📁 أحدث الفصول

رواية زهرة العاصي الفصل الرابع والثلاثون 34 قبل الاخير بقبم صفاء حسني

رواية زهرة العاصي  الفصل الرابع وااثلاثون 34 بقا صفاء حسني 

 زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى

الخاتمة الأول 


تحدث عاصي  بعد تفكير ثم يقول له  بنبرة حاسمة.


عاصي:

ـ "يبقى نبدأ المشروع سوا... أنا أجيب خطة تطوير، وإنت تبقى المدير التنفيذي، وزياد معانا شريك. عايزين نفتح شركة تبني مواقع، تحمي بيانات، وتدرب الشباب على الأمن السيبراني."


كريم (بابتسامة كبيرة):

ـ "وتكون أول خطوة نرجّع بيها سمعة البلد في العلم... ونخلق جيل بيفهم التكنولوجيا مش بس بيستهلكها."


عاصي:

ـ "وشركتنا يكون اسمها... "زهرة "... لأن كل حاجة عظيمة بدأت بزهرة ."


كريم يهز راسه بإعجاب.


كريم:

ـ "أنا معاك... قلبًا وقالبًا."وكمان زياد عنده شركة لسه مستلمها من والد نيفين كان يفتحها ل مجال نشوفه 


هز رأسه عاصي أكيد اتصل بيه  وكمان رامى عنده خبرة حلوة اخلي يشركنا 


زهرة العاصي

الكاتبة: صفاء حسني


الصوت بيرن... عاصي بيعمل مكالمة جماعية بالفيديو، وبيظهر زياد على الشاشة، قاعد في مكتبه، شكله مركز ومرتب، لكن أول ما شاف عاصي وكريم بيتصلوا ، استغرب وقلبه  دق بسرعة.


زياد (بنبرة فيها قلق خفيف):

ـ "سلام عليكم... خير؟ مكالمة جماعية كده مرة واحدة؟"


عاصي (بهدوء وابتسامة):

ـ "أيوة يا عم الخير، إحنا بنخطط نعمل مصيبة... بس مصيبة حلوة! شركتك بقت شغلنا الشاغل."


زياد (يتنحنح ويفرد ضهره):

ـ "شركتي؟ لا يا باشا... دي شركة نيفين، وأبوها، وأنا مؤتمن عليها، مش لعبة! هقولكم بصراحة، أي خطوة فيها لازم نبلغ العم عبد المجيد، ولو وافق... يبقى خير وبركة."


كريم (بهدوء):

ـ "وإحنا مقدرين ده... وعارفين قيمه في اللي عمله معاك ومغفرته ليك ، بس الفكرة مش بس نشتغل، الفكرة نبدأ حلم جديد... نخلق بيه جيل جديد."


عاصي (بحماس هادي):

ـ "وزياد، إنت أكتر واحد عارف يعني إيه تتحول من ظلمة لنور... إحنا مش بنلعب، دي زهرة .

استغرب زياد انه ذكر اسم زهرة 

مش فاهم 

واضح كريم  اسم الموقع نسميه زهرة 

عشان يكون أول زهرة بالمعرفة 


عاصي (بابتسامة حماس):

ـ "أنا شايف إن اللحظة دي مثالية...

دلوقتي إحنا مش بس أخوات، بقينا فريق...

كل واحد مننا مر بحاجة علمته يعني إيه نكون في ظهر بعض،

وجِه الوقت نرد الجميل لبلادنا."


زياد (بصوت واثق):

ـ "الفكرة اللي اقترحتها ... لما قلنا نبدأ مشروع تكنولوجي عربي حقيقي،

مش بس نسخة من جوجل ولا من أي منصة،

عايزين نأسس كيان عربي... مش تابع لحد."


رامي (بلهجته الساخره المعتادة):

ـ "بس هنعمل ده إزاي؟ إحنا بنحلم ننافس عمالقة الإنترنت!

منين التمويل؟ مين يدعم؟ ومين يصدق إن مجموعة شباب من بلاد مختلفة يقدروا يعملوا ده؟"


كريم (بهدوء وقناعة):

ـ "المشكلة مش في الفلوس... ولا في الدعم.

المشكلة في النية والنية موجودة.

إحنا عندنا الخبرة... وأنا وزياد وإنتو كل واحد فينا اشتغل على نفسه."


عاصي (بيكمل):

ـ "إحنا هنبدأ من تحت، نطور منصة تعليمية وتوعوية...

بتجمع بين الذكاء الاصطناعي، الحماية الإلكترونية، والأخلاقيات.

والهدف الأساسي: شباب عربي واعي... فاهم يعني إيه تقنية، ويعني إيه ما يبيعش بياناته ولا ضميره."


زياد (بصوت هادي):

ـ "وفي نفس الوقت، نخلق فرص شغل... مشاريع، تطبيقات، دورات،

نقوي الاقتصاد الرقمي في بلادنا ونكسر احتكار الغرب للمعلومة."


رامي (بحماس وهو بيرفع كوباية الشاي):

ـ "يعني هنبدأ بجوجل عربي...

بس بدل ما يبيعوا ولادنا، إحنا نحميهم... ونعلّمهم."


كريم  (وهو بيبص ليهم):

ـ "نسميه إيه بقى؟"


عاصي (بابتسامة):

ـ "نسميه زهرة 

عشان يكون أول زهرة تتزرع في طريق التنوير..."


زياد يسكت لحظة... يلمح صورته مع ياسمين على المكتب، وصورة قديمة لنفين وهي بتضحك.


زياد (بصوت أهدى):

ـ "لو هنعمل ده بضمير، وبأمانة... وأنا أكون الضامن، يبقى أتكلم مع العم عبد المجيد وأفهمه كل حاجة. ولو وافق... نتوكل على الله."


عاصي (بصوت دافي):

ـ "وكل خطوة هتتعمل بإسم الناس اللي علمتنا الغفران، وأدونا فرصة تانية."


زياد يبتسم لأول مرة.


زياد:

ـ "تمام... نبدأ نحضر كل حاجة. بس أول اجتماع هيكون على أرض مصر...  نكتب الحلم بإيدينا."


ـ "أحلى حاجة إننا دخلنا من باب بعيد عن العصابة . ... طول عمري كان نفسي أشتغل في حاجة ليها معنى، حاجة تسيب أثر."


كريم (بياخد نفس عميق وهو بيبص لها):

ـ "وإحنا هنسيب أثر... وهنعمل شغل نضف بيه الساحة اللي كان فيها ناس بتستغل العلم للخراب. دلوقتي وقت البناء."


تقترب زينة من كريم  تلمس كفّه بلطف، وتهمس وهي بتحط رأسها على كتفه:


يغلق الهاتف كريم  معهم وينظر لها بحب 

تبتسم زينة بحب :

ـ "أنا فخورة بيك، يا كريم... وبينا. وسبحان الله زياد وياسمين كمان، اللي بيبدأ من الصفر بإيمان حقيقي."


كريم (بابتسامة دافية):

ـ "وإنتي نور البيت... وعمود شركتنا الصغيرة، اللي بتكبر كل يوم."


تضحك وهي بتشده من إيده ناحية الصالون.


زينة:

ـ "تعالى بقى... لسه فضلنا نركّب النجفة، ونفرش السجادة... وبعدها أقدملك أول فنجان قهوة في بيتنا."


يحضنها كريم بحنان وهو بيهمس:


كريم:

ـ "وفي يوم هنحضّر أول اجتماع في الشركة... ونقول: هنا كانت البداية."

زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى 

.... 

مرات الايام الهدوء مالي المكان، وطلبة كتير بتراجع محاضرات. زهرة قاعدة لوحدها على ترابيزة ناحية الشباك، وعينيها على كتاب، بس ذهنها مش مع السطور... بتحاول تركز، لكن قلبها بيقرا كلام تاني.


زهرة (في سرّها وهي بتقلب الورق): ـ "هو ليه لم  بيعدي من قدامي كل يوم؟... كل مرة أحس إني عاوزة أقوم وأقول تعالى أنا بحبك ... بس مابعملش؟"


في اللحظة دي، بيظهر عاصي على بُعد خطوات... بيعدي، وبص عليها بسرعة من غير ما يبين إنه شايفها... لكن في اللحظة اللي بيعدي فيها، بيرجع خطوة، ويحط قدامها كوب كابتشينو عليه اسمها بخط إيده.


عاصي (بصوت هادي): ـ "عارفة إنك بتحبيه من غير سكر... زيّك، بتحبي كل حاجة من غير إضافات... صافية."


بيكمل طريقه، وما بيستناش رد.

زهرة تبص للكوب، وبعدين تقربه من وشها وهي تهمس:


زهرة (بهمس): ـ "وأنا بحبك... من غير شروط."


تبتسم، وتحط الكوب جنب الكتاب... تكمل قراءة، لكن قلبها المرة دي مش تايه، قلبها لقى عنوان.

فضل عاصي يتابع معها واي حاجه تقف فيها يشرحها ليها 

زهرة العاصي

الكاتبة: صفاء حسني

وفي يوم 

زهرة كانت قاعدة على السور، شنطتها جنبها، وبتتفرج على الغروب... كانت ساكتة، بس عنيها بتحكي كتير.


عاصي جه من وراها بهدوء، وقف شوية يراقبها من بعيد... بعدين قرب، وقعد جنبها من غير كلام.


عاصي (بصوت هادي):


تحدث عاصي 

ـ "كل مرة بشوفك فيها ساكتة... بحس إنك بتكلمي السما، مش بتفكري."


زهرة (من غير ما تبص له):

ـ "وأنا كل مرة تقعد جنبي فيها... بحس إني مش لوحدي، حتى لو ما قلتش ولا كلمة."


يسكتوا لحظة، بس قلبهم بيتكلم...


عاصي (بصوت أهدى):

ـ "أنا بحبك يا زهرة...

مش بحبك عشانك حلوة، ولا شجاعة، ولا قوية...

أنا بحبك عشانك إنتي...

بعنادك، بخوفك، بدموعك، بضحكتك اللي لما تطلع... أنا بنسى الدنيا."


زهرة (بابتسامة مرتعشة):

ـ "وأنا...

أنا مش بعرف أقول كلام حلو...

بس كل حاجة جوايا بتتغير لما تبقى جنبي."


يمد إيده، بس ميقربش منها، يستنى...


عاصي (بهدوء):

ـ "ينفع أمسك إيدك؟ بس إمتى ما قولتي لي... “خلاص”؟"


تبص له، وعنيها فيها دموع خفيفة... ترفع إيدها ببطء، وتلمس صوابعه، بس بهدوء شديد كأنها بتطمن قلبها قبل ما تطمن إيده.


زهرة (بهمس):

ـ "مش جاهزة أقول “خلاص”...

بس قلبي بدأ يصدق... إنك عمرك ما كنت بتنسحب... حتى وأنا بدفعك بعيد."


يبص لها، يبتسم...


عاصي (بنبرة فيها وعد):

ـ "أنا مش همشي...

ومهما خدتي وقتك، هفضل أستناك...

بس لو اتأخرتي قوي...

هحاول أجي أدور عليكي...

في قلبك."


زهرة العاصي

الكاتبة: صفاء حسني


زهرة العاصي – الكاتبة صفاء حسني

اقتربت وقت الامتحانات 

وكانت الكافتيريا زحمة كالعادة، طلبة بيذاكروا، وناس بتضحك، وأصوات القهوة بتتعمل في الخلفية.

لكن في ركن هادي، بعيد شوية عن الدوشة...

كان عاصي قاعد على الطاولة، قدامه أوراق وكتاب كبير مفتوح.

وزهرة قاعدة جنبه، ماسكة القلم، ومركزة جدًا في الشرح اللي بيقوله.


عاصي (بصوت هادي وبابتسامة خفيفة):

ـ "شوفي هنا... المعادلة دي بتعتمد على الهاكرز إزاي يخترقوا نظام وهمي، مش حقيقي... يعني وهم بنظّروا، بيكشفوا ضعفك من غير ما يلمسوك فعلًا."


زهرة (بحماس):

ـ "آه فهمت... يعني ده الجزء اللي لازم أركز فيه في بحثي!"


عاصي (بعينيه مليانين فخر):

ـ "فهمتيها من أول مرة... برافو!"


البنات على طاولة قريبة كانوا بيراقبوا المشهد من بعيد، بينهم همسات وتساؤلات:


طالبة ١ (بدهشة):

ـ "هو الدكتور عاصي قاعد يذاكر معاها؟!"


طالبة ٢ (بفضول):

ـ "شكلهم قريبين من بعض... بتهيألي بيحبها ؟"

طالبة 3 تقولهم 


الدكتور عاصي طلب أيد زهرة من جدها وانها  سمعت  الحديث وهما فى الكافتيريا 

---

عاصي سمع الكلام، ورفع عينه بابتسامة وهدوء:


عاصي (بصوت واثق وهو بيبص للطلبة بيأكد المعلومات ):

ـ "فعلا طلبت أيده  ،وهتكون  شريكتي في كل حاجة."


صوت خفيف من البنات: "آآآآه ربنا يسعدكم!" – "أحلى دكتور وأحلى عروسة"


زهرة (همستله وهي وشها محمر):

ـ "ليه قلت كده؟ إحنا متفقين إننا مش نعلن حاجة دلوقتي..."


عاصي (بصوت واطي وهو بيبص في عينيها):

ـ "عشان أنتي تستاهلي الناس تشوفك مكانك، تستاهلي حب حقيقي، وأمان، مفيهوش خوف ولا سر."


زهرة سكتت، لكن قلبها بيخبط بسرعة، حسّت بخجل، بس كمان... حسّت إنها مش لوحدها.


زهرة العاصي

الكاتبة: صفاء حسني

الفصل الاخير الجزء الأول 


بعد مرور شهور – قاعة الاحتفالات في الجامعة


زهرة واقفة على المسرح، بتستلم شهادة التكريم من رئيس الجامعة، وسط تصفيق كبير.


رئيس الجامعة:

ـ "الطالبة زهرة محمد، تفوقت في المجال الإلكتروني، وقدّمت مشروع تخرّج مشرف، بنفتخر بيه."


عاصي واقف في الصفوف الأولى، بيصفق بحرارة، وعيونه فيها دمعة فخر مش قادر يخبيها.


زهرة (وهي ماسكة الشهادة، وبتبص ناحيته):

ـ "الفضل لله... وللي آمن بيا وأنا كنت ببدأ من الصفر."


نزلت من على المسرح، وهو استقبلها بنظرة كلها حب وأمان...


عاصي (بهمس):

ـ "دي أول خطوة... ولسه المشوار قدامنا طويل... سوا."


زهرة العاصي

الكاتبة: صفاء حسني


وسط بودابست – في شارع جانبي هادي، فيه كافيهات ومحلات كتب صغيرة

الوقت: قبل المغرب – الدنيا شبه ساكنة، وريحة القهوة بتفوح من المحلات


زهرة كانت خارجة من الجامعة، لابسة بلوفر أبيض بسيط، وشنطتها فيها ورق كتير من المحاضرات...

بتتفاجئ بعاصي واقف عند زاوية شارع، لابس جاكيت جلد ووشه متغطي بنص ابتسامة خبيثة.


زهرة (مستغربة):

ـ "إنت بتعمل إيه هنا؟ مش المفروض عندك سيمنار؟"


عاصي (بثقة):

ـ "أجّلته... عشان في مفاجأة صغيرة مستنياكي."


يمد إيده ليها، وهي تمسكها بخجل وفضول، ويمشوا في شارع ضيق مرصوف بالحجر، لحد ما يوصلوا قدام محل صغير واجهته خشب قديم، وفوقه يفطة مكتوب عليها بخط إيد:


“Light of Truth – مكتبة وقهوة ثقافية عربية”


زهرة تبص له، ملامحها مش فاهمة...


عاصي (بحماس):

ـ "إحنا دايمًا بنقول إن المعرفة هي البداية... وده أول مشروع لينا سوا. مكتبة عربية في قلب أوروبا، فيها كتب، إنترنت، وجلسات نقاش وحوارات، وكل محتوى بيحكي الحقيقة زي ما أنتِ حلمتي."


زهرة عنيها تمتلئ دموع، تمشي جوه المكان وهي مش مصدقة...

الكتب بترص على الرفوف، في ركن معمول لجلسات قراءة، وفيه لوجو بسيط على الحيطة: "لكل صوت حقيقي... لازم مكان يسمعه."


زهرة (بهمس):

ـ "إنت... عملت كل ده؟"


عاصي (قريب منها):

ـ "لأ، إحنا اللي هنعمله سوا. كل كتاب هتختاريه، كل جلسة هتنظميها... كل فكرة طلعتي بيها من الألم، ليها مكان هنا. وده... جزء من حلمك."


زهرة (بصوت مرتعش):

ـ "أنا... حاسة إني بين حلمين... واحد كنت فاكرة هيفضل مستحيل، والتاني واقف قصادي بيقول لي: يلا نبدأ."


عاصي (بهدوء):

ـ "يبقى نبدأ، دلوقتي... سوا."


تمسك إيده وتبتسم، ولأول مرة، تحس إن الماضي اتحول لطاقة... وإن الحلم مش بس بيتحقق، ده بيتشارك.


اقترب منها عاصي وقالها انسي ترجع مصر قبل ما افرجك  على. البلد إلا إحنا فيها 


نفسي اخدك وفرجك على 

بودابست – وقت الغروب –  مع ضفة نهر الدانوب

السماء شبه وردية، والهوى عليل، والأنوار لم تبدأ  تنور بهدوء فوق جسر السلسلة، والمدينة كلها شبه لوحة فنية متحركة...كل ده وانتى فى حضنى ومعايا 


هزت راسها زهرة  بالموافقة وهى ماشية جنب عاصي، لابسة بالطو كريمي خفيف، وشال رمادي ملتف حوالين رقبتها، وحجابها .


زهرة (بابتسامة شبه خجلانة):

ـ "أنا من يوم ما جيت هنا  مفكرتش  اخرج فيها .. متصورتش حلوة كدة كأنى  ماشية في حلم مش شارع..."


عاصي (نظره ناحيتها، وعينيه فيها حنية كبيرة):

ـ "أنا الحلم بالنسبالي هو اللي ماشي جنبي."


تضحك وهي تحاول تبص بعيد، تهرب من نظرة عينه، بس قلبها بيضحك بصوت أعلى من ابتسامتها.


يمشوا سوا لحد ما يقفوا على سور النهر، تحتهم الميا بترقص على أنوار المدينة، والقلعة القديمة باينه فوق التلة، عامله خلفية روائية لأي مشهد حب.


عاصي (بصوت واطي وهو بيبصلها):

ـ "كنت دايمًا بدور على مكان يطمن قلبي... افتكرت إني هلاقيه في بلد، جامعة، شغل، نجاح... بس لما مشيت جنبك النهارده، فهمت إن مكاني كان دايمًا جنبك."


زهرة (بصوت مهزوز من جوّاها):

ـ "وأنا كل ما كنت أفتكر إن مفيش حد يقدر يفهمني... ألاقيك بتقرأني من غير ما أتكلم."


يسكتوا شوية، والهدوء بينهم أصدق من أي كلام...

وبعد لحظة، عاصي يمد إيده بهدوء، وهي تبص له، وبعيونها نفس الرعشة القديمة... بس المرة دي، تقرب وتحط إيدها في إيده.


عاصي (بهمس):

ـ "خدي وقتك... بس أوعديني إننا نكمل المشوار ده سوا، خطوة بخطوة."


زهرة (بصوت ناعم):

ـ "أوعدك... بس تمشي جنبي، مش قدامي."


عاصي:

ـ "وأنا عمري ما سبقتك... أنا بس كنت بستنى اللحظة اللي تمسكي إيدي بإرادتك."


زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى 


تأنى يوم فى ساحة الجامعة الهادية، الأشجار حوالين المكان، والجو ربيعي عليل.

زهرة واقفة قدام المبنى الرئيسي، لابسة جاكيت خفيف، وحاملة شنطة كتف صغيرة، بتودع كل ركن من المكان بعينيها.


صديقتها مريم (من لبنان) وهي بتحضنها بحرارة:

ـ "مش هخليكي تمشي بسهولة يا زهرة...

من أول يوم شفتك فيه، حسّيت إنك هتكوني ملهمة في حياتي... وكنتِ فعلًا."


زهرة (بصوت فيه رعشة خفيفة من التأثر):

ـ "أنا اللي اتعلمت منكم كلكم...

كل واحد منكم كان قصة... وأنا شلت القصص دي معايا في قلبي."


جميلة (من غزة):

ـ "هتوحشيني... بس فخورة إنك راجعة عشان تبني وتنوري."


سليم (طالب من المغرب):

ـ "زهرة... أنا عمري ما نسيت كلامك في أول جلسة، لما قلتي:

(مش لازم نكون كبار عشان نعمل حاجة كبيرة)...

الكلمة دي غيّرتني."


زهرة تبتسم وهي عينيها بتلمع بالدموع، تبص وراها تلاقي عاصي واقف بيودع مجموعة من الطلاب.


واحد من الطلاب (مازحًا):

ـ "يا دكتور عاصي، مش عايزينك تمشي! إحنا لسه متعودناش إنك بترجع مصر!"


عاصي (بابتسامة دافية):

ـ "مصر بلدي... بس وجودكم هنا علمني إن العلم له وطن أوسع من الحدود.

هفتقد نقاشاتنا... وسؤالي المعتاد: (فين الحماس؟!)"


*الكل يضحك، وزهرة تبص له من بعيد، وتحس بقلبها بيهدى... 


زهرة العاصي

الكاتبة: صفاء حسني


داخل الطيارة – مقاعد درجة رجال الأعمال – الجو هادي وفيه موسيقى ناعمة شغالة في الخلفية


زهرة كانت قاعدة جنب الشباك، لابسة جاكيت بنى  بسيط، وحجابها المتنساق مع فستانها ، وبتبص على الغيوم من بعيد وهي بتحاول تهدى توترها من أول زيارة ليها لمصر بعد كل اللي فات.


عاصي قاعد جنبها، بيقرأ في ملف صغير بين إيده، مركز جدًا، لكنه كل شوية يبص لها من طرف عينه... لحد ما تفتح الطيارة أبوابها للركاب الجدد من محطة ترانزيت، وتدخل ست أنيقة في أواخر التلاتينات.


الست (بصوت مبتهج):

ـ "يا نهار أبيض! عاصي؟ عاصي كنان السمري مش معقول ؟!"


عاصي رفع راسه بسرعة، وابتسم بحرارة:


عاصي:

ـ "بسنت! مش معقول! سنين والله..."


بسرعة وقفت قدامه، واحتضنته بحميمية أخوية، وزهرة بدأت تتفاجأ وتشيل سماعاتها بهدوء وهي بتراقب المشهد.


✨ زهرة العاصي — الكاتبة: صفاء حسني

  الخاتمة التانى 


– على متن الطائرة المتجهة إلى مصر  داخل الطائرة، الأضواء خافتة، بعض الركاب نائمين، وبعضهم بيشاهد أفلام أو بيقرا

تقترب بسنت (بضحكة):

ـ "لسه زي ما انت، بنفس الحماس في عينيك... سمعت عنك إنك بقيت دكتور جامعي كبير في بودابست عاصمة المجر ، - فى  جامعة بودابست للتكنولوجيا والاقتصاد (BME):  معروفة ببرامجها الهندسية والتكنولوجية القوية.

ابتسم عاصي إنتي مفيش حاجة بتستخبي عنك 

ابتسمت بسنت 

طبعا بس مشفتكش من أيام مؤتمر التكنولوجيا اللي في سنغافورة!"لكن متابعة كل حاجه وعرفت إنك رجعت مصر وقاعده سنه هناك نفسي افهم بتخطط ل إيه 


عاصي (بابتسامة دافئة):

ـ "وانتي لسه زى ما انتى بتجري وراء الاخبار 

رايح على مصر ليه ؟"

ضحكت بسنت 

بسنت:

ـ "رايحة مصر عشان أبدأ شغل مع وزارة الاتصالات في مشروع ستارت أب جديد... 

انت بقي كنت في مصر ليه وراجع تأنى ليه 

إوعى ناوي تفتح فرع من شركتك هناك. وبتختبر الدنيا "


زهرة كانت بتسمع بتأمل... وعنيها بتلمع من الغيرة ، لكنها حاولت تبان هادية.


زهرة (بابتسامة صغيرة):

ـ "هو فعلاً ناوي يعمل كده... وبيفكر يخلي المشروع ممتد، يعني حاجة زى جوجل عربية!"


بسنت (بحماس):

ـ "إنتي زهرة؟ الا وقعت عاصي الكنان ،سمعت  عنك كمان... أنك  مصدر إلهامه، صح؟"


زهرة خجلت، وبصت في الأرض بخفة، لكن قلبها كان بيطير انها طلعت مجرد صديقة مش حبيبي قديمة 


عاصي (بثقة وهدوء):

ـ "هي مش بس مصدر إلهام... دي شريكة في كل فكرة، من أول السطر."


سكت شوية، وبص لبسنت  وبعدين كمل بحماس:


عاصي:

ـ "إحنا نازلين نأسس مشروع تقني ضخم في مصر. عايزين نبدأ بثلاث محاور:


منصة تعليمية عربية بتقنيات الذكاء الاصطناعي.


شركة لتطوير تطبيقات الحماية والاختراق الأخلاقي.


ومرحلة لاحقة... شركة قمر صناعي بتكنولوجيا محلية."


زهرة (بحماس):

ـ "أيوه، ليه لأ؟ إحنا كنا رواد في العلم زمان... جابوا مننا العلماء، والمفكرين، وحتى أدوات الطب والهندسة أصلها عربي. ليه منرجعش؟"


بسنت (بإعجاب):

ـ "لو المشروع ده شاف النور، العالم كله هيسمع بيكم... وإحنا كتير مستنيين الفرصة دي."


عاصي مسك إيد زهرة تحت الطاولة بهدوء، وبص في عينيها وقال لها بصوت خافت:


عاصي:

ـ "نبدأ من مصر... نبدأ كل أحلامنا ."


زهرة ابتسمت، وغمضت عينيها وهي بتهمس:


ـ "ونكملها سوا..."


بعد وقت التليفون أداها إشارة بوقت صلاة العصر 

قطعت زهرة حديثهم  (بهمس):

ـ "هروح الحمام شوية..."


عاصي (بابتسامة هادية):

ـ "خدي بالك من نفسك."


(تمشي زهرة بهدوء في ممر الطيارة، توصل عند واحدة من المضيفات.)


زهرة (بصوت هادي):

ـ "لو سمحتي، الطيارة فيها بوصلة أو أي حاجة أعرف منها اتجاه القبلة؟"


المضيفة (بابتسامة لطيفة):

ـ "أيوه طبعًا، في مؤشر للقبلة على الشاشة الصغيرة اللي قدام كل كرسي، وفي بعض الركاب بيصلوا عند المطبخ الخلفي، المكان هناك أوسع شوية."


(زهرة تشكرها وتمشي ناحية المكان المخصص، تتوضى بسرعة بمية بسيطة من الحمام، وتظبط  الطرحة على شعرها بإحكام... تطلع وتصلي  بهدوء، في ركن الطيارة الخلفي، في مواجهة القبلة.)


(في اللحظة دي، عاصي بيلاحظ إنها غابت شوية... بيقلق، يقوم ويمشي بهدوء ويدور عليها. يوصل للركن، يوقف مكانه لما يشوفها بتصلي.)


(يبتسم... وبكل خشوع، يدخل هو كمان يتوضي  وفى ركن بعيد شويه  عنها يقف وبيصلي ، بهدوء، كأنه بيكمل الدعاء معاها مش وراها بس.)


(من الخلف، كانت بسنت ذهبت خلفهم   -فضولها خالها عاوزة تفهم هما انسحبوا ليه مرة واحدة -  وهى ماشية في الممر، ووقفت فجأة لما شافت المشهد. عنيها اتعلقت بالاتنين وهما واقفين  بيصلوا. كل واحد فى جنب وكان خط مستقيم يبدأ من عند عاصي وينتهى عند زهرة، قلبها دق، ووشها اتبدل بلون خجل واضح. رجعت خطوتين لورا...)


بسنت  (بهمس مع نفسها):

ـ "وأنا؟ بقالي سنين  بدعى ل ربنا بالتوفيق ... بس الحقيقة؟ أنا ما صليتش من فترة طويلة ..."


(تتحرك بهدوء راجعة ... وهي بتحس إن لحظة شوفتهم كانت دعوة ليها الطريق إلى الله وقاعده مكان زهرة  


(زهرة تخلص، وتمسح وشها بيدها وهى تدعي وتسبح خمس دقايق بعد الصلاة

 وتبصي  على جنبها   تلاقي عاصي بيكمل ركعته الأخيرة ... تشهق بخفة وتبتسم، بس بسرعة تمشي قبل ما يحس إنها شافته.)


(عاصي يخلص، يفتح عينه، وما يلاقيهاش... يهمس في سره:)


عاصي (بهدوء):

ـ "حتى صلاتك... بتحسسني إن قلبي في مكانه الصح."


✨ زهرة العاصي – الكاتبة: صفاء حسني


(بعد ما رجعت بسنت  لمكانها، وهي قاعدة 

رجعت  زهرة،  لاقيتها أقعدت مكانها لسه ملامحها فيها تفكير وشرود من اللي شافته. بتلف لزهرة بهدوء وتسألها، بصوت ناعم مشاكك، كأنها بتحاول تفهم مش تنتقد.)

ده مكانى يا بسنت 

بسنت بخجل (بهدوء):

آسفة ممكن أقعد شويه معاكي عاوزة أسألك فى حاجه 

ابتسمت زهرة أكيد اتفضلي 

سألتها بسنت 

ـ "هو الحجاب... فرض فعلاً؟ ولا عادي زي ما ناس كتير بتقول؟"


(زهرة تبص لها، عنيها فيها هدوء وإحساس، وترد عليها من غير ما تهاجم أو تتكبر.)


زهرة (بابتسامة دافية):

ـ "ممكن أسألك نفس السؤال... بس بصيغة تانية؟"


بسنت  (بفضول):

ـ "اسألي..."


زهرة:

ـ "ينفع أصلي من غير الطرحة؟"


(تهز راسها بسنت  بسرعة، بعفوية.)

ـ "لا طبعًا... الصلاة ماينفعش من غير ستر."


زهرة (بابتسامة خفيفة):

ـ "ليه لا  مش مسموح نقف قدام ربنا بشعرنا، رغم إننا واقفين قدام الخالق، مش بشر؟"


(بسنت  تسكت شوية، بتفكر بعمق، لأول مرة تبص للموضوع من زاوية تانية.):

ـ "صح... مفكرتش كده قبل كده... بس فعلاً، لو قدام ربنا لازم نغطيه، يبقى قدام الناس أولى."


زهرة (بصوت ناعم، مليان حب):

ـ "ربنا اللي خلق الجمال، مش ضد الجمال، بس بيحمينا منه... عشان الجمال لو طُرح في مكان غلط، بيتحول لفتنة مش نعمة.

هو اللي حدد العورة في الصلاة، حددها في الحياة كمان...

سترنا مش خنقة، سترنا كرامة، زي ما الراجل ليه ستر، الست كمان...

وكل ما بنحس إننا قدامه، بنحب نكون في أكمل صورة... قلبًا وجسدًا." وهو الخالق ما بالك امام العباد الا هو خلقهم يعني استر نفسي والبسة كوم وحجاب وطويل وفى بعض الأمة قالوا ان السيدة تلبس شراب القدم في الرجل عشان كعبها ميبنش أو هدوم طويل تخبي الكعب، ومن فين بعدها نلبس نص أو ضيق أو قصير

يعني نقف أقدم ربنا إلا خلقنا وعارف كل تفصيلة فينا وإحنا مستورين ،وبعد كده نضيع الستر ده أقدم عباده

ومش اقيم ان كان صلاتك جايز أو لا ،لكن الا بعيد عن ربنا الخالق هو كمان بعيد عنه 


(بسنت  تبص لها، وعنيها تتملي دموع خفيفة، مش بس من الكلام... من أسلوب زهرة، من رقتها وصدقها.)


(بصوت مهزوز):

ـ "أنا... مش عارفة أبدأ منين مش ملتزمة ب أي حاجه والا صلاة والا حجاب ..."


زهرة (بصوت واثق):

ـ "ابدأي من قلبك... والباقي هييجي لوحده. "


. بتقلب في شنطتها الصغيرة، وتخرج طرحة سادة بلون هادي، كانت محتفظة بيها احتياطي.


زهرة (بابتسامة خفيفة وهي تبص على بسنت):

ـ "خدي دي... صلي بيها العصر، وجربي تحسي بإيه."وحمل البرنامج ده موجود على بلى جوجل بيحدد توقيت الصلاة فى ميعاده وكمان بيفكرك قبل صلاة الفرض إلا بعده وكده تعرف تظبط صلاتك ووقت 

ما تكون صادقه مع ربنا هتحسي بالراحة 

بسنت (بتاخد الطرحة بتردد، وبصوت منخفض):

ـ "أنا... مش عارفة إيه اللي بيحصلي... بس أنا متلخبطة قوي."


زهرة (بحنان وهي بتربت على إيدها):

ـ "الصلاة مش بس سجدة... دي لحظة صدق بينك وبين ربك.

البسيها، وصلي...

وبعد كده، اسألي قلبك:

عايزة تكملي كده؟

ولا لأ...

والقلب هيرد."


بسنت (بصوت باين فيه التأثر):

ـ "بس أنا مكسوفة... دي أول مرة في حياتي ألبس فيها طرحة!"


زهرة (بهدوء):

ـ "وأجمل  حاجه هى أول مرة... تكون بين السما والأرض...

ما بينك وبين ربنا وإنتي قريب من ربنا ."


بسنت تقوم وهي ماسكة الطرحة بإيد بتترعش، وبتمشي بهدوء ناحية الحمام، وعينيها فيها رهبة وفرحة في نفس الوقت. زهرة تفضل قاعدة، تدعيلها بصمت.


بعد شوية، ترجع بسنت... على وشها طرحة بسيطة، ووشها منور بنور غريب... بتبص لزهرة، وتدمع عينيها.


بسنت (بهمس):

ـ "أنا معرفش هكمل ولا لأ... بس وأنا ساجدة...

كنت حاسة إني طايرة...

زي ما قلتيلي... قلبي رد."


زهرة (بابتسامة واسعة ودموع فرح):

ـ "أهو كده... أول خطوة وصلت، والباقي ربنا هيهديه."


في وسط هدوء الطيارة، بعد ساعات من الحديث العميق، زهرة غفلت وهي حاضنة الطرحة في إيديها...

عيون زهرة نامت وحلمت وهى  واقفة في مكان مظلم، الأرض تحتيها مش ثابتة، ووشها فيه خوف واضح.

أمامها "نعيمة" و"حسين" قاعدين على كراسي، بيضحكوا بسخرية، صوتهم فيه استهزاء واضح.


نعيمة (بصوت غليظ):

ـ "كنتِ فاكرة إننا سامحناكِم ؟

سامحناكِم على إيه؟

إنكم خطفتوا بنتي مننا؟"


حسين (بضحكة مكتومة):

ـ "كل حاجة حسابها جاي يا زهرة..."


فجأة، المكان اللي حوالين زهرة يشتعل، نار طالعة من الأرض، والدخان بيغطي المشهد.

من بعيد، زهرة تشوف ناس بتحبهم: "جدها محمد"، "زينة"، "عاصي""، "زياد وياسمين"... واقفين على طرف النار، بيبصوا ناحيتها، لكن مفيش حد منهم سامع صراخها.


زهرة (بتصرخ):

ـ "إلحقوهم  حتى يساعدهم !

وبعد كده كأنها شافت نفسها وقت المحكمة،

سامعيني!  .. أنا بريئة!"أنا مقتلتهش 

وبعد كده ترجع ل مشهد النار 

تحاول تجري ناحيتهم، لكن النار بتزيد، وكل ما تمد إيدها، يتلاشوا، وكأنهم بيبعدوا عنها أكتر... قلبها بيضرب بقوة، رجليها بتتهز...


فجأة، صوت بيقطع الصراخ والنار...


صوت المضيفة (من بعيد):

ـ "من فضلكم اربطوا الأحزمة، الطائرة على وشك الهبوط."


زهرة تفوق من النوم وهي بتاخد نفس عميق، قلبها بيدق بسرعة. تبص حواليها، تلاقي الطيارة بتهبط، والنور الأصفر اشتغل.


بسنت قاعدة جنبها، بتربط الحزام وبتبصلها بلطف.


بسنت (بابتسامة هادية):

ـ "كنتي بتحلمي؟ شكلك اتخضيتي..."


زهرة (بصوت واطي وهي بتربط الحزام):

ـ "كان كابوس... بس الحمد لله، فِقت... "

وممكن إشارة 


الطيارة بتلمس أرض المطار، الهبوط هادي، لكن قلوبهم مليانة نبضات.


زهرة تبص من الشباك، الشمس نازلة على ملامحها، وعينيها فيها لمعة شوق وقلق... كانت ماسكة الطرحة في إيدها، وقلبها بيردد:

دعاء المسافر ورجوع 

زهرة (في سرّها):


اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى ومن العمل ما ترضى

وتمسح على وشها 

ـ "رجعت يا أمي... رجعت على أول طريق كنتِ بتحلمي أمشيه..."

خلصت الجامعه ودرست فى الجامعة الا كنت احلم اروح عليها ولسه البدايه هتعلم وهطور  فى علمى 

في نفس اللحظة، عاصي يبصلها من بعيد... كان قاعد على الكرسي القريب منهم ، بيشيل الشنطة من الرف وهو بيراقب رد فعلها. قلبه مطمن إنها رجعت ومعاها حاجة جديدة... سلام داخلي، ونظرة قوة.


المضيفة:

ـ "شكرًا لاختياركم الطيران معنا... مرحبًا بكم في القاهرة."

زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى 

بعد دقائق، يقفوا في صف الجوازات. زهرة بتبص حواليها، بتحس إنها اتغيرت... إنها مش نفس البنت اللي سافرت، كانت دلوقتي ماشية بخطوة ثابتة، حتى لو جوّاها فيه رهبة.


زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى 


زهرة ماشية جنب عاصي، شنطتها الصغيرة على كتفها، والعيون دايبة في ملامح الناس اللي حواليها. أول ما خرجوا من بوابة الوصول، خدت نفس عميق:

عاصي يبص لها ويسألها بهمس:


عاصي (بابتسامة صغيرة):

ـ "جاهزة ترجعي؟"


زهرة (بنظرة كلها صدق):

ـ "رجعت فعلاً... من بدري، بس كنت مستنيا قلبي يرجع معايا."


بعد ختم الجوازات، بياخدوا شنطهم... وبيمشوا سوا ناحية بوابة الوصول.


يتقدّم منهم "رجل كبير" شايل طفل صغير، وعلى إيده شنطة تقيلة، وزوجته ماشية جنبه وهي حامل وتعبانة.


زهرة تقف للحظة، تتأمل المشهد، قلبها يهزّها... تحس كأنها شايفة نفسها ، أو يمكن حلمها في المستقبل.


زهرة (بهمس):

ـ "رجعنا..."


عاصي (وهو بيبص ليها):

ـ "أه... رجعنا يا زهرة، بس راجعين مختلفين."


يعدّوا على جوازات السفر والإجراءات بسهولة، والضابط يبتسم لهم وهو بيبص على الختم:


الضابط:

ـ "أهلاً بيكم نورتوا بلدكم... بالتوفيق إن شاء الله."


زهرة تبتسم بهدوء، وتحركت بخطوات ثابتة مع عاصي ناحية سير الحقائب.


وهي بتستنى شنطتها، تلفتت ناحية سيدة واقفة مش بعيد، حاملة طفل نايم على كتفها، وبطنها باين إنها حامل، ووشها مرهق.


الطفل فجأة يعيط، والأم تحاول تهدي فيه وهي شايلة الشنطة بإيدها التانية، والا معها  بيخلص الاورق 


زهرة بسرعة اتحركت ناحيتها، ومدت إيدها:


زهرة (بلطف):

ـ "ممكن أساعدك؟"


السيدة (بتبص ليها بامتنان):

ـ "يا رب يخليكي يا انسة ... هتعبك معايا "


زهرة تاخد الشنطة من إيدها، وتطبطب على الطفل:


زهرة:

ـ "مفيش تعب والا حاجه ... عندك ولاد كتير؟"


السيدة (بابتسامة باهتة):

ـ "ده التاني... بس كنت مع جوزى  براء بيشتغل ربنا يعينه ولسه راجعه عشان أولاد فى بلدى زى ما عملت مع أخوه  يتولد فى ارض مصر  وياخد الجنسية المصرية وبعد شهور هنرجع  تأنى وابوى بيخلص اجرات الرجوع ."


زهرة (بصوت مبحوح شوية):

ـ "إن شاء الله تقوم بالسلامة وتتجموع .."


السيدة:

ـ "آمين يا رب... نفسي أربيهم يطلعوا محترمين، ويكون ليهم مستقبل حلو."


زهرة تبص في الطفل وتحس قلبها بيتحرك، كأن كل المشاعر اللي كانت دايسة عليها بدأت تطلع، عن نفسها، وطفلها الا مات قبل ما يجى وهل هتكون في يوم ام  .


عاصي يراقب من بعيد، مبتسم بهدوء... يحس إنها مش بس رجعت بلدها، رجعت لنفسها كمان.


لما خلصوا، ترجع زهرة ناحية عاصي والدمعة في عينيها...

عاصي (بهدوء):

ـ "مالك؟"


زهرة (بصوت متأثر):

ـ "كنت دايمًا فاكرة إني مش جاهزة أكون أم...

بس النهاردة حسّيت إن قلبي ممكن يحنّي...

يمكن ربنا فى يوم يكتبها لي ."


عاصي (بابتسامة حنونة):

ـ "لما تيجي اللحظة دي... أنا هكون مستنيها آكتر منك ومعاك ."


تمسك إيده وهي خارجة معاه من المطار، وسط الزحمة...

لكن جوّاهم، سكون ودفا...


في ممر الوصول... الناس ماشية في هدوء، والشنط بتتزاحم على العربيات الصغيرة. زهرة بتوقف لحظة، تبص وراها كأنها مش قادرة تودّع البلد بسهولة.


بسنت بتقرب منها، عينيها فيها حنين.


بسنت (بابتسامة رقيقة):

ـ "كنتي نِعم الصُحبة، يا زهرة... والله كأننا نعرف بعض من سنين."


زهرة (بصوت دافي):

ـ "وأنا كمان يا بسنت... 

بسنت تمدي إيدها وتطلب رقمها 

يمكن أكتر وقت كنت محتاجة حد يفهمني، ربنا بعتك."

ليا 

ـ "هاتِ رقمك... مش هسكتلك لو ما كلمتنيش! المرات الجاية مش هتكون ف مطار... هتكون في بيتي، أو بيتك، فاهمة؟"


زهرة تضحك وتكتب رقمها، وعاصي يراقب المشهد من بعيد مبتسم.


زهرة:

ـ "إن شاء الله... وهفضل أدعيلك، لحد ما تبعتِلي صورة بالحجاب."


بسنت تهز راسها بكسوف، بس عنيها فيها وعد.


بسنت (وهي تحضنها):

ـ "وعد... بس لما ألبسه، هلبسه بإيماني... وانا مقتنعة ."


زهرة تهمس وهي بترد الحضن:


زهرة:

ـ "كده أكون مطمنة."


تبتعد بسنت بخطوات بطيئة، وتلوّح ليهم من بعيد... زهرة ترد السلام وهي عنيها فيها دمعة وابتسامة.


عاصي يقرب منها، ويمشيوا سوا... ومرايتهم تنعكس على الزجاج، كأن بداية جديدة بتتكتب على الأرض اللي بيمشوا عليها.

ركبوا عربية كان متفق عاصي مع كريم يبعتها ليه واخدتهم علي البلد، عشان واثق لهفة زهرة ل جده كانت تتأمل زهرة الطريق، 

الجو دافي، وريحة الأرض لسه فيها طين المطر. العصافير تزقزق، والناس في البلد واقفين على جنب الطريق يبصوا ويتهمسوا: "زهرة رجعت!"


قدام البيت، الجد محمد واقف بالعصاية، رغم التعب، عنيه فيها نور.


الجد محمد (بصوت مبحوح من الفرحة):

ـ "حمد لله على السلامة يا ضنايا... قلبي رجع يفرح!"


زهرة تنط من العربية وتجري عليه، تحضنه جامد وهي بتعيط.


زهرة (بدموع ساخنة):

ـ "وحشتني أوي يا جدي... كنت بعدي الايام عشان ارجعلك  وصوتك في خيالي كل يوم."


صالح يخرج من ورا الجد، واقف جنب زوجته "سماح" اللي ماسكة إيد بنتها الصغيرة "رحمة".


صالح (بصوت دافي):

ـ "رجعتي يا زهرة... والبيت نور."


عاصي يوقف وراها، ابتسامة خفيفة على وشه، لكنه سايب المشهد ليها. بنت صغيرة (رحمة) تجري على زهرة، وتمسك طرف فستانها.


رحمة (ببراءة):

ـ "إنتِ زهرة؟... جدو بيحكيلنا عنك كتير!"


زهرة تمسح دموعها، وتنزل لمستوى البنت، وتبص في عنيها:


زهرة:

ـ "وإنتِ أكيد رحمة؟...  زى ما وصفتها يا جدو فعلا شبه حد وهو صغير ."

ابتسم الجد

شبهك صح 

سماح (زوجة صالح) تبتسم، وتبص لزهرة بعين طيبة، وتقول:


سماح:

ـ "أهلاً بيكِ في بيتك يا بنتي... ربنا يكتبلك السعادة من النهاردة."


عاصي ييجي يسلم على الجد، ويمد إيده بكل احترام.


**عاصي:** ـ "إزيك يا حاج؟ ربنا يديمك لينا... ورجعتلك أمانتك."


*الجد يضحك ويشد عاصي في حضنه.*


**الجد محمد:** ـ "الأمانة عندك كانت محفوظة... وقلبي كان مطمن."

  

صالح طلب من سماح وقال :

جهزى يا سماح الاوضة ل بنتى، واوضة الضيف ل جوز بنتى فى المستقبل 

هزت راسها سماح بمحبة عيونى

 أهلا وسهلا  نورتوا أكيد من عيونى 

رفضت زهرة 

إنت بتقول إيه إستنى يا طنط سماح، أنا مش غريبة وانتى لسه عروسة 

ابتسمت سماح بمحبة  

أنا عارفه يا بنتي إنك خايفة أكون انجرحت من كلام ابوك، متخافيش انا بعمل كل حاجه بنفس راضي، مش كفاية أبوك صالح سترنا فى بيته انا وبنتى، اخدمه هو وكل احبابه بحب 

ابتسمت زهرة وقالت: 

ولو هاجى أساعدك 

وفعلا خلصوا وارتحت شوية  وجهزت سماح الاكل 

الليلة نزل  بهدوء على البلد، الفوانيس الصغيرة حوالين البيت منورة، والنجوم بتنقط السما فوقهم زي لمعة أمل.


الكل قاعد حوالين الطبلية، سماح بتحضر الشاي بعد الاكل ، وجد محمد قاعد على كرسيه، ووشه منور برؤية أحبابه.


زهرة قاعدة جنب جدها، ووشها فيه تعب السفر بس قلبها دافي، بترتشف شاي النعناع وهي مستنية تسمع كل حاجة.


زهرة (بصوت هادي):

ـ "احكيلي يا جدي... إيه اللي حصل من يوم ما مشيت؟"


ياخد الجد نفس طويل، ويرجع بظهره للورا... وصالح ينضم للحوار بصوت فيه وجع دفين:


صالح:

ـ "يوم كتب كتابي على سماح... كل حاجة كانت ماشية طبيعي، والفرح بسيط، والناس كلها مبسوطة... فجأة دخل سليم."


زهرة (بعين متوسعة):

ـ "سليم؟!"


الجد محمد (بحدة):

ـ "آه يا بنتي... دخل ومعاه مسدس، ووشه كله حقد. كان ناوي يبوّظ الفرح، واتهمني إني السبب في خراب بيته."


صالح (بأسى):

ـ "حاول يطلق نار... بس الحمد لله الرصاصة كانت سطحية. الشرطة كانت بتراقبه، ولما حاول يهرب... ضربوه بالنار."


زهرة تحط إيديها على بؤها، ودموعها تنزل بهدوء.


زهرة (بوجع):

ـ "كان ممكن يسيبني أموت قبل كده... وكان ممكن ياخدني لتاني حفرة."


الجد يربّت على إيدها:


الجد محمد:

ـ "لكن ربنا كبير، وبيختار لكل ظالم نهاية... وسليم نال جزاءه."


صالح:

ـ "وعثمان... بعد ما فقد ابنه، رجع مع مراته، واعتذروا. قالوا عاوزين يربوا ولادهم تحت سقف البيت ، زى ما ربيت زهرة. حسّوا إنهم غلطوا كتير في تربية سليم، وعايزين يصلحوا اللي بقى."


**زهرة (بهدوء):** ـ "كل حاجة بتتغير... بس الوجع بيظل له أثر."


*وفي لحظة صمت، يرن جرس الباب... سماح تفتح... وتتفاجأ بدخول "حسين ونعيمة" – أهل نيفين.*


*الكل بيقف، زهرة بتتجمد في مكانها، عنيها بتترعش... المشهد اللي كانت بتحلم بيه في الطيارة قدّامها تاني.*


**زهرة (بهمس لنفسها):** ـ "ده نفس الحلم... نفس الضحكة... نفس الوقفة... ده واقع؟ ولا لسه نايمة؟"


*نعيمة تبص ليها بنظرة غريبة... مش واضحة، لا عتاب ولا رضا.*


**نعيمة (بصوت هادي، بس فيه شيء متخفي):** ـ "رجعتي يا زهرة؟..."

تتبع 

  


انتظرونى الحلقة اللاخيرة يوم الخميس بإذن الله تعالي ولو خلصتها قبل كده انشرها

Mohamed ME
Mohamed ME
تعليقات