📁

رواية عشقت بودي جارد الفستان الأبيض الفصل الثامن والعشرون 28 بقلم صفاء حسني

رواية عشقت بودي جارد الفستان الأبيض الفصل الثامن والعشرون 28 بقلم صفاء حسني

رواية عشقت بودي جارد الفستان الأبيض الفصل الثامن والعشرون 28

 #عشقت

بودي جارد #الفستان #الأبيض

#الكاتبة #صفاء #حسنى

الفصل 28


كان طاهر واقف قدامها مصدوم، صوته بيترعش وهو بيقول:

ـ إنتي بتقولي إيه يا رحمة؟! ازاي ما حكيتيش من الأول؟! ليه سبتي كل حاجة تتبني على كدبة؟! ليه رميتيني في حبك زى الأعمى  ؟!


رحمة دموعها نازلة غصب عنها، صوتها مخنوق:

ـ عشان كان بينا اتفاق… زواج على الورق، مصلحة زي ما إنت بنفسك قولت. تثبت للكل إنك راجل مستقيم، وما ضيعتش حقك في الإدارة. أمي شافت الموضوع فرصة، وأنا… أنا كنت رافضة أي جوازة، والناس كلها لسانها طويل عليّا.


طاهر حط إيده على وشه، شعره اتناثر بين صوابعه، حس إنه بيهوي:

ـ أنا بحلم… أكيد ده كابوس.


رحمة حاولت توضّح، وهي بتشهق بين دموعها:

ـ الموقف عليّا أصعب منك يا طاهر… عشان كده كنت بطلب الطلاق، وعشان كده كل مرة كنت بتلمح بكلمة حب، كنت برفض. إنت إلا اجبرتنا النهاردة اعترف بعد ما قربت منى 


اقترب منها، صوته متوتر:

ـ إيه اللي حصل معاكي بعد كده؟


رحمة أخدت نفس طويل، عينيها غرقانة:

ـ وقتها… ربنا أنقذني، إنا  وصاحبتي وقفتوا جنبي. أمي افتكرت إنهم همّا اللي أتهجموا عليّا، لكن الحقيقة… مش هما.


طاهر شدها بعينيه، صوته بين الغضب والخذلان:

ـ يعني إيه؟! في واحد ضحك عليكي؟ ولا واحد… خد منك غصب عنك؟! عشان كده متغيّرة؟! عشان كده عايشة كأنك مدانة؟! وأنا الغبي اللي قاعد أقول… إزاي بنت بالأدب ده تسهر في الأفراح وترجع متأخر … طلعت بايعة القضية! ما صدقتي توقعيني!


رحمة صرخت من قلبها، صوتها مليان وجع:

ـ إنت ازاي تسمح لنفسك تتهمني كده؟! إنت مش فاهم حاجة! أنا كان ممكن ما أحكيلكش ولا كلمة… وأنهي مهمتي وأرجع حياتي. بس ما قدرتش… اكدب عليك أكتر من كده؟! خصوصًا وإنت بترسم دور الحبيب عليّا. ولما شُفت أبوك، الراجل الطيب… اتعشمت إنك زيه.


لفّت وخرجت بسرعة من المستشفى، دموعها بتعميها.

طاهر اتجمد لحظة، وبعدين جرى وراها، قلبه بيخبط من الخوف:

ـ رحمة… استني! إنتي لسه تعبانة!


هي كانت بترفع إيدها لتركب تاكسي، لكنه شدها من إيدها بعنف، وركبها العربية غصب عنها.

صوتها متقطع:

ـ إنت بتعمل إيه؟! سيبني!


قال بصوت حاد:

ـ متتكلميش… لحد ما نوصل.


سكتت… دموعها نازلة في صمت، لكنها لاحظت إنه ماشي في طريق غير البيت. قلبها وقع:

ـ إنت مغير طريقك ليه؟! إيه المكان ده؟


صرخ فيها، عنيف وهو ماسك الدركسيون:

ـ قلتلك متتكلميش!


رحمة انفجرت هي كمان:

ـ حضرتك مالكش حق تعاملني كده! مش ذنبي إني صريحة معاك وما كدبتش زي غيري!


ضحك ضحكة سخرية، مليانة مرارة:

ـ صريحة؟! مش بعيد كل الدراما دي والإشاعة علشان تجبريني أتجوزك؟!


رحمة ضربت كف على كف، صوتها متحشرج:

ـ يعني لو ما كنتش سمعت أهلك وهما بيعترفوا… كنت هتقول إيه؟! اسمع يا ابن الناس… لو عايز تلغي كل حاجة، طلقني. اديني حقي… فلوس العميلة والباسبور… ونخلص.


عينيه لمعت بغضب وهو يصرخ:

ـ لا يا ماما! الجوازة دي مش لعبة. دخول الحمام مش زي خروجه. مفيش سفر! قوليلي… مين لمسك قبلي؟! مين خدك مني؟!


رحمة اتجمدت مكانها، قلبها بيوجعها من الكلام. حسّت بخوف ورعب من عيونه المليانة وجع، ومن صوته اللي بقى زي السوط.


وصل الشقة، فتح الباب، جرّها جوا. قفل الباب برجله، وهو متقطع النفس. قعد على الأريكة، بص لها بعينين متوحشة، وصوته مرعِب:

ـ دلوقتي يا رحمة… يا تقولي مين اللي عمل فيكي كده… يا النهاردة هتكون دخولتك! مش هسيبك تضحكي عليا زي ما تضحكي على غيري. أطلّقك؟! وتروحي تتجوزي واحد تاني وتلعبي بيه؟! لا… أنا لازم ينوبني من الحب جانب… ولو بالقوة.


رحمة ارتعشت، رجعت لورا بخطوات سريعة، قلبها بيدق من الرعب، ودموعها مغرقاها.


رحمة رجعت على ورا بخوف، صوتها بيرتعش وهي بتقول:

ـ اهـدى بالله عليك… أنا مش فاهمة ليه ثاير كده! فوق يا طاهر… أنا مش يمنى عشان تثور عليا كده. أنا مجرد واحدة وقعت في طريقك… يمكن ربنا بعتني عشان أستر عليك أو أساعدك مش أكتر.


لكن طاهر مسكها من دراعها وهزّها بعصبية، عيونه مليانة لهفة ودموع:

ـ إنتي مجرد إيه يا شيخة؟! إنتي ذنب ربنا بيخلصه مني؟ ولا عقاب لحاجة معرفهاش؟! أنا من أول لحظة شوفتك فيها… حسيت إني اتعمللي سحر! بقيتي مالكة كياني كله. مش فاهم… ضحكتك الحلوة؟ ولا عيونك اللي بتسحر؟ ولا شفايفك وإنتي بتتكلمي؟ ولا قلبك الطيب؟ ولا التزامك؟!

(وقف لحظة، صوته اتكسر) من يوم ما شوفت دموعك، حسيت إني عايز أقتل كل شاب صايع يقربلك. من ساعة ما لبستي الفستان اللي جبته ليكي… كنت عايز أخدك وأهرب بيكي وأعيش أول يوم في حياتنا. ٣ أيام قلبوا حياتي، وبعد كده تيجي تقوليلي "مسني حد غيرك"؟! إنتي عايزة تقتليني ولا بتهربي من حبي بكدبة؟!


رحمة بلعت ريقها، عقلها مش مستوعب انهياره. جواها صورة قديمة كانت متخيلة فيها إنه هيكرهها، يبعدها، يسيبها تسافر لوحدها تعمل العملية وترجع وهو يطلقها… لكن اللي قدامها ده مش طبيعي. يمكن يكون فعلاً عوض ربنا اللي هي بتهرب منه.


رفعت راسها وقالت بصوت هادي عشان تطمنه:

ـ خلاص… هحكيلك. اسمعني للنهاية.


قعدت على طرف الكرسي، عيونها دموع، وصوتها مليان وجع وهي بتحكي:

ـ سافرت عند عمي في الوحات زي ما أمي طلبت مني… عشان أختفي شوية، محدش ينتقم مني. بس وأنا في الطريق… الأتوبيس اتعطل، ونزلنا في استراحة وسط زرع وأشجار. كنت مبهورة بالمكان ومشيت شوية. فجأة لقيت شباب بيجروا ورايا… خفت وجريت، بس ضعت.


وقتها وصلت عند مخيم شباب… وفي لحظة حسيت إني يا أرجع للفريسة الأولى يا أقع في فريسة جديدة. صرخت… بس وقع مني صوتي. مش فاكرة إيه اللي حصل بعدها… غير إني صحيت لقيت هدومي مقطعة، جسمي مجروح، والمكان فاضي. لقيت عباية سودا على السرير، لبستها، لبست الحجاب… وخرجت.


(دموعها غرقاها، صوتها بيتقطع)

ـ لقيت عربية واقفة… سألتهم يوصلوني. وافقوا. لكن سبحان الله… كان في العربية أبوك وعمتك. ربنا أنقذني بمعجزة. رجعت البيت، وأمي تسألني "فين كنتي؟" وأنا مش قادرة أنطق. ومن يومها قلبي مات… جمدته عشان أمي وأختي. لو أنا وحشة زي ما بتفتكر… كنت اخترت الطريق السهل. لكن كل همي كان أختي… إنها تعيش برأس مرفوعة.


سكتت رحمة، مسحت دموعها بسرعة.

بصت لقيت طاهر قاعد، هادي بشكل غريب، بياخد نفسه بارتياح كأن جبل اترفع من على صدره. استغربت وقالت:

ـ إنت… صدقتني؟ هنكمل المهمة عادي زي ما اتفقنا؟! ربنا بيحبك يا طاهر… يمنى هترجعلك، وأنا هخرج من حياتك.


ابتسم طاهر ابتسامة صغيرة، وقال بهدوء:

ـ بس أنا مش عايز أي حد غيرك. فاهمة؟


رحمة اتجمدت مكانها، قربت منه خطوة وهي مذهولة:

ـ إنت متقبل واحدة زيي؟! واحدة كانت فريسة شباب أيام؟! إنت لو هتقبل… أنا مش هقبل. إنت سبت يمنى علشان مجرد كلمة اتكسرت… دلوقتي تقبلني أنا؟! أكيد في عقلك حاجة مش طبيعية.


ضحك طاهر ضحكة مرة، فيها وجع وسخرية:

ـ يمكن… يمكن عايز أربطك بيا عشان أنتقم منك. يمكن حبي ليكي نفسه انتقام.


رحمة اتسمرت مكانها، قلبها بين دقات خوف وحيرة، مش عارفة هو بيحبها بجد… ولا هيبقى حبه سيف مسلط عليها.


---


في الفيلا، بعد ما صحيت حنين وأمها، رفعت الأم عينيها مستغربة:

ـ "رحمة مش موجودة؟ راحت فين؟"

كانت قاعدة في أوضة المعيشة، عينيها متعبة ونظرها ضعيف جدًا. نادت بصوت هادي:

ـ يا حنين… هاتي التليفون يا بنتي أشوف رحمة فين، وروحي شوفي دروسك في أوضتك يا حبيبتي.


حنين جريت بسرعة، جابت التليفون، وقعدت جنبها وقالت:

ـ خليني أساعدك يا ماما.


الأم ابتسمت بحنان:

ـ رحمة قايلة لي قبل كده إن في خاصية للي نظرهم ضعيف… أقدر أسأل التليفون وهو يرد عليا. متعطليش نفسك، يا حبيبتي.


حنين ضحكت بخفة وقالت:

ـ يعني مليش لازمة دلوقتي؟ حاضر يا ست الكل… أكيد في أسرار ما بينكم.

وقامت بهدوء، ودخلت أوضتها.


الأم خدت التليفون في إيدها، وبدأت تحس فيه لحد ما لقت الزر اللي بيشغّل الخاصية الصوتية. قالت بصوت متردد:

ـ عاوزة رقم بنتي رحمة على الواتس.


رد عليها التليفون:

ـ يوجد رسالة صوتية من رحمة… هل تريدين سماعها؟


الأم اتسمرت في مكانها، قلبها بدأ يدق بسرعة، ردت بصوت واطي:

ـ آه…


وبدأت الرسالة تُسمع… وصوت رحمة خرج مليان وجع:

"أنا مش هقدر أكمل كده يا أمي… أنا مش البنت اللي ربيتيها على الصدق عشان أضحك على حد أو أستغل حد… لازم طاهر يعرف الحقيقة…"


"يا ماما… أنا مش عارفة أقولك إيه، بس في حاجات جوايا مش قادرة أخبيها أكتر من كده…"


الأم فضلت ثابتة في مكانها، كل كلمة كانت بتخترق قلبها وكملت التسجيل 


أنا مش البنت اللي ربيتيها على الصح. أنا لا أقدر أضحك على شخص ولا أستغلّه. لازم طاهر يعرف كل الحقيقة.

أنا فاكرة يوم إنتِ اللي أقنعتيني أتجوز منه… وقلتيلي ستر وجاي لحد عندك، ونرتاح من لسان الناس والكلام اللي بيتقال.

عارفة إني كنت بجمد قلبي، وبرجع متأخرة من الشغل، عشان اللي المفروض يتخاف عليه… مش موجود أصلاً."


إيد الأم رجفت وهي تسمع، قلبها انقبض، وبلحظة أغلقت التسجيل قبل ما يكمل. تنهدت بوجع، ودموعها لمعت في عينيها، وهي تهمس:

ـ "أنا اللي كذبت عليك يا بنتي… إنتي بخير، كويسة، والدكتورة كشفت عليك وقالت إنتي سليمة. بس لما جه طاهر وطلب إيدك، وإنتي رفضة كالعادة… افتكرت الحادثة. قلت دي فرصتنا. طول عمرك بترفضي أي حد يتقدملك، وأنا خفت العمر يعدّي… والناس ما ترحمش."


فلاش باك


رحمة واقفة قدام أمها بعينين متوسلة:

ـ "إزاي موافقة أتجوز يا أمي؟ موافقة على كل ده؟"


الأم بصت لها بعينين حزينة، وقالت بحدة مكتومة:

ـ "عشان أستر عليك يا رحمة. الموضوع مش إنك بترفضي الخطّاب عشان مش عاجبينك… إنتِ خايفة الحقيقة تطلع. رغم إن اللي حصل مش ذنبك، بس لسان الناس ما بيرحمش. جاتلك فرصة محترمة، ليه تضيعيها؟"


رحمة شهقت، دموعها نزلت على خدها:

ـ "نكدب عليه يا أمي؟ نستغله؟ إحنا عمرنا ما كنّا كده! أنا اتربيت منك على الصح، مش على الخداع!"


الأم شدّت نفس طويل، وحاولت تخفي ارتجاف صوتها:

ـ "أنا عارفة إنك ليه رجعتي هنا النهارده… عشان تسمعي بنفسك الناس وهي بتنهش في لحمك، الشباب اللي بيرموا كلام، والكل يقول رحمة فقدت شرفها في الحادثة. إنتي فاكرة إني مش سامعة؟ أنا بعمل كده عشان أسكتهم. حتى لو كان الثمن كذبة كبيرة."


رحمة بصت لها بوجع أكبر:

ـ "بس الثمن أنا… أنا اللي هدفعه

باك 

قعدت دقيقة ساكتة، بتبص في الأرض كأنها بتحاسب نفسها على كل قرار أخدته.


قطع شرودها صوت حنين من المطبخ:

ـ الفطار جاهز يا ماما… وبعتولي من البيت الكبير عشان نحضر معاهم.


الأم مسحت دموعها بسرعة، ومدت إيدها لحنين وقالت:

ـ تمام يا بنتي… يلا.


سندتها حنين لحد ما وصلوا للبيت الكبير. السفرة كانت متجهزة بشكل مبهر، كبيرة تسع عدد ضخم من الناس، مليانة أصناف تفتح النفس. ريحة الأكل كانت مالية المكان وصوت الخدم رايح جاي.


فريدة قربت بخطوات واثقة، وابتسامة على وشها:

ـ أهلاً أهلاً… نورتوا البيت.

مدت إيدها، سلمت بحرارة على أم رحمة، وقالت:

ـ إزيك يا أم رحمة؟ أخبارك إيه؟ يا رب تكوني ارتحتي معانا.


ابتسمت الأم ابتسامة خجولة:

ـ الحمد لله… أشكرك يا هانم.


فريدة بسرعة هزت راسها:

ـ لا… ما تقوليش هانم، قولي يا فريدة وبس. إحنا أهل. صح يا نوال؟


الأم اتفاجئت، رفعت حاجبها باستغراب:

ـ إنتي عرفتي اسمي منين؟


ارتبكت فريدة لحظة، وبعدين ضحكت بخفة تحاول تغطي ارتباكها:

ـ هو إنتي نسيتي إن اسمك مكتوب في شهادة ميلاد رحمة؟ وكمان في ورق القسيمة… مش سر يعني.


سكتت الأم لحظة، وبعدين هزت راسها بأسى:

ـ أصل الكل بيناديني "نور عيني رحمة"… فتعودت ونسيت اسمي الحقيقي.


بدأ الضيوف يوصلوا واحد ورا التاني:

روى وبنتها يمنى ومعاهم مصطفى، بعدهم جه نامق وهو مسنود على الخادمة، ووراهم قلب وحازم ومعاهم الأطفال، وياسر قعد جنبهم. الجو كان مليان حركة وضحك، لكن الكل لاحظ غياب إياد.


بعد شوية، دخل سليم وزوجته، وهو بيضحك بصوت عالي:

ـ إزاي تاكلوا من غيري؟


ضحكت فريدة:

ـ الغياب ملهوش نايب يا سليم… وانت عارف القانون هنا. روحت فين بعد الفرح إنت ومراتك؟


ضحك سليم وهو يحط الطبق قدامه:

ـ إنتي ناسية يا مرات أخويا، إحنا كمان عرسان! كان لازم نقضي شهر عسل صغير كده.


وفجأة وهو بيتلفت، لمّح يمنى قاعدة جنب أمها، فقال مازحًا:

ـ فين عريسك يا يمنى؟ ليه قاعدة لوحدك؟


سكتت يمنى لحظة، وبعدين تنهدت وقالت بصوت مكسور:

ـ أطلقت يا عمي سليم.


الهدوء خيم على السفرة كلها، الكل اتجمد مكانه، العيون اتسمرت عليها.

سليم رفع صوته بصدمة:

ـ إنتي بتقولي إيه؟! وامتى ده حصل؟


---


تتبع

Mohamed ME
Mohamed ME
تعليقات