رواية بين التضحية والحب عبر روايات الخلاصة بقلم فونا
رواية بين التضحية والحب الفصل السابع 7
٧"
الليل كان تقيل، والسكون في المستشفى كان مخادع. مريم قاعدة جنب ليلي اللي لسه مرعوبة، وچون واقف عند الباب زي الصقر، عينه مش بتسيب أي حركة.
يوسف دخل بعد مكالمة سريعة، صوته حاسم:
_وصلتلي معلومة مؤكدة… رجالة صادق اتحركوا. هيجوا هنا النهارده.
ليلي اتجمدت، ملامحها اتبدلت بسرعة:
_يعني ايه… عايزين يخلصوا عليّ؟
يوسف قرب منها، صوته كان أهدى شوية لكن وراه وعد واضح:
_طول عمري واقف في الضلمة عشان أحميكِ من غير ما تعرفي… المرة دي مش هاسمح لحد يقربلكِ وأنا واقف بتفرج.
چون بصّ له بهدوء، لكنه اتكلم بحزم:
_أنا كمان مش هاسمح، خصوصاً بعد اللي حصل لمريم.
مريم قلبها دق أسرع وهي سامعة كلامه، في نظرة مختلفة في عينيه ما كانتش فاهمة معناها دلوقتي، لكنها حست إنها مش مجرد واجب أو شغل.
---
برا المستشفى، عربية سوداء وقفت بعيد، ورجالة مسلحين نزلوا منها، خطواتهم سريعة، عيونهم بتلمع تحت نور الأعمدة الخافت.
زعيمهم اتكلم بنبرة تقيلة:
_نخطف البنت… ونخرج قبل ما الشرطة تلحقنا
لكن ما يعرفوش إن يوسف كان متوقع حركتهم، وكل خطوة ليهم كانت مترصدة.
---
الممر كان مليان توتر صامت، رجالة سامر واقفين قدام أوضة ليلي، إيديهم على الأسلحة المخفية تحت الجواكت، عيونهم بتلمع بخبث.
يوسف ظهر فجأة من آخر الممر، حاول يخفي وشه بمسق ،ماشي بخطوات هادية كأنه واحد من زوّار المستشفى، بس عينه متثبتة عليهم.
أحدهم حاول يتكلم، لكن يوسف بص له بنظرة بردت الدم في عروقه:
_بتدوروا على حد؟
الراجل تردد، وبص لزمايله، ثم قال بنبرة رخيمة:
_زيارة مريض… مالكش دعوة.
يوسف ابتسم ابتسامة خفيفة، وخطا خطوتين بس، قريبة كفاية عشان صوته يوصل ليهم بوضوح:
_الغلط مش فيكم… الغلط إنكم ما تعرفوش أنا مين.
وفي لحظة، بابين جانبيين في الممر اتفتحوا فجأة، وظهر رجالة شرطة بملابس مدنية، أسلحتهم في إيدهم، بس موجهة لتحت، عشان ما حدش ياخد باله إن في عملية شغالة.
رجالة صادق اتجمدوا مكانهم، عيونهم بتتسع من المفاجأة.
واحد فيهم هتف:
_إيه ده؟!
يوسف بص لهم ببرود وهو بيطلع بطاقته لأول مرة:
_يوسف صادق… ظابط والعملية انتهت، وإنتوا كلكم في الحجز قبل ما تفهموا إيه اللي حصل.
رجالته اتحركوا بسرعة، سيطروا على رجالة صادق من غير طلقة واحدة، كل حاجة حصلت في صمت غريب، حتى أصوات المرضى في الغرف الجنبية ما اتأثرتش.
---
جوه الأوضة، مريم وليلي كانوا واقفين مذهولين. مريم همست:
_يوسف ازاي كان مخبي حاجة زي كده عن أبوه؟!
چون بص ليها بسرعة، صوته واطي لكن جاد:
_يوسف لعبها صح… محدش كان يعرف إنه شغال مخفي، حتى أبوه نفسه.
ليلي وقفت مكانها، وشها شاحب:
_هو عمل كل ده… عشان إيه؟
مريم كانت لسه مش مستوعبة، لكن قلبها حس إن الإجابة جاية… وإن الليلة دي لسه ما خلصتش.
---
المستشفى رجعت لهدوءها، زي ما لو كان اللي حصل كله مجرد كابوس عدى بسرعة. رجالة صادق اتقبض عليهم، ومعاهم اتقفلت صفحة كبيرة من الفوضى.
مريم كانت قاعدة وجواها عاصفة أسئلة مش لاقية لها إجابة.
چون كان واقف قريب، عينُه ساعات تقع على مريم من غير ما يقصد، والقلق واضح على وشه، مش قلق شغل… لا، ده كان قلق على مريم نفسها.
يوسف رجع بعد ما سلّم رجالة صادق، ملامحه باردة كعادته، لكن عينه وهو بيبص لليلي كانت مختلفة… نظرة فيها وجع، وفيها سر كان مستخبي بقاله سنين.
مريم لمحت ده، بس ما قالتش حاجة. قلبها كان بيقول إن يوسف ده ليه قصة كبيرة محدش يعرفها،
---
الليل كان ساكت في المستشفى، بس قلب مريم مش ساكت خالص. قاعدة في سريرها، عينيها باصه للسقف، والدموع بتنزل من غير صوت. كل اللي حصل بيعدّي قدام عينيها زي شريط فيلم مرعب… النار، المخزن، الانفجار، صرخة ليلي، يد چون اللي شدتّها قبل ما كل حاجة تولّع.
ليلي كانت قاعدة في طرقة المستشفى، تعبانة وشاحبة، كأنها كبرت عشر سنين في يومين. يوسف واقف بعيد، بيراقبها بنظرة محدش فاهمها… نظرة وجع، وخوف، وحب مكبوت.
بعد شوية، يوسف قرر يقرب، صوته كان هادي لكنه فيه جدية:
_ليلي… لازم نتكلم.
ليلي بصت له باستغراب:
_نتكلم في إيه؟ مش شايفة اللي أنا فيه؟
يوسف رد بسرعة:
_شايفه… ويمكن أكتر من اللي تتخيليه. بس في حاجة لازم تعرفيها.
ليلي شدّت نفسها وقالت بنبرة دفاعية:
_أنا غلطت… عارفة. بس خلاص كلهم في السجن، الموضوع انتهى.
يوسف سكت لحظة، وبعدين قال:
_أنا طول عمري واقف في ضلك، من غير ما تعرفي. بحاول أحميكي من غير ما تاخدي بالك بس صدقيني في سر أنا مش عارف لو قولته ايه اللي ممكن يحصل!
---
وفي أوضة مريم، چون واقف ساكت، قلبه بيتقل أكتر وهو شايفها تعبانة. هو الظابط الشجاع اللي دخل النار عشان ينقذها، لكن جوه قلبه هو كمان في نار تانية مولّعة… نار مشاعره اللي عمالة تكبر كل يوم.
مريم حاولت تبتسم بخفوت:
_شكرًا إنك أنقذتني.
چون رد بسرعة، صوته مبحوح:
_ما كانش ينفع أسيبك تمو..تي… حتى لو حياتي أنا اللي راحت.
في اللحظة دي، الاتنين سكتوا، بس عيونهم كانت بتقول كلام كتير، والهواء بين قلبينهم تقيل… تقيل أوي.
---
في اليوم التاني،طبعا اتكلمو مع مامتهم وبلغوها أن ليلي سافرت ضروري تبع شغل ومريم راحت معاها لأن مريم حالتها لسه مش مستقره ومينفعش تخرج من المستشفى.
مريم بدأت تتحسّن شوية، لكن الليلة اللي فاتت سيبت جواها خوف كبير.
ليلي قاعدة معاها، ووشها حزين:
_مريم… أنا عارفة إني جرحتك وخيّبت ظنك فيا.
مريم بصت لها بوجع:
_إنتِ كنتِ أختي، سندي… وأنا ماكنتش عارفة إنك شايلة سر زي ده.
ليلي دموعها نزلت:
_سامحيني…أنا بجد آسفه
مريم قلبها وجعها، شايفة أختها مكسورة قدامها لأول مرة، ومش عارفة هل قلبها هيسامحها ولا لأ.
---
خرجت ليلي تتمشي شوية ونص ساعة وچون دخل بخطوات هادية أوضة مريم،ماسك في إيده ورد لطيف لونه أزرق
قرب من سريرها وقال بصوت واطي:
_جبتلك حاجة صغيرة… يمكن تفرّحك شوية.
مريم أخدت الوردة، قلبها دق غصب عنها وخصوصاً أنه لونها المفضل.
_شكراً… مش لازم تتعب نفسك.
چون بص في عينيها بثبات:
_أنا ما تعبتش… يمكن دي أول مرة في حياتي أعمل حاجة من غير ما أفكر مرتين.
مريم حسّت إن قلبها بيتشد، بس بسرعة بصّت بعيد عشان ما يبانش على وشها.
_يمكن أنتَ شايف إني قوية… بس الحقيقة إني تعبانة أوي.
چون قعد جنبها وقال بجدية:
_إنتِ أقوى من اللي حصل كله، ويمكن أقوى منّي أنا كمان.
مريم اتفاجئت بالكلام، ولأول مرة من وقت طويل ابتسمت ابتسامة صغيرة كسرت الحزن اللي مالي وشها.
في جنينة المستشفى، ليلي قاعدة لوحدها، شكلها مكسور.
يوسف قرب منها ومعاه ملف صغير، حطّه قدامها.
_ده ملف القضايا اللي اتقفلت بسبب القبض على صادق ورجالته. القضايا دي ليها ضحايا كتير… ويمكن ليكي فرصة تساعديهم.
ليلي رفعت عينيها باستغراب:
_أساعدهم إزاي؟
يوسف بعد جنبها و قال بهدوء:
_إنتِ أكتر واحدة عارفة اللي حصل، لو ساعدتي الضحايا ترجعي حقوقهم… يمكن ترجعي نفسك كمان.
ليلي سكتت، ولأول مرة من وقت طويل حسّت إن فيه طريق ممكن يخلّيها تبطل تحس بالذنب اللي بيخنقها.
يوسف كمل بابتسامة خفيفة:
_وأنا هكون جنبك لحد ما ترجعي زي زمان… يمكن أحسن كمان.
كلمة "جنبك" وقعت في قلبها بطريقة غريبة، كأنها محتاجة وجوده من غير ما تحس.
-----
مريم رجعت تبص على الورد اللي جابُه چون، وفجأة لمحت نفسها بتفتكر لحظة النار وصوته وهو بينادي عليها وسط الدخان. قلبها دق بسرعة، حسّت بحاجة جديدة مش فاهمة هي إيه.
چون كان لسه قاعد جمبها، سايب المساحة ليها تتكلم أو تسكت، بس وجوده نفسه كان مريحها بطريقة غريبة.
قالت بخفوت:
_يمكن لو ما كنتش جيت يومها… ما كنتش هبقى هنا دلوقتي.
چون رد بسرعة، صوته ثابت بس في رجفة خفيفة:
_أنا جيت… ومش ناوي أمشي تاني.
#يتبع
ياتري ايه سر يوسف؟!
وهل موضوع صادق انتهي كدا ولا لسه في لعب تاني؟!