📁 أحدث الفصول

رواية ملف عماد الفصل الأول 1بقلم ريتا سليمان

رواية ملف عماد الفصل الأول 1بقلم ريتا سليمان 


ملف عماد الفصل الأول 1

 الحكاية بدأت لما كنت قاعد في مكتبي وماسك في ايدي ملف بقلب فيه، وفجأة الباب خبط ودخل منه أدهم، كان لابس فورمال، وشايل في ايده ملف لونه أحمر، وأول ما شوفته، قومت من على المكتب بسرعة وأنا ببتسمله:

-أهلا أهلا بأدهم بيه، ده ايه المفاجئة الحلوة دي! مش تقول يا راجل انك جاي كنت فرشتلك الارض ورد ولا حاجة.

-ازيك يا دكتور رأفت، ليك وحشة والله، طمني عليك، عامل ايه وايه اخبارك؟

-الحمد لله انا كويس، ماشي الحال.. اتفضل استريح.

ومع قعاده قدامي، رفعت سماعة التلفون اللي جنبي على المكتب وسألت أدهم:

-تحب تشرب إيه؟

-يعني لو مش هاتقل عليك، يبقى قهوة مظبوط.

-هات يابني اتنين قهوة مظبوط بسرعة.

قولت جملتي دي للأوفس بوي اللي كان معايا على التليفون، وبعدها قفلت الخط ورجعت بصيت لأدهم.

-طمني يا باشا، يا ترى سبب الزيارة الحلوة دي؟

ساعتها حط الملف الأحمر اللي كان في ايديه قدامي وقالي:

-بص.. ده ملف لواحد من المساجين عندنا في قسم الجنايات، اسمه عماد، عنده 19 سنة، وعماد ده بقى ياسيدي السبب في ق*تل عيلته كلها، ومع التحقيقات، كان بيغير أقوله كل شويه وماحدش كان فاهم منه حاجة، وفضل كده لحد ما النيابة أصدرت قرار بانه لازم يتعرض على أخصائيين الطب النفسي والعقلي، ومع توقيع الكشف عليه، اتضح انه بيعاني من مرض نفسي، وبسبب مرضه ده، د*بح أسرته بدون وعي منه، لكن في حاجة، هو لحد دلوقتي مش فاكر اي حاجة عن ليلة الحادثة، بس بيني وبينك، أنا قدمت للنيابة طلب عشان انقل المريض لهنا، وبصراحة كده، انا عايزك انت اللي تستلم حالته وتقيمها بنفسك، وكمان بحكم صداقتنا، حبيت أستفاد من خبراتك العالية، عشان توضحلي الحقيقة من غير أي ضغط، يعني من الآخر يا رأفت، أنا مش هصدق غير الكلام اللي هاتقوله أنت عن حالته.

مديت ايدي وخدت الملف منه وفتحته وأنا بقوله:

-هو أنت شاكك إنه ممكن يكون بيمثل وإنه فعلاً قت*لهم مع سبق الاصرار والترصد؟

-الله اعلم يا رأفت، بس أغلب السفا*حين بيبقى عندهم طرق يخبوا بيها جر*ايمهم، ومن ضمنها أحيانا التظاهر بالجنون، ده حتى بعد ما المجر*مين يتمسكوا متلبسين، بيفضلوا يقاوحوا على الفاضي، لا وايه، بيفضلوا يقولوا احنا مظلومين ومعملناش حاجة ويدعوا انهم ابريا، وعشان كده أنا عايز اتأكد، هل عماد فعلاً مريض، ولا دي حركات بيعملها للتمويه عشان يهرب من الاعدام؟

قلبت في الملف شوية وبعدها قولتله:

-طيب إيه اللي خلاك تشك أنه ممكن يكون بيمثل أو بيحاول يهرب من حبل المش*نقة؟

قبل مايجاوبني، الأوفس بوي دخل قدم القهوة، وخرج، بعد كده ادهم خد بوق من فنجان القهوة وقام وهو بيقولي:

-معلش أنا وقتي مش ملكي، ومش هاعرف أجاوبك على كل أسألتك دي، شكرا على القهوة يا رأفت، وعمتا لما عماد يوصلك بنفسه، هاتفهم كلامي وهاتعرف ليه أنا شاكك فيه، بس معلش، أنا لازم أمشي دلوقتي، وزي ما وصيتك، الموضوع ده أنا مستني رد منك عليه. 

-من عنيا، حاضر.. انت تؤمر يا باشا؟  

-العفو يا رأفت، وشكرا على تعاونك معايا، أسيبك بقى تخلص اللي وراك.

-اتفضل.

مع خروج أدهم من مكتبي، رجعت تاني وبصيت على الملف وفضلت أقلب فيه.. ملف المسجون رقم 52 .. ( عماد .م .م .أ ).. وأنا بقرا كنت محتار ومتوتر، وده بان من طفاية السجاير اللي اتملت قدامي، وبعد شوية، قطع تركيزي صوت رنة الموبايل اللي كان جنبي على المكتب، ساعتها رفعت شاشة الموبايل عشان أعرف مين اللي بيتصل، واول ما قريت الاسم، خلعت نضارتي وأنا برد بأستعجال:

-ايوه يا حبيبتي، وحشتيني اوي اوي، عارف..  عارف والله، معلش، حقك عليا، انا وربنا غصب عني والوقت سرقني من غير ما أحس، حاااااضر، حاضر.. أنا هانزل حالاً ومش هتأخر، يلا سلام.

خلعت البالطو بسرعة ولبست جاكت بني كان متعلق على الكرسي اللي ورايا، وبعدها خدت مفاتيح عربيتي وعلبة السجاير وكمان ملف عماد، وبسرعة، خرجت من المستشفى وركبت عربيتي، لكن قبل ما أتحرك، حطيت الملف على الكرسي اللي جنبي وروحت لأقرب محل لعب اطفال، ونزلت عشان اشترى دبدوب كبير، وبعدها كملت طريقي لحد ما وصلت، ومع وصولي ركنت العربية قدام العمارة واخدت معايا الدبدوب معايا، وطلعت على الدور التاني، وقفت قدام الشقة وخبطت بهدوء، ومع أول خبطة على الباب، اتفتح، واللي فتحته كانت ست جميلة، لابسة فستان لونه أسود ومتشيكه على الأخر، بصتلي ببرائة ممزوجة بحزن وهي بتقولي:

-انت اتأخرت وانا افتكرتك مش هاتيجي، وعشان كده خليتها تكلمك.

-معلش يا مها غصب عني والله، المهم هي فين؟

-ادخل بسرعة، هي جوه ومستنياك تيجي من بدري عشان تطفي الشمع معاها.

ومع دخولي وقفت في الصالة اللي كان فيها زينة عيد الميلاد متعلقة، وفي وسط الصالة، ترابيزة عليها تورتاية وفيها شمع والع وقرب ينطفي، وفي وسط كل ده، كان في طفلة صغيرة عمرها حوالي ٦ سنين، كانت قاعدة وهي بتبص للشموع بحزن، وفجأة قطع حزنها ده ظهوري قدامها، وأول ما لمحتني، صرخت بفرح:

-بابا…

وبسرعة جريت ناحيتي وحضنتني وهي بتقولي:

- وحشتني أوي يا بابا، أنا خوفت تنشغل وماتجيش عيد ميلادي.

-هو أنا ينفع أفوت عيد ميلاد بنتوتي الأمورة؟ بصي انا جيبتلك إيه، الدبدوب اللي قولتيلي عليه.

ساعتها قاطعتنا مها وهي بتقول:

-مش يلا بقى يا نونا نطفي الشمع؟

جريت ناحية مها وهي بتقولها.

-بصي يا ماما، شوفتي بابا جابلي أيه.

-الله ده حلو اوي يا نونا، حافظي عليه بقى وماتقطعيهوش.

-حاضر يا ماما.

بعد ما طفينا الشمع وخلصت الحفلة، قعدنا نتكلم أنا ونادين، وطبعًا قعدت تحكيلي عن مغامرتها في المدرسة لحد ما النوم غلبها، بعدها شيلتها بشويش ودخلتها أوضتها، ولما نيمتها في سريرها وخرجت، لقيت مها واقفة قدام باب الاوضة وهي مبتسمة، وبهدوء قربت مني وقالتلي بصوت واطي: 

-انا مش عارفة ازاي اشكرك انك سيبت شغلك عشان تحضر عيد ميلاد نادين، شكرا انك فرحتها في يوم مهم زي ده.

-مفيش داعي للشكر يا مها، ماتنسيش ان نادين بنتي زي ما هي بنتك، ومش معنى اننا انفصلنا، إني لازم انفصل عن بنتي كمان، وبعدين نادين دي مسؤوليتي طول ما أنا عايش.

لما قولت كده، مها بصت للأرض بحسره وحزن وهي بتقولي:

-انت أكيد عارف إني ماكنتش عايزة كل دا يحصل، بس انشغالك عننا طول الوقت، واهمالك لينا، هو السبب. 

-أظن إن الكلام دا فات أوانه يا مها، خلاص.. عيشي حياتك من غير ما تبصي وراكي.. عن أذنك.

خرجت من البيت وانا بحاول اني مابصش ورايا، ماكنتش هاستحمل أشوف دموعها او لهفتها عليا، هي وحشتني اوي ولسه بحبها، لكن صعب ان أنسى المشاكل اللي حصلت بينا من حوالي سنة، ايوه، انا كان صعب أنسى إنها رفعت عليا قضية خلع، مع ان ده مكنش غلطها لوحدها، وأمها الله يرحمها ويسامحها هي اللي لعبت في دماغها وكانت سبب في الخراب اللي احنا فيه دلوقتي، بس يلا، كله نصيب.. المهم ان أنا يومها خرجت من العمارة، ومشيت ناحية الشقة اللي كنت عايش فيها، ماكانتش بعيدة عن مكان سكن طليقتي، هو يادوب بس كام شارع، ومع وصولي، ركنت عربيتي وطلعت للدور الرابع اللي كنت واخد فيه شقة ايجار على قد حالها، هي صحيح كانت صغيرة، بس مكفياني، وبعد وصولي ليها، دخلت ورميت مفاتيح العربية على الكنبة، وبعدها طلعت علبة السجاير وولعت سيجارة، وخلعت الجاكيت بتاعي وحطيته على الكرسي.. وروحت المطبخ، عملت لنفسي كوباية قهوة كان عندي صداع رهيب ومش بيروح، وبعد ما خلصت قهوتي، قومت دخلت الحمام وخذت دوش سريع، ومع خروجي، اترميت على السرير وأنا منهك تماماً، واول ما بدأت اروح في النوم، كوباية الماية اللي جنبي وقعت واتكسرت لوحدها ومن غير سبب، وبالنسبة لشخص زيي، فده عادي، ما أنا عايش لوحدي في شقة بيتقال أنها مسكونة، وإنه سبق وحصلت فيها جر*يمة قت*ل، ومش أي جريمة، لا ده في واحد قفش مراته بتخونه مع واحد تاني، فقام نزل فيها ضرب، ولما أغمى عليها، سحبها ناحية الحمام ودب*حها، وبعد ما د*مها اتصفى، بدأ يقط*ع فيها وعباها في اكياس زبا*لة، وبعد ما عمل ده كله، فضل كل يوم ينزل بكيس، لغاية ما فرق جثت*ها على مقالب الزبا*لة، وبعد فترة ولما أهلها سألوا عنها، قالهم إنها خرجت ومايعرفش راحت فين،️ وعشان كده، أخوها بلغ البوليس، وبعد ما البوليس حقق في القضية، قدروا يعرفوا أنه جوزها بيكدب وان مراته مخرجتش برة العمارة، وده اللي اكدته كاميرات المراقبة، ومع التحريات وكلام الشهود من سكان العمارة، أجمعوا انهم من كام يوم سمعوا الست بتستنجد وافتكروا إنها مجرد خناقه عادية زي كل مرة، وكل الادلة دي خلت الزوج يعترف بجر*يمته، وبعد كده أتحكم عليه بالإعد*ام، والحقيقة ان كتر خيره، لولا جر*يمته دي ماكنتش هاقدر أقعد في الشقة بنص تمن ايجارها الحقيقي، وكمان ايه يعني لما كام عفريت يقعدوا معايا، ما هم اصلاً بشقاوتهم دي يعتبر أنهم دفعوا النص التاني من الايجار، يعني احنا شركا في السكن، بس ثواني.. اكيد اللي بيسمع حكايتي دي هايستغرب ازاي دكتور ومؤمن بالحاجات دي، بس لأ، انا أيماني من عدمه مش هيلغي فكرة أنهم موجدين معانا في كل حتة، المهم، بعد اللي حصل وكالعادة، رفعت راسي وأنا بقول بصوت عالي: 

-وحياة خالتِك تسيبيني أنام، أنا طبعاً مَقدر انك موتتي موتة بشعة، بس أنا مش هينفع أتخض كل شوية عشان ورايا شغل بكرة الصبح، وبعديها انا هافضالك وتقدري تخضيني وتخوفيني زي ما أنتي عايزة، اتفقنا؟!

بعد كلامي ده غمضت ونمت للصبح، ولما صحيت، قومت من سريري ولبست بسرعة وخرجت لشغلي كالعادة، ومع وصولي  للشغل، نزلت من عربيتي وانا معايا ملف عماد، بعد كده دخلت مكتبي ورفعت سماعة التلفون وأنا بقول للأوفيس بوي.

-القهوة بتاعتي يا حسين.

وابتديت اقرأ الملف من أول وجديد، الشخص دا اسمه عماد، عنده 19 سنة، في أولى طب، عايش مع والده ووالدته، وأخ أكبر منه بسنتين أسمه كمال.. عنده أخت عندها عشر سنين أسمها أماني، وكلهم كانوا عايشين في شقة تمليك، مكونة من أربع اوض وصالة ومطبخ وحمام.. عماد على حسب كلام الشهود، كان شخص خلوق ومحترم ومسالم جداً، وعمره ما اذى حد، بس في الفترة الاخيرة زادت الخناقات بينه وبين أخوه الكبير، مع العلم ان اخوه ده دايماً يتخانق معاه ويهزأه قدام الناس، وفي ليلة الحادثة، عماد كان سهران بيذاكر، ونور أوضته كان والع، وليلتها حصلت ما بينه وبين اخوه خناقه عادية، وكان سبب الخناقة إن اخوه كمال طلب منه يطفي النور، بحكم يعني أنهم نايمين نفس الاوضة، ولما عماد رفض يطفيه، اخوه كمال قام وزعق فيه، وساعتها عماد خد كتبه وخرج من الاوضة بهدوء، وقعد في الصالة، وبعد ما الكل نام، عماد قام وخد سك*نية من المطبخ ودخل أوضة اخوه ودب*حه وهو نايم، وعمل نفس الموضوع مع باقي عيلته، بس الغريب في القضية دي، إن بصماتهم كلهم كانت موجودة على سلاح الجر*يمة، ما عدا بصمة عماد نفسه، ده طبعا غير إن الطب الشرعي أكد عدم وجود علامات للمقاومة على جث*ث الضحايا، مع انهم في وقت أرتكاب الجر*يمة، كانوا صاحين، وده كان باين من نظرة الرعب اللي كانت مرسومه على ملامح وشوشهم، اما سلا*ح الجر*يمة نفسه، فماكنش مسنون كويس، يعني سكي*ية عادية ومستعمله من فترة طويلة ومحتاجه قوة بدنية عالية، عمرها ما تتناسب مع مواصفات عماد، وكل ده بالاضافة لانه قال.. (أنا اللي قت*لتهم.. هم ماتوا بسببي)، لكن بعدها بيومين غير أقواله ورفض يعترف بجر*يمة الق*تل، وساعتها اخترع قصة خيالية عن النصف التاني منه، واللي كان بيكلمه في المراية، ولحد هنا، اي طبيب نفسي شاطر هيخمن ان دي اعراض الشيزوفرانيا، لكن القضية دي خيوطها غامضة.. البصمات اللي موجودة على سلا*ح الجر*يمة، طريقة الق*تل، سلوك القا*تل نفسه قبل وبعد أرتكاب الجر*يمة، والأهم من كل دا استسلام الضحا*يا اثناء أرتكاب الواقعة، كل دي احداث غامضة وغير متوقعة.. بس وانا بقرأ، قطع تفكيري صوت رنة الموبايل، ولقيت ان اللي بيتصل كان أدهم.

-حبيبي، ابن حلال مصفي والله، أنا ماسك ملف عماد أهو.

-الله يكون في العون، أنا بس حبيت أقولك ان عماد هايوصلك بعد أقل من ساعة، أتمنى نكون على اتفاقنا!

-مش عايزك تقلق خالص، ده جاي في وقته، انا كده هشوفه وبعدها هاكتبلك تقريري وأبعتهولك.

-متشكر يا رأفت.. هاتعبك معايا.

-العفو.. ده واجبي، أنا تحت أمرك في أي حاجة.

-تسلملي يا صاحبي، يلا، هستنى منك الاخبار الموثوقة.

-اكيد طبعاً، اطمن.

-تمام، اسيبك بقى تخلص شغلك.. سلام .

-مع الف سلامة.

قفلت المكالمة معاه ورفعت سماعة التلفون الارضي اللي جنبي وكلمت حسين:

-والنبي يا حسين خلي دكتورة هدى والمساعد شريف يجولي مكتبي حالا.

ومعداش دقايق وباب اوضتي ودخل منه شريف وهدى.. شريف من نفس دفعتي، يعني معرفة قديمة، اما هدى، فدي دكتورة مستجدة في عالم الطب النفسي، اتنقلت معانا الشغل من فترة مش طويلة، المهم شريف أول ما دخل، قرب من المكتب وقالي:

-ايه.. مناوبة تاني، الله يسترك أنا مراتي هتقت*لني بسببك.

رديت عليه وانا بضحك وقولتله:

- أقعد يا شريف، ماتخافش... اهدا كده واقعد بس وأنت هتفهم، وأنتي يا دكتورة، واقفة بعيد ليه، تفضلي.

دكتورة هدى قعدت قدامي، وكان واضح أنها متضايقة من حاجة!

- خير.. مالك، قالبه وشك كده ليه؟

-لا ابداً، انا بس تعبانة شويه من الشغل.

هنا شريف اتسحب من لسانه وقالها: 

-من الشغل برضه ولا من المزة اللي جت وسألت عن دكتور رأفت! 

لما شريف قال كده، هي تعصبت وقالت:

-اتلم يا شريف وماتدخلش في اللي ملكش فيه.

طبعا في ظل الظروف اللي انا فيها، مكنش هاينفع اسمع المهزلة دي وأسكت، وعشان كده ساعتها اتعصبت وقولتله:

-جرى أيه منك ليها، هو أنا جايبكم عندي عشان تتخانقوا، احنا ورانا شغل، وبعدين انتوا مش مراهقين.

هدى بصت لشريف بغل وبعدها بصتلي وهي بتقول:

-أنا تحت امرك.. 

-الامر لله، انا محتاج طاقتكم الفترة دي لأن في مريض هايجي القسم عندنا، وانابقى عايزكم تخلوا بالكم منه، دا منقول من مصحة وهو حالة تبع الجنايات.

هنا شريف رد وهو بيقول باعتراض واضح:

-لا بقى اسمحلي، انا اكتب استقالتي احسن، العمر مش بعزقه يا صاحبي. 

-خلاص يا شريف، اتفضل بره وهاشوف حد غيرك، وانتي يا دكتورة، معايا ولا اشوف حد مكانك انتي كمان؟

الدكتورة هدى وقفت بثبات وكأنها بتقول لشريف أنا أرجل منك.

-معاك يا دكتور ورهن اشارتك كمان. 

-كويس اوي، خدي بقى الست نعمة وافتحي اوضة رقم 5 وجهزيها عشان المريض.

-اوضة رقم ٥!.. بس دي في اخر القسم. 

-عارف يا هدى وللسبب ده أنا عايزها، الاوضه دي هاتكون معزولة ومحدش هايدخل للمريض ده غيري، وكلامي معناه انك ماتخليش اي مخلوق يدخل عليه من غير اذني، فاهمة؟

-فاهمة حاضر .. طب انا هامشي.. عايز حاجه تاني؟

-متشكر يا هدى، اتفضلي كملي شغلك. 

هدى خرجت وبعدها بصيت لشريف اللي كان لسه قاعد قدامي وبيقلب في موبايله، وفي ابتسامة عريضة مرسومة على وشه، وبسبب ابتسامته، خمنت انه كالعادة بيتكلم مع وحدة من اياهم، وفي اللحظة دي قولتله بزعيق:

-وانت هاتفضل قاعد قدامي كده كتير، ما تقوم تشوف شغلك.

شريف قام وقف وهو بيخبي موبايله في جيبه وبيقولي:

-ايه يعم الوش ده، هو انت اتعديت من أدهم ولا ايه.

-اه اتعديت منه، وبقولك أيه، انت هاتطلع ولا اقوم ارميك برة بنفسي؟

اول ما حاولت اقوم من مكتبي، راح بسرعة ناحية الباب وفتحه وخرج، ومفيش ثواني ورجع فتحه تاني ودخل دماغه من الباب:

-طب مش هاتقولي مين المزة اللي سألت عنك النهاردة؟

اتعصبت وشيلت الطفاية بتاعة السجاير وأنا بحاول ارميها في وشه، وف لحظتها، حط ايده قدامه وهو بيقول:

-ياعم خلاص هاخرج، يعني ماينفعش الواحد يهزر معاك.. سلام. 

شريف قال كلامه ده وخرج، وانا فضلت أفكر في الست اللي سألت عني، وعايزة ايه بالضبط؟.. بعدها خرجت من أوضة المكتب وشوفت حسين بيتكلم مع الست نعيمة عاملة النظافة، ووقتها ناديت عليه، ولما وصل عندي سألته عن الست اللي شريف قال عليها، وهو رد عليا وقالي:

-اه يا دكتور، كان في ست كبارة كده جت وسألتني عنك، ولما عرفت ان حضرتك لسه ماوصلتش كتبتلك نمرتها وطلبت مني اوصلهالك.

حسين فضل يقلب في جيب البنطلون بتاعه لحد ما طلعلي ورقه فيها اسم ورقم الست، وساعتها عرفت ان الست كان اسمها اميرة.

-مين أميرة دي؟

-معرفش يا دكتور، انا اول مرة اشوفها.

-طب روح شوف شغلك .

-حاضر، عن اذنك.

بعد ما مشي طلعت موبايلي، وأول ما جيت ادخل الرقم عشان اتصل عليه، لقيت صوت هدى جاي من ورايا.

-يعني أنت بجد ماتعرفش الست دي؟

أتخضيت وانا بحاول اخبي الرقم وقولتلها:

-وبعدين معاكي يا هدى بقى، أرحميني يا بنتي، هو انتي حد مسلطك عليا؟

-اعمل إيه طيب.. ما أنا بحبك.

هدى قالت كده بصوت عالي خلاني اتلفت يمين وشمال وانا بقولها:  

-اششش.. اسكتي يخرب بيتك، هتفضحينا.

-انت لو فضلت تنفضلي كده طول الوقت، ورافض تقولي مين الست دي، انا هفضحك بجد.

-وحياتك ما أعرف، هو انا لو اعرفها هاجي اسأل حسين عنها، وبعدين هو انتي شوفتيها اصلاً؟

-الا شوفتها، وياريتني ما شوفتها.

-أيه.. حلوة؟

-حلوة في عينك، دي لولا الهدوم الغالية اللي لابساها، كانت هتبقى عاديه وأقل من العادية كمان.

-طيب لو خلصتي كلام، أمشي شوفي شغلك، وخلي بالك، انا هحتاجك بعد ساعة، ده في حالة يعني لو المريض بتاعي وصل.

-ماشي يا دكتور، بس لو عرفت مين اميرة دي ابقى قولي.

هدى مشيت وهي نظراتها مليانه شك ناحيتي، وحقيقي مش هخبي عليكوا، البنت دي من أول ما دخلت حياتي وهي لأزقة فيا، مع إني ولا مرة قولتلها اني بحبها، بس هي غاوية تاخد دور الحبيبة في حياتي، وبصراحة كده، الموضوع ده مش مضايقني، بالعكس، وجودها جنبي مريحني ومخفف عني مسألة إني زوج مخلوع... المهم رجعت مكتبي ومفيش دقايق ولقيت حسين بيخبط على الباب، ولما دخل اتكلم وقالي:

-المريض اللي حضرتك مستنيه، وصل من شويه في عربية اسعاف واتنقل على الاوضة اللي طلبت انها تتجهزله.

-طب كويس جداً، انا هروح اشوفه وخلي شريف يجي ورايا؟

-حاضر يا دكتور.

روحت ناحية اوضة عماد بخطوات تقيله، وخطواتي دي مش بسبب الخوف، لأ، تقدر تقول انها حيرة وتردد.. يمكن عشان اول مرة احس ان القضية دي غريبة من نوعها، جايز، وعشان كده كان في أسئلة كتيرة في دماغي، وكل خطوة بتقربني من الاوضة، كانت بتزيد فيها الأسئلة، يا ترى هو فعلاً مريض نفسي، ولا سفا*ح مستخبي في حالة مريض؟!،… يتبع


استنوا بكرة الجزء التاني من حكاية عماد، وكمان هنزل جزء جديد من حكاوي جدو ادريس يارب القصص تعجبكم ❤️ بالنسبة اللي بيسأل عن حكايات قدر بتجهز وهنزلها قريب اوي اوي 🥰

 


#ريتا_سليمان

Mohamed ME
Mohamed ME
تعليقات