رواية ونس القلب الفصل السادس 6 بقلم ديدا عبد الرحمن
رواية ونس القلب الفصل السادس 6
الطلقة دوّت في المكان…
كأن الدنيا كلها وقفت.
صوتها شق الهوا، ورجع صداه في أذن يونس كأنه بيدق على قلبه مباشرة.
عينيه اتسعت، وكل حاجة حوالينه بقت بطيئة… شاف ونس، واقفة خطوتين منه، جسمها بيرتعش فجأة، ودم أحمر بدأ يلون هدومها من جنبها.
– ونسسسس!!!
صوته طلع مخنوق، كله خوف ورعب.
ونس حطت إيدها على مكان الألم، وبصت له بعينين مليانين ذهول، كأنها مش مصدقة اللي حصل.
– يـ… يونس…
رجليها ضعفت، وجسمها بدأ يقع، لكن يونس اندفع بكل قوته، مسكها قبل ما تلمس الأرض.
– لأ… لأاا، ابقى معايا… متقفليش عينك!
المسلحين حوالين المكان بدأوا يتلخبطوا من رد فعل الظباط، صوت الطلقات والصرخات بيرجع من تاني، لكن يونس كان سامع صوت واحد بس… نفس ونس المتقطع.
واحد من ظباط جري عليهم وهو بيغطي يونس:
– هاتها ورا… إحنا هنغطيك!
يونس رفعها بين إيديه، قلبه بيخبط بشكل موجوع:
– متخافيش… أنا هنا… مش هسيبك.
ونس بصوت واطي، ودموعها بتلمع:
– كنت… كنت عاوزة أوصلك…
يونس، وهو بيضغط على الجرح عشان يوقف النزيف:
– هنوصل… سوا… فاهمة؟
يونس جري بيها، الدنيا حواليه ضباب، وحرارة دمها في إيده بتحرق قلبه أكتر من جسمه.
عدي وعامر اندفعوا وسط الفوضى، بيدوروا على صوت الطلقة.
فجأة، لمحوا يونس خارج من بين الناس، شايل ونس بين إيديه، ودمها مغرق قميصه وإيده.
عامر وقف مصدوم، قلبه بيخبط في صدره، لكن قبل ما ينطق بكلمة، يونس كان معدّي بيهم بخطوات سريعة، عينه معلقة على الطريق قدامه، كأن أي حاجة حوالينه مش موجودة.
الدم بينقط على الأرض ورا كل خطوة، وسيب وراهم إحساس بالخطر أكبر من أي كلام.
عامر جري بسرعة وخوف واضح في عينيه، وعدي لحقه بخطوات سريعة، قلبه بيخبط في صدره.
يونس كان واقف قدامهم، وشه شاحب وعينيه تايهة، وإيده متسربة منها الدم بين صوابعه.
عدي وقف قدامه بحدة: إيه اللي حصل هنا؟ دم مين ده يا يونس؟
يونس رفع عينه ليه ببطء، وكأنه مش قادر يكوّن جملة، بس صوته طلع مبحوح: هي…
عامر بصوت عالي وهو بيحاول يزق يونس: اختي حصلها إيه؟ يونس رد عليااا
عدي مسكه من كتفه وجذبه لورا: اهدا يا عامر… لو فضلت كده مش هنعرف نساعدها.
عيون عامر كانت بتلمع بالغضب والقلق، وصوته مكسور: أنا مش قادر أهدى وهي في الحالة دي.
يونس بصوت واطي، وعينيه شاخصة في الفراغ، وهو بيهوي على الأرض: أنا السبب…
عدي بسرعة نزل قعد جنبه، صوته فيه قلق: بتقول إيه يا يونس؟ اهدا بس.
يونس هز راسه بعنف: أنا السبب يا عدي… يا ريتني كنت أنا اللي أخدت الطلقة… ليه؟! ليه هي تحميني أنا؟!
عامر بعصبيه ودموعه بتلمع: كنت فين انت! كنت فين وهي واقفه قدامك!
يونس رفع عينه ببطء، صوته مكسور: كنت بحاول… والله كنت بحاول أحميها… بس ما لحقتش.
عدي شد عامر من دراعه: بقولك اهدا… مش وقته دلوقتي، أهم حاجه ننقذها.
عامر وهو بيكتم غصب عن نفسه: لو جرالها حاجه… مش هسامحك يا يونس.
الممرضة خرجت بسرعة، فكلهم وقفوا في لحظة واحدة.
قالوا بصوت واحد مليان قلق: ونس عاملة إيه؟
الممرضة بصتلهم: متقلقوش… الدكتور قدر يطلّع الرصاصة بمعجزة، كانت قريبة جدًا من القلب.
يونس قرب منها وهو متوتر: طب هي فاقت؟ حالتها إيه دلوقتي؟
الممرضة: هتفضل تحت المراقبة 24 ساعة في العناية المركزة، وبعدها هتنزل أوضة عادية.
يونس حس نفسه بيتنفس لأول مرة من ساعة ما شافها واقعة، إيده وقعت على الحيطة وكأنها هي اللي مسكاه واقف.
عدي مسك كتف يونس: الحمد لله… ربنا ستر.
يونس بصله بعينين مليانة دموع: مش هسيبها لحظة… لحد ما تفتح عينيها وتشوفني واقف قدامها.
عامر: خلاص… إحنا كلنا هنا، وهتقوم بالسلامة.
يونس (بنبرة إصرار): هقومها بإيدي، حتى لو هفضل سهران جنبها العمر كله.
عامر وقف جنب يونس وحط إيده على راسه: يونس… متزعلش مني، أنا انفعلت شوية.
يونس بهدوء وبصة هادية: مفيش مشكلة يا عامر.
قعدوا الشباب قدام العناية المركزة، والقلق باين على وشوشهم.
البنات جريوا بسرعة عليهم، والدموع مغرقه عيونهم.
رحمه وهي بتعيط: ونس… ونس فين؟
ليلي بصوت مبحوح: حد يرد… ونس فين؟
عدي قام واقف بسرعة، عينه معلقة برحمة وهو بيقرب منها بهدوء: اهدوا… اهدوا، ونس جوه العناية، بس هتبقى كويسة.
رحمة مسحت دموعها وهي بتبص له، لقته مش شايل عينه عنها.
عامر كان واقف جمب يونس، بس عينه راحت لليلي من بين الزحمة، صوته طلع أهدى وهو بيكلمها: متقلقيش… كل حاجة تحت السيطرة.
ليلي بصت له بسرعة، وبعدين نزلت عينيها وهي بتحاول تمسح دموعها.
هدي كانت واقفة مسنودة على الحيطة ودموعها نازلة: إحنا السبب… جرينا وملحقناهاش.
يونس بهدوء، حاطط وشه في إيده: محدش فيكو سبب… اهدي بس.
حد ناداه، فرفع راسه: يونس، طمني على ونس وعليكو… أنا سلمتهم وجيت على طول.
يونس: حازم! إيه اللي جابك يا ابني؟
حازم وهو بيطبطب على كتفه: مقدرتش أسيبك يا صاحبي.
يونس ابتسم بهدوء.
حازم بص لهدي وابتسم لها ابتسامة هادية.
هدي مسحت دموعها بسرعة لما شافت حازم، وحاولت تبان قوية لكنها ماقدرتش تخبي رعشة إيديها.
حازم قرب منها بهدوء: إنتي كويسة؟
هدي بهزّة راس ضعيفة: أيوه… الحمدلله.
عيونه فضلت معلقة بيها لحظة أطول من العادي، وبعدين رجع بص ليونس.
يونس، وهو بيلاحظ التوتر اللي بينهم، غمغم: خلونا نركّز دلوقتي ونشوف هنعمل إيه بعد كده.
لكن حازم، قبل ما يبعد، مد إيده وأعطاها زجاجة ميه: اشربي… إنتي محتاجة تهدي.
هدي خدت الزجاجة وهي بتحاول تخفي ابتسامة صغيرة.
عدّى وقت وكلهم قاعدين
البنات على المقعد اللي قدّام العناية، والشباب قاعدين على الأرض
يونس بصّ لهم: قوموا يا جدعان، بقالكم كتير قاعدين، واليوم كان متعب
عدى وهو بيبص لرحمه: يونس عنده حق، روحوا ارتاحوا شوية، إحنا هنقعد هنا.
رحمه بهدوء ودموعها لسه في عينيها: مش هقدر أروح وهي هنا.
عامر بص لليلي: طب حتى كلو اي حاجه، أنتِ من الصبح ماكلتيش.
ليلي هزت راسها: مش جاعانة.
حازم وهو بيتنهد: ماشي، بس لو حصل أي جديد إحنا كلنا هنا.
هدي بصوت واطي: يا رب تقوم بالسلامة.
عامر وهو بيعدل قعدته: طب ما إحنا قاعدين معاهم نطمن برضه
عدي ضحك بخفة: أنت فاكر نفسك حارس شخصي ولا إيه؟
رحمة وهي بتبص لعدي بابتسامة صغيرة: وهو لو حارس شخصي حد هيعترض؟
ليلى رمت نظرة سريعة على عامر، ووشها احمر شوية، قبل ما ترد بهزار: أهو أحسن ما يفضل واقف كده زي التمثال
يونس هز راسه بضحك: ماشي يا جماعة، أنا قلت نصيحتي وخلاص، بس ما تجوش تشتكوا إن ضهرِكم وجعكم بعدين.
عدى 24 ساعة
كان الهدوء مسيطر على المكان إلا من صوت أجهزة العناية.
البنات كانوا لسه على الكراسي قدام الباب، والشباب متوزعين على الأرض حوالينهم.
التعب كان واضح على ملامح الكل… حتى يونس اللي كان بيحاول يفضل صاحي عينه غفلت
الممرضة دخلت بهدوء، قربت من سرير ونس، وبدأت تفحصها. فجأة، لمحت حركة خفيفة في إيدها، اتسعت عيونها وقالت بسرعة بصوت فيه انفعال:
هي فاقت… الحقوا!
يونس صحى على صوتها ووقف في ثانية، قلبه بيدق بسرعة، والباقي جري من بره الغرفة.
عدي كان أول واحد دخل، وراه عامر، وبعدهم حازم ورحمه وليلي، كلهم واقفين حوالين السرير.
ونس فتحت عينيها ببطء، بتبص حواليها بارتباك، وصوتها طالع واطي جدًا:
أنا… فين؟
يونس مسك إيدها وهو بيبتسم بعين فيها دموع:
أنتي بخير… أهم حاجة إنك بخير.
ونس فتحت عينيها ببطء، وحاولت تتحرك لكن جسمها كان تقيل.
يونس شد الكرسي وقعد جنبها، عينيه مش بتسيبها لحظة.
قبل ما تلحق تسأل أي حاجة، باب الأوضة اتفتح بسرعة، ودخل عدي وعامر وباقي الظباط.
عدي وهو بيقرب بخطوات سريعة: الحمد لله… فوقتي.
عامر واقف ووشه فيه قلق: عملتي فينا إيه يا ونس.
ونس حاولت تبتسم بخفة: هو أنا عملت حاجة؟
يونس بهدوء وهو لسه ماسك إيدها: المهم دلوقتي ترتاحي… كل حاجة تحت السيطرة.
ونس بتحاول ترفع راسها، بتحس بصداع تقيل كأن دماغها بتخبط جواها، وعينيها بتهرب يمين وشمال تدور على يونس.
يونس وهو ماسك إيدها ووشه قريب منها: بصيلي… أنا هنا، انتي بخير.
ونس بصوت واطي ومبحوح: انت… جيت؟
يونس بشوية غضب وشوية قلق: هو أنا ممكن أسيبك؟!
اللي واقفين حواليهم بدأوا يقربوا أكتر، عامر بيطمن عليها، وعدي واقف مراقب كل حركة، وأحد العساكر بيقول إن الإسعاف وصلت.
يونس لسه ماسك إيدها: هتروحي المستشفى دلوقتي.
ونس وهي بتحاول تعاند: مش عايزة أروح… أنا كويسة.
يونس بحزم: ونس… بلاش عناد دلوقتي.
ونس:...
يتبع..