اسكريبت (كامل جميع الفصول) عبر روايات الخلاصة بقلم سوار
اسكريبت الفصل الثالث 3 بقلم سوار
— ايه يا خالد أنت فين ؟
حطيت التليفون على ودني وأنا بسنده بكتفي ، وبلبس الكوتش .فتحت الباب وأنا برد على خالد :
— أنا طالع من البيت اهو ، دقايق وأكون عندك ..
ظبطت الكوفية أكتر على رقبتي ، لما البرد خبط في وشي ، لابس كمية هدوم ما يعلم بيها إلا ربنا ، ومع ذلك حاسس بالبرد في عضمي .
مشيت في الشوارع اللي عيوني حافظاها ، وأنا بسلم على معظم الناس في المنطقة ، وصلت للقهوة وشوفت خالد قاعد على الطرابيزة ، فقعدت وأنا بمد ايدي أشرب من كوباية الشاي بسرعة ، في محاولة بائسة إني أحس بالدفا .
اتكلم خالد بصدمة وعيون وسعة :
ـ ليه يا ابني ، دا أنا ما صدقت أنه نزلها ..
حركت رأسي بلا مبالاة ، وأنا بكمل شرب :
— اطلبلك واحدة تانية ، راعي إني جاي من طريق والدنيا سقعة ..
رد بسخرية بعد ما شاور للصبي :
ـ دا على أساس إني جنب دفاية بيتنا ..
ابتسمت له ببرود ، وأنا لسه بشرب ، وإلي حد ما حسيت بدفا جوايا ، دا غير ايديا اللي ادفت من سخونية الكوباية..
ـ أخبار شغلك ايه دلوقتي ؟!
أظن الحمد لله خلصت من حوار الإدارة ..
اتنهدت وأنا بحط الكوباية قدامي :
— الحمد لله كويس ، والورق اللي خلص فادني كتير الحمد لله..
هز رأسه ببسمة هادية ، وبعدين قرب بجسمه من الطرابيزة وهو بيغمزلي :
— مش ناوي بقى تفك نحسنا وتتجوز ، خلي كل الشلة تنجر وراك .
— يا عم ارحمني كفاية خالتك سمية عليا ..
ضحكت بخفة وأنا بفتكر كلامها :
— تخيل بتقولي هكسر التلاتين ، والناس هتقول عليا معنس ...بالله أنا معنس ؟
ضحك خالد وهو بيقول :
ـ ما هي بصراحة عندها حق ، هتستنى لحد امتى ؟
رديت بتعجب:
— يا ابني أنا لسه مكمل ال٢٨ من كام شهر ، وبعدين مش هينفع دلوقتي ، نفترض أن حد اتقدم لواحدة من أخواتي ، هعمل ايه أكمل جهازها ولا أوضب شقتي ..
رد بهدوء وهو بيحاول يقنعني :
ـ يا ابني أخواتك لسه صغيرين ، مش الصغيرة لسه داخلة الكلية السنة اللي فاتت ..
حركت رأسي بتأكيد :
— ايوا بس الكبيرة ٢٣ سنة ..
ريح ضهره على الكرسي وهو بيقول ببساطة جلطتني :
ـ لا ما دي مش هتتجوز دلوقتي...
عيوني وسعت وأنا بميل رأسي باستغراب:
— نعم !!
رجع اتعدل في عقدته ، وشبك ايده في بعض ، وهو بيبتسم ابتسامة هبلة :
ـ مالك أنا طالب ايد أختك فاطمة ..
فضلت فترة ساكت ، وبرمش بعيوني بصدمة ، حسيت دماغي عملت ايرور ، فاطمة ..فاطمة أختي ، اه يا ابن ال..
قومت من مكاني فجأة وأنا بشده من هدومه بعنف :
— وأنت تعرف فاطمة أختي منين ؟! بتبص على حرمة بيتي يا خالد ..
اتكلم بغيظ وهو بيزق ايدي عنه :
ـ أنت عبيط يا مالك ، حرمة بيتك ايه اللي أبص عليها ، أنت مانعني ادخل بيتكم من لما دخلنا أولى ثانوي ، اصحى ...دا أنا مبعرفش خالتي سمية غير لما بتشاورلي ..
حسيت غضبي هدي شوية ، وأنا بضيق عيني بتفكير ، بالفعل من ساعة ما دخلنا الثانوي وأنا بقابله برا ، ومدخلش بيتنا ، بيجي يفضحني في الشارع على ما أنزله..
فكيت ايدي من عليه ، فعدل هدومه بزهق ، رجعت قعدت وأنا بسأله بنفاذ صبر:
— ايوا بردو عاوز تتقدم لها ليه ؟
ـ هو ايه اللي عايز تتقدملها ليه ، علشان اتجوزها ..
اتكيت على سناني :
— واشمعنى هي ؟!
بصلي بسخرية :
ـ بطل بس تضغط على سنانك لأحسن تتكسر ،
واشمعنى هي ، أولا هي تربيتك أنت وخالتي سمية فمش هخاف على بيتي في ايديها ، كمان عيلتكم عارفينها وكويسة ، فكدا أولادي مش هيتعبوا ..
رفعت جانب شفتي بسخرية :
— اللهم صل على النبي كمان وصلت للعيال..
كمل كلامه وهو بيبصلي بلا مبالاة:
ـ عليه الصلاة والسلام ، كمان سمعتها بين البنات كويسة أوي ، وبصراحة أنا....
فجأة قطم كلامه ، وقفل بقه جامد وهو بيبص بعيد .
بصيتله باستغراب وأنا حاسس في حاجة :
— ولااا...بصراحة ايه ..
ـ ما أنا مش هينفع أقول قدامك ..
عيوني وسعت وأنا بزعق :
— يعني هتقول من ورايا ولا ايه...
ـ هشش ...الناس بتبص علينا .
لفيت رأسي ناحية الناس اللي باصين علينا بقلق من صوتنا العالي ، خدت نفس عميق واتكلمت بنفاذ صبر :
— نجز وقول فيه ايه علشان مقومش أكسر الطرابيزة دي على دماغك ..
ـ على فكرة أنا مقدر غيرتك لأني بتكلم على أختك...
— حاسب على ملافظك يلا ، ايه بتكلم على أختك دي ..
حرك رأسه بنفي :
ـ مش قصدي حاجة وحشة والله ،
بص أنا بصراحة معجب بيها ..
قال كلامه وغمض عينيه ، عضيت شفايفي وأنا بسأله بهدوء مميت :
— معجب بيها إزاي ؟ شوفتها فين علشان تعجب بيها ؟
فتح عيونه بالراحة وهو بيبلع ريقه بتوتر:
ـ شوفتها مرة مع خالتو سمية ، ومرة في فرح حسناء صاحبتها ..
— وأنت عرفت منين أن حسناء صاحبة أختي..
حسيت اني طفل شوية وأنا بسأل السؤال بس لازم اعرف كل حاجة ..
ـ مالك يا حبيبي المنطقة كلها عارفة أن أختك وحسناء صحاب من الحضانة ، دا من كتر ما كانوا بيمشوا سوا ، فكروهم راضعين على بعض..
حركت رأسي باقتناع وكملت بعناد :
— بس ايه بردو اللي يخلينا أقبل بيك زوج لأختي ، مميزاتك ايه ..
رفع حاجبه بسخرية :
ـ ٢٠ سنة صحوبية ومش عارف مميزاتي ، يا أخي دا أنت عارف اسرار أبويا مش عارفها ..
— طيب نفترض أن هي رفضت ، أصلا بنسبة تسعين في الميه هتترفض ..
فتح عيونه بصدمة :
ـ ليه بنسبة تسعين في الميه اترفض ، وهو أنا بتلت رجول..
ابتسمت بتسلية وأنا بفتكر قد ايه فاطمة بتنغاظ منه ، وشايفة أنه واخدني منهم :
— والله علشان أكون منصف هكلمها ...بس لو رفضت متزعلش .
وشه بهت وعيونه زارها القلق ، غصب عني حسيت بوجع في قلبي ، دا أعز من روحي ، بس ممكن توافق ، بس دي اختي...يا ربي على الحيرة.
فتحت بوقي ولسه هطمنه ، بس صوت التليفون وقفني ، فتحت المكالمة اللي كانت من رقية باستغراب :
— السلام عليكم ورحمه الله..
ايه ؟!
قمت بفزعة من مكاني وأنا بشيل حاجتي ، وسط نظرات القلق من خالد .
ـ فيه ايه يا مالك ؟
بصيت له بعيون مخضوضة ، وقلب واقع من الخوف :
— رقية عملت حادثة ، ونقلوها على المستشفى..
——————
وصلت المستشفى ، وأنا مش داري أنا جيت إزاي ، دخلت بسرعة و ورايا خالد ، سألت الممرضة في الاستقبال ، فقالتلي رقم الأوضة ، مشيت بسرعة في طرقات المستشفى ، وأنا قلبي بيخبط في صدري ، ودموعي على تكة وتنزل وبدعي أنها تكون بخير ..
وصلت للأوضة وسألت الممرضة اللي خارجة منها ، كنت بنهج و وشي عرقان على الرغم من برودة الجو :
— رقية عبدالرحمن...
معرفتش أنطق غير الاسم ، فحركت الممرضة رأسها بهدوء وهي بتطمني:
ـ اتطمن حضرتك هي كويسة وفاقت ، والدكتورة معاها جوا ، اقدر تدخل وهي هتطمنك على حالتها بالكامل ..
خبطت على الباب وأنا بحاول اتحكم في رعشة ايدي ، حسيت بايد خالد على كتفي وهو بيطمني بعيونه .
سمعت صوت الدكتورة بيأذن ليا بالدخول ، فدخلت وأنا قلبي بيرتجف وبتمنى إني متفجعش فيها .
دمعة نزلت من عيوني وأنا شايفها راقدة على السرير ، وشها مليان جروح وعندها ايد ورجل متجبسين ، دخلت ناحيتها بسرعة وأنا بحاول مقربش علشان مأذيهاش .
مسكت ايديها السليمة بالراحة وأنا بنادي باسمها :
— رقية ... حبيبي.
عيونها اتفتحت فتحة بسيطة ، وشفايفها بتهمس بصوت مش مسموع من الوجع ، مسحت على خدها بالراحة وأنا بمنعها تتكلم ، وبطمنها إني جنبها .
— بس يا حبيبي متتكلميش ، أنا جيت جنبك اهو...
غمضت عيونها تأني ، وملامحها ارتخت شوية ، وأن كان علامات الوجع لازالت ظاهرة عليها ..
مسحت دموعي قبل ما ألف وأكلم الدكتورة ، كنت بمسح وشي وكأني بطبطب على قلبي يهدى من الخوف ..
— أسف يا دكتورة بس.....
سكت بصدمة وأنا شايفها قدامي .
— أنتِ ؟!
بصتلي بصدمة ، كانت نفس البنت بتاع الأتوبيس والعصير ..
حمحمت بإحراج ، وعدلت نضارتها وهي بتتكلم بجدية :
ـ= حضرتك تقرب للمريضة ؟!
رديت بلهفة:
— ايوا أنا أخوها....هي حصل معاها ايه ؟
اتكلمت بهدوء ونبرة عملية :
= الناس اللي جابوها على المستشفى قالوا أن عربية خبطتها ، هي زي ما أنت شايف عندها كسر في دراعها اليمين و رجليها اليمين بردو ، فأعتقد أنها لما اتخبطت وقعت على جنبها اليمين ..
اتكلمت بقلق وأنا ببص على جروح وشها :
— طيب والجروح اللي في وشها دي ؟
ابتسمت بهدوء وهي بتطمني:
= متقلقش حضرتك ، دي مجرد خدوش هتروح بالعلاج إن شاء الله ، هي ربنا بيحبها الحمد لله مكانش فيه أي نزيف داخلي ، والخبطة مجاتش في أي عضو حيوي ، فاطمن ..
ابتسمت براحة وأنا بشكرها :
— شكراً يا دكتورة..
= الشكر لله دا واجبي ...
روحت ناحية رقية وقعدت على الكرسي جنب السرير ، وأنا بسند رأسي عليه بتعب ، اللحظات اللي فاتت كانت صعبة ، حسيت أن روحي انسحبت مني ، كنت بتنفس بصوت عالي وكأن أنفاسي كانت مكتومة ، ويادوب جالها أذن بالخروج ، رفعت عيوني أبص على ملامحها اللي بهتت و الجروح اللي مدارية وشها عني ، الدموع اتجمعت في عيوني ، وكل اللي نفسي فيه في اللحظة دي ، إني أحضنها ...
مسكت طرف صابعها ، وحطيت رأسي جنب ايديها ، وغمضت عيوني ونمت .
——————
من ساعة ما دخل الأوضة وأنا اتصدمت ، كان نفس الشاب اللي ساعدني قبل كدا .
نظراته القلقانة وايديه اللي بترتعش وهو بيضغط عليها ، حتى بحة صوته و الدموع اللي كانت باينة في عينيه ، كلهم عرفوني أنه يقربلها ، وأنها حد مهم أوي ...
ومعرفش ليه حسيت إني انبسطت أنها طلعت أخته مش حد تاني ، إحساس غريب مش عارفة أفسره وخايفة يتفسر.
طمنته عليها ، ولفيت علشان امشي واسيبه يخرج اللي جواه ، وقفت عند الباب قبل ما أطلع وأنا بخطف نظرة ليه ، كان حاطط رأسه جنبها و هو ماسك صابعها في ايده ، حسيت بالحزن عليه واضح أنه متعلق بيها أوي ....ممكن تكون أخته الوحيدة .
عدلت نضارتي وفتحت الباب وخرجت ، وأنا بدعي أنها تكون بخير و ربنا يريح قلبه ، اتفاجأت بشاب قاعد على الكرسي قدام الباب ، ولما شافني قام ناحيتي ، ومن الواضح أنه معاهم ..
اتكلم بقلق مشابه لقلق صاحبه :
ـ هي كويسة يا دكتورة ؟
مالك اطمن عليها ؟
عقدت حواجبي باستغراب من كلامه ، وبعدين استوعبت أنه يقصد الشاب اللي جوا ..
= متقلقش هي الحمد لله بخير ، ومفيش خطر عليها ...بس ..
ـ بس ايه يا دكتورة ؟!
= الشاب اللي جوا غالباً تعب أوي يبدو أنه كان بيجري كتير أو حاجة ، فلو سمحت شوف لو تجبله حاجة ياكلها ، أو عصير ..
قولت كلامي بارتباك وأنا حاسة بالحرج ، يقول ايه دلوقتي ، بس هو باين عليه تعبان أوي....يووه .
حرك رأسه بهدوء واتحرك من مكانه ، وأنا رجعت مكتبي علشان أشوف الحالات ، وعقلي لسه بيفكر في الصدف اللي كترت دي .
———————
فضلت نايم مش عارف اد ايه ، وصحيت على لمسة خفيفة على شعري ، رفعت رأسي ناحية رقية ، فلقيتها مفتحة وعينيها بتضحكلي ..
قمت من مكاني بفرحة ، وأنا بحاوطها من غير ما ألمسها ، علشان متتوجعش ، بوستها جنب عينيها بحنية :
— حبيبي أنت صحيتي ، حاسة حاجة بتوجعك ؟ أنادي الدكتورة ؟
حركت رأسها بضعف ولسه ابتسامتها الجميلة على وشها :
ـ أنا كويسة مفيش حاجة بتوجعني ..
شاورت بعينيها على نفسها وهي بتقول بضحك :
ـ شوفت ادشملت إزاي ، دا أنا حاسي عضمي ادغدغ ...
عينيها اتملت بالدموع وهي بتبصلي :
ـ أنا كنت هموت يا مالك ...كنت هموت .
حضنتها بالراحة ، وأنا بمسح على شعرها :
— بعيد الشر عنك يا حبيبي..
بصيت لها بابتسامة وأنا بمسح دموعها :
— أنت بخير يا رقية ، بخير يا عيوني ، هو ابتلاء بس ... وأنا واثق إنك قده .
كمان عارفة ايه ؟!..
اتكلمت بين دموعها بفضول :
ـ ايه ؟!
اتكلمت بهمس وأنا بطبطب على شعرها :
— الدكتورة قالت أن وضعك حلو ، والحمد لله مفيش أي حاجة نقلق منها ، الجبس فترة وهنشيله إن شاء الله و الخدوش دي هتروح بالعلاج ...
بسمة خفيفة زارتها وقبل ما تتكلم ، سمعت صوت أكتر واحدة فاضحاني وهي بتقول بخوف ، وباين من صوتها المبحوح أنها معيطة .
_ رقية حصل فيها ايه يا مالك ..
يتبع ...