رواية زين عبر روايات الخلاصة بقلم رحمة طارق
رواية زين الفصل الأول 1
"متفكريش إني متجوزك عشان خاطر سواد عينك ولا حاجة... خلي دايمًا في بالك إني متجوزك كده بس عشان أرضي أهلي."
حبست دموعي جوا عيني ورديت وملامحي متحجرة:
_"مش فارق معايا أساسًا."
رفع حاجبه وابتسم بسخرية:
_"هههه، مش فارق معاكي؟ طيب... روحي بقى اعمليلي حاجة آكلها بدل قاعدتك دي."
بصيت له بطرف عيني وأنا على وشك الانفجار من أسلوبه، لكن ما نطقتش. قمت ودخلت المطبخ وقلبي بيغلي، وبدأت أجهز الأكل وأنا بتنهّد.
بعد ساعة تقريبًا دخل عليا:
_إيه كل ده؟ ساعة عشان تعملي الأكل؟ أنا جعان.
اتنهدت وأنا ماسكة نفسي:
_الأكل قدامك على النار. إيه شايفني مكنة؟
_عاملة اكل إيه؟
_ملوخية ورز وفراخ.
_نعم! أنا مش باكل الأكل ده. مش بحب الملوخية.
بصيت له بنظرة باردة وقلت:
_مفيش حاجة اسمها مش بحب. كلها نِعَم ربنا تتاكل. وانت أصلًا تحمد ربنا إني وقفت في المطبخ وعملتلك أكل.
اتكلم بسخرية:
_ياسلام! أومال أنا متجوزك ليه؟
قربت منه بثبات:
_عشان ترضي أهلك. نسيت؟ مش عشان أطبخلك وابقي خدامه عند حضرتك.
قرب خطوة أكبر وصوته احتد:
_اتجوزتك يعني تسمعي كلامي! أهلك ما ربوكيش إن كلام جوزك يتسمع؟
رجعت خطوة لورا وأنا متماسكة:
_لا... أهلي ربوني أعامل المحترم باحترام. لكن اللي مش محترم... أديه على دماغه، مهما كان هو مين.
قولت اخر كلامي وانا بجذ علي سناني من العصبية.
وقف قدامي وهو باصصلي بتعجب، وبعدين خرج من المطبخ من غير كلمة.
كملت الأكل وأنا باخد أنفاسي واحدة واحدة عشان أهدي. بعد شوية، حطيت الأكل على السفرة ورحت له:
_"الأكل جاهز."
بصلي بطرف عينه من غير ما يرد. سبتُه ومشيت. قعدت آكل لوحدي، وفجأة لقيته سحب الكرسي وقعد يأكل في صمت. بصيت له باستغراب، لكنه ما نطقش غير وهو بيقوم:
_"تسلم إيدك."
ابتسمت بخفة:
_"بالهنا والشفا."
ومن جوايا قلت: هو إيه اللي جراله؟ ده من شوية كان بيكلمني بقرف... ليكون خاف مني فعلًا؟ وضحكت مع نفسي.
بعد ما خلصت، دخلت أغسل المواعين. خرجت على الصالة عشان أشوف مسلسلي لقيته قاعد بيتفرج على ماتش.
قلت وأنا متحمسة:
_أنا عايزة أجيب المسلسل بتاعي.
بصلي ورجع يركز في التليفزيون. خطفت الريموت، لكنه بسرعة نتشه مني ورفع إيده فوق. حاولت أوصل للريموت وانط وهو يبعد لحد اما وقعنا علي الكنبه وانا وقعت في حضنه فضل بااصصلي حبه وأنا تقريبا لسه مش مستوعبه:
اتكلم وهو بيخفى ضحكته:
_طب ايه هتقومي ولا ايه قطعتيلي نفسي ياعجله
فوقت من صدمتي وبقوم بسرعه وانا بعلي صوتي وبقول:
_عجله!عجله مين ياحبيبي دانا وزني وزن الريشه وبعدين إيه ده؟ بتستغل إني قصيرة؟ هات الريموت يا زين!"
ابتسم بمكر:
_مفيش ريموت... عندي ماتش مستنيه.
دبدبت على الأرض:
_لا، أنا عندي مسلسل!
رد ببرود:
_روحي هاتي لنفسك تليفزيون، ده بتاعي وأنا اللي جايبه.
بصيت له بسخرية:
_أشبع بيه!
ودخلت أوضتي ورزعت الباب.
قعدت على السرير أقلب في الموبايل لحد ما النوم غلبني. فجأة صحيت على صوته جمبي.
_إيه؟ إيه؟ رايح فين؟
اتكلم ببرود وقال:
_هنام. فيها حاجة دي؟
_لا طبعًا، متنامش هنا.
أومال أنام فين؟
_علي الكنبه برا... انت هتصدّعني.
ابتسم بإصرار:
_وأنا مش هنام غير هنا. لو مش عاجبك... اخرجي نامي على الكنبة انتي.
اتكلمت بصدمه:
_كنبة! مش عيب عليك؟ تبقى إنت الراجل وتنام على السرير، وتسيب البنت المسكينة القمورة اللي هي أنا تنام على كنبة؟
ضحك وهو بيبصلي:
_بنت مسكينة وقمورة كمان؟ لا، انتي شكلك مبصتيش كويس في مرايات البيت ؟
ضيقت عيني بغضب، وحطيت المخدات فاصل بيني وبينه.
قلت بحدة:
_مفيش حل غير كده.
رد وهو بيمثل الجدية:
_على أساس إيه يعني؟ هموت وأنام جنبك؟ ده أنا حتى خايف أصحى ألاقيكي واكلة حتة مني وانا نايم.
ضحكت غصب عني، وأنا بحط المخدة وبهمس:
_لا يا خويا، لحم الخنزير حرام.
اتجمد وهو بيبصلي بدهشة:
_قلتي إيه؟
بلعت ريقي بتوتر:
_أ... أنا...
_أيوة، إنتي. أومال مين في الأوضة غيرك؟
_م... مقولتش حاجة.
بصلي وابتسم ابتسامة خفيفة ورجع مكانه:
_آه... بحسب.
اتنهدت وأنا قلبي كان هيموت من الرعب، وبعدين دفيت نفسي بالغطا وروحت في النوم.
>>>>>>>
صحيت تاني يوم على صوت خبط خفيف على الباب سمعت صوته من ورا الباب:
_قومي صحّي... عندنا ناس جاية تزورنا.
رميت الغطا بضيق:
_إيه؟ ناس إيه دي كمان؟
فتح الباب من غير ما يستأذن، وهو واقف مبتسم ابتسامة مستفزة:
_أهلي جايين يقضوا اليوم معانا. يلا جهزي نفسك.
بصيتله بغيظ:
_طب ما تقول قبلها بيوم! أنا أصحى كده ألاقي أهلك جايين؟!
رفع كتفه ببرود:
_وأنا مالي، هم اللي قالوا هييجوا. وبعدين هما محتاجين يستأذونوا من حضرتك عشان يجوا بيت ابنهم ولا ايه..؟
اخدت نفس عميق وكتمت غضبي بالعافية، وقمت من السرير
جهزت ودخلت المطبخ وأنا متوترة. بدأت أجهز الفطار بسرعة، واللي بيزود عصبيتي إني حاسة إنه واقف بيراقبني من بعيد. كل شوية يدخل يعلق:
_مش شايفة إن البيض استوى زيادة؟
_العيش محمص أوي.
_حطي شاي أكتر.
التفت له فجأة وأنا ماسكة معلقة:
زين... سيبني أركز بدل ما أديك بالمعلقة دي علي دماغك!
ضحك وهو رافع إيده:
ماشي ماشي... خلاص.
خلصت السفرة، وأهله وصلوا. أول ما دخلوا، لقيته بيتحول لإنسان تاني... لطيف، بيضحك، صوته واطي!
أمه قعدت على السفرة وقالت بابتسامة:
_الله... الأكل شكله يشهي. تسلم إيدك يا بنتي.
ابتسمت وأنا بقول:
_بالهنا والشفا.
زين قعد قدامها وهو بيقول بكل فخر:
_شايفة يا ماما؟ مراتي شاطرة إزاي.
بصيت له وأنا متفاجئة من قلب الموازين ده. من شوية كان مش طايقني وعمال يعلق ويصححلي، ودلوقتي بيتمنظر بيا!
فضلنا قاعدين ناكل، وكل ما أتكلم أو أضحك مع أهله ألاقي عينه عليا، كأنه بيراقب كل حركة.
بعد ما مشيوا، دخل عليا المطبخ وأنا بلمّ الأطباق.
_انتي كنتِ متألقة قوي قدامهم.
بصيت له وأنا مش فاهمة:
_هو ده ذم ولا مدح؟
قرب مني وقال بصوت واطي:
_ مدح. وباسني في خدي.
اتسمرت في مكاني... لأول مرة يكون لطيف اوي بالشكل دا معايا.
رجع خطوتين بسرعة وكأنه رجع لشخصيته القديمة وقال وهو بيضحك:
_بس بلاش تفتكري إنك عجباني بقى او بعاكسك مثلا .
اتنهدت وأنا بقول لنفسي: هو إيه الحكاية؟! الراجل ده ليه وشين؟
>>>>>>>
عدّى اليوم ببطء، ولما جه الليل كنت قاعدة في الأوضة ماسكة الموبايل، بحاول أشغل نفسي بأي حاجة عشان مافتكرش اللي حصل الصبح.
وفجأة لقيت الباب بيتفتح وزين داخل.
قلت بضيق:
_إيه يا زين؟ مش هتزهق داخل خارج عليا طول اليوم؟
قعد على الكرسي اللي جنب السرير وهو بيبصلي بهدوء غريب:
_مش ناوية تنامي بدري؟
رفعت عيني من على الموبايل:
_هو حضرتك بقيت بابا ولا إيه؟
ابتسم ابتسامة صغيرة، بس المرة دي ماكانتش سخرية:
_لا... بس شكلك تعبانة.
سكت شوية وأنا مش متعودة على نبرة صوته دي. وبعدين قلت بخفة:
_أيوة تعبانة منك.
ضحك، ومال لقدام وبصلي بنظره طفل برئ:
_يعني أنا السبب؟
بصيت له بتعجب وأنا بحاول أخبي ارتباكي:
_أيوة، إنت السبب في صداعي وضغطي ونرفزتي.
سكت ثواني، وبعدين قال بجديّة:
_طب قوليلي... لو كان غيري جوزك، كنتي هتتمني يبقى عامل إزاي؟
اتصدمت من السؤال. فضلت أبصله من غير رد. هو رجع يكرر:
_جاوبي.
قلت بعد تفكير قصير:
_كنت هتمنى يكون راجل يحسسني إني مهمة، مش مجرد واحدة اتجوزها وخلاص. راجل يحترمني قبل ما يطلب مني أسمع كلامه ويقدرني. راجل يكون سندي، مش يجرحني.
وشي كان بيترعش وأنا بتكلم، لكني كملت:
_بس للأسف أنا نصيبي جه معاك إنت.
اتجمد مكانه، وفضل ساكت فترة طويلة. عيونه كأنها حزينه من كلامي
وفجأة وقف، قرب مني أوي وقال بهدوء:
_يمكن أنا مش الراجل اللي انتي بتحلمي بيه... بس مين عارف؟ يمكن أتعلم أبقى هو.
اتسعت عيني بدهشة. حاولت أرد بس لساني اتلخبط. هو لاحظ ارتباكي، وابتسم ابتسامة باهتة، وبعدين رجع خطوتين لورا وقال بنبرته المعتادة:
_يلا، نامي بقى... عشان بكرة عندنا مشوار.
_مشوار إيه؟
ابتسم بمكر:
_"مفاجأة."
خرج من الأوضة وأنا قلبي بيخبط بجنون. لحد دلوقتي مش عارفة... هو بيتغير فعلاً؟ ولا بيلعب لعبة جديدة؟
يتبع...