اسكريبت الفصل الثالث 3 بقلم زينب حشمت
- إنتَ عايز تتجوزني شَفقة ؟
ما إستغربش من صوتي العالي، وبصلي نظرة مفهمتهاش
زي ما يكون كان متوقع عصبيتي وبعدين إتكلم
= طب ممكن تقعدي نتفاهم !
- أقعد، أقعد إيه وبتاع إيه ،
إنتَ بتتقدم ليّا عشان حسيت بالشفقة عليّا، شايف نَفسك البطل المُنقذ اللي هينقذ البنت المسكينة اللي أهلها بيعذبوها، وتكسب فيها ثواب،
ولّا صعبت عليك أوي، شايفني مسكينة للدرجادي !
لأول مرة أندم بالشكل دا، يعني الشخص الوحيد اللي حكيتله عايز يجي يتجوزني عشان حاسس بالشفقة تجاهي، وصعبت عليه ،
واو بجد
" سقفت بإيدي وكملت كلامي بسُخرية .."
- لكن يؤسفُني أقولك، مفيش جايزة نوبل في الأخر ولا حاجة،
يعني العمل البطولي اللي إنتَ عايز تعمله معايا دا وتاخد ثوابه ملهوش جايزة للأسف
أنا فعلاً ندمانة إني عرفت شخصية زيك
ياريت تبعد عن طريقي خالص .
" وسيبته ومشيت، وأول ما إلتفت أمشي
دموعي بدأت تنزل، مش هتتكرر تاني إن دموعي تنزل قُدام حَد
ويبدأ يحس بالشفقة تجاهي
إحساسي دلوقتي صعب أوي، مش متخيلة إن الشخص الوحيد اللي حسيت تجاهه بالأمان وقلبي بدأ يميل ليه
يعمل فيّا كدا !
توصل لنقطة الشفقة، دي أصعب حاجة ممكن أحس بيها
ليه بجد ؟
بس فعلاً أنا اللي غلطانة
أنا اللي سيبت نَفسي لـ إحساسي ومشاعري
أنا اللي محطتش حدود كفاية من الأول
أنا اللي غلطانة إني سمحت لـدموعي تنزل قُدامه
مكنش ينفع أفضفض بـكُل الكلام اللي قولته
ولا أحكيله عن علاقتي بأهلي
ولا حالي في البيت
دلوقتي وصلت لإيه وحالي بقى إيه؟
الشخص الوحيد اللي حبيته، عايز يتقدم ويتجوزني لـمُجرد أنه شفقان عليّا !
ولَو إتجوزنا يجي عند أول مشكلة ويعايرني بكُل الكلام اللي قولتهوله،
ويا عَالِم ساعتها هيقول اللي مش هيقدر يقوله دلوقتي وهو إنه إتجوزني شَفقة ! "
" كُنت كُل دا قعدة ع البحر
بعيد عن البيت بـ ٥ دقايق كدا
لما حسيت إني تعبت
قومت روّحت البيت
عيوني كانت متنفخة وباين عليها العياط
وباين عليها الإرهاق والتعب
أول ما وصلت البيت مكنش في حد في الصالة
كلهم كانوا في أوضتهم
دخلت أوضتي على طول
قلعت طرحتي
وفضلت بالفستان
مقدرتش أغيّر هدومي
ونمت من كُتر التعب "
" صحيت تاني يوم
مُرهقَة وعيني تعبانة
كانت الساعة ٨
على ما فوقت كدا شوية
إستوعبت إني نمت بالفستان
وإني مظبطتش المنبه الفجر
ومقدرتش أصحىٰ أصلي من التعب
قُمت غيّرت هدومي
وخدت شاور ساقع يفوقني
ولبست إسدالي وصليت
ودعيت ربنا كتير يريّح قلبي
بعد كدا قُمت لبست البيجامة
وعملت شعري ضفيرة طويلة لآخر ضهري
مِن نِعَم ربنا عليّا
شَعري الطويل، واللي بحبه أوي
عملته ضفيرة
ودخلت المطبخ عملتلي سندوتش جبنة عشان مشربش القهوة على معدة فاضية
خلصت السندوتش وعملت القهوة، لكن فارت
تركيزي فين بس !
رجعت عملت واحدة جديدة لكن خدت بالي منها المرة دي
وصبيتها قبل ما تفور ، وعملت الوش بتاعها اللي هيظبُطلي مزاجي إن شاء الله
خدتها ودخلت البلكونة
قعدت في الشمس
إختارت الكرسي اللي عليه شمس مخصوص عشان أقعد فيها
عشان أفوق ..."
" فات شهر
مخرجتش فيه من البيت
قررت مش هنزل المَرسَم تاني
ومش عايزة اشوف وش تميم تاني
وكدا أبقى حققت تارجت أعلىٰ في الشُغل
كدا بقالي ٦ شهور في شُغلانة واحدة بس
في الشهر دا مخرجتش من البيت خالص
وشي بقى دبلان ع الآخر
بابا كان ملاحظ دا، لكن محاولش ولا مرة يفتح معايا كلام يطمّن عليّا حتى
ولا حتىٰ إخواتي الولاد
محدش غير تميم كان هو اللي مُهتم بدموعي
دلوقتي هو السبب فيها
يا ترىٰ مين هيهتم بيها !
غيري ، مفيش غيري دلوقتي اللي باقية لـنَفسي ..."
" صحيح في بداية الشهر اللي فات دا
تميم حاول يتواصل معايا كتير
لكن أنا عملتله بلوك من كُل حِتة، عشان ميقدرش يوصلّي.."
= جميلة !
سمعت بابا بينادي عليّا, خرجتله الصالة
- نعم يا بابا .
= العريس اللي كُنت كلمتك عليه قبل كدا جاي النهاردة، جهزي نَفسك.
أتصدمت - النهاردة !
لو سمحت يا بابا، أنا رافضة فِكرة الجوار دلوقتي، ممكن متضغطش عليّا، أنا مش جاهزة ومش مُستعدة للخطوة دي دلوقتي .
قام وقف بعصبية وأنا خوفت بصراحة = عال والله، وهتناقشيني كمان!
مفيش كلام في الموضوع دا، أنا بديكي خبر بس إنهم جايين النهاردة عشان تستعدّي مش أكتر.
" خلّص كلامه، وسابني ودَخل
للدرجة دي عايز تخلص مِني يا بابا ؟
وبالسرعة دي، ومع أول عريس؟
أنا هعمل إيه دلوقتي، أنا لا يُمكن أتجوز تميم
وخاصةً بعد ما فهمت إنه عايز الجوازة دي شَفقة !
هو إيه اللي فكره يتقدم تاني بعد شهر
يعني سبتله كل الأماكن اللي ممكن أكون موجودة فيها
الشغل وقعدت منه
المَرسَم ومبقتش أروحُهُ
بلوكات وعملتله من كُل حِتة
أعمل إي تاني عشان أبعده عن طريقي !
هو خلاص مفيش غير حَل واحد
هطفشه! "
" المغرب أذّن دخلت أجهز، فضلت لحد العشاء بجهز بعد صلاة العشاء سمعت صوت جرس الباب ، بابا فتح وسمعت أصوات كتيرة برة
فهمت إنه جيه ومعاه أهله
شوية وبابا نده عليّا
خرجت ليهم بصنية القهوة
سلمت علىٰ مامته، وحضنتني
وسلمت على باباه من بعيد من غير سلام الإيد
وسلمت عليه هو كمان من بعيد
وأول ما عيني جَت في عينه إتوترت وحسيت بنَفس الأمان اللي كنت بحسه وهو حواليّا
حاولت أفوّق نفسي من أفكاري دي، عشان أنا دلوقتي كُل اللي هشتغل عليه إني أطفشه
قُمت مسكت الصنية، وبدأت أوزع القهوة
وكنت حاذِرة وأنا بوزّع القهوة عليهم
عشان ليه فنجانه المخصوص مينفعش غيره يشربه النهاردة
وبالفعل إديته الفنجان
ووزعت بقيت الفناجين على اللي موجودين
كنت متبعاه وهو بيشرب القهوة
وبعد أول بوق
شِرق جامد، وفِضل يُكح
محدش كان فاهم إي اللي بيحصل غيري أنا وهو !
ودي أول تنفيذ للخطة ' خِطة التطفيش'
قهوة بـملح، زي ما دايماً بشوف في عادات الأتراك
عندهم بيعملوا العادة دي عشان يشوفوا مدىٰ حُب الزوج اللي بيتقدم وقَد إيه هيستحمل زوجته لو حصل بينهم نصيب
أما بالنسبالي عملت الحركة دي
لزوم التطفيش مش أكتر
مش مُحن هو !
قعدوا يدولوا مايّة عشان الكُحة تروح
وفضلوا يسألوه إي اللي حصل
لكنه إبتسم بهدوء وقال
= أنا شرقت بس مش أكتر
مش هنكر إني إضايقت
كُنت فاكرة أنه هيتعصب
هيقول لـ بابا، فَـ بابا يتعصب هو كمان ويلغي الجوازة
لكن اللي حصل كان عكس كدا تماماً
شوية ولقتيهم بيقوموا وبابا بيقولهم نسيب العرسان شوية لوحدهم
دخلوا الصالة وأنا فضلت أنا وهو في الصالون والباب مفتوح وهُما شايفينا من بعيد لكن مش سامعينا ...
أول ما سابونا
- إنتَ بتهزر، إنتَ إتقدمت تاني ليه ؟
هو أنا مش قولتلك إني مش عايزة أشوفك!
إنتَ بتعمل فيّا كدا ليه ؟
=بقى بتحُطيلي ملح في القهوة يا جميلة؟
هونت عليكِ !
بصيتله بصدمة،
- أنا بتكلم في إيه وإنتَ بتتكلم في إيه بجد!
= طيب يا ستي متزعليش خلينا نتكلم جَد.
- إحنا مفيش ما بينا كلام، إنتَ هتخرج ليهم دلوقتي وتقولهم كل شيئ قِسمة ونصيب، والموضوع دا يخلص.
= وأنا عبيط عشان أعمل كدا ؟
حاولت أتكلم بهدوء، وأتمالك أعصابي، إتكلمت وأنا بضغط على سناني جامد - تميم لو سمحت، كفاية بقى، أنا تعبت أنا مش فاهمة إنتَ عايز مِني إيه ، ما كُل حاجة بقت مكشوفة خالص
وأنا فِهمت إنك عايز تتجوزني عشان أنا صعبانة عليك، بس أنا بطمنك وبقولك أنا تمام أوي .
= أووه تطورنا أوي، وبقينا نتكلم من غير ألقاب، وتميم من غير أُستاذ وحركات بقى
وغَمَز في نهاية كلامه، مش محترم هقول إيه بس !
حركت راسي بيأس وأنا عارفة أنه مش هيسيبني في حالي
- قول يا تميم ، سمعاك، عايز تقول إيه !
= أيوا كدا أهو دا الكلام،
نتكلم جَد شوية، إنتِ مفكرة إني عايز أتجوزك شفقة، ودا مش حقيقي، جميلة إنتِ من يوم ما دخلتي عليّا المكتب وأنا مش فاهم حصلي إيه، دايماً حاسس إني مشدود ليكِ
أنا مش عايزة أتوسع في الكلام، عشان مخرجش عن حدودي، وأقول حاجة حرام مش من حقي دلوقتي وأتحاسب عليها
لكن كل اللي عايزك تعرفيه إني بحبك من يوم ما جيتي تشتغلي في المَرسَم، وكنت ناوي أتقدم ليكِ أول ما نرجع من سفرية سويسرا
لكن بما إنها مكملتش ساعتها، فـ قررت إني أعمل تغيير في الخِطة، وهي زي ما إنتِ عارفة إني أجلت المَعرض اللي هيحصل
وعافرت في الموضوع دا لحد ما طلبي إتقبل من المسئولين،
وقررت أكون إتقدمتلك في المُدة دي، ولو في خلال المُدة دي قِدرنا نكتب الكتاب أو نتجوز كمان، ساعتها نِقدر نسافر براحتنا
بس أنا جيت وأتقدمت في وقت غير مُناسب، في وقت مكنتش واخد بالي إنه بعد ما حكيتي ليا عن علاقتك بأهلك والبيت هيبقى الموضوع حساس بالنسبالك ، مجاش في بالي خالص إنك تربُطي بين الموضوعين !
لكن أنا بالنسبالي، مفيش حاجة أتغيرت بعد كلامك، وعمري ما هاجي أعيّرك بالكلام دا ولا أضغط عليكِ بيه يوماً ما
أنا حبيت بس أوضحلك الأمور عشان متبقيش فاكرة إني عايز أتجوزك شفقة،
وإنتِ براحتك القرار في النهاية ليكِ ، ودلوقتي إنتِ بقيتي عارفة اللي جوايا .
" كنت مستغربة، ووشي بقى عليه علامات الصدمة والدهشة
بيقول إيه دا ؟
حُب ؟ دا بجد !
بيحبني أنا !
ومن أول يوم دخلت فيه المَرسَم يعني من ٦ شهور !
أنا دماغي لفّت بيّا ..
ومكنتش عارفة أتكلم أقول إيه من أثر الصدمة
سكت وأنا كمان سكتّ وفضلنا خمس دقايق ساكتين
وبعدها لقيناهم دخلوا علينا
وبدأوا كلهم يتكلموا وأنا كنت في عالم تاني خالص
شوية ومشيوا
وأنا دخلت أوضتي
فضلت رايحة جاية بفكّر
يعني إيه
خطة التطفيش هتُقف لحد هِنا
وبعد تفكير كتير نمت .."
" تاني يوم
صحيت وشوية بعد ما فوقت
دخلت المطبخ أحضّر الفطار
حضرته وطلعته ع السُفرة
وإتجمعنا ع الفطار ..
= قرارك إيه يا جميلة ؟
إنتبهت لـ بابا - في إيه يا بابا ؟
= هيكون في إيه يعني ؟ في العريس ؟
إتوترت - آه .. إي.. يعني اللي حضرتك شايفه !
إتكلم بسُخرية = قال بتتكسفي أوي .
سكتّ ومأضفتش كلام، راح بابا إتكلم
= أنا شايف إنك كبرتي، وتميم شخص مش بطّال، وكمان إنتِ هتقعدي معانا تعملي إيه أكتر من كدا، أنا هكلمهم ويجي تاني نتفق على كُل حاجة ونقرأ الفاتحة .
- تمام يا بابا .
" خلصنا فطار
دخلّت الأكل المطبخ
ووقفت أغسل الأطباق
وفضلت أفكر
وشُفت ليه لأ إنه أعطي فُرصة لـ تميم يمكن يكون بيحبني فعلاً
وإني بس ربطت موضوع إنه إتقدملي بالليلة اللي قعدنا فيها وإتكلمت وفضفضت، وكان حُكم مُسبق مِنّي إن أشوف إنه كان شفقان عليّا
وغير إنه الشخص اللي بحس في وجوده بالأمان
وإني كمان بحبه .."
" خلصت غسيل الأطباق
ودخلت أوضتي
جهزت أدوات الرسم
وقعدت رسمت
بعد ما قررت إن لسة مش هنزل المَرسَم برضو دلوقتي
لحد ما أقعد مع تميم ونتكلم تاني "
" عرفت بعد كدا إن بابا كلّم تميم
وإتفقوا إنه يجي بعد ٣ أيام
كُنت متوترة جداً
وخصوصاً بعد أخر كلام بينّا أنت وتميم
ولمّا أشوفه، هبُص في عينيه إزاي بعد كل اللي قولتهوله وصوتي اللي عِلي عليه !
وتفكيري راح لحِتة تانية خالص
وإستغربت نَفسي وتفكيري لأني ولا مرة فكرت في دا
إزاي مقعدتش مع بابا ولا مرة وإتكلمت معاه في طريقته معايا
ليه مسألتهوش ليه إتغيّر معايا كدا من بعد وفاة ماما !
وأوصلّه إنه سَندي في الدنيا
وكمان عبدالرحمن وعبدالله وأحمد إخواتي الـ ٣ تقريباً كدا مفيش كلام بيجمعنا مع إننا عايشين تحت نَفس السقف
إزاي كنت عايشة حياتي في أوضتي طول السنة ونُص دول من بعد وفاة ماما
ومخدتش خطوة تجاههم
أو على الأقل أسمع تفسير منهم على بُعدهم عنّي
وفعلاً قررت إني أخُد خطوة في الموضوع دا
عشان لو حصل نصيب وأتجوزت مسيبش البيت ودا حاله ! "
" إخترت نَفس المعاد
ونَفس القعدة اللي حصلت وإضربت فيها
عشان أحوّل الذِكرىٰ دي
لـ ذِكرىٰ حلوة
فـ بالتالي قبل المغرب بشوية
عملت كوباية الشاي
ودخلت على بابا البلكونة
وكان ماسك الجورنال في إيده بيقرأ
حطيت الشاي على الترابيزة
وقعدت قُصاده ساكتة
وهو كمان فِضل ساكت
إي دا ؟
يعني مش هتبدأ كلام معايا يا بابا ؟
مش مشكلة يا سيدي خليّها علينا المرة دي
وقررت أبدأ الكلام
- بابا !
بصلي بعنيه نظرة سريعة، وبعد كدا رِجع يبُص في الجورنال
بمعنىٰ قولي اللي عندك وإخلَصي ..
فـ إسترسلت في الكلام وكملت
- بابا أنا محتاجة أتكلم معاك في موضوع، ولو سمحت سيبني أكمّل للأخر، وبعد كدا رُد عليّا .
مستنتش يرُد عليّا، وكملت كلامي
- ليه حضرتك من بعد وفاة ماما، ومعاملتك معايا إتغيّرت
مبقتش تُقعد معايا زي زمان ولا بقينا نتكلم، وحضرتك بقيت قاسي عليا أوي، ومبتحاولش تفهمني لو جيت أتكلم معاك في حاجة،
وأخر مرة قعدنا فيها وإتكلمنا ضربتني من غير ما تسيبني أكمل كلامي، ودي كانت أول مرة تحصل وتضربني، مع إن متعودة إنه مهماً حصل بينا عُمرها ما كانت توصل للضرب،
دموعي بقيت تنزل لوحدها، أمسحها وترجع تنزل تاني، لكنّي فضلت مكملة كلامي ..
- أنا تعبت يا بابا محدش فيكم فاهمني، من ساعة وفاة ماما وأنا كمان إتشتت أوي، ونزلت أشتغل على طول عشان أتسحل في أي حاجة تنسيّني، ورميت ورايا حُزني وإشتياقي لـ ماما وإستحملت معاملتك معايا وإخوتي كمان
لا عبدالرحمن ولا عبدالله ولا أحمد، محدش فيهم مُهتم بيّا، ولا حد فكّر يشوف مالي في وقت أنا كنت تعبانة فيه، ولا ساعدوني في شُغلي، أو إنهم يشوفولي شُغل، حتى لما تميم إتقدم محدش أبدىٰ رأيه، ولا شاركوني أي حاجة، هو مش المفروض إني أُختهم الوحيدة، اللي يكونوا حنينين عليها، ويدوروا عليها دايماً
أنا عايشة معاكم تحت نَفس السقف، لكن الحقيقة إنّي عايشة لوحدي
محدش فيكم عارف أنا فيّا إيه ولا بَمُر بإيه !
دي أمانة ماما اللي سابتهالكم ؟ ، دي الطريقة اللي تحافظوا بيها عليّا ؟
أنا جيت إتكلمت مع حضرتك، عشان أنا صعبان عليّا حالنا بالشكل دا، وكفاية اللي راح بقى، سنة ونُص كتير أوي
كفاية علينا بُعد وجَفا وقسا لحد هِنا، أنا إتكلمت معاك الأول، ولسة هتكلم مع إخواتي، اللي محدش فيهم بيفكر يتكلم معايا ولا أكنّي شفافة وهَوا في البيت، ومش بنتجمع غير وقت الغدا، وأحياناً الفطار، لكن هحاول ألاقي وقت يكونوا موجودين فيه وهتكلم معاهم إن شاء الله.
سكتّ شوية أشوف رد بابا عليّا، بعد ما كانت ملامح وشه بتتغير مابين الصدمة شوية من كلامي، وشوية الدهشة، وشوية يبقى متعصب وعايز يقوم يكسّر راسي، لكنه كان كاتم عصبيته دي، ودا اللي إستغربته الحقيقة، بابا ليه مقطعش كلامي، ومسابش نَفسهُ لـغضبه وإنه يتعصب عليّا !
فضلت ساكتة، مستنياه يرُد، لكن فِضل باصص في عيوني وأنا شوية أنزل عيوني، وشوية ارفعها فيه
وإتكلمت - بابا هو حضرتك مش هتقول حاجة ؟
بِعد بـنظراتهُ وعيونُه عني وأنا شايفة دَمعة نزلت من عيونه
بابا !
بابا بيعيط !
إستغربت جداً، بابايا أنا اللي أنا عارفاه بيعيط
مفضلتش في تفكيري كتير لما لقيته قايم من غير ولا كلمة، وفتح باب الشقة ونِزل "
" إستغربت من رد فعلهُ دا !
لا زَعق
ولا أتعصب
ولا حتىٰ إتكلم بسُخرية زي عادته معايا أخِر فترة
وساب البيت ومِشي ! "
" طردت كُل الأفكار من دِماغي
وقررت أكافئ نَفسي على شجاعتي دي
وإني قِدرت أتكلم مع بابا
حتىٰ لو مفيش حاجة هتتصلح،
لكن يكفيني شَرَف المحاولة
دخلت المطبخ
وبدأت أجهّز مقادير الكيكة
وبدأت أشتغل فيها
وإنشغلت خالص بيها
وبعد ساعتين، بعد صلاة العشاء
سِمعت صوت باب الشقة بيتقفل
فَـ عرفت إنه بابا
وهو دَاخل على جوّا، شافني واقفة في المطبخ، كنت بزوّق الكيكة بعد ما طلّعتها من التلاجة..
قال = جميلة يا بنتي إقعدي ع السِفرة، عايزك في موضوع .
وسابني ولقيته مُتوجّه في إتجاه أوضة أخواتي
بابا قالي يا بنتي !
إي بقى، هو كل شوية هاخُد الصدمة ولا إيه !
بس إبتسمت، وإتبسطت بصراحة
وخرجت للسُفرة، وشوية ولقيت عبدالله وأحمد خارجين من الأوضة
تزامُناً مع وصول عبدالرحمن من برا
وبابا قالهم = إقعدوا يا ولاد، عايز أتكلم معاكم .
قعدوا فعلاً، وكُلنا كُنا مستغربين، إحنا مش بنتجمع كدا خالص
قطع إندهشنا صوت بابا
= أنا عارف أنكم مستغربين أنا ليه جمعتكم دلوقتي، وإن دا مش بيحصل خالص، أو بالأحرىٰ لحد وفاة مامتكم ..
" كُلنا إترحمنا عليها، وسِمعنا بابا بإهتمام .."
= أُمكُم دي يا ولاد حُب حياتي، عافرت كتير لحد ما قدرت أوصلها، وجدّكم مرضيش يديهالي بالساهِل كدا، فـ كُنت مقدّر وجودها دايماً حواليا، وكنت عايش عشانها، شُغلي وتَعبي كان كُل اللي بيصبرني عليه إني بعمل دا عشانها، وإني هرجع في نهاية اليوم هشوف إبتسامتها وجمالها، وساعتها أخُد طاقة أقدر أكمّل بيها لـتاني يوم ..
لما جَت وإتوفت، أنا توهت، بقيت حاسس إني تايه، طب أنا عايش عشان مين دلوقتي !
،أنا بحبكم، وبحبكم عشان إنتوا ولادي، وبحبكم أكتر عشان إنتوا ولادي من أكتر سِت حبيتها في الدُنيا، لكن حتىٰ وجودكم مشفَعش غيابها عنّي، ومحدش فيكم هيقدر يعوض مكانتها في قلبي، ولا يقدر يعمل اللي كانت بتعمله ، أنا ساعتها مبقتش فاهم حاجة، ولا عارف المفروض أتعايش إزاي، وأعمل إيه !
كان كل يوم إشتياقي ليها بيزيد ، وأفضل أكتم جوايا، ومفكرتش ولا مرة أقعد معاكم ونعبّر لبعض قَد إيه هي وحشتنا،
بقيت دايماً مضغوط وعَصبي، ومش مُتقبّل أي حاجة، وبقيت سايبكم على الله كدا، ولا بسأل عليكم ولا بطمن، عشان كُنت فاقد الأمل في كُل حاجة، واللي ينجح منكم ينجح بقى، واللي يفشل في حياته يفشل، أصل في خُسارة أكتر من كدا ؟
" كُلنا بلا استثناء عيطنا، حتىٰ عبدالرحمن أخونا الكبير، اللي حاول يمسك دموعه وميظهرهاش، عيّط في الأخر
بابا وجّه نَظره ليّا وكمل كلام = بنتي الوحيدة، جميلة، واللي هي إسم على مُسمىٰ، أخر العنقود، اللي كانت أكتر واحدة عليها توصية من مامتكم ، أنا أهملتها أوي، لا سألت عليكِ يا بنتي طول السنة ونُص دول، وكنت دايماً بسمّعك كلام يكسرك، لكن دا كله من ضغطي
عايش طول السنة ونُص دول بدون روح، ونسيت إنكم روحي من بعد مامتكم، وإنكم حتى لو مش هتعوضوني بشكل كامل عنها إلا إني عندي ميراثها الجميل، ٣ شباب زي الورد، وبنوتة زي القمر
سامحوني يا ولاد، سامحوني ع الفجوة دي، واللي بسببها بعدنا عن بعض، كان المفروض أَصلُب طولي أكتر من كدا وأَلّم شَملِنا من تاني، وأرجع أجمعكم،
سامحوني يا ولاد، عارف إن وفاة مامتكم أثر عليكم إنتوا كمان، لكن أنا إتعاملت بأنانية وأكني أنا اللي فارقت بس، مع إنها مامتكم وعدم وجودها مأثر عليكم كمان.
" بابا بَص لإخواتي، وكَمّل كلامه ..
= ومع إنكم رجّالة، وكبرتوا وبتعتمدوا على نَفسكم، إلىٰ إن الفُراق صعب، ومفكرتش ولا مرة أتكلم معاكم وأهوّن عليكم،
أنا عايزكم تسامحوني، ونرجع زي زمان حبايب، ونقوّي وندعم بعض دايماً ومنسبش إيد بعض خالص،
وجميلة أُختكم البنت الوحيدة، وعلى وش جواز كمان، لازم نبقى سند ليها وندعمها في وقت مهم زي دا في حياتها.
" بابا مِسك إيدي، وبَص في عيوني
وقال = شُكراً يا جميلة يا بنتي، إنتِ كلامك فوّقني، وحسيت إني كنت هضيّع حاجة كبيرة أوي مني، وهي إنتِ وإخواتك، وكفاية بقى الغَفلة اللي إحنا كُنا فيها دي .
" مسحت دموعي، ولقيت إخواتي كمان مسحوا دموعهم،
وبابا قام وِقف جمب السُفرة وفتح إيده الإتنين، وبدون تفكير دخلنا كُلنا في حُضنهُ، وأخيراً حسيت بالأمان في بيتنا اللي كان هيروح مننا،
باس راسنا كُلنا واحد واحد،
وقال = إعتذروا يا ولاد لـ جميلة على إهمالكم ليها طول الفترة اللي فاتت، أُختكم في عينيكم، مش عايز أعرف إنها في يوم إحتاجت حاجة، وهي وراها ٣ رجالة كدا .
" أنا إبتسمت بشدة
وكنت مبسوطة أوي من جوايا
وبحمد ربنا مليون مرة على اللحظة السعيدة دي
واللي كنت فقدت الأمل إنها تحصل
ولقيت إخواتي مرة واحدة، واحد ورا التاني بترتيبهم في السن
عبدالرحمن، وبعدين عبدالله، وبعدين أحمد
جُم حضنوني وباسوا راسي ..
عبدالرحمن = حقك عليّا يا جميلة، المفروض إنه كان من واجبي إني أكبر إخواتك، إني أهتم بيكِ، وحتى لو كنت حسيت بتشتُت بعد فُراق ماما، إلىٰ إن المفروض كنت مسبتكيش خالص .
" باس راسي، وإيدي الإتنين، وبعد كدا لقيت عبدالله بيشدّني من إيد عبدالرحمن لحُضنه، وبيطبطب على راسي
وبيقولي = جميلة صديقة المصايب اللي بنعملها دايماً، موحشتكيش المصايب ! أنا بصراحة وحشتني خالص، دوريلنا على مُصيبة جديدة بقى نعملها .
" ضحكت جامد،
فعلاً كل مصايبي مع عبدالله
وكل الحاجات اللي كانت خارج نطاق عاداتنا هِنا في البيت، كانت بتبقى معاه ...
أحمد شَدني من عبدالله، ودخلني في حُضنه هو كمان
إي يا جماعة، الخير لما بيجي بيجي مرة واحدة ولا إيه، دا أنا كنت قُدامكوا طول الفترة اللي فاتت، محدش عبّرني ليه ؟
إي الحُب دا كله بس !
بس كدا حِلو راضية والله يارب
ديمها عليّا نِعمة يارب
أحمد قالي وأنا في حُضنه = أَي نَعم الفرق بينا سنة واحدة بس، بس هفضل شايفك الطفلة اللي مبتكبرش أبداً، وبنتي اللي بجبلها حاجات حلوة وأنا جاي من برا دايماً.
"إبتسمت، والمرادي ضحكت فعلاً
لأن دي عادة كُنت دايماً معوّدة أحمد عليها
وأطلب منه يجبلي حاجة حلوة في كل مرة راجع فيها من برا
الواحد كان نِسي كُل الحاجات الحلوة دي
وبحمد ربنا جداً، علىٰ لَمّ شملنا من تاني.. "
" خرجت من حُضن أحمد، وجريت على بابا ودخلت حُضنه
- أنا اللي أسفة يا بابا، أني مجتش إتكلمت معاك من الأول، وقفلت على نَفسي طول الفترة دي، وحبست نَفسي في أوضتي.
- خرجت من حُضن بابا وبصتلهم كلهم -
- بس خلاص من هِنا ورايح، محدش هيسيب التاني في حالهُ، ولَو فاكرين إني حتىٰ لو اتجوزت فـ الجواز هيبعدني عنكم تبقوا غلطانين، قعدة على قلبكم، وبالمُناسبة دي ثواني كدا ..
" دخلت المطبخ
خدت الكيكة اللي عملتها
وخرجت بيها الصالة
مكنتش أعرف إن الكيكة كان نصيبها تشهد معانا بدايتنا الجديدة
حطتها قُدامهم ع السُفرة
وأتكلمت بإبتسامة
- ودي بقىٰ لزوم البدايات الجديدة .
إبتسموا كلهم..
- ثواني بقى أجيب الأطباق وأجي
إتكلم عبدالله = إستني أساعدك
" ودَخل معايا
حضّرنا الأطباق والشِوك
وخرجنا بيهم
بدأت أقطع الكيكة
وحطيت لـكُل واحد قطعة في طبقه
وعلى ما قطّعتها
نِزل أحمد يجيب لينا حاجة ساقعة نشربها مع الكيكة
وإتجمعنا كُلنا حوالين السُفرة
وإحنا مبسوطين بالبداية الجديدة
وإن المرة دي كانت مُختلفة وجميلة
وقلوبنا كُلنا حَاضرة
وتحفظ الذِكرىٰ الجميلة دي .."
يتبع ..