رواية ما أفسدته الأنثى الأولى تعوضه الثانية عبر روايات الخلاصة بقلم دينا النجاشي
رواية ما أفسدته الأنثى الأولى تعوضه الثانية الفصل السابع 7
إسلام بابتسامة هادية: إزاي بس، دا انتي بنت خالتي.. وكمان هي من سنك، وأكيد ليكي نظرة.
سقطت دموع رغد دون حسيب ولا رقيب، وهذه المرة لم تستطع السيطرة عليها. وضعت يدها على وجهها لتخفي انكسارها، لكنها فشلت، فالألم كان أكبر من قدرتها على الكتمان. شعرت أن الضغط عليها يزداد حتى كاد يخنقها، والأقسى من دموعها هو محاولتها المستميتة لإيجاد مبرر لها أمامه
اما إسلام صُدم عندما رأى حالتها، ولعن غباؤه وعدم اهتمامه بمشاعرها، فاقترب منها بحنان:
— رغد… اهدي يا حبيبتي، أنا آسف، والله ما أقصد أزعلك أبدًا.
حاولت رغد أن تستجمع ما تبقى من قوتها، فبكاؤها أمامه جرح كبرياءها أكثر من أي كلمة قد يقولها. شعرت أن كرامتها انكسرت بين يديه، لا لشيء إلا لأنها أحبته أكثر مما ينبغي.
إسلام بندم:
— عشان خاطري اهدي… أنا آسف.
رفعت رغد عيونها المليئة بالدموع ونظرت له بعتاب:
— بتتأسف على إيه؟ أنت مغلطتش في حقي… بالعكس، أنا اللي غلطت في حق نفسي وهِنتها أكتر من اللازم.
.إسلام بحزن وهو يحاول تهدئتها:
"طيب اهدي بالله عليكي، متخليش أمك تيجي تخلص عليا وتفض الحوار قبل ما يبدأ."
رفعت رغد عينيها الممتلئتين بالدموع ونظرت إليه بعتاب مؤلم جعل قلبه ينقبض.
إسلام بصوت دافئ وملامح يملؤها الحب:
"رغد... أنا كلمت عمي مصطفى وطلبت إيدك منه، وهو وافق، وخالتك كمان موافقة... بس ناقص ردك إنتِ."
توقف لحظة يراقبها، يحاول أن يقرأ ما يدور في أعماقها من بين دموعها وصمتها، ثم تابع بندم صادق:
"آسف على غبائي اللي خلاكي تعيطي... والله ما كان قصدي أزعلك. أنا بس كنت عايز أشوف ردك الأول... قبل ما أقولك إن البنت اللي قصدي عليها دي... هي إنتِ."
كانت رغد تستمع إلى كلماته بصدمة، لم تستوعب ما يقول، فانتفضت من مكانها بعينين تملؤهما الدموع والخذلان:
... ومين قالك إني هوافق عليك؟
اسلام بهدوء محاولًا تهدئتها: أنا مقلتش إنك هتوافقي، بالعكس... أنا جيت عشان أقعد معاكي وأسمع ردك بنفسي.
رغد بعينين دامعتين وصوت مختنق: انت بتلعب بأعصابي وبس يا إسلام... أنا اتحملت منك وجع محدش يقدر يتحمله. وفوق كل ده... روحت واتجوزت غيري، وساعتها قلبي اتفتت بس فوضت أمري لربنا وسكت.
ارتجف صوتها أكثر وهي ترفع نبرتها:
تنفجر به من الألم: ومكفكش ده كله؟! اتحملت فكرة إنك ممكن ترجع مراتك، واتحملت إنك بتفكر تخطب... وبدل ما تريحني أو تحس بيا، تيجي دلوقتي بكل برود وتقولي عايز آخد رأيك؟!
إسلام بندم :
أنا آسف يا رغد… آسف على كل وجع كنت السبب فيه، وآسف على حبك اللي ماقدرتوش زي ما يستاهل. بس يا رغد، إنتي كمان كنتي بتهربي… خوفك سيطر عليكي، وماحاولتيش حتى مرة تاخدي خطوة عشان الحب ده.
رغد بدموع:
غصب عني … كنت بهرب، كل مرة أسمع صوتك كنت بحس إن روحي بتتسحب مني وجسمي بيتخشب زي الصنم. ولما جيت عند خالتي وشفتك قدامي… ماصدقتش إني شايفاك وانت شايفني. ساعتها كنت بقنع نفسي إنك خلاص… مبقتش ليا.
لكن… لما خالتي قالتلي إنك طلّقت… حسيت إن ربنا سمع دعائي، كإنه بيقولي: "دي فرصتك."
رفعت عينيها تنظر في عينيه بضعف وتعب:
أنا عارفة إني غلطت… بس كنت واثقة إن لو كنت مكتوبة ليك، هكون من نصيبك… حتى لو فضلت أهرب لدرجة انك تنسى إني موجودة.
اسلام بحب قرب منها وبتنهيده... وربنا أراد إني أقابلك وتكوني ليا
رغد بوجع... لا، أنا مش هسامحك بالسهولة دي
اسلام بحب... وأنا موافق، بس المهم أضمن إنك ليا وبتاعتي، وعاقبيني زي ما إنتي عاوزه
مسحت رغد دموعها وبجمود... كلامك مع بابا وماما أنا ماليش دخل
اسلام بهدوء... يعني أفهم من كده إنك مش عوزاني؟
رغد بحزن... أظن إنك عارف الرد كويس، بس طبعك أناني من عمرك.
اسلام بغيظ... يا ستي أنا أناني، قوليها بقا وريحيني... موافقه؟
رغد بعناد... معرفش ومعنديش رد
اسلام بهمس... تمام يا بنت خالتي، بكره تبقي تحت إيدي وهنشوف الحوار ده
رغد بإحراج... أنا ماشية
اسلام بابتسامة... هستنى ردك
في تلك اللحظة دخلت خالته بعد خروج رغد من الغرفة، وبحب... ها طمني يا حبيبي
لم يلتفت إسلام إلى خالته ولم يلحظ وجودها أصلًا، فقد كان عقله وقلبه منشغلين فقط بتلك الجميلة التي أيقظت بداخله مشاعر لم يعرفها من قبل... ولأول مرة يعترف لنفسه بصراحة أنه وقع في الحب.
خالته باستغراب وهي تنظر له:
ـ انت روحت فين يا بني؟ ومالها البت مشيت كده ليه؟
ابتسم إسلام بخفة :
ـ مكسوفة يا خالتي...ومردتش عليا. المهم، أنا هستنى ردها منك.
خالته بحب :
ـ ماشي يا حبيبي... ربنا يكتبلك الخير.
خرج معتصم وهو يتناول قطعة كيك :
... بالله يا خالتي، ما في زي الكيك بتاعك ولا في طعامته.
خالته بضحكه... ألف هنا يا قلب خالتك.
إسلام بابتسامة هادية... هنستأذن إحنا يا خالتي، وهستنا منك مكالمه.
خالته باستغراب... إيه يا ابني، ما تخليكو شويه، هو انتو لحقتوا؟
معتصم بموأمه... أيوه خلينا يا إسلام، ده الكيك تحفه.
إسلام بضيق مسكه من قفاه وسحبه وراه... يلا بينا، سلام يا خالتي.
خالته بضحكه ... سلام يا قلب خالتك، واضافة بحب هعملك صينيه وابعتهالك البيت يا عصومي.
---
معتصم بغمزة : انتي القلب والنعمة يا كرملة.
ضحكت خالته وغادرو، فالتفت معتصم إلى إسلام وهو يومئ برأسه: إيه الدنيا؟
إسلام بهدوء: مردتش عليا.
معتصم: يمكن محروجة.
إسلام بموافقة: آه.
معتصم : ومالك زعلان كده ليه؟
إسلام بتنهيده: مستغرب إزاي ما شُفتهاش قبل كده! سبحان الله... رغم كل اللي كنت فيه، أول ما وقعت عيني عليها خطفتني.
كنت حالف إني أقفل قلبي، وأقنعت نفسي إن كلهم شبه بعض... بس كل ده انهار من أول لحظة شوفتها فيها.
معتصم بتفهم : دا النصيب ياحبيب، وربك مقدرلك الوقت والمكان عشان تقابلها فيه.
إسلام بابتسامة: عندك حق.
....
مرت الأيام ورغد ما زالت صامتة، لم تُعطِ والدتها أي رد، رغم أنها تدرك تمامًا حجم الحب الذي تكنه لإسلام.
أما معتصم فقد تمت خطبته على آية، وسرعان ما كتبوا الكتاب، وكان في قمة سعادته بها، يعشق جنونها وعفويتها التي أضفت على حياته طابعًا مختلفًا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ♡♡♡♡
بينما عند إسلام، فقد غرق في عمله محاولًا أن يدفن داخله كل سؤال وكل وجع، لكن عقلَه لم يتوقف عن التفكير في رغد، وفي سبب صمتها الموجع.
وبين حيرةٍ واشتياق، لم يجد حلًّا سوى أن يذهب إليها من جديد، علّه يفهم ما تخفيه خلف صمتها.
في منزل رغد، كانت تجلس في غرفتها يائسة، تتأرجح مشاعرها بين حبها الكبير لإسلام وبين ألمها وشفقتها على حالها.
كل مرة كانت تحاول أن تقنع نفسها بأن ما حدث لم يكن ذنبه، لتعود بعد لحظات وتلقي عليه اللوم وكأنه سبب قهرها ودموعها.
وبينما تغرق في دوامة مشاعرها، دوّى طرق خفيف على الباب.فبادرت لفتحه وعقلها شارد.
وتساؤلاتها تتسارع:
هل هو بخير؟
هل نسيها تمامًا؟
لماذا لم يحاول أن يتحدث معها طوال هذا الوقت؟
ثم يهمس صوت آخر بداخلها: "كرامته عنده فوق أي شيء… حتى فوق حبي."
تألمت من الفكرة، وضاقت عيناها بالدموع، فانسابت على وجنتيها دون وعي.
مسحتها سريعًا بيد مرتجفة، ثم مدت يدها لتفتح الباب.
وما إن وقع بصرها على الشخص الواقف أمامها… حتى شهقت
إسلام ببرود وهو يثبت نظرته عليها:
ــ خير… شوفتي عفريت؟ ويا ترى ناوية تستخبي فين المرة دي؟
رغد بتوتر وهي تحاول ان تسيطر على ارتباكها:
ــ هستخبّى ليه؟
إسلام بسخرية مريرة:
ــ غريبة… ما ده طبعك .
رفعت رغد عينيها إليه بحزن واضح، تبحث عن أي دفء في كلماته، لكنه قابلها ببرود أقسى من الصمت.
اقترب منها خطوة، وصوته يزداد برودة:
ــ أمال… خالتي فين؟
رغد بحزن:
ــ جوه… في المطبخ… ادخل وأنا أناديها لك.
فاجأها حين أمسك يدها بقوة، ووقف أمامها بحزم:
ــ سيبيها… أنا مش عاوزها، أنا عاوزك إنتِ.
ثم اندفع للداخل وهو يرفع صوته قليلًا:
ــ خالتي، أنا إسلام… خليكي كملي اللي بتعمليه، أنا هكلم رغد كلمتين وأمشي.
خالته من الداخل بابتسامة مطمئنة:
ــ ماشي يا حبيبي.
سحبها إسلام إلى الصالون وبغضب مكتوم:
إسلام: ممكن أفهم.. مش موافقة ليه؟
رغد بجديّة: عادي.. محتاجة وقت، ولا ماينفعش؟
إسلام بإصرار: لا، ينفع.. وتقدري كمان تغيّري وجهة نظرك.
رغد بحزن: تمام، أكيد هاخد بنصيحتك.
إسلام بتنهيده:
اسمعي يا رغد، منكرش إني حبيتك من أول يوم شوفتك فيه.. ورغم وجعي واقتناعي إني مستحيل أغلط الغلطة دي تاني، إلا إنك هديتي كل ده. ولأول مرة عرفت يعني إيه حب.
سكت لحظة ثم تابع بجدية وهو يراقب ملامحها:
فهمت إن اللي كان نحيتي لـ نسمة مجرد إعجاب.. لكن معاكِ الموضوع مختلف. متأكد إن لو كنت شوفتك من زمان، كنت أنا اللي حبيتك قد حبك مرتين. بس ربنا ما أرادش أقابلك قبل كده.
ومكنتش اقصد ابدا اني أوجعك أو أقهرك.. ولو انتي شايفة إن خلاص مش مناسب ليكي أو أناني، مش هازعل وهحترم رأيك.
أنهى كلماته وعينيه معلّقة بها، ينتظر منها كلمة واحدة، إشارة بسيطة، أي رد يخفف ثقل ما في صدره. لكنها بقيت صامتة، أسيرة ذهولها وصراعها الداخلي. عندها أشاح بوجهه، وانصرف بخطوات مثقلة دون أن ينطق بحرف، وكأن شيئًا في داخله انكسر، كأن روحه تُنتزع منه لأول مرة ويذوق ألمًا لم يعرفه من قبل.
أما رغد، فجلست في صدمة، غير قادرة على تصديق ما حدث. كان الاعتراف حلمًا يراودها طوال سنوات، وها هو يتحقق فجأة… حبيب طفولتها يعترف بحبه. اجتاحتها رغبة عارمة أن تصرخ، أن تركض نحوه وتضمه، أن تلومه وتبكي بين ذراعيه، لكن صوت الباب وهو يُغلق أعادها للواقع. انتفضت واقفة، هرعت خلفه بخطوات متعثرة، لكن كل ما وجدته كان أثر رحيله... لقد غادر.
فجلست رغد تبكي بحرقة في مكانها، عاجزة عن السيطرة على مشاعرها.
خرجت والدتها في تلك اللحظة، وفزعت عندما رأت حالتها:
الأم بقلق: مالك يا بنتي؟ فيكي إيه؟
رغد وهي تمسح دموعها بصوت متقطع: ابن أختك يا ماما… مشي من غير ما أقوله إني بحبه، ونفسي أتجوزه… وأخلف منه عيال كتير شبهه.
الأم بضحكه: ربنا يهديكي يا رغد، طول عمرك بتهربي منه كل ما تشوفيه، ودلوقتي بتعيطي عشان مشي قبل ما تبوحي بحبك!
رغد بعفوية وإصرار: مش هكرر غلطتي تاني يا ماما، أنا لازم أتجوزه… ضروري!
الأم بضحكه اردفت بنبرة حانيه: الواد شكله دوخ عقلك يا بنتي… ماشي، اهدي دلوقتي وأنا هكلم عمك، وأخليه يحدد معاد معاه عشان الخطوبة.
انتفضت رغد من مكانها بفرحة طفولية، وارتمت في حضن والدتها، تحتضنها بسعادة غامرة.
#يتبع
رواية ما أفسدته الأنثى الأولى تعوضه الثانية الفصل الثامن 8 من هنا