاف…

بس معرفش يمد إيده، اكتفى إنه يكمّل:

عارفة ربنا بيقول إيه؟

“وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ.”

يعني… الرحمة وسِعِت الكون… الشمس والقمر والبحر…

يبقى مش هتسع قلب واحد مكسور وراجع له؟


نسرين كانت ساكتة…

بس تنفّسها اتغيّر.


أويس كمل، وصوته هادي لكنه ثابت:

ربنا بيغفر للِّي تاب… وللِّي لسه بيدوّر على طريق التوبة… وللِّي مش عارف يبدأ ازاي.

عارفة الحديث اللي بيقول:

“لله أفرح بتوبة عبده من أحدكم براحلته…”

يعني ربنا يفرح… يفرح بينا!

إحنا البشر لو حد غلط فينا بنقفله…

لكن ربنا؟

بيفرح إنك رجعتي له.


وقف ثانية… خد نفس… وكمل:

 وفي آية تانية، ربنا مش بس بيغفر…

ربنا (يُبدّل سيئاتهم حسنات).

يعني الذنب اللي كنتي شايلة همه…

لو تبتي منه بصدق…

ربنا يقلبه حسنة؟

تخيّلي…


نسرين عضّت شفايفها، والدموع قربت تلمع.


هو حس بده، فخفّض صوته أكتر، بلهجة كلها رحمة:

إحنا مش ملايكة يا نسرين…

ولا اتخلقنا معصومين.

الغلطة مش نهاية…

الغلطة بداية، لو الإنسان عرف يرجع.

وفكرّي في ربنا وهو بيقول:

“إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا.”

مش ذنب ولا اتنين…

جميعًا.


بصّ في عينيها:

يعني حتى اللي بيحس إنه اتسخ… وإنه ما يستحقش…

ربنا بيطبطب عليه ويقوله: ارجع… وأنا أغفر.


سكت لحظة… وبص للبحر تاني:

 لو فرعون… اللي قتل، وطغى، وقال أنا ربكم الأعلى…

كان في لحظة صدق قال: يا رب…

كان ربنا غفر له.

ما بالك بقلوبنا اللي بتتوجع وتتندم وتعيط؟


رجع يبص لها تاني:

 الذنب مش نهاية الطريق…

الذنب هو أول خطوة في طريق ربنا… لو الإنسان اختار يرجع.


تنفّس وبدأ يدخل أعمق:

حتى الذنوب الكبيرة… اللي بنفكر إنها هتبوّظ دنيتنا…

ربنا ممكن يمسحها كلها.

مش بس يمسح…

ده يبدلها حسنات.

يعني الذنب اللي بيوجعك… ممكن يتحول لسبب يقربك منه ويطهرك.


نسرين شهقت شهقة خفيفة…

زي اللي كانت ماسكة نفسها من بدري.


هو سابها لحظة وبعدين قال كلام لمس قلبها:

مفيش إنسان نضيف من البداية…

كلنا نضفنا بعد ما اتوسخنا…

كلنا اتعدلنا بعد ما ضُعنا…

كلنا قوينا بعد ما وقعنا.


لف وشه للبحر، وقال بصوت فيه حنان:

تعرفي إن رحمة ربنا أوسع من اللي إحنا متخيلينه مليون مرة؟


هي رفعت عينها ببطء…

وأويس كمل، بصوت هادي لكنه تقيل بالمعنى:

ربنا بيقول: إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ.

وبيقول: وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّـهَ يَجِدِ اللَّـهَ غَفُورًا رَّحِيمًا.

يعني مجرد إن قلبك وجعك… دي لوحدها توبة.


نسرين عضّت شفايفها… ودموعها نزلت من غير صوت.


أويس حس إنها محتاجة تسمع أكتر… فكمّل:

ربنا بيقول بصوت دافي:

(قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ… لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ).

الآية دي نزلت للناس اللي عملت أكبر الذنوب…

ومع ذلك ربنا بيقول لهم: ماتقنطوش، ما تيأسوش، ارجعوا، وأنا هغفر.


نسرين اتنهدت… لكنه ما سكتش:

وفي حديث قدسي… ربنا بيقول:

(يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك).

شايفة الرحمة؟

ذنوب لحد السماء… وبرضه يغفر.


كان بيكلمها وكأنه بيطمن قلب طفل صغير:

الذنب مش هو اللي يبوّظ الإنسان…

إنما اليأس من رحمة ربنا هو اللي يبوّظ.

إحنا بني آدم…

بنغلط…

وبنضعف…

وبنتلخبط…

بس ربنا بيحب اللي يرجع.


نسرين مسحت دموعها بإيديها المرتعشة.


أويس قال بقوة أكتر:

ربنا اسمه الغفور… اسم مش مرّة ولا اتنين… ٩١ مرة في القرآن.

واسميه الغفار… والتواب… والرحيم… والودود.

إحنا مش محتاجين نفكر ربنا إحنا بنحبّه…

هو اللي خلق الحب.

هو اللي بيفتح باب الرحمة كل ليلة.


وبصوت مليان يقين:

لو كان ربنا ممكن يغفر لفرعون لو استنجده بصدق…

يبقى إنتِ  اللي بتعيطي… وبتخافي… وبتصلي… وبتقولي يا رب


ورجع يبصلها:

ربنا مش زي البشر…

البشر بيحكموا، وبيشكّوا، وبيفترضوا…

ربنا بيسترك ويرحمك ويهديك ويحضنك.


نسرين دموعها بقت نازلة بغزارة…

ولأول مرة من سنين تحس إن فيه كلمة كسرت الحاجز اللي جواها.


أويس قال آخر جملة…

جملة كانت تقيلة، لكنها أدفى من حضن:

الرجوع لربنا مش نهاية…

دي بداية جديدة…

أجمل من اللي قبلها.


سكت…

وساب الموج يكمل باقي الكلام.


كانت قاعدة جمبه…

مش بس بتسمع…

ده قلبها بيتنضف مع كل كلمة.


بعد دقايق، قالت بصوت متردد، كأنها بتسأل سؤال مرعب:

طب… لو… لو في حاجة من الماضي… حاجة صعبة… لازم أعترف بيها لحد؟ ولا أسكت؟


أويس بصّلها بتركيز، وبعدها قال بهدوء قاطع:

بُصي يا نسرين… النبي ﷺ قال: من ستر مسلمًا ستره الله يوم القيامة.

وربنا ستّار…

ولو ربنا ساترك… يبقى إزاي تفضحي نفسك؟ ليه تفتحي باب ربنا قفّله برحمته؟


قرب منها سنة وقال:

طالما توبتي… خلاص. الماضي انتهى.

اللي اتسطَر… ميتقالش.

احنا مش بنهدم ستر ربنا بإيدينا.


نسرين بصّت للبحر… ونفسها اتقلّمت من جوّا، بس لأول مرة، كانت حاسة بلمسة أمان.


وبعدين ضحك ضحكة صغيرة وقال وهو مائل برأسه عليها:

بس إيه بقى يا ستّ الأسئلة؟

انتي قلقتيني… افتكرتك داخلة امتحان دكتوراه في الفقه.


اتلخبطت نسرين وقالت بسرعة:

لا! دي… دي عائش … عائش كانت بتسألني… فقلت أسألك… مش أكتر.


ضحك من القلب وقال:

طب الحمد لله… قولت يمكن ناوية تفاجئيني باعتراف كبير ولا حاجة.


هي اتوترت أكتر:

لأ.. لأ… مفيش!


هز راسه وقال بهدوء:

براحتِك يا نسرين.

أنا مش مستعجل على حاجة… ومش مستني منك كلام.

أنا بس بحب أفهمك… مش أحاسبك.


هي بصلته، ولأول مرة من غير خوف…

ولأول مرة تحس إن في حد مش بيضغط عليها، ولا بيحللها… بس بيسمع.


بعدها قال بنبرة خفيفة:

وبعدين… بحر إيه ده اللي سايبنا قاعدين ساكتين كده؟

قوليلي… انتي بخير دلوقتي؟


ردّت عليه بابتسامة خجولة:

آه… أحسن.


قال:

طالما بخير… يبقى كل حاجة هتبقى كويسة.


وسابوا باقي الوقت كلام هادي خفيف…

ضحكات بسيطة…

وهدوء بينهم…

-----------------------------------

نسرين وأويس رجعوا الشغل، كل حاجة كانت طبيعية جدًا. نسرين دخلت المكتب، مسكت أوراقها وبدأت تشتغل 

زمركزة على شغلها. أويس كان على مكتبه جنبها، بيرتب شغله، كل شوية يرفع عينه يشوفها، بس من غير ما يضغط عليها. 


أحمد كان قاعد في مكتبه، مركز على كل حركة بتعملها نسرين. كان متوقع بعد اللي حصل يلاقي توتر أو غضب أو على الأقل حزن في نظراتها، لكنه شافها هادية، بتضحك أحيانًا مع أويس، أحيانًا يردوا على بعض نكت خفيفة… كل شيء طبيعي. استغرب جدًا، مركز معاهم طول الوقت، كل حركة صغيرة عندهم كان بيلاحظها.


أويس لاحظ نظرات أحمد، شافه مستغرب من هدوءهم، وابتسم خفيف لنفسه، مستغرب هو كمان من التركيز ده كله.


اليوم كله مر بنفس الهدوء. نسرين وأويس بيتكلموا ويضحكوا عادي، وأحمد مركز معاهم طول الوقت، مش قادر يمنع نفسه من الملاحظة، وكل لحظة بتزيد حيرته. أويس شايف الوضع كله، مركز على أحمد، مستغرب من رد فعله، بس في نفس الوقت مرتاح لأنه كل حاجة طبيعية جدًا.


وفي نهاية اليوم، رجع كل واحد لمكتبه الجو كان هادي، لكن كل شخصية كان عندها شعور مختلف: نسرين مطمئنة بس قلبها، أويس مرتاح لكن مركز على أحمد، وأحمد هادي من بره، لكن جواه مشاعر متضاربة، عارف إن في شيء ممكن يحصل في أي لحظة.

---------------------------

رن جرس الباب فجأة.  مفيش أي حركة، بس إحساس غريب حركها تقوم. راحت للباب ببطء، وفتحته. ما كانش في حد غير عامل البريد واقف بيده ظرف صغير: 

قالت لنفسها: إيه ده، هو لسه في حد بيبعت بريد، ده اي الهطل ده؟ وضحكت ضحكه خفيفة على نفسها، وكأنها مش مصدقة.

خدت الظرف، دخلت البيت، وقفت في نص الصالة. 


فتحت الظرف، قلبها وقع… ومش قادره تمنع نفسها من الصدمة. كانت الورقة مكتوبة بخط رسمي ومرتب، لكن الكلمات اللي عليها كانت نار على قلب أي حد يقرأها:


"خطيبك المحترم، ابن الحسب والنسب، اللي عامل نفسه كويس ومحترم، كان على علاقة ببنات… بعدد شعر راسه. بيخرج معاهم، يقابلهم، ويتوعدهم… وهو أصلاً بيتسلى. وعندي الدليل لو حبيتي تشوفيه."

 

اتجمدت مكانها، والدم غلي في عروقها، العقل مش قادر يستوعب. شعرت بغصة كبيرة في صدرها، وكأن كل اللي كانت مصدقاه اتقلب على رأسها. كل صورة عن شخصيته، كل ثقة كانت حطتها فيه، راحت في لحظة واحدة.


حسّت بغضب جامد، نار جواها مولعة، بس كمان شعور بالتحرر. دلوقتي الحقيقة واضحة، مش فيه حاجة مخفية. الرسالة كانت سلاحها، دليل على كذبه، على استغلاله، وعلى كل لحظة ضاعت منها بسبب شخص ما يستاهلش.


وقفت، ماسكة الورقة بإيدها، قلبها يضرب بسرعة، عيونها بتلمع بالغضب. كل كلمة في الرسالة كانت كأنها ضرب نار مباشر على أعصابها. شعرت بغرورها يتحطم، لكنها كمان عرفت إن الخطوة الجاية لازم تكون محسوبة… لازم تواجه، لازم تتحرك، لازم تصون نفسها.

--------------------------

#يتبع. 

يترا أويس سكت ليه؟ 

ويترا مين ورا الرسالة اللي مبعوته دي كمان؟ 

كل ده هنعرفه في البارت الجاي باذن الله ♥

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

حبايب لولو ♥🍒

كل مرة التعليقات بتقولو  فيها البارت قصير، مع إن من وجهة نظري ككاتبة يعتبر طويل جداً. 

إحنا ككُتاب بنكتب في ساعات متقطعة، ولو فيه تواصل مستمر ممكن نوصل لساعتين وأكتر بدون مبالغة، وإنتو بتقروه في دقايق بس، فطبيعي تحسوه قصير.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بقلميّ /آلَاء محٍمدِ حٍجٍازْي

#خذلان_الماضي. 

#الحلقة_السابعة. 

#حواديت_لُولُـــو. 💗🎀

#AlaaMohammedHijazi

يتبع

لقراءة باقي فصول الرواية اضغط هنا ( رواية خذلان الماضي )

رواية خذلان الماضي الفصل الثامن 8

Mohamed ME
Mohamed ME
تعليقات