رواية شيطانة البيت بقلم أحمد محمود شرقاوي
رواية شيطانة البيت بقلم احمد محمود شرقاوي
معتقدش انك ممكن تكون سمعت عن مجموعة كلاب في بلد من البلدان نهشوا جثمان واحدة ست وهي على قيد الحياة, ومعتقدش انك ممكن تتخيل في أبشع أحلامك انك تصحى من النوم تلاقي قطيع كامل من الكلاب وكأنهم بيتكلموا بصوت بشر وكلامهم مفهوم, بس مفهوم لمرات عمي وبس..
قاعدين في بيت عيلة من تلت أدوار, جدتي قاعدة تحت بعد وفاة جدي, والدور التاني بتاع عمي ومراته واحنا ساكنين في الدور التالت, بنمارس نوعا ما حياة الفلاحين من زراعة وحصاد وبنربي فوق شوية بط ووز وفراخ وقبل العيد كمان بنشتري خرفان ومعيز, حياة قديمة نوعا ما بس كانت هادية وبعيد عن أي مشاكل اللهم الا من شوية التعب بتوع تربية الفراخ والوز..
بس الحياة قادرة انها تتغير في يوم وليلة تقريبًا, وفي ايام قليلة مرات عمي بدأت تشتكي من تعب في القلب, وبعد فحوصات وكشوفات اكتشفنا ان عندها مشاكل في الشريان التاجي ومحتاجة عملية قلب مفتوح في أسرع وقت كمان, بس للأسف ماتت قبل التجهيز للعملية بتلت أيام بس, وحزن عليها الكبير قبل الصغير لأنها كانت ست طيبة وفي حالها للأسف, سابتنا وسابت ابنها الصغير اللي عنده أربع سنين وماتت..
وفضل البيت في حالة من الحداد والحزن لحد ما الدنيا بدأت تمشي وتكمل مرة تانية نوعا ما, وبدأت جدتي تعرض على عمي يتزوج مرة تانية عشان ابنه يلاقي اللي تراعيه, وبعد جدل طويل وبعد مرور سنة كاملة على موتها قرر عمي يتزوج واحدة تانية من بلد جمبنا اسمها أنهار, ومن أول يوم خطت فيه برجليها البيت وانا عرفت ان حالة السلام اللي احنا فيها هتتغير للأبد..
ست وقحة بالمعنى الحرفي ولا بتحترم كبير ولا صغير, وبطريقة غريبة ومريبة قدرت تكسب عمي في صفها وخلته يقلب علينا وميطقش يسمع شكوى ناحيتها, محدش كان عارف هي عملتله ايه, عمي الراجل اللي عنده نخوة ومبيقبلش بالغلط بقا بيشوف مراته لابسة لبس كاشف وتنزل وتروح وتيجي بدون ذرة غيرة منه, لحد ما وصلنا كلام انها بتعمل أعمال عند واحد دجال وانها أكيد عملتله حاجة, ولما بلغناه بالكلام اتخانق مع ابويا خناقة كبيرة ورفض يسمع عن مراته نص كلمة..
قررنا نتجاهلها نوعا ما ونمشي أمورنا, بس الصعب بالنسبالنا كانت طريقة معاملتها لأنس ابن عمي, كانت مثال لمرات الأب اللي معندهاش ولا قلب ولا رحمة, حتى عمي اتحول لانسان خاضع بطريقة رهيبة, كانت بتحرم أنس من الأكل والشرب وأوقات تضربه ضرب يعلم في جسمه كمان, لدرجة اننا كنا بنخليه طول اليوم مع جدتي تحت من كتر ضربها ليه..
واستمر الحال من سيء لأسوأ, لدرجة اني بقيت بتحسبن عليها ليل نهار, خاصة لما جابت فراخ وبدأت تزاحم السطح وتستولي على أكل الفراخ بتاعتنا بكل برود, ببساطة ربنا نزع القبول منها وخلاها مسخ مكروه وسط كل الناس, الا عمي اللي كان خاتم في صباعها..
وعدت الأيام, عدت ببطئ وصعوبة شديدة لحد ما حملت وخلفت معاذ, وقتها عرفت ان أنس هيشوف مرار الدنيا كله, كانت بتعمل فيه كل ده وهي لسة مش أم, فما بالك بعد ما بقت أم, واللي توقعته حصل بالنص, الاهانة والضرب زادوا, مشاكلها معاه بقت كل ما بس يدخل الشقة, لدرجة انها مبقتش عايزاه خالص وعاوزاه يقعد مع جدته تحت, واستمر الحال, استمر لحد يوم منشر البلح..
وده وقت في السنة بنجمع بلح النخل ونفرده في الشمس لحد ما يتجفف ونعمله ونكبسه بطريقة معينة عشان يتحول لعجوة ويتباع للمصنع, يومها كنا كلنا شغالين وميتين من التعب وهي قاعدة تحت النخلة بتتفرج علينا, قررنا نتجاهلها تماما وكملنا شغلنا, وهي قعدت جمب الساقية بعد كدا تلعب بالمية..
بس بعد شوية سمعنا بكاء عنيف جدا من ابنها معاذ, جرينا نشوف فيه ايه لقينا كلبة كانت لسة والدة جمبنا في الغيط بتخربشه وهو بيبكي بشدة, جرينا عليه لحقناه من تحت ايد الكلبة اللي طلعت تجري, كان مجروح في دراعه جرح بسيط غيرنا عليه واطمنا عليه, بس أمه فضلت تزوم بغضب زي الحيوان, تزوم وكأنها بتتحول لمسخ من شدة الغضب..
جدتي هدتها وقالتلها ان الكلبة دي لسة والدة فبتكون مضطربة شوية والحمد لله انها جت على أد كدا, بس وقتها نظرات عنيها اتحولت لنظرات شيطان غريب, وراحت عند النخلة اللي الكلبة والدة عندها ومسكت عصاية وكسرت دماغ جرو صغير انتقاما من الكلبة, مكناش مستوعبين هي بتعمل ايه او ممكن تعمل اي, صرخنا فيها ومسكناها بس كانت مبسوطة وبتضحك, مبسوطة كأنها انتقمت وخدت بالطار خلاص..
نظرات الكلبة الأم وقتها كانت تقهر وهي بتزوم بألم وبتحاول تدافع عن ابنها, وقتها ابويا جه على صوتنا وهزقها وكان هيضربها, وجه عمي ومسكوا في بعض خناقة موت حرفيا, كان الخراب بيلوح في الأفق, وكلنا حاولنا نفض الاشتباك, بس وسط الاشتباك ده سمعنا صوت صرخة مكتومة, بصينا لقينا الكلبة عاضة بكل قسوة على رقبة معاذ اللي تقريبا كان فارق الحياة تماما..
ووقفت الكلبة تبص لأم معاذ بكل تحدي وكأنها واعية للي هي بتعمله تماما, وبدأت حفلة من الصراخ, حفلة انتهت بإن مرات عمي وعمي جابوا نار وحرقوا تسع جراوي ولاد الكلبة اللي هربت تماما من المكان, وقضينا يوم كان الأسوأ في حياتنا على الاطلاق بعد دفن معاذ..
ومرات عمي فضلت تقريبا تلت أيام تصرخ بدون ما تفصل دقيقة واحدة, بس في النهاية سكتت, سكتت فترة طويلة, حالة من الصمت خلتها تقعد في شقتها لمدة اسبوع كامل, مكانتش بتخرج اطلاقا, واحنا كنا خلاص شبه قاطعناها, بس اللي حصل بعد اسبوع كان مُخيف أوي..
احنا كنا بنسمع صوت كلب بينبح بغضب من شقة عمي كل ليلة, واحنا عارفين كويس ان استحالة انهم يدخلوا كلب شقتهم حتى, لحد ما قررنا من كتر الصوت اننا نخبط عليهم عشان نطمن, ويوم ما فتحنا الشقة شوفنا مشهد يشيب الشعر..
مرات عمي بطريقة ما كانت بتزحف على اربع وشعرها منكوش وريحتها مقززة جدا, وكانت بتنبح زي الكلاب وهدومها كلها عبارة عن فضلات, مشهد حرفيا خلى شعرنا يقف من الرعب والفزع اللي كنا فيه, الغريب بقا ان عمي كان ميت في الشقة وجسمه اتعفن تقريبا, ومراته كانت حرفيا بتاكل من جسمه..
صرخنا, والناس اتجمعوا, والشرطة جت, وحققوا في الواقعة, بس مرات عمي اختفت في الوقت ده, اختفت واتقال عليها انها اتجننت وماتت والناس ارتاحوا منها, بس بعد ايام رجعت من تاني, كنت نازلة بالليل لجدتي وسمعت صوت حاجة بتنكش وتخبط على باب الشارع, ولما فتحت اتصدمت, كانت هي مرات عمي, لبسها بشع وواقفة على اربعة وعمالة تزوم زي الكلب تقريبا..
قفلت الباب بسرعة وفضلت مشلولة مكاني, مش قادرة اتحرك ولا قادرة اتكلم, ومن يومها بدأ الموضوع ياخد طور اسوأ بمراحل من اللي كنا فيه, مرات عمي بقت بتقعد قدام البيت طول اليوم, الكل بقا بيخاف حتى يقرب منها أو يتكلم معاها..
لحد ما جت الليلة الاسوأ في حياتي لما نمت بالليل وادفيت كويس بسبب البرد اللي كنا فيه, في اللحظة دي حسيت بباب الاوضة بيتفتح, توقعت انها أمي بتطمن عليا وفضلت تحت البطانية, بس نوعا ما بدأت أحس بصوت حد بيتنفس قدام السرير, صوت خشن وغريب وغير مفهوم اطلاقًا, رفعت البطانية بشويش لقتها قدام عنيا, واقفة قدام السرير على اربع وشكلها بشع, أبشع من أبشع كل شياطين الدنيا, وكانت بتزوم, بتزوم بطريقة مفزعة..
وفي لحظة هجمت عليا, وفضلت أصرخ بأعلى صوتي لحد ما ابويا جه واتصدم من المشهد, خدها بالعافية وطلعها برة البيت خالص واحنا مذهولين ازاي قدرت تدخل البيت وتطلع شقتنا كمان من غير ما حد يحس بيها..
وكلها دقايق بس وسمعنا نباح الف الف كلب قدام البيت وصوت صراخ, خرجنا نشوف فيه ايه لقينا اكتر من تلاتين كلب متجمعين عليها وبينهشوا في لحمها وهي عمالة تصرخ, الغريب ان محدش من الناس قرب منها أو دافع عنها, الكل سابها لحد ما همدت حركتها بعد ما نزفت من كل مكان, الغريب انها وهي بتموت فضلت تكلم الكلاب وتقول
"ارحموني, ارحموني مكنش قصدي"..
وماتت, ماتت والكل استريح منها, البعض قال جالها سَّعار, والبعض قال ان الكلاب أمم زي البشر وانهم انتقموا منها, والبعض قال ان الموضوع له علاقة بمس شيطاني بسبب افعالها عند الدجالين وحرق الكلاب, ايا كان السبب فالست دي اختارت الطريق اللي هتمشي فيه, وبناء عليه كان العقاب, اللي بيختار طريق الظلم بتكون نهايته صعبة, واللي بيختار طريق الرحمة ربنا بيرحمه في الدنيا والآخرة, وانت واختيارك..
"الراحمون يرحمهم الرحمن"
بقلم: أحمد محمود شرقاوي
...............
لو حابب تتابع قصة بكرة كل اللي عليك تمنشن اتنين من صحابك يعملوا فولو للصفحة وتعمل انت كمان فولو وتعمل للقصة لايك وتعليق برأيك..
بقلم: أحمد محمود شرقاوي
..............