رواية ما بعد العداوة (كاملة جميع الفصول) عبر روايات الخلاصة بقلم زينب محروس
رواية ما بعد العداوة الفصل الرابع 4
احمد سكت بتردد، قبل ما يقول:
- حبيبة، حبيبة هي اللي سرقته.
- حبيبة مستحيل تعمل حاجة زي كدا، خرّج حبيبة برا اللعبة دي يا أحمد.
أحمد بتبرير:
- بس أنا مش بفترض إنها حبيبة، فايز جه الفندق و هو اللي قال الكلام ده.
إبراهيم كان سايق عربيته طول الطريق و هو بيفكر في المصيبة اللي مكنش عامل حسابها، المشروع اللي كان ضامن نجاحه بقى دلوقت مشروع فايز ألد منافسيه.
حبيبة لما لاحظت شروده سألته بترقب:
- أنت كويس يا مستر إبراهيم؟
انتبه لسؤالها، فرد بهدوء:
- كويس، كويس......اسمعي يا حبيبة أول ما نرجع الفندق ارجعي اوضتك، كفاية عليكي شغل النهاردة.
وافقت على كلامه من غير أي اعتراض و كأنها كانت مستنية اللي هيقوله.
********
إبراهيم ابتسم بسخرية لما شاف فايز قاعد في مكتبه، فقال بازدراء:
- معقول بجاحتك وصلتك إنك تدخل مكتبي و أنا مش موجود.
رد عليه فايز بنفس البرود و قال:
- هتغاضى عن قلة ذوقك عشان أنا مزاجي حلو النهاردة، لسه مقدم عرض ممتاز لعملاء إيطاليين.
- تقصد عرض مسروق!
- مش مهم هو مسروق و لا لاء، المهم إنه قدام الإيطاليين العرض بتاعي و فندقك هو اللي سرقه....بس دا مش موضوعنا، فين حبيبة؟؟؟
رد عليه إبراهيم بتهكم:
- أنت مفكر إنك كدا هتهز ثقتي في حبيبة؟ دا مستحيل يحصل، و أحب أعرفك إن العرض اللي أنت فرحان بيه أنا هسترده منك، أما حبيبة بقى فأنت خلاص مش هتقدر تأذيها تاني.
ضحك فايز باستهزاء واضح و قال:
- و الله يا ابن العيسوي أنت صعبان عليا، أنت مش مدرك إنك بتربي حية مش هتسمم غيرك.
إبراهيم بجمود:
- و مالو، لو الأذي جايلي من حبيبة يبقى يا ألف مرحب بالهلاك.
فايز ابتسم و هو بيحرك دماغه بشفقة، و بعدين خرج من المكتب و هو متأكد إنه بالرغم من ردود إبراهيم اللامبالية، فهو قدر يشعل فتيل الثقة اللي هتتحرق بيه حبيبة.
أحمد دخل مباشرة بعد خروج فايز، و سأل إبراهيم بفضول:
- قالك ايه؟؟
- نفس كلامك، قال إن حبيبة هي السبب.
- و أنت مش مصدقه ليه؟ ايه اللي يخليه يكدب؟
إبراهيم اتنهد و قال:
- ممكن مثلاً عشان يبقى جواز أمها و مش بيحبها؟ ما هو بالعقل كدا ايه اللي يخليه يعترف عليها لو هي بتساعده، دا بالعكس المفروض يتستر عليها عشان تساعده اكتر!
أحمد اقتنع نوعًا ما، لكنه اتكلم بحيرة:
- أنا مبقتش فاهم حاجة، بس هحذرك لأنك لما هتغرف هتغرقنا كلنا معاك، و بفكرك تاني إنك قربت من حبيبة عشان تاخد من أمها مشروع ميلانو، مش عشان هما اللي ياخدوا مشروعنا، انا شايفك بتحيد عن السبب الرئيسي لقربك منها.
إبراهيم زفر بضيق و هو بيقول:
- أنت مش عريس و خطوبتك كمان يومين؟ تقدر تهتم بالتحضيرات و أنا هتعامل مع مشاريع الفندق.
اتكلم أحمد بيأس:
- أنت حر.
***************
علي الطرف التاني حبيبة أول ما دخلت اوضتها، سألت هانم مباشرة:
- ماما اتصلت يا هانم؟
- لاء، و مش هتتصل يا حبيبة.
حبيبة سابت الباب مفتوح و قربت منها تسألها بقلق:
- مش هتتصل ليه؟ فايز عمل لها حاجة؟؟
هانم حركت دماغها بنفي و قالت:
- معرفش، بس أكيد لاء عشان هو بيحبها، بس دا الطبيعي بتاع مامتك أخدت منك اللي هي عايزاه فخلاص هتكلمك ليه؟
حبيبة عيونها دمعت و قال:
- مش المفروض تطمن عليا؟ مش ممكن إبراهيم يعرف اللي حصل و يحاول ينتقم مني و يضرني؟
ردت عليها هانم بعتاب:
- أنا قولتلك بلاش يا حبيبة، لكنك مسمعتيش كلامي و ضيعتي مجهود مستر إبراهيم و شغله على المشروع و سلمتي كل حاجة بسهولة ل فايز و كل دا عشان خاطر والدتك اللي مش شايفاكي أصلاً!
ألم شديد في قلبها و كأن حد بيضغط على قلبها بقسوة، دموعها سبقت كلامها لما قالت بحزن:
- عارفة إنها مش بتهتم بيا و عشان كدا حاولت اساعدها، و مش هتردد أبدًا إني اعمل حاجة عشانها و علشان تهتم بيا و تحسسني إني مهمة بالنسبة لها، أمي من لما اتجوزت فايز و هي نست وجودي أو بتتناسى وجودي، انا شوفت ضرب وتعنيف شديد من فايز قدام عيونها و مع ذلك و لا مرة دافعت عني، و مع ذلك هي أمي و أنا بحبها و محتاجة دعمها و حنانها، و مقدرش استحمل إن حد يؤذيها.
هانم اتنهدت بيأس و قالت:
- يا بنتي و الله فايز عمره ما يؤذيها، و بعدين ما انتي عشتي معاهم فترة طويلة شوفتيه رفع صوته عليها و لو لمرة؟؟؟
حاولت تدور في ذكرياتها عن إجابة لسؤال هانم، لكنها ملقتش فقالت:
- مش مهم، المهم لما أمي تطلب مني حاجة يبقى لازم انفذها.
- حلو إنك تحاولي ترضي والدتك بس مش على حساب غيرك يا حبيبة.
دا كان صوت إبراهيم اللي واقف على الباب، الاتنين بصوا له بصدمة، و في اللحظة دي كان قلبها بينبض بعنف نتيجة لخوفها، و كانت بتفكر في مبرر يخرجها من الموقف اللي هي فيه، لكنها مش عارفة هتتكلم تقول ايه، ف إبراهيم سألها بعتاب:
- أنا عملتلك ايه يا حبيبة؟ بتدمري شغلي ليه؟؟
و كأن الكلمات اتجمدت على لسانها، و لما خرجت الكلمات كان صوتها مخنوق و هي بتقول:
- مكنش قدامي حل تاني! مكنتش هقدر اقولها لاء كانت ساعتها هتكرهني، و مكنتش هبقى ابنة كويسة.
نطق بترقب:
- و انتي كدا بقيتي ابنة مُطيعة؟ كدا علاقتك بوالدتك هتتصلح.
ردت عليه بأمل كاذب:
- ممكن! ليه لاء!
إبراهيم بجمود:
- كدابة، انتي كدابة، انتي عارفة كويس إن أمك عمرها ما هتلتفت لوجودك.
صرخت في وشه:
- ليه؟ ليه بتحالوا تقنعوني إنها مستحيل تكون الأم اللي أنا عايزاها!
أجاب إبراهيم بهدوء:
- ببساطة جدًا لأن حب الأم مش مشروط، و أمك محبتكيش بطبيعة الأمومة، فمستحيل هتحبك دلوقت.
مسحت دموعها، واندفعت لتدافع عن والدتها:
- لاء كانت بتحبني قبل ما تتجوز فايز.
رد عليها و كأنه بيحاول يقنعها:
- كانت بتحبك، لكن دلوقت خلاص مخزون الحب اللي كان ليكي خلص، دلوقت كل مشاعر الحب اللي عندها مخصصة ل فايز لوحده.
و كأن إبراهيم قاصد يرش الملح على جروحها عشان تتعذب و تتوجع أكتر، كانت دموعها بتنزل من غير فاصل زمني، و كأنها مبقتش قادرة تكتم حزنها و ألمها اكتر من كدا فهدرت من بين دموعها و شهقاتها:
- طيب و أنا ذنبي ايه اتحرم من حنان الأم و الأب، أنا مش ذنبي إني اتولدت ابنة لزوجين منفصلين، كل واحد فيهم كمل حياته و أنا اللي اتظلمت في النص، مشوفتش اهتمام من بابا و لا حنان من ماما، كنت لما اتخانق مع حد من صحابي كانت ماما تضربني أنا من غير ما تعرف أنا الغلطانة و لا لاء، ملقتش حد يطبطب عليا و يفهمني الصح من الغلط، ملقتش حد لما اكون في مشكلة يقولي متقلقيش أنا معاكي و كل حاجة هتبقى تمام، ملقتش حد يطمني، الحاجة الوحيدة اللي اتربيت عليها هي القسوة اللي شوفتها من فايز، و دي حاجة المفروض متكونش في حياتي أصلا.......ممكن تشوفوا الموضوع تافه بس بالنسبة لي دي كارثة كبيرة في حياتي، ممكن يبان لك اني بأڤور بس انتي مجربتش و لا عشت اللي أنا عشته، و لا تعرف أصلا يعني إيه تعيش غريب مذلول و أنت في بيتك.
ملامحه خالية من أي مشاعر، و اقف بيسمع كلامها بجمود و كأن دموعها مش فارقة معاه، كان الصمت يسود الموقف إلا من شهقاتها المرتفعة، و في اللحظة دي وصل أحمد و جايب معاه كارثة جديدة، فوقف قدام ابراهيم و هو بيقول:
- مصيبة جديدة يا إبراهيم؟
بصوا له بانتباه، فأحمد وجه كلامه لحبيبة و قال:
- تحبي تقولي حاجة يا حبيبة و لا أتكلم انا؟؟
إبراهيم غمض عيونه و كأنه بيحاول يتحكم في غضبه، فأحمد كمل و قال..................
يتبع...............