📁

حواديت تميم ووتين الفصل الثاني 2 والأخير بقلم نادية الرشيدي

حواديت تميم ووتين عبر روايات الخلاصة بقلم نادية الرشيدي

حواديت تميم ووتين الفصل الثاني 2 والأخير

_ اسم المعرض بتاعك إيه؟

_ وتين، ممكن تستني أفهمك؟

فضلت مثبتة عيوني عليه وأنا بكرر جملتي:

_ اسمه إيه؟

_ الرؤى المعلقة.


بصت له ببرود مجرد ما سمعت الاسم، رغم جسمي وقلبي اللي بيرتعشوا من الصدمة، قلت باستهزاء:

_ يعني كل ده كان تعويض عن رفضك للوحتي، وتدميرك ليها..!


سكت لثواني وكملت بنبرة ظهر فيها جزء من رعشتي الداخلية:

_ كل ده كان شفقة؟

قال بسرعة وهو بيبص لي بقلق:

_ وتين اسمعيني…


قاطعته بانفعال:

_ أنت متستحقش، متستحقش أي حاجة، ولا إني أسمعك، أنا كنت مغفلة فعلًا! أربع شهور بتكدب عليّ فيهم! وأنا؟ كنت فاكرة كل شيء صدفة، تعويض جميل ليا، كنت فاكرة إني لقيت اللي أسند عليه أخيرًا من غير خوف، بس طلعت غبية.


قلت جملتي الأخيرة باستهزاء وسخرية موجعين، خدت نفسي وكملت:

_ كنت فكراك عوض، طلعت مجرد هزيمة جديدة تضاف لهزايمي.


بصيت للوحة اللي كنت مغلفها بحب وكملت وأنا بشاور ناحيتها:

_ حتى دي متستحقهاش، بس خليهالك، مش عاوزة حاجة تفكرني بيك.


قلت آخر جملة ومشيت وأنا بشيل قلبي المتكسر معايا، يعني إيه؟

يعني إيه أطلع للسما وفجأة ألاقي نفسي في قاع الأرض؟

يعني كل نظراته وعيونه دي كانت كذب؟

لمعة عيونه هي كمان طلعت هزيمة ليا، بعد ما كانت أكبر انتصار.

طلعت مغفلة فعلاً!


كنت واقفة في الطريق بتيه وأنا بتلفت حواليا، فجأة لمحته جاي من بعيد نحيتي بسرعة ولهفة وهو ماسك اللوحة في إيده، ولكن قبل ما يوصلي، وقفت تاكسي وركبت، واتقابلت عيونا لمرة أخيرة…


_ يابنتي أنتِ كويسة؟

_ مفيش يا ماما، متقلقيش.

_ طب قومي حتى ارسمي زي ما بتحبي.

_ معلش يا ماما، سبيني.


هزت راسها بقلة حيلة وسابتني ومشت، رجعت لأفكاري، ووحشتها،

مروحتش الكافيه بقالي شهور… قد إيه؟

معرفش، بس عدى عليّ وقت طويل جدًا ما شفتهوش فيها،

واحشني؟ جدًا.

قلبي بيلومني، كان عايزني أسمعه، أديله فرصة، يمكن كان ليه مبرر، لكن؟

عقلي لأ، وأنا متفقة معاه، تميم، ماضي، ولازم يتقفل.


سبت الرسم؟ أه.

كل أدواته بتحمل ريحته، رغم أنه ملمسهاش غير أول مرة جابهم فيها، بس هي لسه متمسكة بيه، علشان تكون عذابي.

الحقيقة إني مسبتش الرسم، لأ، أنا سبت كل حاجة بتفكرني بيه.


الشاورما، النسكافيه، آيس كريم التوت والفراولة، وحتى عصير القصب.


هجرت الكافيه اللي جامعنا، والكورنيش، والشارع اللي ضحكنا فيه في يوم، هجرتهم وكأني بلومهم على كذبه عليّ.


شهور تانية بتمر، ولسه زي ما أنا واقفة مكاني، ببص لأدوات الرسم بمشاعر متناقضة، مرة بغضب، مرة بحزن، ومرة... بحنين.


كنت بلكته من كل حتة، قطعت كل طرق الوصال بينا، بس ليه لسه قلبي بيحن له؟

ليه مش قادر ينسى؟ ولا يفهم إنه كان مغفل! أضحك عليه؟


كنت بسكرول على الفيس من غير أي فايدة، بس بحارب وقتي وأفكاري،

لكن فجأة لمحت صورة وقفت قلبي!


رجعت للبوست والصورة بسرعة بعد ما عديتهم، وأنا بقرأ وبتأمل كل التفاصيل!!

دي لوحتي!

اللوحة اللي سبتها لتميم هدية.

اتشهرت!

معمول عليها مزاد،

وبمبلغ عالي جدًا…!


يعني إيه؟

بصتلها بغضب وأنا فاكرة أنه حتى دي باعها وخاني، ونسب كل شيء له.


لكن لقيت توقيعي عليها، واسمي الثلاثي مكتوب في خانة فنان اللوحة!

فنان؟


كان البوست ممول، وفي تعليقات كثيرة، إعجابات كثيرة، وانبهارات أكثر!


ملحقتش أتمالك صدمتي ولقيت مسدج من رقم غريب، مكتوب فيها:

_ السلام عليكم، أستاذة وتين، نحب نبلغ حضرتك بأهمية حضورك لحفل لوحتك "دقة القدر الأولى".

ولأنك إلى الآن فنانة مجهولة للمعجبين، فلازم تحضري.


قال اليوم والساعة والعنوان وبعدين كتب:

_ أستاذ تميم هيكون في انتظارك.


كنت ببص لكل شيء بتعجب، دهشة! فرحة، حنين!

وخوف، خوف من المقابلة وكل شيء.

تميم؟ هل مستعدة أشوفه؟

هل عمل كل ده علشاني ولا علشان ميكونش سبب في وجعي…؟


الحقيقة مفكرتش كثير، ورجعت أتأمل اللوحة، كانت لوحة رسمتها بعد يوم طويل سعيد بينا، يوم كنت من فرط سعادتي يكاد يطلع لي جناحات، اليوم ده فضل مأثر فيا لمدة كبيرة، لحد ما خلصت اللوحة، وبعدها كمان.


اللوحة كانت ليّ وليه، وإحنا قصاد الكافيه، لما خبطنا في بعض، برزت في اللوحة كل تفاصيل الواقعة، وأنا ممتنة ليها، برزت فيها حزني، وملامحي وأنا شايفة اللوحة جنبي على الأرض واقع عليها القهوة، وهو واقف بيبصلي بنظرته المعتادة وبيمد إيده ليا بأسف، القهوة واقعة على اللوحة وأنا وهو بنبص لبعض بمشاعر متناقضة، أنا شايفاه هزيمة جديدة، وهو بيبصلي بأسف ونظرة دايمًا كانت سبب في دق قلبي.


يمكن حطيت تاتشي على اللوحة، وخليت كمان نظرتي فيها مع الحزن حب، حب كنت ببصله بيه بعد أيام كثيرة من الواقعة، ولكني جسدته في اللوحة لعله يفهم منها مشاعري كل ما يتأملها.


جه يوم الحفلة، والمزاد على لوحتي، اللي ما توقعتش في يوم إني أوصل للحظة دي…!


لبست دريس بني، فردت شعري اللي كان يا مدوب واصل لكتفي، وحطيت كحل أسود برز لون عيوني علشان يعمل مع لون الدريس مزيج تحفة، نهيت آخر لمسات الميكب وخرجت.


خرجت بخطوات بطيئة واثقة، بس جواها خوف، خوف من المقابلة ومن عينيه.


مجرد ما وصلت للمعرض اتصدمت من العدد الهائل الموجود فيه، كان في مزاد للوحات تانية، وفنانين تانين، لكن أنا مع كل خطوة بطلع فيها سلمة قلبي بيدق بقوة، وعقلي بيقولي أرجع من حيث أتيت.

لكن كملت وأنا متصنعة ثبات هش، مع أول ريح هيطير.


كنت بتأمل كل شيء وأنا بفتكر أني من شهور كثيرة — تاكد تكون سنة — جيت هنا، واترفضت، وإنهاردة جاية، وأنا أحد نجوم الليلة…!


_ وتين!


نفسي اتسحب وعيوني بدأت تزوغ كل حتة، بعيد عن صوت دقات قلبي اللي كانت أعلى من كل الدوشة، كنت خايفة ألف له، لما صوته بس عمل كده، يبقى لما أشوفه إيه هيحصل…؟


وقف قصادي بسرعة، اتقابلت عيونا بعد لقاء طويل، وسط الحشد والناس كنا أنا وهو واقفين بصمت، عيونا بتعاتب بعض، وقلوبنا بترقص من جديد، فرحانة بالقرب اللي كان يبدو مستحيل.


_ تعملي فيا أنا كده؟

قالها بابتسامة وعتاب ما خافوش عن قلبي.


كنت هرد لكن جه واحد وقال:

_ أستاذ تميم، الحفلة هتبدأ.


هز راسه بصمت وقرب مني، في حين جسمي ارتعش بخضة مجرد ما مسك إيدي وقال:

_ تعالي.


مشيت معاه وأنا باصة ليه بطرف عيني، بالله وحشني!

كان ليه البُعد أصلًا…


بدأ يقدم الحفلة وأنا واقفة بعيد عنه بخطوات بسيطة، بين كل كلمة وكلمة كان بيبص لي بابتسامة، في حين أنا من غير وعي كنت ببصله بفخر، فخر وحب.

وكأني نسيت كل حاجة! 

نسيت اللي عمله مجرد ما شُوفت عنيه، 

ويمكن صدقتها من أول لمعة جديدة، وكدبت كُل الواقع.


خلص وبدأ المزاد، جاب كرسي ليا وليه، وقعدنا جنب بعض، كان كل شوية يخطف نظرة ليا، وأنا بابتسم، كان باين في عيونه، حبه، اللي مش فاهمة إزاي طول الفترة اللي فاتت شكيت إنه شفقة..؟


فجأة ظهرت لوحتي، وبدأت الأرقام تتسابق عليها، كنت باصة لكل شيء بعدم تصديق، وأنا مش مصدقة أن كل ده لعمل ليا…

إني وصلت فعلاً…!


فجأة بعد ما الرقم الأخير اتقال واللي كان رقم عمري ما تخيلت أن لوحتي تتباع بيه، كان لسه هيعلنوا عن امتلاك صاحب الرقم ده للوحة، لكن خرج صوت تميم من جنبي وهو بيقول ضعفه!


بصت له وأنا مش فاهمة حاجة!

وقتها حل سكون غريب على كل اللي في القاعة، قبل ما يعلنوا إن اللوحة بقت مِلك لتميم.


بصت له بدهشة في حين هو ميل عليّ وقال:

_ اللوحة دي ملهاش غير مكان واحد.


قرب مني أكثر وكمل بهمس:

_ بيتنا.


بصت له بصدمة فتقابلت عيونا، في لقاء جديد! بمشاعر واضحة…

غمز لي قبل ما يبعد عينه، ويقوم.


خدت نفسي بصعوبة وأنا ببتسم، وقلبي مش مدرك لكل تلك المشاعر في ليلة واحدة، لكن ماكنتش النهاية!

فجأة لقيت من بعيد أهلي جايين نحيتي وهما بيبصولي بسعادة و… فخر!


بابا عيونه كلها فخر!

دمعت وأنا شايفة نظرة بابا لي، في حين كلهم حضنوني وهما بيهأنوني، بعدوا ووقفوا جنبي، وفجأة لقيت الناس حولينا وبيحاوطوني، جسمي ارتعش وأنا مش فاهمة نظرات الناس ليّ، ثواني بس واتبدلت أنوار المعرض القوية لأنوار خافتة، هادية وعم السكون المكان.


بصيت حواليا بخوف وتيه لحد ما فجأة ظهر تميم، بطلته اللي خطفت نفسي من أول ما شوفته، قرب ببدلته السوداء، وعيونه اللي بتضحكلي.


قرب مني وفجأة ميّل في مشهد درامي وهو بيقدم لي خاتم وبيقول وهو بيبصلي بعيون بتلمع:

_ تقبلي بقلبي جنب قلبك؟


فضلت بصاله بصدمة لحد ما استوعبت إيه اللي بيحصل، هزيت راسي بقوة، ودموعي بتنزل، قرب مني لبسني الخاتم، في حين تحول المكان من سكون لتصفيق وفرحة!

فرحة شاركت قلوبنا فيها.


وقفنا قدام اللوحة وإحنا ساندين على بعض راسي على كتفه، والحمل خفيف علشان شايله اثنين!

باصين للوحة ولوضعنا فيها اللي بيجسد إزاي كنا غرباء وبقينا حبايب.


وفجأة سمعنا صوت لقطات بتتاخد لينا سوا، وكأنهم بيوروا للعالم، الماضي والحاضر!

الاثنين قصاد بعض، في تقابل، حنيّن.


همس في ودني وقال:

_ عمرها ما كانت شفقة، عيوني بتحبك، وقلبي بيكِ بيطمن.


رفعت رأسي له وقلت:

_ أفهم أنها حتى الأول مكنتش شفقة؟

_ أبدًا والله كنت عايز أساعدك لأني كنت السبب مرتين في أنك تحسي بالفشل والهزيمة، بس من غير وعي لقيت نفسي بحب.


ابتسمت وسكت وأنا بميل رأسي تاني على كتفه، في حين هو همس مرة ثانية:

_ تعرفي؟

_ عرفني.

_ عيونك التحفة الوحيدة في المعرض.

سكت وبعدين كمل:

_ يا بختي بنول نظرة منها من غير مزاد.


فضلت ساكنة مكاني لكن قلبي كان يرتعش، كان مضطرب بالحب!

بجرأة بعدت راسي عنه ورفعت عيني له وأنا باخذ أول خطوة:

_ المزاد بيحتاجه الشخص اللي مش ملكه الحاجة، لكن أنتَ بالفعل مالكها.


ضحك وهو بيقول:

_ ده إحنا اتطورنا جدًا.

قلت بغرور: _ تعليمك بقى.

_ يا بختي.


بصيت له بحب في حين هو قرب وقال:

_ ابعدي عيونك عني علشان أنا مش مسؤول.

ابتسمت برفع حاجب: _ ولو ما بعدتهاش؟

هز كتفه بضحك: _ مش هعمل حاجة، هحبها تاني.

_ يبقى يبختها هي.


ابتسم وفجأة قال بحماس:

_ مستعدة نتمشى، نشرب قصب، ناكل آيس كريم، وأعزمك على شاورما...؟

عدت جملتي من جديد بحماس مماثل له:

_ قولتلك لو الحوار فيه أكل معاك وش.

سكِت وبعدين كملت:

_ ويعني لو فيه أنت.

_ يعني..؟

_ مستعدة أمشي معاك لأي طريق أنت فيه.

مسك إيدي وسأل وهو يبص لي:

_ إلى ما لا نهاية؟

قلت بتأكيد وأنا بمسك إيده وعيوني عليه:

_ وما بعدها.


تمت!

_ نَادْيَـا آلـرَشِـيـدِي.

#حواديت_تميم_ووتين.

فصول حواديت تميم ووتين كاملة من هنا

روايات الخلاصة ✨🪶♥️
روايات الخلاصة ✨🪶♥️
تعليقات