رواية دكتوره منار بقلم شهيره عبد الحميد
رواية دكتوره منار بقلم شهيره عبد الحميد
فاكرين حكاية "دكتورة منار" طبيبة حي السيدة ؟؟
هنا الزاهد قدمت مسلسل هايل عن قصة بنت دكتورة صيدلانية في قمة اللطافة والنضج، وليها جانب تاني محدش يعرفه وهي أنها مجرمة خطيرة ومستحيل حد يشك فيها.
نفس الحكاية دي حصلت زمان في حي السيدة زينب سنة 1980 لما اكتشفوا عيادة لطبيبة هربت بعد ما اتكشفت جرايمها ولقوا في عيادتها حاجات مستحيل العقل البشري يستوعبها.
الموضوع بدأ لما راحت ست أربعينية قسم السيدة وهي بتستنجد بالشرطة وبتقولهم "ابني.. ابني ألحقوه بسرعة ابوس ايديكم الدكتورة منار حبسته في الخزانة".
محدش كان فاهم حاجة من الست رحمة وخدها عسكري على جنب يفهم منها بتوضيح اكتر وقالتله "أنا اسلام ابني عنده سبع سنين، جاله دور برد وكحة وروحت للدكتورة علشان تكشف عليه عادي.. وطلبت مني انزل اجيب تحاليل وشوية أدوية من الاجزخانة الـ تحت.. مجرد ما نزلت وطلعت بقولها فين الواد بتقولي ابنك نزل وراكي أنا ايش عرفني روحي شوفيه في أي داهية".
العسكري كان شايف أن الغلط من الأم فعلاً وان الدكتورة ملهاش ذنب في ضياع ابنها، وقالها "طب مانزلتيش ليه شوفتي ابنك في الشارع.. الدكتورة ايه علاقتها أصلا ياست".
الست رحمة انهارت وقالتله "لا لا.. أنا سمعته والله سمعته.. أبني صوته خرج من الخزانة وقالي يا ماما.. لكن صوته كان متخدر.. لما حاولت افتح الخزانة وقولتلها ابني هنا رمتني برا العيادة هي والـ معاها وقالتلي هبلغ عليكي انك بتتعدي على مكان عملي.. ابوس ايدك ابني معاها أنا سمعته.. الواد كان فايق وقالي يا ماما كان بيستنجد بيا، ابوس ايدك ألحقه قبل ما تعمل فيه حاجة".
هنا العسكري بدأ يقلق وفعلاً استأذن من القسم وخد معاه اتنين من العساكر صحابه وراحوا مع الست على عيادة الدكتورة منار، واتفاجئوا بمنظر بشع...!
لقوا ابن الست متكتف في كرسي خشب وفاقد وعيه ورجله مسنودة على كرسي تاني وكلها مترشق فيها حقن في كل مكان وبتنزف دم غزير.
الأم متحملتش منظر أبنها ووقعت هي كمان من طولها، ولحقوا العساكر الطفل بسرعة ونقلوه على المستشفى والحمد لله اتلحق قبل ما يضيع.
راحوا العساكر بلغوا عن الـ شافوه في العيادة ورجعوا تاني على العيادة لكن المرادي بحملة كبيرة من القسم علشان يستكشفوا المكان ده ويعرفوا إيه الـ بيحصل فيه بالظبط.
وللأسف اكتشفوا حاجات أصعب من الـ كانت في بيت ريا وسكينة زمان.
اكتشفوا أعضاء لأطفال لا يتجاوز عمرهم العشر سنين، وبعد البحث الطبي أتضح أن كل الاعضاء الموجودة في خزانة الدكتورة وغيرها في البدروم لأطفال ذكور فقط...!
طب إيه الحكاية ؟ وليه منار دي كانت متربصة لكل الأطفال الذكور بس؟؟
بدأت الشرطة تتحرك بسرعة وتاخد إجراءاتها لحد ما وصلوا لمعلومات عن الدكتورة بتأكد عدم ظهورها في أي مكان وأن ملهاش غير أم ست قعيدة ساكنة في الدوحديرة.
لما راح ظابط مُكلف بالقضية دي للست أم منار، لقاها عايشة في بيت قديم يشبه البيوت المهجورة، حتى الشقة مفيهاش عفش والست أم منار قاعدة على الأرض وتقريبًا كفيفة لأنها أول ما سمعت خطوات الظابط فضلت تقول "مين.. مين دخل".
الظابط استعجب حالها، ازاي ست طيبة زي دي تنجب سفاحة خطيرة زي منار؟؟
حاول يتعامل معاها زي أمه وقالها "مع حضرتك الظابط فاضل من قسم السيدة زينب.. كنت جاي أخد منك كلمتين بخصوص هروب بنتك".
الست كانت غلبانة جدًا وتايهة عن الدنيا وسألته "هي منار هربت؟..قولتلها من زمان تهرب لكن هي صممت تعيش هنا".
ولما سألها فاضل عن حكاية منار بالتفصيل بدأت تحكي وقالتله:
_منار دي أنا شقيت عليها طول عمري، بنتي الوحيدة يا بيه.. ابوها مات وهي عندها خمس سنين، رفضت اعيش حياتي واجيبلها راجل تاني وعيشت أربيها واعلمها في احسن مدارس لحد ما بقت دكتورة قد الدنيا... لكن إزاي يا باشا كانت هتتساب في حالها وسط غابة كل الـ فيها بيتحامى في نسله؟؟.. منار ابوها كان حرامي ومدمن وله سجلات عندكوا، لكن منار ملهاش ذنب تتعاقب بذنب مرتكبتوش يا بيه..
لما زميل منار في الجامعة حبها وأعجب بأخلاقها وشطارتها، البنات التانيين معجبهمش الوضع، و ليه بنت زي منار بنتي تحب وتتحب وتعيش زيهم؟؟ استكتروا عليها الفرحة ودعبسوا وراها لحد ما عرفوا سر أبوها، وخلوا سمعتها على كل لسان.. بنت الحرامي راحت.. بنت المدمن جت.
البت اتعقدت يا بيه، واتكسرت يا حبة عيني.
لكن الشهادة لله الواد زميلها متخلاش عنها، ودي يمكن حبل النجاة الوحيد الـ خلى منار تقدر تكمل تعليمها وتاخد شهادتها عادي.
واتخطبت منار لزميلها وتمت الجوازة بعد مشاكل ياما مع أهل الواد، ليهم حق هما مستوى بردو وبنتي على قد حالها متملكش غير أخلاقها في الدنيا ودول ميكفوش أنها تكون انسانة محترمة وسطيهم.
بعد الجواز بشهر واحد منار ربنا رزقها وحملت في ولد، وقتها قولت خلاص الدنيا رضيت على بنتي وقدرت تكون أسرة محترمة.
لكن اهل جوزها مسكتوش يا بيه... صحابها كسروها زمان وأهل جوزها كملوا عليها.
كانت في الشهر التاسع وكلوها علقة موت في بطنها، لحد ما مات العيل في بطنها ومش بس كده، ده الواد نزل متكسر من كتر الضرب واعضائه مفصولة عن بعض... لكن بردو مش ده كل الـ حصل يومها.
منار كانت بيت الحياة والموت.. وعلشان تقدر تعيش ويلحقوها كان لازم يشيلوا الرحم الـ اتقطع مع أبنها..
كان نفسها تكون أم.. أو حتى تكون إنسانة طبيعية متتعاقبش بأخطاء مش بتاعتها.
وعلشان بنتي في الدنيا من غير ضهر قررت تنتقم في المجتمع كله، فتحت عيادتها وبقت تنتقم في كل طفل عاش غير أبنها.
كانت شايفة أن الأطفال دول كلهم خدوا حياة ابنها ونصيبه، واتحولت منار لحيوان جديد وسط الغابة، مهياش أولهم ولا آخرهم.
الظابط لسانه كان متلجم.. إزاي بنت قدرت تعاني من كل ده طول عمرها؟؟! إزاي قدرت تبان بالعقل والقوة الـ خلوها تفتح عيادتها وتمارس مهنتها وهي من جواها ميتة مليون مرة؟؟..
لكن وبرغم تعاطفه معاها، مقدرش يخالف مهنته هو كمان وقالها "أنا مقدر جداً حجم المعاناة الـ مرت بيه بنتك.. لكن بردو في ضحايا كتير عايزين حقهم بالقانون.. وانا هنا علشان القانون الـ بنتك حذفته من حسبتها".
وقبل ما يخرج الظابط من شقة الست أم منار، اتفاجيء باللـ بيخنقه بسلك غليظ وبتقوله "كفياكوا ظلم فينا.. أبوها زمان لما قالي وريني مين هيجيب حقك يا تربية الشوارع أنا عرفت اجيب حقي بايدي.. ودفنته هنا.. مكان ما هتدفن انت كمان".
وبرغم قوة الظابط إلا أن الحركة المفاجئة ذات نفسها مع قوة السلك على رقبته بدأت قوته تضعف اكتر واكتر لحد ما وقع على الأرض واستسلم تمامًا.
المفاجئة الأكبر أن أم منار لا كانت كفيفة ولا قعيدة، كانت سفاحة متنكرة زي بنتها بالظبط، بتعمل كل الـ تحبه بدون ما حد يشك فيها ابدًا.
ولحد دلوقتي محدش عرف منار هربت على فين ولا كملت حياتها إزاي.. منهم الـ بيقول انتحرت ولقوا جثتها في إسكندرية ومنهم الـ قالوا إنها فتحت عيادات في أكتر من مكان والجرايم فضلت مستمرة في كل المحافظات.
لكن الأكيد من كل الحكاية دي أن في نسخ كتير حوالينا عندهم نفس الوشين.
وش برئ ومحب.. والوش تاني بيمارس بيه أمراضه النفسية على ناس ملهمش ذنب غير انهم مسالمين.
بقلم/شهيرة عبد الحميد.
#انسة_شين.
#شهيرة_عبدالحميد.