رواية لغة بِلا أحرف عبر روايات الخلاصة بقلم روزان مصطفى
رواية لغة بِلا أحرف الفصل الثاني 2
والمُصيبة إنه كان قاصِد، عينيه كانت بتبُص ليا برغبة غريبة، مقدرتش أعمل حاجة زي ما قولت أنا خايبة كُل اللي عملتُه إني رزعت الباب في وشه وسندت على الباب بضهري وأنا ماسكة أطراف الزراير بتاعة الجلابية بقفلها بإيدي وجسمي بيتنفض مِن الخوف..
وشعور الذنب طبعًا بياكُل فيا إني شوفت الشاب بيتقتل ومنطقتش يعني زيي زي الشيطان الأخرس.
ليلة كمان معرفتش أنامها، لكِن قررت لما صحيت بعد ما غلبني النوم إني أعمل حاجة مُمكِن تشجعني أقول على اللي شوفته، صحيت وفطرت جوزي ونزل شغله ولما جِه ميعاد الغدا كالعادة طبخت وشيلت الصينية على راسي عشان أوديها لبيت حماتي، عديت وملقيتش الشاب اللي بخاف منه وحمدت ربنا عشان مش ناقصة تلف أعصاب.
دخلت لشقة حماتي هي كانت في المطبخ، حطيت الصينية وأنا بقولها: يا ماما، متعمليش حاجة أنا طبخت وجيبتلك.
خرجت مِن المطبخ وهي بتنشف إيديها في فوطة المطبخ وبتقول: طبخت رز معمر وسلقت لحمة، البلد مقلوبة من ساعة ما الشاب إياه مات، يا كبدي على أمه تلاقي قلبها شايط.. كل بيت في البلد قرر يودي أكل للرجالة اللي بتحضر العزا وجايين من بلاد تانية وسفر.
قعدت على الكُرسي وأنا بقول بتوتُر: يعني هتروحي بيت أهله؟
قعدت وهي بتشيل الغطا عن الصينية وقالت: أيوة دا واجِب يابنتي وأنا أعرف أمه سِت محترمة وفي حالها.
بلعت ريقي وقولتلها: طب ينفع أجي معاكِ! لاحسن أنا متأثرة باللي حصله وعقلي مشغول.
قالتلي بهدوء: ومين هيغدي منصور؟
قولتلها بسُرعة: أنا عملت الغدا وسيبتُه على البوتوجاز يادوب بس هيحطه في الطبق، بعدين منصور شكله هيتأخر إنهاردة لإنه قالي إبقي إتغدي إنتِ.
قالتلي بقلة حيلة: خلاص يابنتي تعالي معايا اهو حتى تشيلي عني الأكل، روحي إلبسي عباية وطرحة سودا على ما ألبس أنا كمان.
_إزيك يا مريم.
كان صوت مُنصِف.. أخو جوزي، إتوترت وإتضايقت لما شوفته
قولتله بهدوء: الحمدلله، عن إذنك يا ماما هروح اغير.
طلعت جري من بيت حماتي لبيتي، لبست عباية وطرحة سوداونزلت لقيتها بتقفل بوابة العمارة بتاعتها وشايلة الأكل في كيس كبير، قربت منها وشيلت الأكل عنها وأنا ماشية جنبها وساكتة، وشايفة أهل البلد كل ما بنتقدم خطوة بيزيد زحمة.. لغاية ما وصلنا عند بيت القتيل
مبدأيًا كان بيت دورين بسيط نوعًا ما، اهله شكلهم غلابة شوية، وكراسي محطوطة عند المدخل.. راجل لابس جلابية وقاعد على الكُرسي يعيط بإنهيار والرجالة واقفين حواليه، واحد منهم بيقول: وسعوا يا جماعة شوية عنه عشان النفس.
عدت حماتي من وسطهم وهي بتقول بهدوء: السلام عليكم، عايزة أشوف صبرية "أم القتيل"
رحبوا بيها لكن بحزن طبعًا، وأول ما طلعت السلمتين وصلني شهقات وعياط أمه.. قلبي إتقبض أكتر، حماتي همستلي وقالتلي: لما ندخُل حطي الأكل على الترابيزة وإقعدي جنبي متتكلميش.
هزيت راسي بمعنى حاضر، دخلنا الشقة كانت اخت الشاب قاعدة على الكنبة وحواليها ستات بيرشوا على وشها مياة غالبًا بتفقد الوعي، حطيت إيدي على صدري عشان نبض قلبي زاد، حماتي قربت من أمه وهي بتحضنها وبتبوسها وبتقولها: إجمدي عشان بقية عيالك، ميغلاش على اللي خلقُه.
خبطت الست على رجليها الإتنين بإيديها بحسرة وهي بتقول: يا نااري لو أعرف اللي عمل فيه كدا وضربه في بطنه بالسكينة، ليه عملك إيه يابن الحراام.. كداا!! ترميه وسط التراب والشجر وتخفيه، الكلاب كانت بتنهش في لحمك يابني.
غطيت بوقي بإيدي عشان أكتم شهقاتي المرعوبة، عايزة أصوت من هول الموقف، عايزة أنطق ومرعوبة منهم.
حماتي سألتها: هما لسه معرفوش مين عمل فيه كدا؟
الست كانت منهارة لكن ردت وقالت: كل ما نسأله يقولوا بنحقق، طب شوفنا كاميرات الشارع الولا كان مكمل لقدام، رايح فين يابني ومين اللي كلمك يومها الله اعلم، مرجعشش، خرج مرجعش..
بدأت أفرك صوابِع إيدي في بعضها، لغاية ما الست قالت حاجة وقفت الدم في عروقي..
قالتلي: بيتكُم إنتوا أخر بيت فيه كاميرات، بعدها المنطقة مفيهاش عشان قدام طريق الأراضي الزراعية، عايزين نشوف الكاميرات.
إتوترت، لدرجة لو حد قاعد جنبي هيسمع ضربات قلبي بوضوح، بليت شفايفي بلساني وقولتلها بهدوء: أيوة بس الكاميرات جايبة ناحية المنطقة من جوة مش ناحية الحتة اللي فيها الأراضي، ولو عايزة تراجعيها تحت أمرك طبعًا.
قالتلي بنبرة فيها أمل وحزن عميق: خلاص، عادل يروح معاكِ أنا مبفهمش في الكاميرات والحاجات دي..
شافت إبن بنت أخوها الصغير واقف قدام باب الشقة المفتوح فـ قالت بنبرة رايحة من العياط: خد يا ولا.. إنده عادل من تحت.
جري العيل وإحنا قاعدين والست قالت لو واحدة كاشفة راسها تغطيها، عشتن في راجل طالع.
طلع عادل وأول ما شوفته شهقت بصوت عالي، أيوة بالظبط كان هو القاتِل..
لما شهقت بص ناحيتي فـ عملت نفسي بسرعة بديهة كإني كُنت هقع من على الكرسي، هوو.. هو اللي بيوقف قصاد بلكونتي ويبصلي بنظرات غريبة، هو القاتل!!
الست بعياط: روح يا عادل معاها عشان تشوف الكاميرات وتشوف إبن عمك مشي لغاية الأرض ولا إيه.
أنا خوفت، فـ قولت بسرعة وبصوت عالي: مش هينفع دلوقتي أنا جوزي لسه في الشغل.
للأسف حماتي تدخلت وقالت: مُنصِف موجود معندهوش شغل إنهاردة، أخو جوزك ومحرِم حتى يوقف معاكِ هو وليلى "سلفتي"
مُخي إتشل ووقف عن التفكير، هكون أنا وقاتل ومتحرش في بيت واحد، بدأ يترعِش.
بصيت لعادل دا، يخربيت الجحود، إزاي واقف بثبات قصادهم وهو اللي قتله! لا وإبن عمه كمان، يا ترى إيه السبب؟
رجعت قولت لحماتي: لازم أستأذن جوزي برضو، عشان يبقى عارِف.
حماتي بهدوء: وماله كلميه دلوقتي على ما عادل ياخد الأكل للرجالة يصلبوا طولهم.
عادل بتمثيل إنه كويس: كتر خيرك يا خاله.
سحب أكياس الأكل وهو نازل بص عليا، قلبي وقع في رجليا روحت قايمة واقفة على جنب وأنا بتصل على منصور، رن كتير ورد في الأخر بيقولي: مش قولتلك متتصليش وأنا في الشُغل معايا ناس!
قولتله بلهفة: إنت لازم تيجي دلوقتي حالًا في موضوع خطير عايزة أكلمك عنه.
منصور بعصبية: أجي فين إنتِ إتجننتي يا مريم! بقولك في شغل ومعايا ناس، إقفلي دلوقتي.
قولتله بلهفة: لا لا! أنا وأمك في بيت أهل الولد اللي أتقتل وامه عايزة تشوف كاميرات بيتنا ومامتك بتقول اخوك يكون موجود محرم.
قالي بهدوء: ماشي يا مريم خليهم يشوفوا الكاميرات.
قولتله بنبرة مهزوزة: أنا مش متصلة أخد إذنك، متصلة أقولك إني..
إني..
شوفته وهو بيتقتل!
يتبع..