رواية منعطف خطر الفصل التاسع والأربعون 49 بقلم ملك ابراهيم
رواية منعطف خطر الفصل التاسع والأربعون 49
#الحلقة_49
#رواية_منعطف_خطر
#بقلمي_ملك_إبراهيم
إمبارح…
جوزها جه استقبلنا من المطار،
واخد أحمد عشان يوديّه ليها تشوفه!
الصمت خيّم لحظة على الأوضة…
ويحيى وشه اتبدل،
اللي سمعه صدمه بجد.
قرب منها بخطوات سريعة ومندفعة،
ومسك دراعها بعنف وصوته عالى بغضب:
ـ إنتي بتقولي إيه؟؟!!
مايا اتألمت من قبضته،
وسحبت دراعها بسرعة من إيده وهي بتقول بنبرة فيها ألم، بس لسه محافظة على برودها:
ـ بقول اللي سمعته…
بابا متفق مع جوز ياسمين إنه يرجع لهم أحمد،
قابلناهم إمبارح…
وبابا طلب مني ماعرفكش…
لا إنت… ولا جدو!.
يحيى اتجمد مكانه، عينيه بتتحرك عليها ببطء.
وشه كان بيغلي من الغضب،
وشفايفه اتحركت بهمس فيه قهر مكتوم:
ـ كمان بابا واقف في صفّه… وعايز يساعدهم!
فضل واقف ساكت، سكون مرعب قبل العاصفة.
مايا كانت واقفة بتبص عليه،
عينها بترقبه مترقبة منه أي رد فعل…
ضربة، صرخة، كسر في أي حاجة حواليه.
لكن يحيى خالف توقعاتها…
فجأة ضحك.
ضحكة باردة، كلها شر وغموض،
ضحكة تخلي اللي قدامه يتوتر من نبرتها.
قرب منها، وعيونه مليانه مكر، وقال بنبرة هادية بس تقيلة:
ـ انتي ماقولتليش حاجة.
مايا رمشت بدهشة، ما فهمتش قصده في الأول.
بس ملامحه كانت واضحة…
راسه بيخطط، بيرتب حاجة،
هز راسه باتفاق ضمني وقال:
ـ مش لازم بابا يعرف إنك قولتيلي…
عشان يثق فيكي وتفضلي قريبة منهم… وتعرفيني بكل خطتهم.
ابتسامة خفيفة ظهرت على وش مايا،
عينها بقت فيها تحدي، وراحت قايلة بثقة:
ـ والمقابل؟
يحيى بعد عنها شوية بخطوتين،
نفسه اتسحب مع الجملة اللي قالها بنبرة مليانة غموض:
ـ اللي انتي عايزاه.
ضحكت مايا، ضحكة ناعمة بس كلها خبث، وقالت:
ـ يبقى اتفقنا.
كانت لسه هتلف وتخرج…
لكن صوت يحيى جه وراها فجأة،
نبرته كانت جد أكتر من أي وقت:
ـ بس جدك مش لازم يعرف.
مايا هزت كتفها ببرود وهي بتتكلم من غير ما تبص له:
ـ مش من مصلحتنا إنه يعرف.
وخرجت من الأوضة…
ويحيى واقف مكانه، بصّ للباب اللي قفل وراها،
وبصوت همس فيه استغراب حقيقي، كرر كلمتها:
ـ مصلحتنا؟!!
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم.
في شقة معتصم.
صوت جرس الباب كسر هدوء الصباح…
زينة فتحت عنيها على رنة الجرس وقالت بقلق وهي بتبص لمعتصم:
ـ مين اللي هيجي عندنا الصبح بدري كده؟!
معتصم قام من جمبها وقال وهو بيطمنها:
ـ هشوف مين.. ارتاحي انتي مكانك، متتحركيش.
خرج من الاوضة وزينة ابتسمت بحب، ومدت إيديها على بطنها وهي بتتنهد براحة وسعادة…
لسه لحد دلوقتي مش مصدقة إن جواها حتة منه… من معتصم حبيبها.
عند الباب.
أول ما معتصم فتح الباب، اتجمد لحظة من المفاجأة…
أبوه واقف قدامه، وراه عمته زهيرة متلحفة بشالها الاسود،
وعلى وشها ابتسامة فيها لهفة وفرحة،
وجنبها زينب، مرات أخوه، ووشها عليه ابتسامة مزيفة باينة من أول نظرة.
وجودهم مكانش متوقع،
خصوصًا أبوه اللي كان زعلان منه ومكلمهوش من يوم ما اتجوز زينة.
معتصم استقبلهم بقلب مفتوح وابتسامة واسعة:
ـ أهلا يا أبويا.
ونزل على إيد أبوه وباسها بكل احترام.
أبوه فتح دراعه وخده في حضنه وقال بفرحة كبيرة:
ـ ألف مبروك يا بني.
عمته زهيرة من كتر فرحتها بدأت تزغرد وهي بتقول بسعادة:
ـ ألف مبروك يا معتصم!
دخلهم معتصم جوه الشقة، وكانت إيديهم مليانة هدايا،
جايبين حاجات كتير من البلد.
في أوضة زينة.
صوت الزغاريد وصلها ولفت انتباهها،
عرفت من أول صوت إنها أمها…
قامت بسرعة من علي السرير، لبست عباية استقبال رقيقة…
وقلبها بيدق بخوف وفرحة في نفس الوقت.
بعد لحظات، دخل عليها معتصم وهو مبتسم وقال بسعادة:
ـ أبويا وعمتي برا.. جايين يباركولنا.
زينة بصت له بتوتر وقالت وهي بتكمل لبسها:
ـ أنا مكسوفة منهم أوي يا معتصم.
معتصم قرب منها، وضحك وهو ماسك خدودها بحنية وقال بمشاكسة:
ـ مكسوفة من إيه يا مجنونة؟ خلصي لبسك بسرعة وتعالي معايا نخرجلهم.
لبست زينة بسرعة وخرجت معاه.
قربت من خالها، وسلّمت عليه، وهو بارك لها بكل حب.
أمها قامت، ولهفتها سبقت خطواتها،
حضنتها بقوة ودموع الفرحة مالية عينيها…
قلبها كان بيحضن بنتها أكتر من إيديها.
لكن…
عيون زينب كانت غير الكل.
وقفت تراقب المشهد،
وعنيها مثبتة على بطن زينة بنظرة تقيلة مرعبة…
زينة لما خرجت من حضن أمها وشافتها قدامها،
قلبها دق بسرعة…
نظرتها كانت غريبة ومش مريحة.
معتصم وهو واقف جنب أبوه، لاحظ كل حاجة…
نظرة زينب، ابتسامتها الباردة…
وفهم على طول إنها مش جاية تهني…
جايه شايلة سم ورا وش متلون.
زينب قربت من زينة فجأة، وابتسمت ابتسامة مزيفة وهي بتقول:
ـ مبروك يا زينة.. متعرفيش أنا فرحتلك قد إيه.
زينة فضلت واقفة متجمدة…
مش قادرة ترد بنفس مشاعرها،
ولا حتى بابتسامة.
بعدت عنها وهي حاسة بتوتر في قلبها، وقعدت.
زهيرة حاولت تكسر الجو وقالت بحب:
ـ أنا عملتلك يا زينة كل الأكل اللي بتحبيه..
وجبتلك بط وحمام وفراخ بلدي وعسل أبيض عشان تتغذي.
ضحكت زينة وقالت:
ـ إيه كل ده يا ماما!
زينب دخلت في الكلام وقالت بابتسامة مزيفة:
ـ وأنا جبتلك قشطة… عارفة إنك بتحبيها.
زينة بصتلها بتوتر،
ومعتصم عينه ما سابتش زينب،
بيحلل كل حاجة في تعبير وشها،
وكل حركة من حركاتها.
زينة قامت وقالت بتوتر:
ـ تشربوا إيه؟
رد خالها بحزم:
ـ إحنا مش جايين ناكل ولا نشرب.. إحنا جايين نبارك وهنمشي على طول عشان نلحق نرجع البلد.
معتصم اعترض بسرعة:
ـ مينفعش يا أبويا.. دي أول مرة تيجي بيت ابنك.
وبصلها وقال بهدوء:
ـ فطار يا زينة.
هزت راسها، وكانت لسه هتدخل المطبخ،
لكن صوت زينب جه فجأة:
ـ أنا هاجي أساعدك يا زينة.
معتصم رد بجدية:
ـ لا يا زينب ميصحش… خليكي مرتاحة.
قامت زهيرة وقالت بحماس:
ـ أنا هقوم أساعد بنتي… تعالي يا حبيبتي.
خدت بنتها ودخلوا المطبخ…
وزينب فضلت قاعدة مكانها، نار جواها مولعة،
ومعتصم شايف كل حاجة.
أبوه بص له وقال بفرحة:
ـ فرّحت قلب أبوك يا معتصم… كان نفسي أشوف حفيد يشيل اسم العيلة قبل ما أموت.
معتصم قال بحب:
ـ العمر الطويل ليك يا أبويا.
وبص ل زينب، وسأل:
ـ وممدوح أخويا عامل إيه؟
ملامح الحزن ظهرت على وش أبوه وهو بيرد:
ـ بخير يا بني… كان ناوي ييجي معانا بس انت عارف الأرض وشغلنا مينفعش يسيبه.
هز معتصم راسه بتفهم وقال:
ـ عارف يا بويا.. ربنا يعينه ويقويه.
زينب قامت بتوتر وقالت:
ـ أنا هقوم أشوف عمتي وزينة لو محتاجين مساعدة.
ودخلت المطبخ…
معتصم استغل الفرصة وبص لأبوه وسأله:
ـ ممدوح لسه زعلان مني يا أبويا؟ أقسم بالله العظيم يا أبويا أنا عمري ما كان في حاجة بيني وبين زينة قبل ما اتجوزها.
رد أبوه بحسم:
ـ خلاص يا معتصم، الموضوع ده اتقفل، وزينة بقت مراتك دلوقتي وشايلة ابنك في بطنها.
اتكلم معتصم بصدق:
ـ أنا مش عايز أخسر أخويا يا أبويا… ممدوح أخويا الكبير، وعمري ما أعمل حاجة تزعله.
نفسي يصدقني ويعرف الحقيقة.
رد أبوه وهو بيحط إيده على كتفه:
ـ أخوك مش زعلان منك يا معتصم…
بكره الأيام تظهر الحقيقة.
معتصم سأله بفضول:
ـ وهو عمل إيه في موضوع الجواز؟
رد أبوه بهدوء:
ـ من بعد جوازك وهو سكت… قولتله يختار أي بنت من بنات البلد وأنا أجوزها له…
وهو مش عايز.
اتكلم معتصم بحزن:
ـ ربنا إن شاء الله يرزقه بالذرية الصالحة.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم.
في بيت الدريني.
ياسمين كانت واقفة قدام المراية، بتلف الطرحة بسرعة وهي بتقول لخالد بلهجة فيها عتاب:
ـ عجبك كده؟ أخرتني على المصنع!
خالد قرب منها وهو بيضحك، ولف دراعه حواليها، وبص معاها في المراية وقال بشقاوة:
ـ قولتلك هوصلك المصنع بسرعة متقلقيش.
قالت وهي متضايقة بس بنعومة:
ـ باباك هيقول عليا إيه دلوقتي؟ أكيد سبقني على المصنع وهيفتكر إني بتأخر!
رد خالد وهو بيضحك:
ـ هيقول إن ابنه اتصالح مع مراته ومن حقها تتأخر.
ياسمين بصت له وقالت بحزم رقيق:
ـ طب يلا بقى وصلني، عندي اجتماع مهم ومينفعش أتأخر أكتر من كده.
ضحك وقال بفخر وهو بيعدل هدومه قدام المراية:
ـ سامع إنك عاملة شغل عالي في المصنع.. عرفتي كل ده دي منين؟
ردت عليه وهي بتخبط كتفه بدلع:
ـ هو انت متجوز أي حد ولا إيه؟
ضحك وهو بيضمها:
ـ لا طبعًا، انا متجوز أجمل بنت في الدنيا.
لسه بيقرب منها لكن ياسمين بعدت بهزار وهي بتضحك:
ـ خليك مكانك يا حضرة الظابط.
وجريت على باب الاوضه وخرجت بسرعة وهي بتضحك.
خرج وراها، ونزلوا تحت.
بهيرة كانت قاعدة بتشرب قهوتها، وأول لما شافتهم نازلين وشايفه الضحكة على وش ابنها، ابتسمت من قلبها.
قربوا منها وقالوا بصوت واحد وهم بيضحكوا:
ـ صباح الخير.
ردت بهيرة بابتسامة دافية:
ـ صباح النور .. مش هتفطروا؟
خالد رد بسرعة وهو بيبص على الساعة:
ـ لأ يا ماما، متأخرين.. هوصل ياسمين ع المصنع وبعدين أروح الشغل.
بهيرة هزت راسها بتفهم وسكتت، وسابتهم يخرجوا.
خالد ركب العربية ووصّل ياسمين، وبعدها طلع على شغله.
وهو في الطريق، جاله تليفون من المخبر اللي بيراقب يحيى،
قاله بنبرة جد:
ـ الصفقة هتتسلم بكرة قبل الفجر في الجبل، ويحيى هيكون موجود بنفسه.
خالد شد نفسه، وخد منه كل التفاصيل، وساق بسرعة على مديرية الأمن.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم.
عند مهاب.
كان بيقفل باب شقته وهو خارج، ولما لف لقى آدم طالع من شقة منة، ماشي بخطواته الصغيرة في الطرقة.
مهاب ابتسم أول لما شافه، وقرب منه وشاله من على الأرض وهو بيقول بأبتسامة:
ـ أنت طالع لوحدك كده ليه يا بطل؟
في نفس اللحظة، منة خرجت بسرعة من شقتها، ووشها كله قلق، وأول ما شافت آدم في حضن مهاب، تنهدت براحة وقالت:
ـ أنا آسفة جدًا.. نسيت أكل آدم جوه، دخلت أجيبه وسبت الباب مفتوح.
مهاب بص لها بابتسامة خفيفة وقال:
ـ أنا فعلاً استغربت لما لقيته خارج لوحده.
منة قفلت باب شقتها وقالت بسرعة:
ـ أصل اتأخرت على شغلي النهاردة، ومخي مش معايا.. بنسى كل حاجة!
قربت منه علشان تاخد آدم، بس مهاب قال بهدوء:
ـ سيبيه معايا، أنا نازل معاكم.
نزلوا سوا من العمارة، ولما وصلوا تحت، منة وقفت وقالت له بابتسامة بسيطة:
ـ شكراً يا أستاذ مهاب.
قالها وهو لسه شايل آدم:
ـ تحبي أوصلكم بالعربية؟ عشان متتأخريش أكتر؟
هزت راسها بسرعة وقالت بنبرة حازمة:
ـ لأ.. مش هينفع أركب عربيتك. آسفة.
وخدت آدم من على دراعه وقالت وهي بتهرب من نظراته:
ـ شكراً.. دايمًا بتتعب معايا.
رد بهدوء وهو واقف مكانه:
ـ ولا تعب ولا حاجة.
منة مشيت بسرعة وهي شايلة ابن أختها، ومهاب فضل واقف يبصلهم..
كان باين على وشه الإعجاب.
واضح إن شخصية منة لفتت نظره،
وعجباه قوي إنها شايلة مسؤولية كبيرة لوحدها.. وبقوة.
...........
في المصنع.
ياسمين كانت ماشية وسط المكن، عينها على كل حاجة، بتتابع حركة العمال وجودة الإنتاج.
هشام كان واقف جنب واحدة من الماكينات، بيظبط حاجة فيها.
وبعد ما خلص، العامل اللي جنبه ابتسم وقال له:
ـ تسلم إيدك يا باشمهندس، المكنة بقت ماشية زي الفل.
في اللحظة دي، ياسمين كانت قريبة منهم، وابتسمت وقالت:
ـ تسلم إيدك فعلاً.. كل العمال مبسوطين بعد الصيانة اللي عملتها امبارح، المكن فرق أدائه واضح.
هشام ابتسم وقال بنبرة فيها حماس:
ـ إن شاء الله أكون عند حسن ظنك، وأقدر أساعدك في تنفيذ الخطة الإنتاجية الجديدة.
ياسمين هزت راسها بابتسامة خفيفة وقالت:
ـ إن شاء الله.
ولفت تمشي، بس سمعته بينادي:
ـ أستاذة ياسمين؟ ممكن أسأل سؤال؟
رجعت له بخطوة، وسط دوشة صوت المكن اللي حواليهم، وقالت:
ـ اتفضل؟
بص على إيديها وسألها بنبرة مترددة:
ـ هو... هو انتي ليه مش لابسة دبلة جواز؟
سؤال فجّئها.
بصت على إيديها للحظة، وبعدين رفعت عينيها عليه، وقالت بنبرة حادة وواضحة:
ـ ياريت تركز في شغلك والمكن أكتر يا باشمهندس.. هو ده سبب وجودك هنا.
وسابته ومشيت من غير ما تستنى رد.
هشام فضل واقف مكانه، وبص في الأرض لحظة وهمس لنفسه وهو بيبصلها من بعيد:
ـ البنت دي فيها حاجة مختلفه.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم.
بعد يوم طويل في المصنع، رجعت ياسمين البيت مع سالم الدريني في عربيته، وهو طول الطريق بيتكلم بحماس وسعادة عن الإنتاج الكبير اللي المصنع حققه النهاردة.
أول ما دخلوا البيت، بهيرة كانت واقفة في الصالة وقالت لياسمين:
ـ خالد فوق.
استغربت ياسمين إن خالد رجع بدري، وطلعت بسرعة على أوضتهم.
فتحت الباب بهدوء، وشافته لابس لبس مختلف عن الصبح، وشكله بيجهز علشان يخرج تاني.
قربت منه وهي بتسأله بقلق:
ـ خالد.. انت خارج تاني؟
بص لها بابتسامة فيها حب وقال:
ـ آه يا حبيبتي.. عندي مأمورية ولازم أنزل دلوقتي.
سألته بقلق:
ـ مأمورية تاني يا خالد؟ هو انت شغلك كله لازم يبقى في الخطر ده؟
رد وهو بيطمنها:
ـ ياحبيبتي ده شغلي، ولازم أكون جاهز في أي وقت.
قرب منها وقال بنبرة هادية:
ـ ممكن تغمضي عينيكي؟
بصتله بدهشة، لكنه كرر الكلام بهدوء أكتر:
ـ غمضي عنيكي بس.
غمضت عينيها، وبعد لحظات سمعته بيهمس:
"افتحي."
فتحت عنيها، لقت في إيده علبة صغيرة شكلها أنيق.
فتحها قدامها، وكانت جواها دبلة جواز ليها ودبلة ليه.
ياسمين اتفاجئت وقالت بدهشة:
ـ إيه ده؟
قال وهو بياخد الدبلة من العلبة:
ـ دي دبلة جوازنا.. علشان كل الدنيا تعرف إنك مراتي، وحبيبتي، وملكي أنا وبس.
لبسها الدبلة في إيديها، وقلبها بيرف من الفرحة.
ولبس دبلته وقال وهو بيهزر:
ـ ودي بقى عشان أرتاح من البنات اللي بيعاكسوني.
ضحكت وضربته في صدره بخفة وقالت:
ـ مين دول بقى؟
قال وهو بيضحك:
ـ كتير يا بنتي.. مش ملاحق.
اتكلمت بغيرة حقيقية:
ـ اسكت بقى، أنا بغير بجد.
قرب منها ومسح على خدها بحنية وقال:
ـ يسلملي اللي بيغير عليا.
بصت على الدبلة وقالت بسعادة:
ـ شكلها حلو أوي... ربنا يخليك ليا.
ضمها لحضنه وقال بهدوء:
ـ ويخليكي ليا يا حبيبتي.
بعد لحظات من السكات بينهم، بص في عنيها وقال بنبرة مختلفة:
ـ أنا لازم أمشي دلوقتي.. خلي بالك من نفسك يا ياسمين. وخليكي فاكرة دايمًا إني عمري ما حبيت غيرك.. إنتِي أول وآخر حب في حياتي.
قلبها وجعها فجأة، ودموع لمعت في عينيها وقالت بخوف:
ـ خالد.. انت ليه بتقول كده؟ متخوفنيش.
حضنته بقوة، كأنها عايزة الوقت يوقف عند اللحظة دي.
هو كمان حضنها بقوة، وتنهد وقال:
ـ حبيبتي لازم أمشي.
سابت أيديه، بس عينيها كانت بتودّعه من غير ما تنطق.
خرج خالد من الأوضة، وهي فضلت واقفة مكانها، إحساس غريب جواها بيكبر.
رفعت عينيها للسما، وقلبها بيردد دعوة واحدة:
"يا رب ترجعلي بالسلامة."
........
في وقت متأخر من الليل.
في قلب الجبل،
الهوى كان بيلف حوالين الصخور، والضلمة محاوطة المكان.
الوادي بين الجبال كان هادي بشكل مريب.. بس الهدوء ده كان بيخبّي ورَاه نار.
القوات كانت متوزعة كويس، كل فرد متخفي ورا صخرة أو مستوي مع الأرض، لابسين هدوم مموهة ومافيش صوت نفس بيطلع منهم.
خالد واقف في أعلى نقطة، ماسك المنظار الليلي، وعينه مابتتحركش من على الطريق المرسوم قدامه.
كان قائد المؤمورية دي، ومابيفكرش في حاجة غير إنه يقفل الملف ده للآخر.. مهما كلفه.
بعد حوالي ساعة،
نقطة نور ظهرت في البُعد.. نور بيكبر واحدة واحدة.
خالد رفع اللاسلكي وقال بصوت هادي لكن حاسم:
ـ "كله في مكانه.. مافيش طلقة تطلع غير بأمر مباشر مني."
ثواني..
والنور بقى واضح.
ست عربيات دخلت منطقة الرصد.
من الشرق: عربيتين ملاكي ووراهم عربية نقل تقيل.
ومن الغرب: تلات عربيات ملاكي بيقابلوهم من الاتجاه المعاكس.
وصلوا لنقطة وسط، النور اتحوّل لإشارات متقطعة من كشافات العربيات.
إشارة متفق عليها.
خالد كان بيراقب بمنتهى التركيز.
شاف يحيى بينزل من عربيته، حواليه 3 من رجالة، كلهم مسلحين.
ومن الاتجاه التاني، نزل الراجل التاني – واضح إنه المهرب الكبير – وراه برضو رجالة، شكله معروف لخالد من ملفات سابقة.
اللحظة اللي خالد كان مستنيها جات.
يحيى مشي ناحية عربية النقل، فتح الباب الخلفي، وبدأ يشيّك على الشحنة.
أSلحة تقيلة، مربوطة بإحكام.. واضح إنهم جاهزين للتسليم.
خالد كان على وشك يدي الإشارة للهجوم،
لكن فجأة..
من ورا الجبل، ظهرت نقطة نور غريبة.
منظار خالد اتنقل بسرعة.
العربية دي كانت واقفة بعيد، طفية النور تقريبا.. بس انعكاس بسيط من القمر خلاه يلمحها.
مش تبع الفريق، ومش من عربيات الصفقة.
الشخص اللي جواها كان قاعد بيراقب المشهد كله من بعيد..
واضح إنه الدماغ الكبيرة اللي بتتأكد بنفسها إن الصفقة ماشية تمام.
خالد شد اللاسلكي وقال بصوت مفيهوش تردد:
ـ "في طرف تالت بيراقب من بعيد.. ما حدش يتحرك. الهجوم هيبدأ لما أقول ."
رد صوت معتصم في اللاسلكي، ورا الجبل:
ـ "كلنا جاهزين .. ممكن مجموعة تتحرك على الطرف التالت، والهجوم كله يحصل في لحظة واحدة."
خالد بص تاني على العربية اللي بعيد.. عينُه كانت بتلمع من التركيز وقال.
ـ "مش محتاجة مجموعة يا معتصم، أنا اللي هتحرك ناحيته.
خليكوا كلكم في أماكنكم، ولما أدي الإشارة، الكل يتحرك في نفس الثانية."
خالد بدأ يتحرك.
هبط من مكانه، وبيجري بحذر وسط الصخور، خطواته محسوبة، وكل ما يقرب، الأرض كانت بتتسحب من تحته.
وصل قريب من العربية اللي مرصود فيها الطرف التالت،
وقف ورفع اللاسلكي بصوت منخفض، لكن مليان قرار:
ـ "اضربوا."
وفي نفس اللحظة،
اتحرك خالد ناحية العربية وهو بيشهر سلاحه.
وفي الخلف،
انفجر المشهد!
أصوات طلقات نار بدأت تدوي في قلب الجبل، ووهج الرصاص كان بيشق الضلمة زي البرق.
رجالة الشرطة هجمت بحرفية مرعبة.
كل مجموعة كانت بتتحرك في اتجاهها بدقة..
مفيش ارتباك..
مفيش تردد.
في اللحظة دي،
العربية اللي فيها الطرف التالت ولّعت النور فجأة، وحاولت تتحرك بسرعة للهروب،
لكن خالد كان واقف قدامهم،
وسلاحه سبقهم.
طلق نار راح في كويتش العربية..
صوت الفرقعة كان عنيف،
والعربية وقفت مكانها زي تمثال.
عند يحيى،
اللي كان لسه بيتفحص الأسلحة،
اتصدم وهو شايف الهجوم جاي من كل اتجاه.
شد سلاحه بسرعة، واستخبى ورا واحد من رجالته،
لكن الرصاص كان سابقهم،
واحد ورا التاني بيقع قدامه.
بقى لوحده.
لف حواليه، لقى نفسه محاصر برجالة الشرطة،
ووشه مابين الخوف والذهول.
أما عند العربية البعيدة...
خالد واقف، وسلاحه مرفوع،
وعينه مثبتة على باب العربية اللي قرب يفتح.
لحظة..
الباب اتفتح.
وخرج منه شخص ببطء.
خالد شد نفسه،
استعد يضرب لو اضطر.
لكن فجأة...
الصدمة ضربت قلبه.
اللي نزل من العربية هو جده.. اللواء وحيد.
الوقت وقف،
وسلاح خالد اتهز في إيده للحظة،
عينيه كانت بتسأل:
"إزاي؟"
جده اللواء وحيد نزل من العربية... ووقف قدام خالد بكل برود.
وشه ثابت، ملامحه مش بتتحرك، وكأن كل حاجة بتحصل حواليه ما تخصوش.
لسه فيه صفات رجل الشرطة القديم اللي اتعود يواجه أي حاجة من غير ما يرمش.
خالد واقف... وسلاحه بيتهز في إيده.
مش من خوف،
من الصدمة.
كل حواسه بتقوله إن اللي قدامه ده خطر...
بس قلبه مش قادر يصدق.
اللواء وحيد مشي ناحيته بخطوات ثابتة،
وصوته طالع بنبرة غاضبة، لكنها مكتومة:
ـ "مكنتش أعرف إنك غبي للدرجة دي يا خالد...
أنا مش بعدتك عن القضية دي؟!"
الكلمات كانت تقيلة.
كل حرف منهم كان بيسقط جوه خالد زي حجر.
خالد ابتلع صدمته، وبدأ يستوعب الحقيقة اللي كانت دايمًا بتخبط جواه، بس كان بيرفض يصدقها.
هو كان شاكك..
بس دلوقتي مافيش شك.
الدليل قدامه،
شايفه بعينه .. وبيتكلم.
خالد رمق العربية من ورا جده،
كان واضح إن فيه حد تاني قاعد ورا.
حد مش باين، لكن موجود.
رجع عينه لجده،
ونزل سلاحه لتحت،
وصوته طلع قوي.. واضح:
ـ "وياترى بعدتني ليه؟
عشان ما أكشفش حقيقتك؟"
اللواء وحيد بصله بنفس البرود،
لكن صوته بقى أهدى:
ـ عشان ما تخسرش حياتك.
ثانية واحدة..
كأن الدنيا كلها وقفت.
نظرة خالد لجده اتغيرت.
كأنه بيشوفه لأول مرة في حياته!
وفجأة...
رصاصة واحدة خرجت.
من Sـلاح شخص واقف ورا جده.
الرصاصة جت من ورا،
شقّت الهوى بسرعة،
وغرزت في صدر خالد.
لحظة صمت مرعبة.
جسم خالد رجع خطوة لورا،
وSـلاحه وقع من إيده قبل ما يقع هو كمان على الأرض.
عينه مفتوحة،
وبتبص على جده.
مش بكراهية،
لكن بدهشة... ووجع... بقلمي ملك إبراهيم.
... يتبع
يحيى اتقبض عليه وخالد بين الحياة والموت 😱
تفتكروا اللوا وحيد هيسيب خالد ويهرب ولا هينقذ حياة حفيده ؟؟
رواية منعطف خطر الفصل الخمسون 50 من هنا
الرواية كاملة من هنا (رواية منعطف خطر)