رواية أنين الروح عبر روايات الخلاصة بقلم الست ورد
رواية أنين الروح الفصل الخامس 5 والأخير
"أنطقي مين سي زفت؟!"
صرخ في وشي بعصبية.
غضبه واضح، وانا حاسة إنه ناتج عن غيرته
أنا عارفة.
اتلألأت في الكلام واتوترت.
"ده محمد ابن خالتي."
ملاحظة محمد كان خطيبي سابقاً.
وملاحظة كمان عبدالرحمن عارف.
وخدّوا الكبيره بقى عبدالرحمن مبيحِبّوش.
"والله؟ وسيّ محمد بيرن عليكي ليه؟ مش عارف إنك متجوزة؟"
"في إيه يا عبدالرحمن؟ ده ابن خالتي وبيطمن عليا."
"هو كمان اللي كان بيجيبلي طلبات البيت لما بتكون مسافرة أو بره مع صحابك أو في الشغل."
بتكذبي؟
أه بكذب.
ليه؟
محدش يسألني دلوقتي، أنا في وضع وحش أوي يا سيد.
"وانتي بقى متجوزة، أراجوزصح؟ قروني دخلت في عيني وطلعت من الجهة التانية."
"وأعملك إيه يعني؟"
صوته عليّ وزعق أكتر:
"تعملي إيه؟ ترنّي عليّا وتقوليلي عاوزة زفت كذل؟"
صوتي عليّ برضه
أشمعنى هو؟!
"والله… أنا برن عليك خمستلاف مرة في اليوم وما بتردش عليا؛ بتقفل الخط في وشي ولما ترد تقولّي يا ورد أنا مشغول وتقفل الخط مبتفكرش حتى ممكن أبقي متزفته واقعة في مشكلة أو محتاجة حاجة ملقتش غير محمد اللي قدامي آخر مرة رنيت عليك قفلت في وشي، وفي الآخر قفلت التليفون وساعتها أغمي عليا جيت لقيتني مرمية على الأرض وكل ده بسببك."
محمد رن تاني.
خدت التليفون منه ورديت عليه.
سبقني هو واتكلم بنبرة غريبة:
"ورد…"
"في إيه يا محمد؟"
"خالتك ماتت من نص ساعة."
خمس كلمات بس، لكن بالنسبالي كأن ملك الموت قبض روحي.
وحاسه بسكرات الموت.
دموعي نزلت بدون وعي
وعبدالرحمن واقف مستغرب.
خد التليفون مني وكلم محمد.
الحزن ظهر على وشه أكتر
أكيد عرف.
مكنتش حاسة بنفسي غير
وأنا سمعت عبدالرحمن بيصرخ
باسمي وبياخدني في حضنه.
قبل ما غيمة سودا تاخدني لعالمها.
شعور صعب تخسري أمك للمرة التانية.
وهي أمي اللي ربّتني وعلّمتني وجوزتني.
صحيت لقيتني في أوضتي.
وكان عبدالرحمن قاعد وحاطط إيده على وشه.
للحظة نسيت أنا مين وبعمل إيه هنا أصلاً… بس افتكرت، وياريتني ما افتكرت.
الغصة خنقتني وبدأت أعيط بشهقات بتعلى وتزيد.
لما سمع صوت بكائي رفع راسه.
عيونه حمرا، وفي دموع معلقة في وجنته.
قرب مني وضمني.
وأنا ببعده وبصرخ.
وهو بيهدّيني.
شعور وحش… شعور سيء.
يا الله خُدني يا الله.
مكنتش قادرة آخد نفسي من العياط
بعدت عنه وجريت على الحمّام وأنا بتقيأ
كان ورايا وبيمسح على ضهري
وأنا بحاول أبعده علشان ميقرفش
بس هو مبعدش
ولما خلصت غسلّي وشي
وشهقت لما حملني وأنا بعيط
"ودّيني ليها يا عبدالرحمن"
"طب اهدي علشان اللي في بطنك"
مكنش ليا نفس أسأله هو عرف إزاي
لبست وهو لبس
خالتي بيتها قريب مننا
وصلنا في خمس دقائق
دخلت وسيبت عبدالرحمن واقف مع محمد بيعزّيه
دخلت أوضتها
أول ما شوفتها نايمة من غير حركة
قلبي وجعني
قربت منها
مسكت إيديها
كانت باردة
قُبلت يديها
"كده تسيبيني يا فوفه؟ كده تيتميني للمرة التانية؟
ده أنا مليش غيرك يا ست الكل
هتوحشيني أوي
ملحقتش أقولك إني حامل يا فوفه
ابقي سلّميلي على بابا وماما
وعلى ابني اللي لسه معرفش نوعه
هتوحشيني يا نور عيني
قولي لماما إني طلعت شبهها نسخة منها
وقولي لبابا إني عمري ما نسيته
وابني قوليله إني حبيته
احضنيه وخلي بالك منه يا فوفه"
دموعي كانت بتنزل بقهر وحزن
عدّى الوقت وادفنت نور عيني
ادفنت اللي كان حضنها حنين
بقت باردة وهي ميتة
نور عيني سابتني أواجه الدنيا لوحدي
عدّى أربع أيام
وأنا قاعدة في بيتها
نايمة على سريرها
ريحتها لسه ما راحتش
لا من السرير ولا من المخدة
قرب مني عبدالرحمن
نام جمبي على الطرف التاني
بعد ما قفل الباب
أخدني في حضنه
وأنا ما صدقت
عيّطت
وكان بيشدّد في أحضانه ليا
نمت في حضنه من غير ما أحس
صحيت لقيته نايم
وأنا نايمة على صدره
وحاطط إيده على بطني
ابتسمت بحزن
قررت أسامحه
أنا أصلاً مسامحاه
بس كنت عاوزاه يتغيّر
عدّى خمس شهور
بطني كبرت
عبدالرحمن اتغيّر معايا
بقى يقعد معايا ويشاركني وقتي
بقيت خايفة أكتر من فكرة إنه يسيبني ويحصله حاجه
انتظمت في جلساتي مع الدكتورة النفسية
لما عرف إني بتعالج بكى وبكينا سوا
ومن يومها بقى شخص تاني
بقى ييجي معايا وإحنا بنتابع البيبي
وكل شوية يسألني إنتِ كويسة؟ في حاجة متعباكي؟
أخد إذن من مديره إنه يشتغل من البيت علشان يكون جنبي
مكنش بيخليني أعمل حاجة
كان هو اللي بيعمل كل حاجة
"هتجبيلنا إيه النهاردة يا ست البنات؟"
كان بيدخل يعمل الفشار
وأنا بجيب فيلم نتفرج عليه سوا
بصيتله بحماس
"في حتة فيلم لقيتهم بيتكلموا عليه… لازم نتفرج عليه سوا"
لما عرف الاسم وتصنيفه كشر
"يا حبيبتي إنتِ بتخافي من خيالك
جايبة فيلم رعب نتفرج عليه؟"
"لأ ما هو طول ما إنت معايا مش خايفة"
ابتسامة بلهاء ارتسمت على وشه
زي الطفل اللي أمه بتضحك عليه بالكلام
اتأويت بألم لما الواد ابنه ضربني في بطني
"براحة على أمك ياض
اضربها بالراحة"
"والله؟"
" يرضيكي أزعقله
وأجيبله تروما والواد يطلع معقد نفسياً
وتتحسبنوا عليا؟"
"خلاص يا عبدالرحمن مكنتش كلمه"
افتكرت يوم ما عرف إني حامل
"أيوه صحيح إنت عرفت إزاي إني حامل؟"
"كنت عارف أصلاً ومستنيكي تقولي"
"إزاي؟"
"حلِمت إنك حامل في توأم ولد وبنت
بس مكنتش متخيل إن واحد منهم هيموت
ولما أغمي عليكي اتصلت بالدكتورة
وقالتلي ما نعرضكيش لتوتر أو زعل علشان الحمل"
"يعني إنت بتعاملني حلو علشان ابنك؟"
"استغفر الله العظيم… يا بنتي ارحمي أمي العيانة"
"هي حماتي عيانة؟"
بصّلي بتشنج
وأنا ضحكت ونمت على صدره
"كل ده بسببك! طلّقني!
حسبي الله ونعم الوكيل فيك!"
"ما تتلمي بقى فضحتينا في المستشفى!"
"بقولك طلّقني يا حقير!"
"حاضر هطلقك بس أولدي الأول"
"هتطلقني يا عبدالرحمن؟"
كنت بقول لنفسي عادي
زي ما عديت هرمونات الحمل
هتعدي من هرمونات الولادة
"لا يا قلب عبدالرحمن مش هطلقك"
"عبدالرحمن عاوزة أقولك حاجة في ودنك
مش عاوزة حد يسمعنا"
"يعني جت على دي؟ المستشفى كلها سمعتنا"
قربت منها… وياريتني ما قربت
عضّتني في إيدي!
بنت العضاّضة!
صرخت بأعلى صوتي
كان شكلنا وحش بصراحة
بس كله هيطلع عليها
"أنا مش هولد غير لما عبدالرحمن يكون معايا"
طبعاً دخلت معاها
عضّتني للمرة التانية
بقينا أنا وهي بنصوّت في أوضة العمليات
جبنا للدكتور
والممرضين
وابننا…
صرع
1… 2… 3…
سمعنا صوت عياط ابننا
اللي أُجهضت كانت البنوته
قولتها لها بإرهاق
"حمدلله على السلامة"
بعد ساعات
كانت مامته شايلة ابننا
وهو قاعد على سريري
"هتسموه إيه؟"
"أُويس عبدالرحمن الشيمي"
قولنا الاسم إحنا الاتنين
وإحنا بنتنهّد
كان بيبصلي بحب
ونظرات كلها أسف
مش هنكر… عبدالرحمن اتغيّر كتير
وبقى أحسن من الأول
يا مَن كنتَ لي سَنداً كالرُّكنِ المنيع،
لا تهزّهُ صروفُ الليالي.
رأيتُ في عينيكَ يوم وُلد صغيرُنا نوراً،
كضياءِ الفجر، فأيقنتُ أنّ الدهر لن يسلبني دفئك.
ما دمتَ تسكنُ فؤادي،
فالدنيا مهما قست تظلُّ أهونَ من رمادٍ تُذروهُ الرياح.
.. تمت بحمد الله ..
#وَتَعانَقَتِ_الأَرْواحُ𐭩ᡣ
#السِت_وردَ
#أنِين_الرُوح