رواية علي ونور عبر روايات الخلاصة بقلم نورهان علام
رواية علي ونور الفصل الأول 1
"يا ماما، الحقيني... دا طلع ديلر، وتاجر أعضاء بشرية، الأستاذ المحترم علي الدهان، طلع بيعرف نسوان، أيوه يا ماما زي ما بقولك كده، وكمان بيتكلم وهو نائم."
"مش مغتصب حيوانات بالمرة!"
أوبس، هو سمعني؟
دا بقى علي جوزي، اللي هيبقى طليقي فيما بعد، بعد ما رفض طلبي الوحيد منه.
"كمان بتعترف على نفسك يا مجرم؟ انت أكيد شغال مع المافيا الروسية."
ضحك بيأس مني، وأخذ الفون وأنا بزعق له وبقوله إنه حرامي، وقال لماما:
" معلش يا حماتي قلقناكي بليل، الأمر كله إني رفضت إنها ترسم على وشي وأنا نازل الشغل بكرا، وخلاص بقى ناقص تبلغ أمن الدولة وتقول إرهابي."
سمعت ضحكة ماما في التليفون وهي بتقول:
"معلش يا حبيبي، انت عارف هرمونات الحمل بقى."
"حمل إيه يا طنط؟ بنتك هبلة أصلًا، دي لسه حامل في شهر، وتقولي أنا بتوحم على يوسْتفندي وإحنا في الصيف."
"الله يعينك يا حبيبي، ربنا يسعدكم."
قفلت معاها وأنا ببص لها وبقرب منها وبقولها:
"ينفع ننام يا روحي... والله تعبان وعندي شغل بدري أوي."
بصّت ليا بقمص، ولحظات وملامحها بدأت تلين، وبصّتلي بحب، وراحت بايْسة خدي، وأخذتني إيدي للأوضة. ابتسمت وأنا باخدها في حضني، وبحاول أخليها تنام كعادتنا أنيمها وبعدها أنام.
————————————————————————
صحيت الصبح متأخر على شغلي، بصيت جنبي ومكنتش موجودة، يعني هي صاحيه ومصحّتنيش للشغل!
قمت بضيق وأنا بحاول أهدي نفسي، ودخلت المطبخ لقيتها واقفة بتحاول تعملي القهوة في الكنكة زي ما بحبها، رغم إنها بتستهل ماكينة القهوة، وبتقلي البيض، وتحضر التوست والمربى والجبنة، دا غير كوباية اللبن بتاعتها.
كانت فعلًا تايهة وسط المطبخ الواسع شوية، وكل شوية تجري وهي بتكلم نفسها. ابتسمت ونسيت الضيق كله وأنا بشوفها واقفة الوقفة دي عشاني، رغم إنها عمرها في بيت أهلها ما نزلت المطبخ تجيب شوية مياه.
"محتاجة مساعدة يا قمر؟"
بصت لي وهي بتبتسم، وسابت كوباية اللبن من غير ما تحس وهي بتجري عليّا، فوقعت الكوباية على هدومها. جريت رفعتها من الأرض، ولسه هسألها: "أنتِ كويسة؟" لقيتها بتعض كتفي جامد وبتقول بغضب طفولي:
"أنت السبب، أنا مبحبكش! بتصحى ليه؟! كوباية اللبن وقعت وهدومي اتبهدلت!"
ضحكت ورفعت إيدي ألاعب شعرها وأنا بقولها:
"فداكِ الدنيا كلها مش كوباية لبن."
"وهو أنا اللي السبب؟! أنتَ السبب على فكرة."
"ليه هو أنا اللي كنت ماسك الكوباية؟"
"لا، بس انت غلطان، وانت السبب، وانت وحش كمان!"
كنت حاسس إني بتناقش مع طفلة وهي في حضني شايلها ومش معترضة، كل همها تثبت لي إني غلطان. قربت منها وأنا طرف أنفي بيلمس خدودها وبقول:
"أنا وحش فعلًا، وأنا اللي أكلت الجبنة كمان، وناوي آكل حاجات تانية كتير."
شهقت وأنا ضحكت على صدمتها وفكرتها فهمت قصدي، لكن كالعادة فصلتني وهي بتقول:
"أنت كلت الجبنة الكيري بتاعتي يا علي؟! اخس عليك! انت عارف إني بحبها. انت زوج شرير!"
ضحكت وبوست خدها ولقيتها ابتسمت أوي وأنا بقولها:
"بعتذر لحضرتك يا مولاتي، ممكن تقعدي هنا لحد ما ألم الزجاج يا قطة؟"
قاعدتها على رخامة المطبخ ولميت الزجاج وكنست، وفطرنا. الأكل كان أغلبه محروق وهي قاعدة متوترة وأنا بدوق الأكل بسرعة عشان متأخر ومستنيا رأيي.
"ربنا لا يحرمني منك يا قطتي، الأكل تحفة، وكل يوم بيبقى أحلى من اللي قبله. معلش يا عمري، أنا متأخر أوي على شغلي. كمّلي أكل انتِ."
بوست راسها، ولسه داخل الأوضة لقيتها جاية ورايا بسرعة وبتعتذر:
"أنا آسفة أوي يا علي، نسيت خالص أصحيك. كنت في المطبخ من بدري أوي عشان أعملك فطار. أنا آسفة."
ابتسمت وأنا بقفل أزرار القميص وقلت:
"بكرة بإذن الله تتعلمي وتفتكري، متشليش هم حاجة. أنا هتصرف."
قربت مني وقفّلت القميص بشياكة ورقة واهتمام بالتفاصيل، وكذلك الجرافة ربطتها بسلاسة أوي زي كل يوم، ورشّت عطري. كانت حركتها سريعة عشان أنا متأخر، وبعدين رفعت نفسها تبوس خدي، ومن هيامي بيها وهي مهتمة بتفاصيلي نسيت أقولها لا عشان الروج بتاعها.
————————————————————————
كنت في الشغل، وكالعادة لما الظهر والعصر بيأذنوا ببعت لها تصلي، وأنزل أصلي في مصلى الشركة. هانت كلها ساعة وأخلص شغلي، لكن جالي اتصال من أختي إن أني تعبت أوي.
سبت كل اللي قدامي ووصلت بأعجوبة لبيت أهلي اللي في منطقة لا شعبية ولا راقية. طلعت ستة أدوار بكل قوتي ولسه بخبط، الباب اتفتح ولقيت السفرة قدام عيوني مليانة كل ما تشتهي النفس؛ محشي، بط محمر، رقاق باللحمة وبشاميل سايح زي ما بحب.
ضحكت واستوعبت إن أني كويسة، وإن أكيد في مناسبة في البيت. من غير كلام قعدت على السفرة وبدأت آكل، وبعد ما فتحت كم القميص واندماجت لقيت أختي بتقولي:
"أنا صاحبة اليوم على فكرة، الاحتفال دا عشان تخرجي، والأكل متحرم عليا عشان حضرتك مش موجود."
ظهرت ماما وهي بتطبطب على كتفي وشعري وبتقول:
"سيبيه يرمي عصمه لقمتين، الله أعلم مراته بتأكله أكل عامل إزاي."
سيبت الأكل على مهل وأنا بقول:
"أنا بحب أكلها يا أمي، كل اللي بتعمله عشاني بينزل لقلبي مش معدتي... ألا صحيح، هي فين؟"
سألت "هي فين" كأمر بديهي. أنا عارف إنها وصلت أكيد، أو هم متفقين معاها إني أجي قبلي. وأكيد الهانم ركبت عربيتها لوحدها وهي حامل، وطلعت السادس لوحدها برضه!
كنت في دوامة التفصيل: هي وصلت هنا إزاي؟ وناوي أحاسبها، لكن أمي قطعت تفكيري وخوفي عليها وقالت:
"هي مش هنا، محدش اتصل بيها أصلًا."
لفّيت ظهري بحاول أفهم وأنا بقول:
"هي دي مش مفاجأة عائلية وكده؟ أكيد جات، وإنتم بس جبتوني بحجة إنك تعبانة."
"أيوه مفاجأة عائلية يا علي، بس مراتك مش من توبنا ولا من عيلتنا. وبعدين هي مش بتعمل حاجة غير إنها بتلخم اللي حواليها، وعاوزة تتعلم كل حاجة، ودلعها ماسخ أوي بصراحة."
كنت بحاول أبقى هادي في كلامي مع ماما، قمت من مكاني ومسحت إيدي، وقلت لها:
"لو مراتي اللي شايلة ابني مش من عيلتنا، يبقى مين منها؟
لو مش معتبرها عيلتك، فهي عيلتي الأولى يا أمي."
ابتسمت وأنا ببوس راس أختي وبقول لها:
"مبارك عليكِ النجاح يا حبيبتي، بس أنا مش هعرف أكمل اليوم معاكي. بكرة بإذن الله هاجي آخدك من هنا وتشتري اللي نفسك فيه كله هدية تخرجك."
روحت فتحت الباب ونزلت على عربيتي وأنا بتحرك، وسرحان وزعلان من أمي، اللي للآن مش قادرة تتقبل مراتي، وللأسف مش عايزة تفهم حبي لها.
حبيبتي أبوها توفى وهي عندها ست سنين، ومستواها المادي عالي أوي، وترفيه ودلع وخدم كتير، وحنية ودلع من أمهم اللي عمرها ما حرمتها من حاجة.
خلال فترة جوازي وحتى خطوبتي، ومن أول مرة قلت: "أنا عاوز نور تكون مراتي"، وأنا حاطط قول الإمام النووي في الفقه الشافعي قدامي:
*"فإن كانت ممن لا تخدم نفسها عادةً، وجب عليه أن يقيم لها من يخدمها، إن قدر عليه، كما يجب عليه نفقتها."*
أنا أخذت امرأة تُخدم ولا تخدم، فكان واجب عليّ ـ لو مستطاع ـ إني أجيب لها خادم. ولما قلت لها في بداية الجواز، كانت شايفة إني غير قادر وقتها، فرفضت، وكنا يد واحدة في البيت. مرة تبوز، ومرة إحنا الاتنين نصلح. حتى لما ربنا فتح عليّ أبواب الرزق، سألتها عن أمر الخادم، فقالت جملة عمري ما أنساها:
"لو مزعلتش من أكلي الوحش وفشلي المتكرر في كل حاجة، فأنا عاوزة أفضل أحاول وأتعلم عشان أعملك كل حاجة بإيديا. مش هكون مبسوطة لو واحدة غيري بتعملك أكلك أو بتغسلك هدومك. أنا عاوزة أعمل كل حاجة بإيديا."
ومن ساعتها وأنا وهي بنخبط في الحياة، لغاية ما اتعلمت الغسيل، لكن الطبخ لسه مشوارنا طويل، وأنا معنديش مانع أستنى العمر كله عشانها. وصلت تحت البيت، ولسه هفتح باب العربية، افتكرت إني مجبتش حلويات لها، ودي فيها أسبوع زعل!
اضطريت أركن عربيتي، واشتريت الفاكهة اللي بتحبها، عشان الحلويات مضرة لها وللحمل، ومافيش مانع في علبة غزل بنات صغيرة تفرحها.
————————————————————————
طلعت البيت، وكالعادة أول ما فتحت الباب لقيتها بتجري عليّ بابتسامتها اللي بتخلي الدنيا كلها تضحك لي، وحضنها اللي بينسيني الهموم. حضنتها ونزلتها بهدوء وأنا بقلع الجزمة وبقول:
"يا بنتي هتبطلي جري إمتى بقى؟ على مهلك يا حبيبتي عشان البيبي."
ابتسمت وهي بترفع نفسها تبوس خدي كعادتها لما بعمل حاجة حلوة بالنسبة لها، وقالت:
"بحب أوي لما تقولي يا بنتي، بحس فيها وفي خوفك عليا بابا الله يرحمه. ماما دينا كانت بتحكيلي إنه دايمًا كان بيحب يقول بنتي."
حضنتها وبوست راسها. كل مرة نفسي بينحني على راسها أو جبينها بحس إنها بتحس إنها أميرتي وبنتي، وبحس هي بتحس بالتقدير اللي تستحقه… بتحس إنها تستاهل كل حاجة حلوة. بحب أوي أخليها تدرك قيمتها.
دخلت الأكياس المطبخ ورجعت لها، وقبل ما أرفع إيدي حتى عشان أفك الكرافتة لقيتها بتشدني منها عشان أقعد قصادها، وبدأت تفكها وقالت:
"إيه حصل النهاردة في الشغل؟"
ابتسمت، رغم إنها تبان مش بتركز أوي، لكن مينفعش حد يستهان بيها أبدًا. لما مردتش عليها، بصت لي بشك مفتعل وقالت:
"نزلت من الشغل بدري ليه؟"
لا حول ولا قوة إلا بالله. غيرت الموضوع وأنا بضحك:
"صليتِ العصر يا قطة؟"
"أيوة صليته، ومتحاولش تغير الموضوع."
"مش بغير الموضوع، أنا فعلًا خرجت من الشغل بدري، عشان قالوا إن ماما تعبانة، بس لما روحت لقيتها أخدت العلاج وبقت كويسة."
كنت عارف إنها مش مقتنعة، وغالبًا متوقعة اللي حصل. فطبطبت على كتفي وقالت:
"ألف سلامة عليها يا حبيبي. يلا بقى، قوم غير وخد دش وأنا هحط الغدا. أوعى تتريق على الأكل، امدحه زي كل يوم."
ضحكت وأنا بشيلها وداخل الأوضة وبقول:
"هو أنا أقدر أتريق على أكلك يا حبيبتي؟ دا أحسن أكل أكلته في حياتي."
ضحكت وهي بتضربني على صدري وبتقول:
"مش حرام الكدب برضو؟"
ضحكت وأنا بنزلها على السرير على مهل وبقول:
"حلال لو هنشوف ضحكة الزوجة اللي بترتاح لها القلوب."
قامت من مكانها وهي بتقول:
"يلا غير هدومك وتعالى بره."
"مش عيب تكوني حامل مني ولسه بتتكسفي؟ … بس دا مش موضوعنا، قوليلي بقى، عرفتي إزاي إني نزلت من الشغل بدري؟"
ابتسمت ووقفت قدامي وقالت:
"أنت بتكره الكرافات، وكونك مدير الفرع دا بيخليك مجبور عليها، وأول ما بتدخل العربية بتقلعها بإهمال، وكتير بتسيبها في العربية. أنت جيت بيها البيت، وكمان جيت بدري عن معادك الطبيعي، فبكده تكون نزلت من الشغل بدري، وكنت مخضوض أو في مشكلة خليتك تنسى تقلع الكرافات."
"آه... النساء والتفاصيل! ماشي يا قطة، الحمد لله إن قدراتك لحد كده بس، وإلا كانت هتحصل مشاكل."
قربت أكتر ببشر وتحدي وهي بتقول:
"قدرات مين اللي لحد هنا يا حبيبي؟ أنا مش عاوزة أقولك إيه حصل عند مامتك عشان متزعلش."
رفعت حاجبي وأنا متأكد إنها مستحيل تعرف، وقلت:
"إيه اللي حصل يا قطة؟"
"بجد متزعلش، عشان أنا ميفرقش ليا في الدنيا دي غير زعلك. بس لما إنك قولت إنهم اتصلوا وقالوا مامتك تعبانة؟ وأنت مقعدتش معاها كتير، لدرجة إنك لا وديتها مستشفى لا قدر الله، ولا جبت دكتور. بتخمين بسيط أفهم إنها مكنتش تعبانة أصلًا. وتخمين بسيط تاني، أختك لسه متخرجة الأسبوع اللي فات، ولسه لغاية دلوقتي معملوش احتفال. دا معناه إنهم جابوك بسرعة عشان الاحتفال، لأنهم ببساطة مش عاوزيني أحضر، وفي نفس الوقت عاوزين ابنهم. فالأسهل إنهم يجبوك على أساس إن مامتك تعبانة، وتتفاجأ وتكمل معاهم الاحتفال. ليه بقى مكملتش معاهم الاحتفال؟ وليه كسرت فرحة أختك ومشيت؟"
كنت متنح وفاتح بقي… دي تفوقت على استخبارات الموساد!
مررت سؤالها الأخير تاني:
"ليه مشيت وسبت فرحة أختك يا علي؟ مش متعودة عليك إنك تكسر بخاطر حد، خصوصًا أهلك!"
"أولًا أنتِ أهلي، وهما كمان أهلي. بس هما مهتموش بفرحتي وكسروها. أنا رضيت أختي وقلت إني بكرة هنزل معاها تختار هدية لها من المكان اللي تحبه، وماما أنا اتكلمت معاها بهدوء واحترام وفهمتها إني زعلت منها."
"وتزعل منها ليه؟ دي أمك! حتى لو زعلان، مينفعش تبين دا لها يا علي. بس يا حبيبي، كونها مش متقبلاني… دا أولًا مش يخصك. أنت لك الحق تختار مين شريك حياتك، وهي لها حق الاعتراض على قرارك، لكن ملهاش حق تمنعه. ويشهد ربنا أنا مشوفتش منها أي حاجة تعطل جوازنا أو توقفه. وأصلًا هي عندها حق… مين يقبل بيا كزوجة لابنه؟ لا بطبخ، ولا بغسل، ولا بعرف أروق البيت. مدلعة زيادة عن اللزوم، وعاوزة كل طلباتي مجابة. طبيعي متوافقش عليا، لأنها عاوزة تحوز ابنها عشان يرتاح، مش عشان يشيل هم فوق همه! أي واحدة هتعرف إن ابنها في شهر العسل كان بيغسل هدومه وهموم مراته كمان، وإنه بيقف يطبخ وهي بتديله الملح والفلفل بس، وكمان بيروق معاها الشقة ويغسل المواعين… طبيعي تزعل على ابنها. لأنه في بيتها مكنش بيعمل كده.
أنا مش زعلانة منها أبدًا. ولو زعلت، مش هبقى إنسانة عادلة ولا منصفة. المهم إنك دلوقتي حالًا لازم تلبس طقم شيك، وتروح تحتفل بأختك، وتصالح مامتك. وأنا هعمل سلطة فواكه بالعسل وأتفرج على مسلسل لغاية ما ترجع."
حضنتها وأنا ببوس فيها وفي رأسها وبقولها:
"مكنش ينفع أحب غيرك، ولا أتجوز غيرك. أنتِ نصيبي الحلو من الدنيا، أنا بحبك يا نور. وبعدين أنا نفسي تبطلي تقللي من نفسك كده، مش شوية طبخ هما اللي هيقيموكِ يا عمري. إنتِ أجمل إنسانة شافتها عيوني."
"طب يلا يا أستاذ سيد العاطفي، البس بسرعة وروح، الحق الأكل وهو سخن. عند مامتك أكيد عملالك الأكل اللي بتحبه، وإنت جعان من الصبح."
"لا، أنا آكل معاكِ. يلا روحي اغرفي الأكل وأنا هلبس عشان أنزل."
جريت على المطبخ بفرحة، وعملت لنا. وكان طبق اليوم مكرونة معجنة، أول مرة في حياتي أدوقها، وفراخ سريعة التحضير. خلصت أكلي وقاعدت مستنيها تخلص طبقها، عشان أكيد مكملتش من الصبح. وشلت الأكل معاها ولسه بودعها عشان أنزل.
"أنا نازل يا عمري. لو عاوزة حاجة اتصلي بيا، ولو حسيتي بتعب بسيط جدًا اتصلي برضو. متنسيش الفيتامين، وتأكلي السلطة كلها بالله عليكي."
"استنى بس، هديك حاجة."
وقفت مستنيها لغاية ما دخلت الأوضة، وخرجت معاها بوكس هدية لونه بينك ومكتوب عليه اسم أختي! وقالت:
"دي هدية ليلى. أنا كنت اشتريتها بعد حفلة تخرجها على طول، عشان لما يحتفلوا في البيت توديها لها. عرفها إن دي هديتي أنا، عشان متنصبش عليها وتجيب لها هدية بكرة."
بصيت للهدية وأنا متردد، زعلان إني هنزل وأسيبها، وكان هيبقى خطيب ليلى وأهله موجودين. مينفعش تكون مش موجودة معايا. قربت مني وباست إيدي على غفلة مني، وحطت الهدية في إيدي وقالت:
"يا حبيبي والله ما زعلتني. أنا أصلًا تعبانة ودايخة ومش قادرة أتحرك. إنت روح بس بسرعة عشان أختك متنزعلش، وعشان كمان أهل خطيبها. ولو حد سألك عليا قول إن الحمل تعبني ومش بنزل من البيت، والموضوع بسيط يعني، أنا فعلًا تعبانة… إنت مش بتكدب."
ابتسمت وأنا بحمد ربنا ألف مرة ومرة على نعمة الزوجة الصالحة. اللي لو واحدة غيرها كانت عيشتني نكد وكرهتني في أهلي، لكن نور منورة حياتي ومسهلاها عليا. حضنتها ونزلت وأنا بفكر في حديث النبي صلى الله عليه وسلم:
"استوصوا بالنساء خيرًا، فإنهن خُلقن من ضِلَع، وإن أعوج ما في الضِّلَع أعلاه، فإن ذهبت تُقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء خيرًا."
وطول طريقي بدعي ربنا إنه يعيني على إني أستوصي بيها خيرًا، كما وصف رسول الله. وكمان فهمت يعني إيه: الدنيا متاع، وخير متاع الدنيا الزوجة الصالحة.
يُتابع…